icon
التغطية الحية

كهرباء الأردن إلى لبنان عبر سوريا.. منافع الأسد وتفاصيل الملف والصفقة

2021.08.20 | 06:53 دمشق

gettyimages-1228181633-scaled-e1598296392627.jpg
إسطنبول - عبد القادر ضويحي
+A
حجم الخط
-A

وافقت الولايات المتحدة الأميركية على منح لبنان استثناء لاستجرار الكهرباء من الأردن عبر الأراضي السورية، على أن تتم العملية عبر استيراد الغاز المصري للأردن لتشغيل الخط وتزويد لبنان بالكهرباء والغاز.

وقالت الرئاسة اللبنانية إن الرئيس ميشال عون تلقى اتصالا من السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا، أبلغته أن واشنطن ستعمل على مساعدة لبنان لمواجهة المشكلة الكهربائية.

ملف استجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان ليس جديداً، إذ سبق وطرح الملف أكثر من مرة لكنه لم يكلل بالنجاح لاعتبارات سياسية بين دول الشبكة الواحدة المتمثلة بمصر والأردن وسوريا، وكان النظام وفق صحف موالية له قد رفض العملية عام 2019 متذرعا بغياب المواد اللوجستية.

لماذا ستجر الكهرباء عبر سوريا؟

تملك سوريا شبكة كهربائية واسعة ومتينة مع الأردن دشنت في آذار عام 2001، وبتمويل من  الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكان الصندوق قد مول مشروع الربط الكهربائي بين مصر والأردن الذي بلغت تكاليفه 145 مليون دولار، ووفق خبراء اقتصاد فإن الشبكة ما زالت قائمة بين البلدان الثلاث ولم تتأثر بالمجريات العسكرية التي حصلت.

وحيال استجرار الكهرباء عبر سوريا قال المحلل الاقتصادي الأردني، حسام عايش، إن الإمكانية متوفرة والأردن لديه فائض كهربائي كبير، وأوضح إلى أن الخط الثماني الكهربائي بين سوريا والأردن وليبيا والعراق وتركيا، هو قائم.

وأكد العايش أن الربط الكهربائي بين الأردن وسوريا موجود، ما يعني أن البنية التحتية لاستجرار الكهرباء قائمة ومتوفرة، لكن القضية سياسية، ما يفتح خط اتصال بين نظام بشار الأسد ودول الجوار.

ونوه عايش إلى أن استجرار الكهرباء لا يمكن أن يتم دون المرور بالأراضي السورية ودون موافقة نظام الأسد عليه، مضيفاً أن النظام في سوريا قد يحصل على جزء من الناقل الكهربائي الجديد، ما يعني تخفيف جزء من مشكلات النظام الاقتصادية والخدمية، معتبراً أن عملية النقل تمت بقرار سياسي.

في الطرف اللبناني اعتبرت المحللة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة أنه صحيح أن سعد الحريري هو من أعلن مؤخراً عن محاولة استجرار الغاز المصري، لكن الملف قديم جدا ويعود إلى منتصف السبعينيات، عندما وقع لبنان على اتفاق شبكة الغاز العربي، التي تبدأ من العريش في مصر، وتمر بعدد من الدول العربية، بينها الأردن وسوريا، لتصل إلى لبنان عبر أنابيب.

وبادر لبنان بالتوافق مع سوريا، على إكمال الوصلة الممتدة بين البداوي في لبنان، وحمص في سوريا، وهي بطول 32 كم. لكن الاتفاق لم يُستكمل، اذ جمّدته مصر من جانب واحد بعد نحو عام لأسباب تردد أنها تتعلق بتأخر لبنان عن تسديد مستحقات مالية بلغت نحو 30 مليون دولار. ولم يبادر لبنان إلى التفاوض لإعادة إحياء العمل بالعقد، ليستمر من حينه بالاعتماد على الفيول لإنتاج الطاقة.

وعلى الصعيد التقني سيفتح تزويد لبنان بالكهرباء على ربط الدول الأربع (سوريا، مصر، الأردن، لبنان) بخط كهربائي، لكن الأمر سيبقى رهن التمويل الذي سيتولاه البنك الدولي، الأمر الذي سيفتح منفعة للنظام في سوريا عبر فرض ضرائب أو الحصول على جزء يتفق عليه بين سوريا والأردن.

وكانت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، هالة زواتي، قد أجرت مباحثات في نهاية شهر حزيران الماضي مع وزارة النفط في حكومة الأسد تركزت على إعادة العمل بالربط الكهربائي بين البلدين، والعمل على إعادة ترميم خط الغاز العربي.

