icon
التغطية الحية

كل 50 مترا بائع يلوّح بنربيش وقمع.. سوق البنزين السوداء تصبح علنية وسط دمشق

2023.03.22 | 15:45 دمشق

كل 50 متر بائع يلوح بقُمع.. سوق البنزين السوداء تنتعش بدمشق مع تأخر الرسائل
كل 50 متر بائع يلوح بقُمع.. سوق البنزين السوداء تنتعش بدمشق مع تأخر الرسائل
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

بعد أن كانت سوقه السوداء محصورة بالأوتوسترادات الدولية وفي منطقة السومرية بدمشق، بات بيع البنزين مهنة منتشرة يمكن أن تجد بائعيها الذين يرتدون البزات العسكرية في أي مكان بالعاصمة مثل البرامكة أو شارع الثورة أو المزة أتوستراد أو الشيخ سعد، علناً دون أي خوف أو رقابة، وفقاً لجولة لموقع تلفزيون سوريا بدمشق.

يضع هؤلاء عبوات سعة عشرة لترات التي من المفترض أن تكون مخصصة للمياه المعدنية، بجانب دراجاتهم النارية، ومنهم من نصبوا أكشاكا ليبيعوا فيها البنزين والدخان، وباتت هذه المهنة منتشرة بكثرة جداً وحتى إن الأسعار تتفاوت من بائع لآخر.

من دون رقابة

وقد لا تكون المسافة بين البائع والثاني أكثر من 50 متراً، خاصةً في الطريق الواصل بين الشيخ سعد ونهاية أوتوستراد المزة، أو النفق الواصل بين الفحامة وأوتوستراد صحنايا.

يلوّح العسكريون للسيارات بالنرابيش والأقماع  في أسلوب موحد، حيث يقومون ببيع البنزين بشرط تعبئته ضمن السيارة، واللافت في السوق السوداء بدمشق أن معظم البائعين لا يبيعون سوى البنزين، حيث لا يوجد المازوت على سبيل المثال ضمن بسطات هؤلاء، بينما تنحصر حالياً سوق أسطوانات الغاز السوداء في السومرية لنوعين منها المحلي واللبناني وتتراوح أسعارها بين 200 ألف ليرة للسورية و250 ألف ليرة للمضغوطة (اللبنانية).

وتزامن انتشار بائعي البنزين في السوق السوداء بشكل كثيف، مع تأخير وصول رسائل البنزين عبر البطاقة الذكية إلى ما بين 18 - 19 يوماً للبنزين المدعوم، وبين 30 إلى 40 يوما للبنزين المباشر (الحر)، بينما تصطف السيارات بالطوابير على محطات بنزين الأوكتان 95 بالمئات منذ الصباح حتى المساء.

ويتراوح سعر لتر البنزين في السوق السوداء على قارعة طرقات دمشق بين 8500 ليرة و9000 ليرة، ويدعي معظم البائعين بأن المصدر لبناني، بينما أكد آخرون في أثناء جولة الموقع بأن المصدر محلي من الكازيات على أنها اللترات التي تزيد من التلاعب بالعدادات أو بيع المخصصات، وبالفعل وخلال الجولة، تبين وجود نوعين من البنزين لون فاتح لبناني ومنها لون أغمق سوري.

غش وخوف

ورغم أزمة البنزين، إلا أن الإقبال على هؤلاء البائعين يبدو ضعيفاً، حيث يلاحظ تقدم البائعين للتلويح للسيارات معرضين حياتهم للخطر على الأتوسترادات بهدف اصطياد الزبائن. يؤكد سائق أحد التكاسي للموقع، أنه اشترى منهم إحدى المرات لكنه اضطر بعدها لتغيير مضخة البنزين وتنظيف البخاخات نتيجة خلط البنزين بمواد مجهولة، مشيراً إلى أنه مستعد لأن يشتري البنزين بضعف السعر من أحد العاملين في محطات الوقود الذين يعرفهم ويتعامل معهم منذ مدة، مقابل أن يخاطر مرة أخرى بسيارته.

وأبدى العديد من السائقين الذين التقاهم الموقع، تخوفهم من هذا البنزين ومصدره، ومدى تعرضه للغش، حيث أكد أحد السائقين أن أداء سيارته اختلف بالفعل وصوت المحرك بدأ يعلو عندما قام بتعبئة 10 لترات منهم، مؤكداً أنه يشك بوجود مادة مشتعلة أخرى غير البنزين كالتنر أو ما شابه.

ونتيجة تكرار الحوادث والقصص والشائعات حول الغش من قبل بائعي البنزين في السوق السوداء بات الإقبال عليهم قليلاً وفقاً لما أكده سائقون للموقع، وهذا ما تبين بالفعل في أثناء الجولة في شوارع دمشق.

شبكات تهريب

وفي العام الماضي، أكد ناشط في مجال تجارة المحروقات بدمشق لموقع العربي الجديد، يدعى محمد خضور، أن تجارة المشتقات النفطية باتت الأكثر ربحاً في سوريا، إذ تقف شبكات تتبع للحكومة وراء تهريب البنزين اللبناني الذي يتميز بلونه الأخضر إلى سوريا، لتبيعه في السوق السوداء بسعر 8500 ليرة سورية للتر الواحد داخل دمشق.

وفي بداية العام، نقل موقع صوت العاصمة، عن أحد المواطنين أن "حديث المسؤولين عن الرقابة ومتابعة السوق السوداء مجرد حبر على ورق، حيث يوجد باعة بنزين بشكل علني وبكميات كبيرة في منطقة المعضمية، حيث أصبحت بسطات البنزين مشهداً مألوفاً بالنسبة للمارة في الشارع العام ومحيط دوار العلم في المعضمية".

وقال سائق تكسي من الذين يحصلون على بنزين حر ليتمكن من ممارسة عمله، إن "محطات الوقود تبيع كميات من البنزين في السوق السوداء، من خلال شراء مخصصات بطاقات أشخاص لا يستهلكون مخصصاتهم لكونهم استغنوا عن سياراتهم، فيبيعون الرسالة، لعمال بعض المحطات مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 1000 و2000 ليرة عن كل لتر من دون تعبئته، ليقوم عاملو المحطة ببيعه في السوق السوداء بأسعار تصل إلى 7500 ليرة للتر الواحد.

أين بنزين الكازيات؟

وفي بداية الشهر الجاري، كشف مصدر في ميناء بانياس عن وصول ناقلة نفط محملة بمليون برميل نفط خام، قادمة من إيران إلى مصب بانياس النفطي، لتبدأ أعمال التفريغ للمصفاة بعد الانتهاء من أعمال الربط وإنجاز الأعمال البحرية اللوجستية، وذكر المصدر لموقع "أثر برس" المقرب من النظام أن التوريد سيكون منتظماً.

لكن رغم ذلك لم يتحسن وضع البنزين في سوريا منذ ذلك الحين بل تأخرت الرسائل أكثر، وعلى هذا يرى رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، أسامة قاضي أن الشحنات الإيرانية إلى ميناء بانياس "جلها لا تدخل السوق السورية أو تصل لشركة سادكوب الحكومية"، بل برأيه يتم تكرير النفط إلى مشتقات ثم يُصدّر إلى خارج سوريا، وأن "القسم الأكبر يذهب إلى لبنان لحزب الله"، بحسب تصريحاته لموقع العربي الجديد.

وفي نهاية شباط الماضي، رفعت وزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام السوري، سعر مبيع مادة البنزين أوكتان 95 للمرة الثانية خلال العام الجاري، والثالثة خلال ثلاثة أشهر، من 5750 ليرة إلى 6600 لليتر الواحد.