icon
التغطية الحية

كيف حولت أميركا التنف إلى قاعدة عسكرية مرهوبة الجانب؟ (2)

2021.11.10 | 05:13 دمشق

qadt-altnf.jpg
جنود في قاعدة التنف العسكرية (إنترنت)
إسطنبول - عمر الخطيب / عبد الله سكّر
+A
حجم الخط
-A

استعرضنا في التقرير السابق ظروف تأسيس قاعدة التنف عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، وكيف تحولت التنف الحدودية من منطقة معزولة في بادية الشام إلى قاعدة أميركية استطاعت فرض سطوتها وتأسيس منطقة الـ 55 كم رغم معارضة روسيا وإيران، ونتابع في هذا التقرير رصد تطورات القاعدة مع استمرار المحاولات الإيرانية والروسية التضييق عليها لإقناع الإدارة الأميركية بالانسحاب منها، وهو الذي كاد أن يحصل في إدارة ترامب، ولكن صغر حجم القاعدة وانقطاعها عن محيطها وعن الوجود الأميركي في شمال وشرق سوريا يبقى لغزاً حول الغاية الأميركية من وجودها.

تعزيز القاعدة

أعلن البنتاغون في حزيران 2017 عن تعزيز قوته القتالية في قاعدة التنف استعدادًا لأي عدوان من قبل الميليشيات الموالية للنظام السوري وإيران، وأكد أن القوات الموجودة بالقاعدة مستعدة وجاهزة للدفاع عن نفسها  حيث تم تجهيزها بالدبابات والمدفعية، كما تتمتع بتغطية جوية من قبل الطيران الأميركي، وجاءت تصريحات البنتاغون وقتها بسبب استمرار النظام وإيران بالتحشيد في محيط القاعدة وبعد نحو أسبوعين من استهداف الجيش الأميركي، 18 أيار 2017، لقوات تابعة لميليشيات إيرانية حاولت التقدم باتجاه القاعدة واختراق منطقة الـ 55 كم.

وبالعودة لصور الأقمار الصناعية الملتقطة للقاعدة في شهر تموز 2017 نلاحظ تغييرات كبيرة في القاعدة مقارنة بصورتها في أيلول 2016، حيث يظهر بداية توسيع للقاعدة وظهور عدة هنغارات وأبنية جديدة بالإضافة لعدد كبير من المركبات.

 

2016.png

 

وفي عام 2017

 

2017.png

 

واستمرت أعمال توسيع القاعدة حيث تم التوسع باتجاه الشرق ببناء مستودع للذخيرة يليه مدرجان لطائرات الهليكوبتر. وباتجاه الغرب تم تأسيس محطة للتزود بالوقود، كما تم بناء مستودع بجوار الأبنية غرب الطريق الدولي، كما يلاحظ بناء عدة هنغارات من جهتي الشمال والجنوب في الجانب الغربي للقاعدة.

 

2021_.png

 

محاولات مستمرة

بالرغم من الرد القاسي على محاولة إيران في أيار 2017 تجاوز منطقة الـ 55 كم فإن محاولات الاختراق لم تتوقف بحثاً عن تثبيت حواجز والاقتراب أكثر من القاعدة، ففي 14 تشرين الأول 2017 اخترقت مجموعة تابعة لقوات النظام منطقة الـ 55 كم، بادرت حينذاك القوات الأميركية لمخاطبة الروس الذين بدورهم أمروا قوات النظام بالانسحاب.

وفي الأول من تموز 2018 قصفت القوات الجوية البريطانية مجموعة تابعة لقوات النظام حاولت اختراق منطقة الـ 55 كم، فيما أكدت "ذا تايمز" مقتل ضابط من قوات النظام وجرح 7 آخرين، وفي الثالث من أيلول 2018 زعمت القوات الإيرانية مقتل العديد من عناصرها بغارة أميركية قرب قاعدة التنف، بدورها أكدت قيادة قاعدة التنف أنها تلقت نيراناً من مصدر مجهول ولكنها لم ترد.

ويقول الباحث في مركز عمران للدراسات، أنور شعبان، لـ"موقع تلفزيون سوريا" إن إيران حاولت منذ البداية السيطرة على بادية الشام لتأمين الطرق إلى العراق، و"قامت بعد السيطرة على القلمون الشرقي بمحاولة التمدد بالمنطقة وقامت فعلاً ببناء عدة مهابط للمروحيات بالإضافة لبناء قاعدة خاصة يُعتقد أنها مخصصة للطائرات المسيرة في منطقة السبع بيار" ولكن وجود قاعدة التنف منع إيران من اكتمال خط السيطرة وأعاق خطط إيران ويضيف شعبان "يمكن القول إن الوجود الأميركي في التنف ضبط الحركة الإيرانية في محيط القاعدة".

لماذا التنف؟

أكد الأميركيون أكثر من مرة إصرارهم على الاحتفاظ بالقاعدة ولا سيما بعد تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن نيته الانسحاب من سوريا، وفي مطلع العام 2019 أعلن جون بولتون، مستشار الأمن القومي في إدارة دونالد ترامب، أن العمليات في قاعدة التنف مستمرة، وفي شباط من نفس العام أعلنت إدارة ترامب بقاء 400 جندي أميركي في سوريا سيتوزعون بين قاعدة التنف وشمال شرق سوريا، وفي تشرين الأول ذكرت نيويورك تايمز أن البنتاغون يخطط لترك ما يقارب الـ 150 جندياً من القوات الخاصة في قاعدة التنف.

 

وتقع التنف في منطقة صحراوية شبه معزولة، ولكن الأميركيين اهتموا بها لدرجة تأسيس قاعدة عسكرية فيها وخوض عدة مواجهات مع الإيرانيين والروس دفاعاً عن سيطرتها على المنطقة، وعن أهمية القاعدة للأميركيين يقول الباحث ، أنور شعبان، إن أهمية القاعدة هي في موقعها الجغرافي على الحدود مع الأردن والعراق، حيث تقع التنف على الطريق السريع الممتد من بغداد إلى دمشق، "ويسعى الأميركيون من خلال وجودهم في القاعدة لمنع إيران من استخدام هذا الطريق للوصول إلى البحر المتوسط"، ويرى شعبان أن "الأميركيين لم يأتوا للتنف لمغادرتها بهذه السرعة، لا سيما أن الدفاعات المتواجدة في التنف هي دفاعات جيدة"، ويلفت شعبان إلى قيام عدة ضباط أميركين بزيارة القاعدة بعد الهجوم الأخير عليها وإعلانهم عن مناورات جديدة مع فصيل "مغاوير الثورة" يدل على أن الأميركيين باقون في التنف.

ويعتبر الأميركيون أنهم قادرون عبر التنف على التأثير وحرمان إيران من السيطرة الكاملة، كما أكد جون بولتون في كانون الثاني 2019 "أن قاعدة التنف مهمة استراتيجياً للولايات المتحدة من حيث إنها تمنع إيران من تحقيق القوس من طهران عبر العراق إلى سوريا ولبنان".

الهدف الثاني من القاعدة كما يقول الأميركيون هو الاحتفاظ بورقة التنف لحجز مكان لهم على طاولة التسوية وفرض الشروط، بالإضافة طبعاً لتأدية الغرض الأساسي الذي أنشئت القاعدة من أجله وهو التصدي لداعش وحرمانه من العودة.