"لبنان 2021" يسابق الأسد في هواية النشاط الإجرامي المنظم والفساد

2022.01.03 | 04:49 دمشق

3202123123941353.jpg
+A
حجم الخط
-A

انتهى العام 2021 بهزيمة الرئيس السوري بشار الأسد في جائزة من جوائز العام 2021، لصالح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الذي منحه مشروع "مكافحة الجريمة المنظمة والفساد" (OCCRP)، لقب شخصية العام 2021، لدوره في تعزيز النشاط الإجرامي المنظم والفساد، وهذه الخسارة لا يمكن فصلها عن تراجع أداء الأسد في كل الميادين وحتى في أبشعها وأحقرها لصالح نماذج جديدة قريبة وبعيدة.

ولا يمكن التغاضي أصلاً عن تجارب حلفائه في لبنان في تعزيز الإجرام والجريمة المنظمة، حيث استطاعت الطبقة الحاكمة الحليفة له أن تغتال ملايين اللبنانيين معنوياً ونفسياً واجتماعياً وأعدمت بجرائمها المنظمة أي روح للحياة عبر وقاحتها المنقطعة النظير.

لبنانياً يغادر العام 2021 غير محزون عليه، ويطل عام جديد وسط تخوف أن يكون هذا العام نسخة طبق الأصل مطورة عمن سبقه، وأكثر ما يخشاه اللبنانيون أن يستنسخ وحول العام الراحل بعدما أورثه التركة الثقيلة نفسها للمجموعة الحاكمة والتي دمرت بفسادها حياة اللبنانيين وأنهت أحلامهم وأعمارهم سنة تلو الأخرى.

ولن تستعصي على السلطة سنة جديدة تضمها إلى باقة المآسي والانهيارات التي كبدتها للبلاد والعباد، والأكيد أن المجموعة الحاكمة المغطاة بسلاح حزب الله راعي المافيا، ستكون أكثر شراسة وستستمر بإجرامها في ظل المعارك المفصلية والمصيرية لإعادة تثبيت سطوتها وسلطتها.

فالأكثرية الحاكمة، رئاسياً ونيابياً ووزارياً، تدخل عام 2022 معتركاً وجودياً على أكثر من جبهة، لاسيما وأنه سيكون عام "الثأر الشعبي" في صناديق الاقتراع، أو بين جماعاتها الذين بدؤوا يأكلون بعضهم بعض بعدما أفلسوا الدولة من مواردها وتركوا خزائنها صفرية يأكلها الصدأ والانهيار والارتطام الكبير.

في جريمة العصر أي انفجار مرفأ بيروت جرى تقديم 25 دعوى وطلب ردّ ونقل ومداعاة وإجراءات قضائية مختلفة بهدف عرقلة عمل المحقق العدلي طارق بيطار وإعاقة التحقيق من قبل نواب ووزراء

وكان العام 2021، عام المعارك في الجسم القضائي، من جريمة انفجار مرفأ بيروت يوم 4 من آب والتي باتت تتصدّر المشهد القضائي والسياسي المحلي والخارجي، وخاصة أن هذا الملف الشائك شهد تجاذبات وتعطيلاً وعرقلة وحملات واتهامات وصولاً إلى دماء في الشارع وكله تحت عنوان إزاحة القاضي بيطار، مروراً بأحداث الطيونة ومعارك خلدة وليس انتهاءً باغتيال لقمان سليم والجرأة السياسية في استخدام القضاء لترهيب الصحفيين والناشطين المعارضين لسلطة الأمر الواقع.

وفي جريمة العصر أي انفجار مرفأ بيروت جرى تقديم 25 دعوى وطلب ردّ ونقل ومداعاة وإجراءات قضائية مختلفة بهدف عرقلة عمل المحقق العدلي طارق بيطار وإعاقة التحقيق من قبل نواب ووزراء، كما جرت العديد من رسائل التهديد للمحقق العدلي (أبرزها من وفيق صفا)، وتعرّض البيطار لحملات سياسية وإعلامية شديدة، اتّهمته بالتسييس والاستنسابية والعمل وفق أجندات خارجية والتنسيق مع سفراء دول، بغية التشكيك في أدائه.

لكن الثابتة السياسية الأصيلة (حتى اللحظة) أن التحقيق العدلي في الجريمة باتت مقدسات مسيحية لا يجرؤ أحد على المساومة عليها، على الأقل بصورة علنية، لدرجة أنه كان القاسم الوحيد الذي اجتمع عليه حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، رغم صراعاتهما الدائمة، فامتنعا معاً عن تأمين النصاب في أي جلسة نيابية تسحب من القاضي البيطار صلاحية التحقيق مع الوزراء المتهمين، عبر تفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وهذا الملف الصراعي بات ورقة مساومة من فريق رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل باتجاه الثنائي الشيعي، وصولاً إلى الطرح في كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون الأخيرة في حديثه عن اللامركزية الإدارية والماليّة الموسّعة، وعن رغبته في إجراء تعديلات دستورية، وهذا العنوان الحقيقي الذي يمكن أن يرسم حوله مسارات سياسية استبقت منذ فترة بنقاشات في غرف مغلقة داخلية وخارجية.