الأسد مستفيد من مشروع "الشام الجديد"

من جانبه اعتبر الاقتصادي الأردني، أن ملف الكهرباء يعني ربط الطاقة بين الدول الأربع، والذي سيمتد على الملف السياسي، وهو ما يعيد النظر في مشروع الشام الجديد الذي تعتبر سوريا ولبنان فيه مكملين للمشروع ودونهما يبقى ناقصاً، وهذا يطرح إشارة استفهام على الدور الأميركي لترتيب المنطقة، وفق رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار ما كان يتم الحديث عنه حول تأهيل النظام في سوريا.

 

 

ونوه العايش إلى أن ما يحدث في درعا هو محاولة سورية بموافقة أميركية دولية للتخلص من العقبات التي تقف أمام انطلاق الخطوة الجديدة وأن النظام يريد التخلص من أي عائق، كون الأطراف الموجودة في درعا وباقي الأراضي السورية تثير القلق حول مستقبل المشروع.

ويرى العايش أن النظام في سوريا مستفيد بشكل كبير كونه يعاني من مشكلات في الطاقة لعدم توفر كميات كبيرة من الغاز لتوليد الكهرباء في سوريا، وأن الملف جسر عبور لتطوير العلاقات بين عمان ودمشق، على أن تكون مصر ضابط إيقاع رئيسي في المنطقة.

وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن من نتائج زيارة عبد الله إلى واشنطن إعادة تنظيم علاقات دول المنطقة بحيث يصبح الأسد جزءا ولو بشكل ضيق في المرحلة الأولى، ليكون جزءا من المنظومة الجديدة تحت مسمى تحالف الشام، منوهاً أن قرارات الاقتصاد تترجم في السياسة، وبالتالي فإن هناك فوائد كثيرة لدول الإقليم، من الانفتاح على السوق السوري واللبناني وهو ما يحقق إنعاشاً للدول المستهلكة والمنتجة.

مصدر في "وزارة النفط" السورية يكشف تفاصيل الصفقة والمفاوضات

في مقابل التحركات الأردنية واللبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز، قال مصدر رسمي في وزارة النفط بحكومة النظام لتلفزيون سوريا إن مسألة استجرار الكهرباء طرحت في لقاءات تقنية بين الأردن وسوريا، وإن النظام أبدى رغبة في تقديم المساعدة مشترطا حصوله على جزء من الكهرباء الذي سيتم العمل على استجراره من الأردن، وهو طلب أبلغ رسميا للأردن في لقاء تم في منتصف حزيران الماضي، وطلب الأردن التشاور مع واشنطن حياله.

وأوضح المصدر أن شبكة الكهرباء السورية مرتبطة بواسطة كبل بقوة 400 كيلوفولت، وهذا يمكن استجرار الكهرباء بطريقة سلسة، وأن ما تحتاجه عملية النقل موجود، لكن الأمر كان متوقفاً على قبول الطلب الذي تقدم به نظام الأسد.

وكشف المصدر أن النظام تلقى موافقة في تموز الماضي على طلبه، وبالتالي فإن نقطة التحكم بالكهرباء ستتم في محطة دير علي جنوبي سوريا، لكنه من غير المعلوم كم ميغا واط سيستفيد النظام من عملية الاستجرار.

وبين المصدر أنه ضمن عملية استجرار الغاز سيحظى النظام بجزء أيضاً لتشغيل محطات كهربائية في مناطق سيطرته، حيث قدم الطرف الأردني مقترحا يقوم على فرض ضرائب دون الحصول على جزء من عملية العبور، لكن النظام اشترط كمية من الغاز لا الأموال أو الضرائب، وأضاف أن لبنان على تواصل مستمر مع الوزارة لترتيب الأمر.

هذا وتمتلك الدول في المنطقة شبكات كهربائية وغازاً كان يتم العمل عليها لربطها لكنها تأثرت بمجريات الربيع العربي في المنطقة، وتوقف العمل بها نتيجة تضررها في أكثر من مكان، إضافة إلى الاعتبارات والعلاقات السياسية بين الدول التي أثرت في سير عمله.

ما هو مشروع "الشام الجديد"؟

أطلق الكاظمي تعبير "الشام الجديد"، لأول مرة خلال زيارته للولايات المتحدة آب 2020، وقال حينها لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إنه يعتزم الدخول في مشروع استراتيجي يحمل هذا الاسم، موضحا أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات.

وأكد الكاظمي خلال مشاركته في القمة الثلاثية مع مصر والأردن، على أن بلاده "ملتزمة برؤية استراتيجية تدعم استقرار المنطقة وخلق فرصة التهدئة".
وعقدت الأردن ومصر والعراق اجتماعات مماثلة في العامين الماضيين، ركزت على البنى التحتية والتنسيق المشترك لمحاربة التنظيمات المسلحة.

ومن المتوقع أن يتصدر مشروع "الشام الجديد" المشترك بين مصر والأردن والعراق القمة الثلاثية، بما يشمله من تعاون في مجالات اقتصادية واستثمارية بين الدول الثلاث، فضلا عن أنه مرشح لضم دول عربية أخرى.