icon
التغطية الحية

كيف يحكم "الأمن العسكري" بلدة سبينة بريف دمشق؟

2020.08.12 | 14:35 دمشق

df414e99-60a7-49c6-a846-a6381cd513c7.jpg
مدخل مدينة سبينة (فيس بوك)
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

ليس ببعيد عن العاصمة السورية دمشق، وعلى بعد 10كم من جنوبها، يخضع نحو 100 ألف شخص معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين لسلطة حكم فرع "الأمن العسكري" في بلدة سبينة، وكحال معظم المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد خلال السنوات الماضية وتمكن من استعادتها بدعم روسي وإيراني يخيم الدمار على معظم أرجاء البلدة، التي يعمل معظم ساكنيها بإجور زهيدة، ليتمكنوا من التأقلم مع الواقع المعيشي المدقع الذي يسيطر على معظم مناطق النظام.

يشبّه عدد من سكان البلدة في حديث لموقع تلفزيون سوريا، تسلط "الأمن العسكري" التابع لقوات النظام على رقابهم وحياتهم اليومية كمن وقع تحت سلطة المافيات في دولة نائية من هذا العالم، نتيجة انفرادها بحكم البلدة على جميع المستويات، حيث يجني متزعمو هذا الفرع في سبينة أموالاً طائلة كل شهر لقاء السماح لسكان سبينة بإكمال حياتهم.

أرباح من كل شيء

أخفى موقع تلفزيون سوريا أسماء الشهود من سبينة مراعاة لظروفهم الأمنية، وقاطع المعلومات التي حصل عليها من عدة مصادر، وتبين أن المدعو "أبو جعفر" وهو مسؤول قسم الدراسات في فرع "الأمن العسكري" التابع لنظام الأسد في سبينة يعتبر الحاكم الفعلي للبلدة.

وترجح المصادر أن أبو جعفر من إحدى مدن الساحل السوري، وتؤكد أنه بدأ بتولي مهامه السلطوية منذ عودة نازحي البلدة إلى منازلهم في آب 2017، بعد أن سمح لهم النظام بذلك.

ويمتلك أبو جعفر مقراً في البلدة ولديه مرافقة يتجولون معه دائماً، ولم تتمكن المصادر من تقدير حجم ثروته التي جناها من مركزه.

وفق المعلومات يتدخل أبو جعفر وعناصره بكل شاردة وواردة في البلدة، حتى في أمور البناء والتموين، فمثلاً لا يستطيع أحد إعادة إعمار منزله إن كان مدمراً بشكل كامل دون زيارة أبو جعفر الذي يسعر هذه المهمة بـ 500 ألف ليرة سورية، ويتضمن هذا المبلغ الأوراق المطلوبة من البلدية وموافقات الجهات الأخرى.

ومع تمكن النظام من إعادة سيطرته على مناطق للمعارضة بدعم روسي كبير عبر الجو وإيراني عبر الأرض، أطلق النظام يد أجهزته الأمنية في تلك المناطق وباتت كل منطقة تحكم من قبل فرع أمني، ورغم تقاطع المصالح الروسية الإيرانية في سوريا، سعت كل من موسكو وإيران إلى استقطاب هذه الأفرع لخدمة مصالحها.

ووفق مدير وحدة المعلومات في مركز  "عمران للدراسات"، نوار شعبان، فإن فرع "الأمن العسكري" في دمشق وريفها كان يتبع لإيران ويطبق أجنداتها، إلا أن روسيا تمكنت من انتزاعه من يد إيران مؤخراً وفق شعبان. 

بطاقات دخول للابتزاز

تتشاطر سبينة مع مناطق الغوطة التي استعادها النظام، الظرف الأمني المُشدد نفسه، الذي تفرضه حواجز النظام وأجهزته، فسكان هذه المناطق عليهم الحصول على "بطاقة دخول" تمنح من قبل الحواجز الموجودة عند مداخل البلدات، ليتمكنوا من الدخول والخروج إلى منازلهم، ووفق المصادر فإن هذه البطاقة معترف بها أكثر من الهويات الشخصية عند الحواجز.

