icon
التغطية الحية

"كلّية بجامعة إدلب الحرة".. مشروع تخرج من الطراز الرفيع لطالب سوري في تركيا |صور

2024.06.15 | 05:57 دمشق

55
مشروع تخرج من الطراز الرفيع لطالب سوري بتركيا - تلفزيون سوريا
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

على مرّ السنوات الماضية، برزت قصص إلهام ونجاحات نوعية، تؤكد على قدرة السوريين في بلاد المهجر على تحقيق النجاح والإنجازات حتى في أصعب الظروف، وفي محطة جديدة من الإبداع، حصد الطالب الجامعي السوري محمد الحاج حميد التقييم الأعلى بمشروع تخرّج فريد من نوعه، من كلية الهندسة المعمارية في جامعة دوزجة التركية.

بالرغم من كل التحديات والمصاعب التي اعترضت طريق "محمد" خلال رحلته التعليمية، كما هو حال معظم السوريين الذين اضطروا للهجرة من بلادهم، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمته وطموحه، فقد صمم في مشروع التخرج مبنى لكلية الهندسة المعمارية في "جامعة إدلب الحرة"، معبراً بذلك عن آماله بأن يتحول هذا التصميم الطموح إلى واقع ملموس في المستقبل.

ولعل ما يزيد قصة "محمد" إثارة للإعجاب هو أن الشاب لم يكتف بتصميم هذا المبنى فحسب، بل كان صموده وإصراره على تحقيق هدفه ملازماً له طوال مساره الدراسي، مقتدياً بمشوار الثورة السورية الراسخ في وجدانه بحلوّه ومرّه، ليتجلى ذلك في روح الإبداع والابتكار التي ميزّت تصميمه.

قصة إبداع جديدة

قبل أيام ناقش الطالب محمد الحاج حميد، مشروع التخرج في كلية الهندسة المعمارية بجامعة دوزجة التركية، ليحصد بذلك مشروعه أعلى تقييم بين طلاب دفعته.

الطالب محمد الحاج حميد، ينحدر من مدينة الميادين بريف محافظة دير الزور شرقي سوريا، من مواليد 1997، وقد تخرّج هذا العام من جامعة دوزجة - فرع الهندسة المعمارية، بعد رحلة لجوء في تركيا بدأت مطلع عام 2019.

وقال "الحاج حميد"، إنّ مشروع التخرج تمثّل بتصميم كلية تضم أفرع كلية مفترضة للهندسة المعمارية، مع هندسة التصميم الداخلي والمناظر الطبيعية، وتخطيط المدن.

وأضاف في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "بدأ المشروع باختياري أنا وزميلين لي، وكانت الفكرة من زميلي أحمد حمادة الذي اقترح علينا أرضاً كان مخططاً لها أن تُبنى عليها جامعة إدلب قبل اندلاع الثورة، وأُنجز منها كلية الطب ومشفى الجامعة فقط، ولكن بسبب ظروف الحرب لم يُستكمل البناء فيها".

كانت بداية فكرة التصميم لأرض في سوريا دافعاً كبيراً لمحمد وزملاءه، قائلاً: "لم أتردد بقبول الفكرة، فما أجمل أن يكون مشروع تخرجي هو تصميم كلية لنفس فرعي الذي أدرس، في بلدي الذي أحب، فأينما توجهنا وذهبنا كسوريين كانت قلوبنا وستبقى معلّقة ببلدنا، وحلمنا الذي نعيش ونسعى له هو أن نراها محرّرة، ونعيد إعمارها مثلما أراد الله لها أن تكون، وكلّي أملٌ بمساعدة أبناء بلدي بذلك، بدءاً من المناطق المحررة، وكان ذلك بتصميم كلية هندسة معمارية تؤسس جيلاً من المعماريين يساهم في حركة إعمار البلاد من جديد".

مفهوم المشروع

يقول محمد: "باشرت في المشروع عبر الخطوات التي يبدأ بها تصميم أي مشروع معماري، بداية بالتحليلات التي شملت تحليل الأرض، المحيط، المناخ والرياح، بالإضافة لتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر، وكان أبرز ما خلصت له من تلك التحاليل هي المشاكل الرئيسية، متمثلة بالطقس الجاف عموماً والحار صيفاً، والصعوبات المالية وقلة المساحات الخضراء حول الأرض".
 

كذلك كان مفهوم الفكرة الرئيسي متعلقاً بالثورة السورية، حيث أطلق الطالب عليه مسمى "ولادة جديدة" وهو نتاج التسلسل الآتي (ثورة - حرية - دمار - إعادة إعمار - جيل وفكر جديد - تعليم - هندسة العمارة)، أما عن نقطة الخروج، فبالنظر إلى مخطط الجامعة المُفترض وبعد تخصيص أرض للمشروع (كلية العمارة وتوابعها) من المخطط الكلّي "أردت أن تكون أشكال الكتل التي سيتم تصميمها متسقة مع نظيراتها في كتل الكليّات المجاورة المخطط لها استناداً على مبدأ الانسجام المعماري لتتشكّل لدينا لوحة تمثّل التكامل والاندماج للجيل الجديد (كتل كلية العمارة) مع الأجيال السابقة (كتل الكليّات المجاورة)".