وكل ذلك دفع باتجاه عودة طرح نظام الفدرالية نظاماً بديلاً عن النظام الحالي القائم على التوافقية الطائفية، وخاصة أن هذا الطرح تعزز عبر سلسلة أحداث ، أبرزها حادثة اعتداء مجموعات من حركة أمل على بلدة مغدوشة ومزاراتها الدينية شرق صيدا، وحادثة الطيونة-عين الرمانة، التي دخلت فيها مجموعات من الثنائي رافعة شعارات طائفية إلى معقل القوات اللبنانية في عين الرمانة.

لم تمر هذه الحادثة مرور الكرام مسيحياً، بل شكلت تراكماً جديداً ضد حزب الله، ترجم على شكل كلام علني عن نظام جديد، بعدما عجز النظام الحالي عن حماية وجود جميع الفئات.

لكن البعض بات يعتقد أن تفسيرات خطاب عون وذهابه للمطالبة باللامركزية الموسعة على أنه جزء من الابتزاز والمساومة لحزب الله نتيجة تعطيله الحكومة في نهاية عهد عون، إلا أن النقاش الحقيقي الذي يشغل الصالونات، حتى بات الكلام يتمحور حول موعد إجراء طاولة حوار لبنانية برعاية أجنبية لمناقشة عقد اجتماعي جديد للبنانيين، أو ما يفضل أن يسميه البعض مؤتمرًا تأسيسيًا جديداً يعطي كل الأطراف حقها وحجمها وقد يفضي إلى المثالثة.

بالمشهد الآخر يبدو الصراع الشيعي-المسيحي صغيراً أمام ما تعيشه بيئة "السنة المعذبين" وفق توصيفات النخب "المسلمة"، وخاصة أن الأداء الضعيف للرئيس نجيب ميقاتي وفقدان التوازن السياسي وابتعاد شخصيات وازنة عن المشهد معطوفة على اعتكاف زعيم تيار المستقبل عن الساحة السياسية، ما أدى إلى نشوء نزعة خوف وقلق لدى السنة والذين يوصفون بحماة الاعتدال الوطني وميلهم الدائم للدولة الوطنية، وعدم شعورهم بالضعف بكونهم بحراً في محيط أكثري على الرغم من تحالف أقليات نشأ عقب انطلاق قطار الربيع العربي، لكن التسريبات تقول إنَّ الرجل عائد لخوض تجربة جديدة بعد أن كرس نفسه حاجة لبنانية ومطلباً إقليمياً يخشى من الفراغ.

فيما الأميركي المهتم ببعض الاستحقاقات اللبنانية يدرك أن المجموعة الحاكمة ستكون أمام تقاطع خيارات مفصلية في مسار مفاوضات الترسيم البحري مع إسرائيل تحت وطأة استعجال واشنطن حسم الاتجاهات والقرارات في هذه العملية قبيل آذار المقبل، مع ما سيقتضيه ذلك من تضييق هامش المناورة أمام الطبقة الحاكمة ودفعها إلى تحديد موقفها في هذا الاتجاه أو ذاك تحت طائل المخاطرة بانسحاب الوسيط الأميركي من طاولة المفاوضات، وإطلاق إسرائيل يدها في التنقيب من دون حسيب أو رقيب في الآبار والمناطق المتنازع عليها.

في منتصف الشهر يصل المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، لاستكمال المباحثات في ملف الترسيم وإنجازه في مهلة وضعها هوكشتاين لنفسه: نهاية شهر آذار الحالي أي قبيل وصول الشركة المعتمدة إسرائيلياً للتنقيب وخاصة أن الجانب الإسرائيلي بات حريصاً على إنهاء الملف لتحقيق إنجاز داخلي في هذا الملف بعد الفشل في تحقيق خروقات جديدة في مشروعات التطبيع.

إن المسؤولين في لبنان يتسابقون مع بشار الأسد في الهوايات المفضلة له، الإجرام الجماعي والإفلاس المالي والأخلاقي وعقد النقص العابرة للكواكب

بالمقابل فإن آذار نفسه هو موعد لوصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، وفي حال الاتفاق على الترسيم يصبح العمل باتفاقيات نقل الغاز والكهرباء عبر سوريا إلى لبنان، سهلاً ومتاحاً وسيمنح الأميركيون استثناءات قيصر للدول المعنية، ولدى الأميركيين موقف أساسي من ملف الترسيم العالق: وهو استحصال لبنان على 860 كلم مربع، وخاصة أن المسؤولين يطالبون بالحفاظ على حقل قانا الذي يمتد أكثر من 860 كلم في البحر، لكن التسريبات تقول إن الموفد أنهى في زيارته الأخيرة الاتفاق، والإعلان عنه سيكون في شباط القادم بطريقة أو أخرى.

الخلاصة تقول إن المسؤولين في لبنان يتسابقون مع بشار الأسد في الهوايات المفضلة له، الإجرام الجماعي والإفلاس المالي والأخلاقي وعقد النقص العابرة للكواكب واحتضان أدوات الجريمة المنظمة، في النهاية هم امتداد لمدرسته البعثية العبثية!