icon
التغطية الحية

كيف فرقت قرارت ترامب عائلة سورية؟

2021.01.26 | 09:28 دمشق

download.jpg
لوس أنجلوس تايمز - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عندما تجلس أسرة الصيدناوي إلى المائدة لتناول طعام الإفطار، يوضع أهم طبق لديها على المائدة ألا وهو الشاشة التي تجمع أفراد الأسرة معاً.

إذ عبر شاشة حاسوب محمول تارة أو عبر هواتف أفراد الأسرة تارة أخرى، يحوم أحمد الصيدناوي البالغ من العمر 27 عاماً، وهو الابن الوحيد لتلك الأسرة مع صهره زوج شقيقته الكبرى سامي لباد، 32 عاماً، فوق تلك المائدة ليراقبا ما وضع عليها من الطعام، وذلك بعدما ظل كل منهما في بلد، وأمضيا سنوات في انتظار لم الشمل مع أحبائهم المقيمين في كاليفورنيا، بعدما عقد منع السفر الذي فرضته إدارة ترامب في عام 2017 من تلك العملية التي حرمت السوريين من الحصول على سمة الدخول.

إذ ما بين السنتين الماليتين 2016-2019، تناقص عدد سمات الدخول التي تم إصدارها من أجل سوريين بنسبة 64% بعدما كان عددها يتجاوز 2600 سمة دخول سنوياً، ليصل إلى أقل من 950، وذلك بحسب تقارير لوزارة الخارجية الأميركية.

كما لم يصدر سوى 14 من بين أكثر 11 ألف سمة دخول في كانون الأول من عام 2020 لصالح سوريين وذلك بحسب بيانات وزارة الخارجية الأميركية.

اقرأ أيضا: إجراءات السفر تقف حاجزاً بين السوريين في الأردن وخارجها

بيد أن الرئيس بايدن وضع حداً لمنع السفر الذي أعاق استصدار سمات دخول للعديد من الجنسيات، وأكثرها من دول ذات غالبية مسلمة، ما يعني أنه لابد لعدد سمات الدخول التي تصدر لصالح السوريين أن يزداد. ولهذا تأمل عائلة الصيدناوي كما لم تتمنَ من قبل أن تعمل الحكومة الأميركية بسرعة على لم شمل تلك العائلة.

وعن ذلك تقول هدى الصيدناوي، الابنة المتزوجة البالغة من العمر 23 عاماً: "إننا نحب بعضنا كثيراً، فنحن كالجسد الواحد، لست أدري كيف أصف ذلك، إذ بما أن أخي يعيش بعيداً عنا، فإننا نحس بشيء غريب، باحتياج غريب، بوجود شيء ناقص".

اقرأ أيضا: في أول يوم من توليه الرئاسة..بايدن ينهي سياسات ترامب

هذا وقد عاشت عائلة الصيدناوي حياة الطبقة الوسطى المريحة في دمشق قبل اندلاع الحرب، فقد كان الأب خالد يعمل حلاقاً ولديه عمله الخاص.

إلا أن تلك الأسرة اضطرت للرحيل في عام 2012 مخلفة وراءها تلك الحياة، وذلك بعد انفجار قنبلة في صالون الحلاقة الذي يملكه الأب. كما قامت الشرطة باعتقال أحمد لمدة خمس ساعات، ما أقلق الأسرة على مصيره ومن احتمال استهدافه مجدداً من قبل النظام.

وهكذا سافرت الأسرة إلى مصر بعد أشهر من تلك الحادثة، ثم انتقل أحمد إلى تركيا ليعيش هناك بمفرده في محاولة لتحصيل شهادة جامعية في الهندسة الكهربائية، بما أنه لم يتمكن من تحقيق ذلك في مصر، ولذلك لم تجتمع أسرته به منذ ذلك الحين، أي طيلة عشر سنوات تقريباً.

غير أن دراسة أحمد تعطلت هي أيضاً في تركيا بسبب سعيه للعمل ولكسب ما يكفي من الرزق من أجل تأمين لقمة العيش. ولكن بعد منع السفر بين تركيا ومصر بسبب النزاع السوري، لم يعد بوسعه أن يلتحق بأسرته.

اقرأ أيضا: صحيفة أميركية: ترامب أضاع فرصة نجاح في سوريا

وهكذا عندما حصل بقية أفراد الأسرة على موافقة لإعادة توطينهم في الولايات المتحدة وذلك في عام 2016، لم يكن أحمد بينهم.

ولهذا قدمت زوجة خالد، ميرفت سلس بطلب لتمويل سمة دخول عائلية من أجل ابنها بعدما حصلت على البطاقة الخضراء. غير أن فترة الانتظار الطويلة امتدت زمناً أطول بسبب منع السفر.

وتخبرنا مرفت عبر ترجمة هدى الفورية: "لا يمكنه القيام بأي شيء هناك، إذ إنه فقط يقيم دون أي شيء، ما يعني أن حياته تضيع سدى في حال بقي هناك. لذا لا أريد أن يخسر عمره، بل أن يعمل من أجل مستقبله".

واليوم أصبح لدى عائلة الصيدناوي بيت بكاليفورنيا، كما بدأ كل منهم برسم مسار حياته من جديد، حيث تعلم خالد ما يكفي من اللغة الإنكليزية حتى ينجح في امتحان الحصول على رخصة حلاق بكاليفورنيا، كما أخذت الفتيات الثلاث يرتدن المدرسة.

