icon
التغطية الحية

كيف خذل"الترحيب المزعوم" اللاجئين في كندا وألمانيا وأميركا؟

2022.08.10 | 15:56 دمشق

لاجئون أوكرانيون يحاولون الدخول إلى الولايات المتحدة من معبر حدودي بالقرب من المكسيك
لاجئون أوكرانيون يحاولون الدخول إلى الولايات المتحدة من معبر حدودي بالقرب من المكسيك
فيوتشاريتي - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تعهد الرئيس بايدن بالترحيب بـ 100 ألف لاجئ أوكراني نزحوا من بلدهم بسبب الغزو الروسي، ولكن ما الذي ينتظرهم؟

تقول هبة غوايد وهي خبيرة بقوانين الهجرة والخدمات الاجتماعية التي تؤثر على حياة الناس من ذوي الدخل المحدود في أميركا: "طوال الفترة التي كنت أدرس فيها النازحين وأتعامل معهم وأتعلم منهم، لم ترد كلمة "ترحيب" على لسان أي منهم لوصف تجربتهم في الولايات المتحدة".

إذ في كتابها: "اللجوء: كيف تشكل الدولة الإمكانيات البشرية" (مطبوعات جامعة برينستون لعام 2022)، شرحت الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع بجامعة بوسطن لماذا يتم ذلك، وذلك لأن اللجوء في البحث الموسع الذي أجرته غوايد اعتمد على تعقب وتوثيق حياة اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة وكندا وألمانيا بعد هروبهم من الحرب السورية التي تسببت بنزوح أكثر من 12 مليون إنسان.

بما أن الحكومة الأميركية تطلب من اللاجئين أن يكتفوا ذاتياً، لذا فهي تدفع نفقاتهم طوال ثلاثة أشهر على سبيل الدعم، بالإضافة إلى دفع رسوم الرعاية الاجتماعية بالنيابة عنهم، وذلك حتى يؤسسوا لأنفسهم في بلدهم الجديد. إلا أن هذه الفترة ليست كافية برأي غوايد لتعلم ما يلزم من الإنجليزية من أجل العمل أو الخضوع لامتحان المواطنة، فضلاً عن تأمين بدل الإيجار. ثم إن مبلغ الدعم الشحيح هذا "متجذر في عمق العنصرية ضد السود والأفكار المغلوطة حول ظهور شخصيات مرفهة تستغل الدولة ولا تريد أن تعمل"، إلا أن اللجوء أيضاً وضح وبكل جلاء عيوب حالات الترحيب في دول أخرى.

إذ على الرغم من أن كندا أبدت كرماً أكبر من الولايات المتحدة، فإنها تتبع نظام هجرة قائمة على تعدد الثقافات بشكل واع وحريص، بحيث يستفيد من هذا النظام المهاجرون واللاجئون الذين يحققون معايير تعليمية ومهنية معينة. وعنه تقول غوايد إنه تعرض "لانتقادات كبيرة كونه يعزز التفاوت العرقي والطبقي والجندري، وكل تلك الأمور تؤثر على عملية الحصول على المهارات التي تجعل الشخص مؤهلاً للسفر". في حين تشترط ألمانيا على اللاجئين تمتعهم بمؤهلات معينة قبل دخولهم سوق العمل وهذه السوق بدورها تقلل من قيمة ما لديهم من مهارات، لدرجة دفعت أحد السوريين لوصف الوضع بقوله: "إن النظام الألماني مخصص للألمان فحسب".

إذن ينبغي على الولايات المتحدة أن تدعم شبكة الأمان لديها بحسب رأي غوايد، مع التجرد مما أسمته تأمين الحدود بشكل مفرط وإنفاذ ذلك فعلياً، وبما أن غوايد تنفذ ما تنصح به بشأن مساعدة اللاجئين على التأقلم مع أوطانهم الجديدة، لذا تقوم هي وطلابها بإدارة مركز المواطنة الذي يقدم برنامجاً لتعليم اللغة الإنجليزية يساعد الناس على الاستعداد لامتحان المواطنة في الولايات المتحدة، وقد نجح في ذلك الامتحان ثمانية من المشاركين في هذا البرنامج حتى الآن.

