icon
التغطية الحية

كيف يعيش سكان دمشق وريفها على وقع انتشار كورونا؟

2020.07.30 | 16:25 دمشق

almjthd_1.jpg
مشفى المجتهد في دمشق (تلفزيون سوريا)
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

تشير الوقائع إلى أن المشافي في العاصمة دمشق باتت موصدة أمام الناس بعد أن غصت بالمرضى الذين "يُشتمون" حتى وهم أموات في مشفى الأسد الجامعي.

لا أحد يذهب إلى المشافي ولا يملك ثمن البقاء فيه هذا ما قاله مصطفى من حيّ الميدان الدمشقي لمراسل تلفزيون وسوريا، وأما عن الأسباب فيتابع: "الفقير الذي لا يملك ثمن علبة دواء ماذا ينتظر أن تقدم له المشافي إن استطاع الوصول إليها ما نخشاه هو الجوع أما المرض فمن الله".

خالد أحد سكان كفرسوسة يعتقد أن الأمر أخطر لأن الناس تموت في بيوتها: "من كفرسوسة وحدها خلال أسبوع توفي خمسة أشخاص وبأعمار مختلفة، وتم دفنهم دون حضور أي جهة صحية أو بلدية بشكل اعتيادي، وهؤلاء اختلطوا مع العشرات على الأقل".

في ريف دمشق الغربي يبدو الأمر جللاً حيث الإصابات بالمئات في أحياء فقيرة ومظلمة، وقد بقي حي الفضل شهراً تحت حصار كورونا لكن دون مسحات أو فحوصات حقيقية ونتائج، وتم الإفراج عنه قبل الانتخابات البرلمانية لكن ما نتج عن ذلك يخبرنا به إبراهيم من سكان الحي: "الناس مرضى بالعشرات في بيوتها وأما التشخيص فهو بين ضربة شمس وكريب لكنها كورونا تفتك بهم رغم أعراضها غير القاتلة".

التوليد.jpg
مشفى التوليد في دمشق (تلفزيون سوريا)

ريف دمشق

دوما وسقبا أكبر مدن الغوطة الشرقية تعانيان أيضاً بصمت من تداعيات الوباء، وتبدو رغبة النظام واضحة في التكتم على ما يجري كإجراء عقابي لأنها خرجت عن طاعته، ومع ذلك تم الحجر على كثير من الأبنية بسبب انتشار الوباء.

أحمد أحد مهجري دوما الذي يقطن في حي الدحاديل البائس قال لتلفزيون سوريا: "الناس مصابة وبكثرة في الغوطة وأهلي وأقاربي وعددهم بالعشرات مصابون وتوفي بعض كبار السن، وأما الشباب فحيتملون المرض".

في الريف الغربي تعاني معظم القرى والمدن من الوباء الذي بدأ يتسع أكثر في الأيام الأخيرة، وكوادر طبية أصيبت في المشافي الخاصة، وفي جديدة عرطوز أصيب صيدلي منذ أيام وهذا ما أثار الذعر بين الناس الذين كانوا يراجعونه بالمئات وهم من المخالطين.

هذا ناهيك عن الريف الأكثر فقراً في جبل الشيخ والقرى الواقعة في المثلث بين ريف دمشق والقنيطرة حيث الصمت مطبق على ما يحصل فيها.

المواساة .jpg
مشفى المواساة في دمشق (تلفزيون سوريا)

إحصاءات الوهم

كذبة كبيرة لا يصدقها السوري البسيط عن أعداد الضحايا من المصابين ومن ماتوا، وتم إسكات من قال إن الوفيات وصلت إلى 25 يومياً في دمشق، ونفى بتصريح رسمي ما جاء على لسانه مدير مشفى المواساة الجامعي حين قال "لا صحة لما يتم تداوله عن لساني.. معدل الوفيات اليومية في سورية لا يتجاوز 3%".

مراسلنا التقى بأحد الأطباء في دمشق الذي طلب عدم ذكر اسمه وسأله عن رأيه بما ينشره النظام من إحصاءات: "الرقم 700 هو عدد من تم كشفه عن طريق المسحات لكن الإصابات بالآلاف ومعظم هؤلاء لا يراجعون مشافي الدولة لأنهم لا يثقون بها ولا مكان لهم، وهم يفضلون الموت في بيوتهم، ومن خلال عملي هناك أعداد كبيرة ممن لديهم أعراض خفيفة ومتوسطة، وهؤلاء لا يلتفت إليهم أحد لعدم توفر الإمكانات وعدم الاهتمام".

