icon
التغطية الحية

كيف حقق النظام مكاسب من التلاعب بسعر الصرف؟

2020.01.22 | 17:26 دمشق

5e281a834c59b76c7c3ee22b.jpg
البنك المركزي التابع للنظام في دمشق (رويترز)
تلفزيون سوريا - عبد الرحمن أنيس
+A
حجم الخط
-A

عادت قضية انخفاض الليرة السورية من جديد إلى واجهة الأحداث السورية إذ تهاوت الليرة السورية في الأسابيع الأخيرة إلى أدنى سعر لها مقابل العملات الأخرى حيث سجلت أدنى حد في السوق الموازي بين 1230 – 1240 ليرة سورية للدولار الواحد بينما كان سعر المصرف المركزي للدولار 514.99 ليرة سورية، وسجلت أمام الذهب عيار 18 سعر 43200 للغرام وبعد إصدار المرسومين رقمي 3 و4 لعام 2020 الخاصين بتشديد العقوبات لمتداولي غير الليرة السورية في التعاملات والتداولات  تحسَّنَ سعر الصرف في السوق الموازي ليصل إلى 1120 ليرة سورية للدولار.

دور المركزي في الحد من انهيار الليرة

 حيث تحرك البنك المركزي التابع للنظام للحيلولة دون الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية فقام بالعديد من الإجراءات المعتادة أحيانا في مثل هذه الأزمات ومنها إغلاق العديد من شركات الصرافة وملاحقة أفراد غير مرخصين كصرافين أو للعمل في قطاع الحوالات المالية ( وهم أفراد يعملون في تحويل الأموال إلى الداخل السوري من تركيا وأوروبا ودول الخليج دون مرور تلك الحوالات على نظام الحوالات الدولي والخضوع لأحكامه) وتمثل تدخل المركزي أيضا بقرارات أصدرتها لجنة تنفيذ السياسة النقدية في أول اجتماعاتها للعام الجديد فأقرت اِصدار شهادات الإيداع بالليرة السورية للمرة الثانية وفقاً لآجال مختلفة وباستخدام طريقة المزاد العلني وهي شهادات استثمارية تحقق فوائد مرتفعة قياساً لاستثمارات مصرفية أخرى ولآجال قصيرة بسعر فائدة %4.5 وسيتم على أساسه احتساب القيمة بعد الخصم وبأجل لمدة عام هدفها تشجيع البنوك العامة والخاصة أصحاب الأموال لتحويل أرصدتهم  ومدخراتهم النقدية إلى عهدة المركزي و بمردود مادي.

وتعاني خزينة النظام من عدم توفر السيولات النقدية لتمويل المستوردات وتغطية موازنة 2020 ورأت "اللجنة" المذكورة أهمية قيام وزارة المالية بالإسراع بإصدار أذون وسندات الخزينة كأحد أهم الوسائل لإدارة الدين العام بما يخفف من الضغوط التضخمية في الاقتصاد.

كيف استفاد النظام من انخفاض قيمة عملته المحلية وحقق إيرادات ضخمة؟

تعتبر الدولة كيان تجاري يقوم على ميزان الواردات والنفقات حيث لابد من أن يبلغ إجمالي الإيرادات الوطنية لتغطي كامل الإنفاق العام السنوي وفي بعض الدول لم تستطع حكوماتها أن تصل بإيراداتها إلى حد تغطية كامل نفقاتها ربما بسبب موقعها الجغرافي لذلك تلجأ تلك الدول للحصول على منح وإعانات من منظمات أممية ودولية ووكالات تنمية لتغطية خططها السنوية ومصاريفها التشغيلية مثل الأردن ومصر.

 أما في سوريا فبعد قرار الحرب الذي اتخذه النظام ضد الشعب توقفت كامل وسائل الإنتاج أولها الإنتاج النفطي والزراعي والصناعي والتجاري وانعدمت الإيرادات الوطنية لتصل إلى نقطة الصفر التقريبي واعتمد النظام آنذاك للقيام بتسديد مستلزماته من الرواتب وبعض المصاريف الخدمية إلى الاعتماد على دور حيوي للمصرف المركزي الذي تخلى عن دوره الحامي الأول للشعب وممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة من خلال تغيير سياساته النقدية وقوانينه، وبات دوره مضارباً في سوق العملات مثله مثل أية شركة صرافة هادفة للربحية المطلقة دون اعتبارات الحماية لممتلكات الشعب واستقرار أسعار الصرف والسلع والخدمات مستفيداً من كمية احتياطي العملات الذي كان رصيده في عام 2010  قرابة 18 مليار دولار.

وبذلك أصدرت بعض القوانين والمراسيم التي فرضت على الشعب منع تداول أية عملات أخرى وحصر معاملاته بالليرة السورية التي تهاوت وفقدت قيمتها وقوتها الشرائية وهذا الضبط شكل للنظام وارداً قويا مول به الكثير من الأعمال العسكرية التي شنها على الشعب السوري، كما شكلت المضاربة بالعملات الأجنبية وافراً ضخماً استطاع فيها الاستفادة من انخفاض قيمة العملة المحلية وبذلك انخفضت قيمة الالتزامات المالية كرواتب موظفيه وخدماته الحكومية كما انخفض إجمالي الإنفاق العام الذي احتسب بالليرة السورية الفاقدة  لقوتها الشرائية، واعتمد بذلك على أدوات قمعية وشرطية والقضاء وبعض الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعية. باختصار استطاع النظام عبر البنك المركزي وسياسته النقدية وأجهزته تحقيق إيرادات كبيرة لم تكن وليدة من قطاعات تقليدية كالصناعة أو التجارة أو السياحة أو الزراعة بل جاءت من فرق سعر الصرف لليرة السورية مع بقية العملات الأجنبية مع الإبقاء على تداول العملة المحلية في نفقاته مما شكل هذا الفارق الهائل كربح أضيف إلى بند هو الإيرادات الجديدة في مرحلة الحرب.

خط الفقر في سوريا

ورغم أنه زاد ظاهريا الرواتب فإنه في حقيقة الأمر كأنه يدفع 10% منها فالراتب الذي كان 40000 كان بقيمة 870 دولار بسعر صرف 46 ليرة للدولار وبعد رفع سقف الرواتب إلى 65000 بسعر صرف 1120 ليرة للدولار تكون القيمة الحقيقية للراتب هو 58 دولار أي فقد راتب الموظف وقوته الشرائية 15 جزءاً منه أي بالدولار الراتب (1 ÷ 15) وبذلك يكون الفارق ربحاً مشروعاً لخزينة النظام ينفق خارج دائرة الرقابة المصرفية والحكومية ويكون مستوى دخل المواطن قد انحدر خمس عشرة درجة

ويكون حسب تصنيفات الأمم المتحدة تحت خط الفقر في سوريا لأن خط الفقر الحاد وفق الحاجات الخمس الضرورية، التي يحددها البنك الدولي، يبلغ للأسرة السورية 213 ألف ليرة سورية، أي حوالي 42600 ليرة للفرد شهرياً، و1400 ليرة يومياً لكل فرد، ما يعادل: 2.6 دولار يومياً، وأعلى من خط الفقر المطلق الدولي بمقدار 37%. حيث ذكر تقرير الأمم المتحدة عن الاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2019، أن 83% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.