icon
التغطية الحية

كورونا يشلّ الحركة التجارية ويرفع أسعار الذهب في الشمال السوري

2020.04.12 | 18:28 دمشق

20200406_2_41759913_53718471.jpg
تلفزيون سوريا - منار عبدالرزاق
+A
حجم الخط
-A

انعكست أزمة "كورونا" سلبًا على كل مفاصل الحياة الاقتصادية في الشمال السوري؛ إذ قيّدت من الحركة التجارية القادمة من تركيا، وأسهمت في ارتفاع أسعار الذهب، فيما أصيب قطاع الصرافة بانتكاسات كبيرة وصلت في بعض الأحيان حد الإغلاق النهائي لبعض الشركات الصغيرة بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في قادم الأيام.

 

كورونا خفّض عدد الشحنات التجارية عبر معابر الشمال

ولا يخفي مدير معبر باب السلامة العقيد قاسم قاسم التأثير الكبير للوباء على حركة دخول الشحنات التجارية إلى الشمال، ويقول لتلفزيون سوريا: إنّ "عدد الشحنات التجارية انخفض من مئة وخمسين شاحنة إلى مادون الخمسين (يوميًا)؛ بسبب إغلاق المعبر مع منبج الخاضعة لسيطرة (قسد)؛ وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية التي يقوم بها المسؤولون المحليون في تلك المنطقة؛ لمواجهة خطر (كورونا)".

ويؤكد قاسم أنّ "الشحنات التجارية والغذائية التي تدخل عبر المعبر تغطي احتياجات المنطقة بشكلّ كامل"، وأنّ إدارته تقوم بـ"إجراءات استثناية لمواجهة الفيروس؛ من خلال تعقيم الشاحنات وفحص السائقين قبل السماح لها بالعبور إلى الداخل السوري".

 

إغلاق تام للمعابر ما بين النظام والمعارضة في حلب

وهو ما يؤكده العميد محمود الموسى، مدير معبر أبو الزندين في منطقة الباب بريف حلب الشرقي، مشيرًا خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى "توقف الحركة التجارية عبر المعبر منذ تاريخ 18 من آذار/ مارس الماضي، وحتّى إشعار آخر" وأن "توقيف الحركة سبق بوقف وتقيد لعبور الحالات الإنسانية من مناطق النظام باتجاه الشمال المحرر".

وأوضح الموسى أنّ تلك الإجراءات "تأتي في إطار مكافحة انتشار فيروس كورونا"، لكنه لا ينفي "وجود بعض عمليات التهريب؛ بسبب اتساع الحدود مع مناطق النظام وقسد"، مشدداً على "ملاحقة المهربين ومصادرة آلياتهم والبضائع، وتوقيف السائقين والمسؤولين عنها".

وأضاف أنّه "تم تسيير دوريات مشتركة وإغلاق الأماكن التي يتم منها التهريب بسواتر ترابية يصعب المرور منها، إضافة إلى التشديد على نقاط الرباط وإعطاء أوامر بالتعامل بالقوة مع ضعاف النفوس"، في محاولة من المسؤولين المحليين في تلك المنطقة؛ لمنع وصول عدوى الفيروس إلى مناطقهم التي لم تسجل أي حالة إصابة "بكورونا" حتّى الآن (بحسب مسؤولين محليين).

 

20200406_2_41759913_53718489.jpg

 

معبر باب الهوى: فقدان للبضائع الصينية وازدهار لتجارة الحديد

إلى ذلك، رفضت غرفة التجارة والصناعة السورية الحرة الرد على استفساراتنا؛ كونها كما تقول غير "معنية بالأمر.. والأمر متروك تقديره لإدارة معبر باب الهوى"، إلا أنّ مصدرًا مقربًا منها، فضّل عدم نشر اسمه، قال لموقع تلفزيون سوريا إنّ "عدد الشاحنات انخفض من نحو مئتي شاحنة في اليوم إلى نحو سبعين أي أقل من النصف"، وأنّ هناك "غياباً تاماً لحركة البضائع الصينية من المعبر والتي كانت جزءاً مهماً من تجارة (الترانزيت) عبر المعبر".

وأشار المصدر إلى أنّ "أبرز البضائع الصينية التي انحسر دخولها منذ انتشار الوباء تتمثل في (الإلكترونيات، قطع غيار السيارات، أواني بلاستيكية، وغيرها)"، وقدّر المصدر نسبة انخفاض عدد الشاحنات إلى نحو 40%"، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّ "كافة البضائع التركية من غذائيات وغيرها، إضافة إلى الشحنات الإغاثية تدخل ولم تنقطع حركة عبورها".

ويأتي توقف وصول البضائع الصينية إلى سوريا (ترانزيت) عبر مرفأ مرسين التركي؛ بسبب مخاوف التجار من انتشار الوباء، والنكسات التي تعرضت لها المنشآت الصناعية في الصين والتي أدّت إلى شلل جزئي بحركة عجلة الإنتاج لنحو شهرين وبالأخص مدينة "ووهان" عاصمة إقليم "هوبي" والتي تشكّل 4% من الناتج المحلي، وفقاً لتقارير اقتصادية.