في مقابلة أجريت مع هبة غوايد، طُرحت عليها الأسئلة الآتية:

- ما الذي بوسع اللاجئ الأوكراني أن يتوقعه من الولايات المتحدة؟

هبة: إن الناس يهربون من حرب مروعة، لذا فإن اللغة التي استخدمت لاستقبال القادمين من أوكرانيا كانت لغة تنطوي على ترحيب ودفء، وهذا ما لم يحظ به غيرهم من اللاجئين، فهذه السياسات لا تعترف بإنسانية من يطلب اللجوء، كما أنها عجزت عن الاستثمار في مهارات الناس وقدراتهم وفي الاعتراف بكيانهم وشخوصهم.

- لقد أوضحت في كتابك بأن أحد أسباب ذلك يعود لتاريخ الولايات المتحدة مع العنصرية، ولكن بما أن غالبية الأوكرانيين بيض، لذا هل بإمكانهم أن يتوقعوا ترحيباً أفضل؟

إن بياضهم يمكن أن يحميهم في مواضع معينة، إذ مثلاً لدينا على الحدود الجنوبية التصنيف رقم 42 (ويمثل قانون الصحة العامة الذي فرضته إدارة ترامب على المهاجرين السود)، والذي حرم آلاف الناس من حق التقدم بطلب لجوء، إذ كان منطق هذا القانون يقوم على الفكرة القائلة إن سياسة الصحة العامة هذه قد فرضت بسبب كوفيد، إلا أن أول ترشيد وتجاوز شهدناه بالنسبة لهذه السياسة كان مع العائلات الأوكرانية، وذلك عندما طلبت إدارة بايدن من الهيئة الأميركية للجمارك وحماية الحدود اعتماد هذا الترشيد الذي يمكن أن يطبقوه بحسب تقديرهم دوماً، وذلك من أجل السماح للأوكرانيين بالعبور، ومنذ ذلك الحين ألغي التصنيف رقم 42.

وبالطريقة ذاتها، نجد بأن التصريح القائل إننا سنرحب بـ100 ألف أوكراني أتى على خلفية برنامج إعادة توطين قلل أعداد اللاجئين إلى حد كبير، وذلك لأن إدارة ترامب ألغت برنامج إعادة التوطين على أساس العنصرية وكراهية الأجانب، وذلك عندما أعلنت بأن السوريين ما هم إلا حصان طروادة بالنسبة للإرهاب، على الرغم من عدم ارتكاب اللاجئين لأي عمل إرهابي. والأنكى من ذلك أننا لم نقم بمحاسبة المسؤولين عن حادثة ديلان روف (والتي تورط فيها رجل أبيض بقتل تسعة سود في كنيسة في عام 2015). أما بالنسبة لأي هجوم إرهابي نفذه أحد البيض المغالين بعنصريتهم، فلست مسؤولة عما يفعله غيري من أعضاء جامعة بوسطن، كما أنني لست مسؤولة عما يفعله 90 مليون مصري، بما أن أصولي مصرية.

- يبرع الإرهابيون في تحديد مواطن الضعف، إذن ماذا لو علموا بتخفيف قيود التدقيق والفحص بالنسبة للاجئين، هل سيكون ذلك مدخلاً مناسباً ليتسللوا منه؟ وما نوع الفحص والتدقيق الأمني الذي تؤيدينه؟

إن عملية استغلال مواطن الضعف تحدث في أي مكان وفي أي زمان، ثم إن الإرهاب الداخلي يمثل الخطر الأول بالنسبة لنا، ومع ذلك نفترض بأن النازحين أكثر عرضة للانضمام إلى الجماعات الإرهابية مقارنة بغير النازحين، على الرغم من أننا نعرف بأنهم هربوا بسبب هذا الشيء بالتحديد، ألا وهو العنف، أي أنهم أشخاص نأوا بأنفسهم عن النزاع العنيف وانتقلوا إلى مكان آخر.

