icon
التغطية الحية

كل شيء مباح للبيع عند "الحكومة".. بحر اللاذقية بات للأغنياء

2021.07.05 | 06:39 دمشق

201638766_4017551964946635_4983399124541922371_n.jpg
اللاذقية - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

لسنوات طويلة كان البحر متنفساً لجميع أبناء اللاذقية، بضعة أمتار قليلة تفصل عائلة أبو محمود عن الشاطئ، لكن على غير عادة السنوات الماضية انتصف موسم الصيف تقريبا ولم يستطع حتى اليوم زيارة البحر مع عائلته.

يقول الرجل الأربعيني وهو والد لثلاثة أطفال:"كنا نظن فيما سبق أن بعض الأشياء لا تباع ومنها البحر والهواء، لكن هذا الأمر بات كذبة كبيرة، اليوم أنا بحاجة لمبلغ لا يقل عن 15 ألف ليرة أي ثلث راتبي الشهري تقريبا لاستئجار إحدى الطاولات لـ5 ساعات ودفع رسوم دخول الشواطئ التي باعتها حكومة النظام للمستثمرين".

ويوضح أبو محمود في حديثه لــ موقع تلفزيون سوريا في شاطئ جول جمال الشعبي التي أعلنت حكومة النظام أنه مخصص لذوي الدخل المحدود تبلغ أسعار الدخول للشخص الواحد 700 ليرة (3500 كلفة دخول عائلته)، واستئجار طاولة مع 4 كراسٍ لمدة 5 ساعات بـ 1500 ليرة، وبحساب كلفة بعض المشروبات الخفيفة والأطعمة لن تخرج بأقل من 15000 ألف ليرة.

ويستطرد أبو محمود بالقول سابقاً كانت السباحة للجميع، كانت العائلات تجلس على طاولاتها ومقاعدها التي أحضرتها من المنزل، أما الآن فجميع الشواطئ تم استثمارها، حتى المفتوحة منها، ولم يتبق سوى الشواطئ الصخرية التي لا يمكن للعائلة ارتيادها.

وأضاف: "بعض الشواطئ أصبح الدخول لها حلما مثل الشاطئ الأزرق، وروتانا أفاميا، والغولدن بيتش، وكلفة دخول الشخض إلى أحدها تصل إلى 10 آلاف ليرة فقط من دون حساب التكاليف الأخرى".

وحول ادعاءات حكومة النظام بأنها خصصت شواطئ للفقراء أوضح أبو محمود أن مجلس المحافظة ترك للفقراء الشواطئ الصخرية التي لا يمكن السباحة بها مثل شاطئ الدراسات، وشاطئ رأس ابن هاني، الذي يُقسم إلى قسمين صخري ورملي، إلا أن الرملي تم استثماره أيضاً، وشاطئ برج إسلام الصخري، الذي تصعب السباحة فيه على الأطفال.

من جانب آخر لفت مسؤول لجان التنسيق المحلية في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إلى أن مجلس المحافظة يتقصد عمدا إهمال نظافة الشواطئ المفتوحة، لإجبار الأهالي على التوجه للمأجورة، موضحاً: "شاطئ وادي قنديل، المجاني بات عبارة عن جبل من القمامة المتراكمة فوق بعضها، إذا أردت أن تجلس على الشاطئ، عليك أن تنظف على الأقل مكاناً لتجلس بعيداً عن الأوساخ، وهذا حال جميع الشواطئ التي لم يتم استثمارها.. الرسالة واضحة ادفع لتسبح".

100 موقع جديد للاستثمار

ورغم أن حكومة النظام لم تترك خلال السنوات الأخرى موقعا إلا خصصته للاستثمار سواء الشواطئ أو الكورنيش البحري الذي بات لايرى من كثرة الكافيهات والمطاعم وعربات الأطعمة إلا أنها أعلنت في 14 حزيران الجاري عن إجراء مزايدة علنية جديدة لاستثمار المزيد من المواقع والأملاك البحرية العامة على الساحل السوري "استثمار موسمي ودائم".

وقال مدير عام الموانئ في سوريا سامر قبرصلي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام النظام إن عدد المواقع المطروحة للاستثمار الموسمي للموسم الحالي 104 مواقع على امتداد الساحل السوري في اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس.

وأوضح أن هناك نوعين من الاستثمارات الأول استثمار موسمي يبدأ من تاريخ المزاد وحتى نهاية تشرين الأول المقبل والخدمات التي تقدمها الجهات المستثمرة تشمل خدمات لرواد الشاطئ "خيم ومظلات وغيرها"، حيث تكون القطاعات المعروضة للاستثمار لا تزيد على 20 بالمئة من طول الشاطئ، والباقي شاطئ شعبي مفتوح.

ورغم وعود حكومة النظام بالإبقاء على أماكن للسباحة الشعبية إلا أن مصادر محلية تواصل معها موقع تلفزيون سوريا أكدت أن هذا الأمر مجرد "أكاذيب" ودعاية إعلامية، مشيرة أن خفض الأسعار أفضل من ترك الفقراء للشواطئ الصخرية المليئة بالقمامة.

أسعار الشاليهات خارج الإمكانيات

في جولة على أسعار الشاليهات للمبيت فيها والتي كان يقصدها باقي سكان المحافظات بشكل عام تراوحت الأسعار هذا الموسم بحدها الأدنى بين 15 ألف و30 ألف ليرة لليلة الواحدة بحسب قربها أو بعدها عن البحر.

اعتاد إبراهيم وهو من سكان مدينة حمص التوجه مرة أو اثنتين مع عائلته على الأقل لشاليهات أم الطيور التي تتمتع بجمال طبيعتها الخلاب، إلا أن هذا العام لن يكون بوسعه قضاء إجازة الصيف مع هذا الأسعار كما يؤكد.

ويوضح الرجل الأربعيني وهو مهندس أن قضاء يومين على البحر بات يتطلب مبلغا يفوق راتبه الشهري، مضيفاً: "فيما سبق كنت أدخر لهذه الرحلة السنوية جزءا من راتبي، أما الآن فالحال تغير وحتى أسعار الشاليهات ارتفعت كثيرا ولم يعد بوسعنا مجاراتها".

من جانب آخر وصف المحامي عزيز موسى المنحدر من اللاذقية والمقيم في مدينة أنطاكيا التركية ماتقوم به حكومة النظام من استثمارات للشواطئ والمساحات البحرية على طول "الكورنيش البحري" بأنه "سرقة لجيوب المواطنين دون أي خدمات".

وأضاف:" نعم في جميع أنحاد العالم تؤجر الدولة بعض الأماكن لتقديم خدمات بجودة ممتازة، لكن ما تقوم به حكومة النظام هو بيع كل شيء فكيف يعقل أن تكون نسبة 90 بالمئة من الشواطئ مستثمرة ولا يترك مكان للفقراء ويحرمون من أبسط حقوقهم؟.

واستطرد بالقول: "على كورنيش اللاذقية بالكاد يستيطع الزائر رؤية البحر من كثرة القهاوي والكافيهات، حتى الأمتار القليلة التي تفصل بينها رخصوا لباعة بسطات هل هذا الأمر يعقل؟.

وتساءل في ختام حديثه أين تذهب عوائد الاستثمارات والملايين هذه إذا كانت الكهرباء والماء وهي أبسط حاجات المواطنين غير متوفرة.