ويعزو محمود أشقر، وهو يعمل في مجال الاستيراد والتصدير ومقيم في الصين سبب انقطاع تدفق البضائع الصينية إلى الأسواق السورية؛ بسبب مخاوف التجار السوريين من استمرار حالة الكساد في الأسواق سواء في مناطق المعارضة أو النظام.

فيما أكدّ مازن علوش مدير المكتب الإعلامي في معبر باب الهوى أنّ "الحركة التجارية والإغاثية لم تنقطع عبر البوابة الحدودية مع تركيا"، وأنّ "أعداد الشاحنات تختلف من يوم إلى آخر". دون تحديد أعداد دقيقة لها، فيما يشير إقبال منصور، وهو تاجر حديد، إلى أنّ أسواق الشمال شهدت "ازدياداً في الطلب على مادتي الاإسمنت والحديد؛ بسبب انخفاض أسعار المادتين في السوق، إذ انخفض سعر طن الحديد إلى نحو 25 دولاراً؛ بسبب الكساد الذي تشهده الاسواق العالمية".

 

"كورونا" يرفع أسعار الذهب في الشمال

وأدى إغلاق المعابر ما بين مناطق نفوذ المعاضة والنظام في حلب إلى ارتفاع أسعار الذهب في أسواق الصاغة في الشمال؛ رغم كون أسعارها ثابتة عالميًا، وسط إقبال من قبل السكان (ميسوري الحال)؛ تعززه الرغبة في تحويل النقد إلى ذهب في ظل التهاوي المستمر لليرة السورية؛ وعدم ثبات أسواق الصرف.

أنس عموري، وهو صائغ يقع متجره في بلدة أطمة بريف إدلب، يقول لموقع تلفزيون سوريا: إنّ "أسعار الذهب(المُصاغ) ارتفعت في الشمال بنحو ألفي دولار للكيلو غرام الواحد بعد الأزمة؛ بسبب اضطرارنا لشراء الذهب من ورش تصنيع (سورية) في تركيا؛ بعد إغلاق الطرق إلى حلب".

وأوضح "عموري" أنه "قبل أزمة (الكورونا) كنا نحصل على الذهب المختوم بجمعية الصاغة التابعة للنظام من أسواق حلب، وكان أرخص من حيث (الصياغة) بنحو دولارين عن نظيره في الأسواق التركية؛ وهو ما أجبرنا على رفع أسعار الذهب في السوق؛ كي نجاري الارتفاع في أجور (الصنعة) بتركيا"، وأنّ من بين الأسباب أيضًا لرفع الاسعار هو عدم استقرار سوق الصرف الداخلي للعملات الأجنبية.

 

انخفاض حاد لحجم الحوالات المالية من تركيا إلى الداخل

وأثرت الأزمة العالمية لفيروس كورونا على حركة الحوالات من تركيا إلى سوريا؛ وأدّت إلى انخفاضها إلى مستويات متدنية جدًا (بحسب عاملين في مجال الصرافة)، إذ أغلقت الشركات الصغيرة مكاتبها في تركيا بشكلّ كامل، فيما أبقت بعض الشركات على نشاطها المحدود الذي تقيده الحركة الضعيفة جدًا في السوق.

ويقول أبو عمر جاوش، وهو صاحب مكتب للحوالات في مدينة أنطاكيا إنه اضطر إلى إغلاق المكتب بشكلٍّ كامل في الوقت الحالي.."لا أدري متى أعود إلى العمل.. لا شيء يشجع هنا.. الحوالات أصبحت تقتصر الآن على 100 دولار وخمسين لا أكثر".

ويأتي إغلاق أبو عمر لشركته، في وقت تعاني فيه السوق من ركود حاد في الحركة المالية، إذ يقول مصدر مطلع على حركة الأموال من تركيا إلى سوريا، لموقع تلفزيون سوريا إنّ "حركة الأموال إلى سوريا انخفضت بشكل كبير إلى ما دون 10%"، وأنه لم "يسجل سوى تحويل نحو مليون دولار من تركيا إلى سوريا منذ بداية آذار/ مارس الماضي".

ويكشف المصدر عن أن "حجم الأموال التي كانت تحوّل من مدينة إسطنبول إلى دمشق يومياً، تبلغ نحو ملياري ليرة سورية أي ما يعادل مليوني دولار، لكنها توقفت منذ بداية الشهر الماضي بشكل كامل"، مقدرًا "حجم الحوالات الشهرية في السابق بنحو 70 مليون دولار شهريًا".

ولا يبدو أنّ الشمال السوري سيكون بمأمن من التداعيات الاقتصادية العالمية لفيروس "كورونا"؛ كونه يعتمد بشكلّ رئيس على استيراد احتياجاته الأساسية والصناعية من الخارج، في وقت تسبب فيه الفيروس بشلّ الحركة التجارية في جلّ دول العالم، وجعل عدداً منها تخوض حروب "قرصنة" للسيطرة على أدوات العلاج والوقاية من الفيروس.