في سبينة، تُخبرنا المصادر أن الحاجز الموجود عند مدخل البلدة (حاجز مفرق سبينة)  يراقب كل الأشخاص الذين يريدون الدخول إلى البلدة، ويتفقد بطاقات الدخول ويكون حظ من لم يحملها سيئاً لأنه سيضطر لدفع مبلغ من المال للحاجز حتى يسمح له بالدخول.

مع بداية عودة الأهالي إلى سبينة لعب هذا الحاجز دوراً  كبيراً في احتجاز عدد من الشبان بتهمة انتمائهم إلى الثورة، لكنه لم يكن يرحلهم إلى الفروع الأمنية، بل كان يطالب ذويهم بفدية مالية وكان يطلق سراح من يدفع على الفور دون تعقيدات.

لكن هذه الحالة تلاشت مع الزمن بعد أن اتضح للحاجز وقائده أبي جعفر، أن سكان سبينة لا يملكون الأموال.

إلا أن الحاجز مازال يمارس نشاطه في ابتزاز السكان عبر فرض مبالغ مالية على كل من يريد أن يخرج أو يدخل عفش منزل إلى سبينة، ويقول أحد المصادر "أخذوا مني 500 ليرة فقط لأنني أدخلت سطل دهان لأدهن غرف منزلي".

وتضيف المصادر "حاجز سبينة مص دم الناس"، ووصل الأمر بعناصر الحاجز أن يطلبوا مبالغ مالية من السكان دون أي ذنب، فقط لكي لا تقع لعنة عنصر الحاجز على الشخص.

وتأكيداً للصورة التي تقول إن سبينة تحكمها مجموعة من المافيا، تؤكد مصادرنا في سبينة أن مظاهر السلاح منتشرة بشكل كبير بين أحيائها،  وتتمثل هذه المظاهر في حمل الأسلحة بشكل واضح ببين المدنيين من قبل عناصر الشبيحة والميليشيات، وهذه الأسلحة هي رشاشات كلانشنكوف والمسدسات.

 

صورة خاصة لموقع تلفزيون سوريا من بلدة سبينة بريف دمشق
طريق ترابي يصل الأحياء في منتصف سبينة (تلفزيون سوريا)

خدمات مفقودة ومعيشة مرّة

يعمل معظم أهالي سبينة في المعامل المحيطة بالبلدة كالتي تنتج البلاستيك والملابس ومعامل "الكونسروة"، ويتقاضى هؤلاء مرتبات أقصاها 100 ألف ليرة سورية (مايعادل 50 دولارا وفق موقع الليرة اليوم).

ولأن معظم السكان من اللاجئين الفلسطينيين، كانت "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (الأونروا) تقدم لهم مساعدات شهرية، عبارة عن علبة زيت ورز وسكر، إلا أن هذه المساعدات انقطعت قبل أشهر، مما فاقم معاناة السكان.

كما يعتمد قسم من أهالي سبينة على أقربائهم المغتربين عبر حوالات مالية شهرية، كحال كثير من السوريين.

 

 

وفي سياق الخدمات المقدمة في البلدة،  تؤكد المصادر أن النظام يتعمد تجاهلها، عبر قطع التيار الكهربائي المستمر، حيث تأتي الكهرباء لساعة ثم تقطع لأربع ساعات. وهذا الكلام ينطبق على المياه، إلى جانب فقدان خدمات النظافة من الشوارع والأحياء.

ولفتت المصادر إلى أن الأهالي يُقابلون بالرفض عندما يشتكون سوء الخدمات عند مخاتير الأحياء، لأن هؤلاء محسوبون على النظام وجميعهم من حزب البعث ويدافعون عن سياسات النظام، ما يعني أن صوت المقهورين في سبينة، لن يصل، وفق المصادر.