كورونا في الشمال السوري

2020.07.15 | 00:06 دمشق

555555555555555.jpeg
+A
حجم الخط
-A

تأخر فيروس كورونا كي يصل الشمال السوري حوالي أربعة أشهر. وسجلت أول حالة نهاية الأسبوع الماضي، وسرعان ما تلتها حالتان بعد يومين وبعد وقوع إصابتين، الأمر الذي خلق حالة عامة من الخوف، ودق ناقوس الخطر في المنطقة التي يسكنها أكثر من 4 ملايين، الغالبية العظمى منهم من المهجرين قسريا من محافظات أخرى مثل درعا وريف دمشق وحمص وحماة وحتى الرقة ودير الزور، ومن بين هؤلاء هناك ما يتجاوز مليون شخص يعيشون في مخيمات عشوائية على الحدود السورية التركية، لا تعرف الحد الأدنى من البنى التحتية الصحية، وتفتقر حتى للماء الصالح للشرب.

قد تكون هناك إمكانات في مشافي المنطقة ولدى الدفاع المدني والهيئات الطبية للتعامل مع الموقف الجديد، ولكن الأمر يتطلب خطة من طراز مختلف.

باتت هذه المنطقة اليوم إزاء وضع خطير، فربما تعددت الإصابات في الوقت القريب، وهذا يعني أن الفيروس بدأ في الانتشار على غرار ما حصل في أماكن أخرى من العالم. وقد تكون هناك إمكانات في مشافي المنطقة ولدى الدفاع المدني والهيئات الطبية للتعامل مع الموقف الجديد، ولكن الأمر يتطلب خطة من طراز مختلف حتى لا تحصل كارثة يمكن أن تجتاح كل سوريا. وأول شرط لهذه الخطة هو أن يتم العمل بسرعة على دعم الهيئات الصحية الموجودة في الداخل بكل الإمكانات الممكنة، وخصوصا الكادر البشري، لا سيما وأن أولى الإصابات حصلت في أوساط الأطباء. وهذه مسألة تكتسب أهمية استثنائية من شأنها التأثير سلبا على معنويات الناس الذين يعيشون مشاعر مختلطة، تتمحور في غالبيتها من حول إهمالهم وعدم الاكتراث بهم من طرف المجتمع الدولي. وهنا يأتي دور الشرط الثاني، والذي يتمثل بضرور أن تتحمل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية مسؤوليتها تجاه هذا الجزء من الشعب السوري، ذلك أن أسلوب فحص كورونا في هذه المنطقة دليل فاقع على الإهمال الذي يتعرض له السوريون، فلم تتجاوز عمليات الفحص رقم ألفين حتى يوم وقوع أول إصابة، وهذا رقم متواضع جدا بالقياس إلى ما هو جار دوليا، وفوق ذلك فإن الفحوصات تتم عشوائيا، وتقوم الجهات الطبية بإرسال عينات من أجل التحليل إلى مخابر في الأراضي التركية، وهذا يعيبر عن تقصير لاحدود له من طرف منظمة الصحة العالمية التي بدأت أولى خطوات الدعم في مناطق النظام ثم الإدارة الذاتية، وجاءت المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الدرجة الثالثة. وإذا لم تتحرك الهيئات الدولية المعنية اليوم، فلا فائدة من تحركها لاحقا، ويتوجب على الهيئات التي تتصدر تمثيل هذه المنطقة سياسيا مثل الائتلاف الوطني أن تتحرك من أجل متابعة هذه القضية دوليا، وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا الصمت على البطء القاتل حيال وصول الدعم الطبي إلى هذه المنطقة؟ ولماذا جرى تركها على هذا النحو، والركون إلى القدر وحده؟.

من حسن حظ هذه المناطق أن الفيروس وصلها بعد أن تكون رصيد من التجربة للتعامل معه، وبعد أن توافرت الإمكانات الضرورية.

وإلى ما قبل وقوع أول إصابة في هذه المنطقة لم يتم التعاطي بمسؤولية كافية مع احتمالات وصول الفيروس إليها. وكي لا يبدو المرء متجنيا فقد جرى الاستنفار في الفترة الأولى من ظهور الفيروس على الصعيد العالمي، وحصلت محاولات لضبط الإيقاع على خطى الجارة تركيا، والتعويل عليها في تقديم العون الطبي، ولكن حالة من التراخي سادت بعد ذلك، والدليل أن أول إصابة تم تسجيلها كانت لطبيب يتنقل بين الشمال السوري وتركيا (منطقة غازي عنتاب) التي ينتشر فيها الوباء.

وقد يكون من حسن حظ هذه المناطق أن الفيروس وصلها بعد أن تكون رصيد من التجربة للتعامل معه، وبعد أن توافرت الإمكانات الضرورية، وهذا يساعد الجسم الطبي السوري في الشمال على النهوض بالمهمة، ولكنه لن يتمكن من ذلك إن لم يتوافر له دعم جاد وملموس وعاجل من منظمة الصحة العالمية، وتركيا التي استطاعت تقديم تجربة جيدة بين التجارب التي تواجه انتشار الفيروس حتى الآن.