" قيصر" يخلط الأوراق في سوريا ومشروع إيران على المحك

2020.07.02 | 00:11 دمشق

mylyshyat_ayranyt.jpg
+A
حجم الخط
-A

تشكل الضربة التي وجهتها الطائرات الإسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا الأسبوع الفائت، تحولاً نوعياً في مسار الصراع لتحجيم النفوذ الإيراني على الجغرافيا السورية.

مجموعة أهداف في مناطق مختلفة بعيدة عن الجنوب أو الحزام الآمن الذي كان يطالب به الإسرائيلي. وقد تطورت الضربات لتصل إلى الشمال السوري والشرق على الحدود السورية العراقية. تأتي الضربات بعد تفجير حصل في أحد المواقع العسكرية النووية الإيرانية والتي ترجح المعلومات أنه فُجّّر سيبرانياً.

تتصاعد رحى المعارك، وما سينجم عنها من نتائج سياسية، تنعكس على سوريا ولبنان معاً. وهنا توتر إيران وحلفائها أصبح مشهوداً في الساحتين، في ظل دراسة تبعات ما قد يحصل في المرحلة المقبلة.

لن تكون معركة إخراج إيران من سوريا مسألة سهلة. أمامها صعوبات ومعارك كثيرة. لن تتنازل إيران عن نفوذها بعد الكمّ الهائل من الخسائر التي تكبدتها. لا يمكن ضرب مشروع إيران الإمبراطوري إلا في سوريا، التي تشكل النقطة الاستراتيجية لأي مشروع توسعي أو تأثير إيراني في المنطقة. استفادت إيران منذ العام 2001 إلى اليوم من الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، فعزز الإيرانيون سطوتهم على العراق، سوريا ولبنان. كانت حقبة محاربة الإرهاب مجالاً لتحجيم النفوذ السني في المنطقة. اليوم حان وقت حقبة تحجيم النفوذ الشيعي الذي تمثله إيران.

لقانون قيصر تداعيات لا تنحصر في الشق المالي والاقتصادي فقط إنما سيكون لها الأثر السياسي والجيوسياسي على واقع المنطقة ككل

لقانون قيصر تداعيات لا تنحصر في الشق المالي والاقتصادي فقط إنما سيكون لها الأثر السياسي والجيوسياسي على واقع المنطقة ككل، خصوصاً أنه سيدفع روسيا إلى البحث عن مهرب من تداعيات هذا القانون عليها بتدفيع إيران والنظام في سوريا ثمنها بتقديم تنازلات كبيرة. كل ذلك سيؤدي إلى نوع آخر من المفاوضات الروسية الأميركية يختلف عن ثابتة أساسية، وهي تأمين أمن إسرائيل وحمايتها والسماح لها بشن الغارات واستهداف المواقع الإيرانية التي تريدها في سوريا. إنما البحث عن طريق جدي لتطويق إيران وتحجيم نفوذها في سوريا ولبنان معاً، من خلال قطع طريق إمدادها الاستراتيجي الذي يربط الأراضي الإيرانية بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان. روسيا في المقابل، تسعى للسيطرة على معظم المناطق الغنية في سوريا، وهي لا تريد شريكاً فيها، ستصب اهتمامها على السيطرة على حقول الفوسفات والنفط في الوسط السوري، وانتداب أوصياء على كل منطقة أو محافظة في سوريا، كما تفعل في درعا، والسويداء، ستفعل في البادية وحمص. وهؤلاء سيكون لهم ارتباط مباشر بالمندوب السامي الجديد الذي عينه فلاديمير بوتين ممثلاً له في سوريا.

إلى جانب زيادة منسوب الضربات الجوية على أهداف ومواقع إيرانية في سوريا، فإن روسيا ستزيد من منسوب تحركاتها السياسية والعسكرية على الأرض، ليس من خلال التفاوض مع رموز من المعارضة وشرائح اجتماعية مختلفة بحثاً عن بلورة للمرحلة الانتقالية. لن يقف الوجود العسكري الروسي عند الحدود التي لها حالياً، جزء كبير من المفاوضات الروسية الأميركية يتركز على تطويق إيران أكثر في سوريا، وصولاً إلى الحدود اللبنانية السورية، وسط معلومات تتحدث عن استعداد روسي للسيطرة على مدينة القصير المعقل الأساسي لحزب الله وكمعبر رئيسي واستراتيجي يربط المناطق والمحافظات السورية بعضها ببعض. هذا المسار سيكون له انعكاسات وتداعيات كبيرة على الوضع في البلدين.

إيران التي تجد نفسها محرجة ومحشورة، تبحث عن إجهاض أي محاولة من هذا النوع، ولو كلف ذلك خوض معارك عسكرية أو استخدام مجموعات مسلحة تابعة لها لاستهداف أي تقدم باتجاه هذه المناطق. ستحمل الأشهر التي تفصل عن الانتخابات الرئاسية السورية، أيام ستكون حبلى بمفاجآت كثيرة.