وأما عقوبة من يفشي أسرار الإصابات وحقيقتها فهي الاعتقال كما حصل أمس حيث اقتحم عناصر من الفرقة الرابعة مشفى المواساة واعتقلوا ممرضين سرّبا معلومات عن أعداد المرضى والمتوفين بكورونا.

وفي هذا السياق يقول مجدي أحد الممرضين في مشفى خاص بدمشق "الناس تعرف الحقيقة وتتداول الأخبار فالموظفون في المشافي يتحدثون لأقاربهم وأصدقائهم عن أهوال المرض والموت الذي تعج بها مشافي الدولة والقطاع الخاص".

الدواء لمن يقدر عليه

أما عن الأدوية التي يمكن أن تعالج من يعانون من أعراض المرض، ومن ضمن بروتوكول العلاج فهي مجموعة المسكنات وخوافض الحرارة، وهذه لا يقدر عليها أي كان فهي تحتاج إلى مال يبدو كثيراً على معظمهم.

فسعر علبة فيتامين c الوطني وتحوي خمس حبات فوارة 3500 ليرة، وأما المستورد الفعال فالعلبة بـ 10000 ليرة.

بالنسبة للمسكنات فأيضا أسعارها بالظرف الذي لا تتجاوز عدد حباته 10 كما يقول أحمد المهجر من الغوطة: "سعر ظرف السيتامول 400 ليرة وأما البانادول 1500 ليرة، ومن لديه أعراض حرارة يحتاج إلى ثلاث جرعات باليوم كل جرعة حبتان يعني كل يوم ونصف ظرف والأعراض تستمر طويلاً فمن ا=أين سيأتي بثمنه مع بقية الأدوية".

الكمامة بأسعار مختلفة حسب الجودة بين 300- 600 ليرة من النوع العادي، وأما الكحول فمفقودة في معظم صيدليات الريف الغربي والشرقي وإن وجدت فسعر العبوة سعة 100 مل 2000 ليرة.

حكاية الرقم 195

النظام وضع الرقم 195 للإبلاغ عن الإصابات والتواصل مع اللجنة المختصة بكورونا، ولكنه لا يجيب ولا يستجيب، وتروى حكايات مضحكة مبكية عن هذا الرقم الذي يوضع باللون الأحمر على شاشات النظام، واعتقد البعض أنه خيط النجاة لهم.. لكنه لم يكن سوى لعبة إعلامية.

على صفحات الفيسبوك هناك روايات عديدة عن هذا الرقم، وتتقاطع كلها في أنه لا يرد على أحد، وإن انتظرت ربما يأتيك الرد بأنه يجب أن تتصل بالهلال الأحمر.

أم محمد تحدثت عن تجربتها لمراسلنا عن اتصالها بالرقم 195 بعد شعورها ببعض أعراض الوباء: "لم أصدق ما قاله ابني عن أنه رقم كاذب، وبعد يومين من الحرارة التي لا تستجيب لخوافض الحرارة والسعال المستمر ورفض المشفى الوطني استقبالي اتصلت بالرقم لأكثر من ساعة وعندما رفعت سماعة المجيب قال لي ما حالتك وصفت له الحالة فقال لي اتصلِ بالهلال الأحمر أو أي مشفى قريب فقلت له لم يستقبلوني قال أنا لا أملك إلا هذه النصيحة".

أحجية وعي المواطن

هي العبارة الأكثر سخرية بين السوريين خلال اليومين الماضيين حيث ركزت حكومة النظام في خطابها على التعويل على وعي المواطن المتروك لزحام الخبز والبطاقة الذكية ومباريات الدوري الكروي والمهرجانات التي تقيمها للتسوق والبضائع الرخيصة.

لكن يجيب البسطاء السوريين على حكاية الوعي كما يقول سفيان عامل بناء من الريف الغربي لدمشق: "الوعي عندما تقدم الدولة كل شيء للمواطن وهو يخالف، عندما تؤمن الدولة الخبز للبيت والسكر والرز في المحال وأما أن يضطر المواطن للوقوف أمام الفرن والمؤسسات بالطوابير بالساعات فهذا يعني أن الدولة فاسدة وفاشلة".

كورونا بلا كهرباء

أزمة الكهرباء أنهكت المرضى والأصحاء على حد سواء، ولكنها تكون لمن لديه حرارة أشد وطأة إذ يبدأ بالشعور بالاختناق كما يقول يوسف الذي يعاني والده من أعراض ارتفاع الحرارة: "منذ ما يقرب من شهر اختلف برنامج التقنين وبدأ القطع العشوائي للكهرباء وأحياناً لثمان ساعات باليوم، ومنذ يومين ارتفعت الحرارة بشكل جنوني فتخيل حالة المريض".