ثم إننا نخضع هؤلاء الأشخاص لسنتين من الفحص والتدقيق لأننا ننطلق من الفرضية القائلة إنهم أشد خطراً منا جميعاً، ولكن هل جميع الناس معرضون للتطرف؟ بكل تأكيد، ولكن هل هم أكثر عرضة لدرجة أنهم بحاجة إلى سنتين من الفحص والتدقيق مع الانتظار في ظل كل تلك الظروف المتقلقلة؟ إن بعض الناس يفارقون الحياة خلال فترة الانتظار هذه.

كما أن السبب الذي يجعل من فترة الفحص والتدقيق طويلة لهذه الدرجة يعود لمعاداة السامية في خمسينيات القرن الماضي، إذ كانت هنالك فكرة منتشرة حول القادمين من أوروبا الشرقية، وحول اليهود أيضاً، وهي أنهم يمثلون خطراً على القيم الأميركية، وحتى عند تطبيق تلك السياسة، أعلن إدوارد كورسي وهو المعاون الخاص المعني بشؤون اللاجئين لدى وزارة الخارجية الأميركية بأن تلك العملية مشددة جداً، ولا داعي لفحص الناس إلى ذلك الحد.

إننا ننفق حالياً 65 مليار دولار، لتأمين الحدود ولفرض قانون الهجرة داخل البلاد، فكيف يبدو لنا ذلك؟ لقد شاهد الشعب الأميركي خلال العام الماضي ضابطاً من دورية على الحدود وهو يلوح بسوطه من على ظهر حصانه في محاولة لجلد المهاجرين القادمين من هاييتي، فثار عليه الناس بسبب تصرفه هذا.

  • تبنت كندا معايير تعليمية ومهنية بالنسبة للمهاجرين واللاجئين وذلك لسد النقص بالنسبة للعمالة، وللحد من الاعتماد على موارد الدولة. ثم أعلن رئيس الوزراء الكندي بأن بلده تريد مجتمعاً متنوع الثقافات، ولهذا فهو يفضل تعليماً قائماً على تعدد الثقافات ووضعاً مهنياً متميزاً، فما العيب في ذلك؟

ما من أحد يمثل سكان كندا الأصليين في الصورة ذات الثقافات المتعددة التي تحاول كندا أن ترسمها لنفسها، وهنالك أيضاً تلك الفكرة القائلة إنه بما أن القانون الكندي يقر بتعدد الثقافات، لذا فإن العنصرية تصل إلى أدنى مستوياتها في ذلك البلد، وهذا الكلام غير صحيح، وذلك لأن نسب جرائم الكراهية ضد المسلمين في كندا والولايات المتحدة تتقارب إلى حد كبير.

ثم إنك إن سمحت فقط للأشخاص الذين يتمتعون بمهارات عالية بالوصول إلى بلدك، فإنك بذلك لن تخلق فرصاً للناس الذين يتعاملون مع حالة التنوع الاقتصادي في هذا البلد، بل إنك تعيد إنتاج حالات التفاوت والظلم. إذ لو قطع أحدهم الحدود من الولايات المتحدة إلى كندا من دون تصريح، فيحق عندئذ لكندا أن تمنعه وأن تعيده إلى الولايات المتحدة، كما تتميز كندا بنظام تأشيرات يقوم على قيود كثيرة، وهذا ما دفع أحدهم للقول: إن سجادة الترحيب في كندا محاطة بسرير تملؤه المسامير.

- هل ثمة بلد تعتبرين بأن نظام معالجة طلبات اللجوء فيه يكاد أن يكون مثالياً؟

من بين ثلاث دول، سأختار أن أسافر إلى كندا لو كنت في وضع يدفعني لتقديم طلب لجوء، إلا أن هذا لا يعني بأن النظام هناك مثالي، لأن الناس يعانون في كندا أيضاً.

 المصدر: فيوتشاريتي