أما عن تشكّل الكتلة الهندسية، فباعتبار أن أشكال الكتل المجاورة يعود أصلها إلى شكل هندسي رباعي الأضلاع واستناداً لما سبق، أضاف الطالب: "بدأت التشكيل من رباعي الأضلاع وباستخدام مبدأ الحذف والإضافة استخرجت شكلين رباعيي الأضلاع، بالإضافة إلى الشكل الرئيسي، وبعدها أجريت بعض التعديلات آخذاً بعين الاعتبار البرنامج الوظيفي وقائمة الاحتياج، إذ طورت من أشكال الكتل وأضفت كتلتين أخريين لجانبهم".

مميزات المشروع

يتألف المشروع من 6 كتل، الكتلة الأكبر تتألف من 3 طوابق وتضم فرع العمارة وتتحد مع كتلة بجانبها ذات أربعة طوابق ابتداءاً من الطابق الأول والذي يضم بدوره المطعم والمقهى والمكتبة، يليهما كتلة ذات فناء تضم فرع التصميم الداخلي بطابقين، وكتلة طويلة بنفس عدد الطوابق تضم فرعي هندسة المناظر الطبيعية وهندسة تخطيط المدن، ثم كتلة تضم قاعة المحاضرات والمؤتمرات تتألف من طابق أرضي فقط وعلى جانبها كتلة تضم القسم الإداري، تتألف من أربعة طوابق.

وتحتوي كتل الأفرع الدراسية على معارض وقاعات ومدرجات دراسية وصالات مراسم ومختبرات وورشات عمل وقرطاسية ومكتبة دراسية ومقهى ومطعم وبوفيه، وتحتوي الكتلة الإدارية على مكاتب العميد ورؤساء الأفرع وأعضاء الهيئة التدريسية ومكاتب الأبحاث وقاعات الاجتماعات.

وهناك مدخلان للأرض، عند كل مدخل موقف سيارات، يتسعان معاً لـ 60 سيارة، وأفاد محمد بالقول: "أردت خلق فناء كمساحة مفتوحة في المركز يتوسط الكتل الرئيسية ويحتوي على أماكن للجلوس، واستخدمت الخرسانة المسلحة كنظام بناء لكل الكتل عدا كتلة قاعة المحاضرات التي استخدمت لها نظام الهيكل الفولاذي، مع استخدام جدران إسمنتية عازلة للحرارة والبرودة".

وكان اعتماد تصميم الواجهات الخارجية لكتل الأفرع الدراسية مزيجاً بين الماضي والحاضر، مستخدماً نظام الواجهات الشبكية بكاسرات شمسية خشبية تغطي النوافذ الزجاجية لتخفيف أشعة الشمس، ولتوفير الطاقة المستخدمة داخل الأبنية، كما "استخدمت ألواح كاسرات شمسية خشبية يتخللها واجهات زجاجية لكتلة القسم الإداري، وقمت بالإكثار من المسطحات المائية لتوفير الرطوبة وتخفيف الجفاف، وكذلك زيادة المساحات الخضراء للمساهمة بتحسين حالة المناخ، وأيضاً بسبب قلّتها في محيط الأرض".

نتيجة التقييم

وتابع محمد قائلاً: "كانت لجنة التقييم مؤلفة من خمسة دكاترة، وكان مشروعي هو الأقل انتقاداً بين الطلاب من قبل اللجنة، أُعجبوا بفكرة المشروع وتوزيع الكتل والحل الوظيفي للمساقط الأفقية وبطرق حل المشاكل المستخلصة من التحاليل، لكن النقد الوحيد للمشروع تمثل بنمط الواجهة المستخدم للكتلة الإدارية، على اعتبار أن تصميمه يختلف عن أقرانه من بقية الكتل".

وفي ختام حديثه، وجّه محمد شكراً خاصاً لصديقه أنس الشيخ نايف، الذي كان له دور كبير في نجاح المشروع وبالذات في موضوع الكتل وواجهاتها، مضيفاً أن أنس هو شاب موهوب يدرس هندسة العمارة بالسنة الثالثة في الجامعة الدولية للعلوم والنهضة في مدينة اعزاز شمالي حلب، متمنياً له وللطلبة السوريين الموهوبين في الشمال السوري أن تتاح لهم فرص استكمال دراستهم في تركيا أو غيرها من دول العالم، خاصة أن معظمهم يعاني من مشكلة عدم الاعتراف بالشهادات الدراسية التي يحصلون عليها، والتي تقف عائقاً بين مئات الطلاب وأحلامهم بالعمل والتميز ضمن مجالات اختصاصهم.