كيماوي الأسد.. 9 سنين بلا محاسبة

2022.08.21 | 07:06 دمشق

كيماوي الأسد.. 9 سنين بلا محاسبة
+A
حجم الخط
-A

غشاوة في البصر، صعوبة في التنفس، موت.

هذا ما حصل في مثل هذا اليوم 21/آب 2013 بحق المدنيين عندما قرر نظام الأسد قتل السوريين خنقاً باستخدام السلاح الكيماوي (غاز السارين) في غوطة دمشق مستهدفاً مناطق (جوبر - زملكا - معضمية الشام - عربين - عين ترما - كفر بطنا).

في ذلك التاريخ وعند الساعة 02:30 بعد منتصف الليل في يوم الأربعاء حصلت أكبـــر مجزرة في سوريا على يد نظام الأسد. إنه الهجوم الأكبر، ليس على مستوى سوريا، بل العالم كله منذ دخول اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية حيز التنفيذ في 29 نيسان 1997.

مشاهد مروعة عششت في الذاكرة منذ تسع سنين لأطفال في شهقاتهم الأخيرة ودموع آباء عاجزين عن فعل أي شيء، تلك الطفلة التي تنادي بتعجب: "أنا عايشة؟..أنا عايشة!"، ذلك الأب الذي يشجع ولده على الحياة وهو يقول له: "بابا قوم، قوم بابا قوم" وولده يختنق بين يديه. كهذه القصة وتلك، هناك أكثر من 1400 قصة أخرى، وهو عدد الشهداء الذين قضوا في تلك المجزرة بغاز السارين السام.

عوّل السوريون بعد المجزرة على وعد أوباما لكنه اكتفى بإبرام اتفاق مع روسيا لنزع السلاح الكيماوي من نظام الأسد

جريمة توازي جريمة الخنق؛ هو ردة فعل المجتمع الدولي الباردة تجاه مجزرة فريدة. حينها، غابت الخطوط الحمراء بعد تهديد ووعيد للنظام بتوجيه ضربة عسكرية له. عوّل السوريون بعد المجزرة على وعد أوباما لكنه اكتفى بإبرام اتفاق مع روسيا لنزع السلاح الكيماوي من نظام الأسد، ووجد النظام في ذلك رخصة في قتل الشعب السوري بما شاء من براميل وصواريخ، لكن بدون كيماوي! ومع ذلك لم يلتزم نظام الأسد بالاتفاق وشن هجمات كيماوية أخرى لاحقاً.

مجزرة الكيماوي التي شكّلت جحيماً للسوريين، لم يتفاعل معها مجلس الأمن الدولي بغير الإدانة بعد 26 يوماً على مضيّها، وإقرار سحب السلاح الكيماوي من نظام الأسد عبر القرار 2118، من دون أي إجراء عقابي رادع على جريمته المرتكبة أو التي قد ترتكب لاحقاً.

غياب الرادع الفعال والتعامل الهش مع ملف استثنائي في الأهمية مثل الكيماوي سمح لنظام الأسد أن يكرر الجريمة وهو مطمئن، حيث استخدم النظام بعد تلك المجزرة السلاح الكيماوي 184 مرة حتى عام (2022) على الرغم من تصديقه حينها على معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى وقوع مزيد من الضحايا الأبرياء في مناطق مختلفة في سوريا، بحسب مصادر حقوقية.

عقب الخذلان الدولي للشعب المخنوق والمذبوح والمقصوف، تغيرت نظرة السوريين إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة وكافة المنصات الدولية، إذ إن تعامل المجتمع الدولي تجاه مآسي السوريين، عكس أنه ثمة خلل ما، لم تستطع أن تخلص شعباً طالب بالحرية والكرامة من نظام قاتل سفاح مجرم على الرغم من وجود آلاف الدلائل والوثائق التي تثبت جرائمه، وإذا انتفى وجود ذلك الخلل فليس هناك مبرر لترك السوريين سوى أن المجتمع الدولي يريد بقاء نظام الأسد في حكم سوريا من دون النظر إلى ما يترتب على بقائه من فناء شعب قتلاً وتهجيراً واعتقالاً، غير مكترثين بأرواح الملايين.

تدور عجلة السنوات على مجازر تاريخية، في حين يبقى مرتكبوها (بشار الأسد وأعوانه) في حكم سوريا، على كرسي عماده جماجم السوريين

المجتمع الدولي مطالب بترك المماطلة القاتلة التي تتسبب بتعميق المأساة، وتحمل مسؤولياته في محاسبة نظام الأسد على جرائمه المتعددة إنصافاً لشهداء سوريا وللشعب الذي يعيش مأساة إنسانية فريدة بسبب هذا النظام، كما أن التحرك الفعال ضمن جدول زمني يضمن تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وتحقيق الانتقال السياسي في سوريا؛ هو ضرورة وأولوية.

تدور عجلة السنوات على مجازر تاريخية، في حين يبقى مرتكبوها (بشار الأسد وأعوانه) في حكم سوريا، على كرسي عماده جماجم السوريين، لا لذنب ارتكبوه، فقط لأنهم طالبوا بالحرية والكرامة وخرجوا إلى الشوارع منادين: "الشعب يريد إسقاط النظام"، بيد أن هذه السنوات الطويلة مع الإجرام والقتل والاعتقال والتعذيب والتهجير لم تغير من مطالب السوريين الأحرار، ليكرروا بعد أكثر من أحد عشر عاماً: "الشعب يريد إسقاط النظام".