وعن ذلك يخبرنا خالد وتترجم لنا هدى: "إنني أحس بسعادة غامرة في هذه البلاد، ولكني أفتقد ابني كثيراً، ولا أريد إلا أن يكون معي في هذه الدولة، وأن يحس بالسعادة التي أشعر بها، وأن يعيش كما أعيش".

أما الابنة الوسطى، تسنيم البالغة من العمر 19 عاماً، فهي تدرس في كلية غروسمونت بتلك الولاية لتصبح معلمة في مدرسة ابتدائية، كما تعمل مساعدة لمعلم، وتتذكر كيف ألهمتها دراسة شقيقها وهي طفلة حتى تصبح مدرسة، ولهذا سعت لتعلم اللغة الإنكليزية لتصبح مثله.

كما تتذكره كيف كان يخبئ لها الشوكولا ورقائق البطاطا في بيتهم بمصر، دون أن يخبرها بأن تلك الهدايا الصغيرة من أجلها. بل كان يطلب من هدى أن تكشف لتسنيم عن مكان تلك الهدايا لتتظاهر كل منهما بسرقة تلك المأكولات منه وذلك حتى تحظى تلك الصغيرة بشيء من التسلية وسط كل ما تعانيه تلك الأسرة.

وهدى اليوم تسعى للحصول على شهادة جامعية من غروسمونت أيضاً، وتخطط لتصبح مترجمة.

وفي تلك الأثناء مايزال أحمد يقيم في تركيا، ويشعر بالاستياء وهو يشاهد أسرته وهي تكافح لبناء حياتها الجديدة ولكن عن بعد.

وحول ذلك يخبرنا أحمد فيقول: "عندما كنت صغيراً وكنت أدرس، كان والدي يعمل بجد ويدفع نفقات كل شيء يخص دراستي، كما كان ينفق كل أمواله علي. والآن بعدما كبر والدي بالسن، أصبح بحاجة لمساعدة، ولا يمكنني أن أساعده وأنا بعيد".

في حين يعيش زوج هدى، سامي لباد في ألمانيا، إذ التقى بها عندما كانا لاجئين في مصر، لكنه انتقل منذ ذلك الحين للحصول على شهادة الماجستير في الهندسة المائية.

وبسبب اختلاف التوقيت، يبقى كلا الرجلين ساهراً حتى وقت متأخر من الليل حتى يتسنى لهما الوجود ضمن حياة تلك الأسرة.

يذكر أن هدى التحقت بسامي في ألمانيا في شهر تشرين الثاني من عام 2020 خلال فترة الانتخابات الرئاسية، وكان أحمد حينها يتواصل معهما عبر الهاتف عندما علم بفوز بايدن، فطفق يقفز فرحاً ويقول: "سيأتي بي إليكم... سيأتي بي إليكم!" وذلك حسبما ذكرت هدى.

ومن موقعه في الكاميرا الموجودة في هاتف هدى، يراقب سامي زوجته ووالديها وشقيقاتها وهم يتحملون عبء غياب أحمد، ولهذا يقول: "لن تكتمل سعادتك ما لم تكتمل أسرتك، وهذا الأمر صعب للغاية. إذ إنني أرى حماتي وهي تبكي كل يوم بسبب بعد ابنها أحمد عنها. وهم يفكرون طيلة الوقت بالمستقبل وما الذي سيحدث لأحمد، إذ إن المحادثة دوماً تدور حول هذا الموضوع".

وسامي، شأنه شأن أحمد وغيره من الشبان السوريين بعمر الدراسة، انتهت به الأمور ليبتعد عن أهله وإخوانه حتى يكمل دراسته، فقد استقر العديد من أفراد عائلته في كندا قبله، وقبل أشهر قليلة من حصوله على شهادته الجامعية، اختار سامي الإقامة في مصر بدلاً من تكرار سنوات الدراسة مرة أخرى.

وهكذا تزوج بهدى في عام 2018 عندما زارته في مصر، وتقدمت بطلب لتمويل سمة دخول له إلى الولايات المتحدة، بما أن سمة الدخول المخصصة للأزواج من المحتمل أن تتم معالجتها بسرعة أكبر من السمة التي يمكن أن تمنح لأخيها أحمد.

ويخبرنا سامي بأن هنالك صعوبة بوجود عشر ساعات تفصله عن توقيت المنطقة التي تعيش فيها زوجته، إلا أن الأصعب من ذلك هو حالة الفقدان العاطفي وحالة الترقب وانتظار موعد السفر.

وعن زوجها تقول هدى: "إنه لا ينام الليل، لأن كل ما يريده هو أن يكون في الصباح معي من أجلي، ولهذا لا ينام في الليل إلى أن تصبح الساعة 5 فجراً أو 7 صباحاً. بعد ذلك ينام، فأنتظره إلى أن يستيقظ، ثم أبقى معه بضع ساعات، ومن ثم أنام، لينتظرني هو بدوره حتى أستيقظ".

إلا أن أسارير هدى أشرقت بالفخر أثناء مقابلة جماعية افتراضية وصف فيها سامي برنامج الماجستير وأفكاره لمساعدة كاليفورنيا في التغلب على شح المياه فيها وذلك بمجرد حصوله على شهادة الدكتوراه في الولايات المتحدة.

وحول ذلك تقول هدى: "إننا لا نطلب المال، فقد أتينا إلى هنا لندرس ولنعمل ولنساعد الحكومة. وإن شقيقي وزوجي يريدان أن يأتيا إلى هنا ليعملا ويحسنا وضعهما، وكذلك ليعملا ويساعدا أميركا".

المصدر: لوس أنجلوس تايمز