- القانون التركي يجرم العنصرية والتمييز على أساس العرق أو الجنس أو المعتقد أو اللون، ويشمل ذلك اللاجئين والمهاجرين والمواطنين الأتراك، إلا أنه لا يشير لهم بشكل صريح.
- يجب على اللاجئين الذين يتعرضون لمواقف عنصرية اتباع عدة خطوات لضمان حقوقهم، بما في ذلك تسجيل الحادث والاحتفاظ بالأدلة والتوجه إلى مركز الشرطة أو النيابة.
- توفر الحكومة التركية خدمات المساعدة القانونية للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المحاماة، بما في ذلك اللاجئون ذوو الحالات الحساسة.
- تشهد تركيا تصاعداً في الانتهاكات العنصرية بحق اللاجئين السوريين والعرب بشكل عام، نتيجة حملات التحريض المستمرة على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
تستمر التجاوزات بحق اللاجئين السوريين من قبل المواطنين في بعض الولايات التركية، ويتهم البعض الحكومة بالتراخي في محاسبة المعتدين العنصريين، في الوقت الذي تتصاعد فيه المطالب بوضع قوانين صارمة تجرم هذه الأفعال لمنع تكرارها ومحاسبة العنصريين.
ويرى البعض الآخر أن القانون التركي يجرم العنصرية والتمييز والاعتداءات المبنية على العرق أو الجنس أو المعتقد أو اللون، إلا أن الحكومة لا تطبق هذه القوانين بالشكل المطلوب، ويتهمونها بغض الطرف لأسباب تتعلق بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة، والانتخابات المحلية المقبلة، وتأثيرات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وفي ظل هذه النقاشات، يُطرح السؤال حول تضمن القانون التركي مواد تجرم فيه العنصرية بشكل واضح، وهل تحمي هذه القوانين حقوق اللاجئين والأجانب في البلاد، أم أنه يشمل المواطنين الأتراك دوناً عن باقي الأجانب المقيمين في تركيا.
هل يجرم القانون العنصرية؟
يقول المحامي، أوميت كودباي، عضو مجلس إدارة جمعية "Özgür Der" التركية، في حديث له مع موقع تلفزيون سوريا، بأن المادة 122 من قانون العقوبات التركي تنظم جريمة "الكراهية والتمييز" التي تنشأ عن اللغة أو العرق أو القومية أو اللون أو الجنس أو الإعاقة أو الفكر السياسي أو الاعتقاد الفلسفي أو الدين أو المذهب.
وأشار أيضاً إلى المادة 216 من قانون العقوبات التركي الذي ينظم جريمة "التحريض على الكراهية وتحقير الجمهور"، والذي ينص على أن "أي شخص يحرض علانية على كراهية وعداء ضد فئة من الجمهور بسبب خصائصهم الاجتماعية أو العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الجغرافية، يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين عام وثلاث سنوات".
ويشير قانون العقوبات أيضاً إلى أن "أي شخص يستهزئ علانية بفئة من الجمهور بسبب خصائصهم الاجتماعية أو العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الجنسية أو الجغرافية، يُعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنة واحدة".
ويضيف: "أي شخص يستهزئ علانية بالقيم الدينية التي يعتنقها فئة من الجمهور، عندما تكون هذه الجريمة تشكل تهديداً واضحاً للسلام العام، يُعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنة واحدة".
وأوضح موقع "Baran Doğan" المختص بالشؤون القانونية التركية، أنه على الرغم من أن القانون لم يميز بين المواطنين الأتراك والأجانب في تركيا، إلا أن القانون يعتمد على تعريف جرائم الكراهية والتمييز المعترف بها في الأدبيات والوثائق الدولية.
في #تركيا ..قوانين ضد العنصرية لا تنصف اللاجئين!
— تلفزيون سوريا (@syr_television) September 15, 2023
ماذا يفعل السوريون والعرب في حال تعرضهم لموقف عنصري أو اعتداء جسدي؟#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا @Samar_Abbud pic.twitter.com/6WXnSFuUNC
كيف يكون ذلك؟
بحسب تعريف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، فإن جريمة الكراهية هي أي جرم يُرتكب ضد أفراد أو ممتلكات مجموعة تشترك في العرق أو الجنسية أو الأصل القومي أو اللغة أو اللون أو الديانة أو الجنس أو العمر أو الإعاقة العقلية أو الجسدية أو التوجه الجنسي أو عوامل مماثلة أخرى، سواء كانت حقيقية أو مشوبة بالمشاعر.
وينص قانون المجلس الأوروبي الذي اعتمد في 1997 المختص بتحديد خطاب الكراهية على أنه "أي تعبير يروج، أو يشجع، أو يدعم، أو يبرر أي شكل من أشكال الكراهية المبنية على عدم التسامح، بما في ذلك العنصرية، وعداء الأجانب، ومعاداة السامية، والقومية العدوانية التي تعبر عنها العداء العرقي والعدمية والتمييز والعداء تجاه الأقليات والمهاجرين وأصحاب الأصول المهاجرة".
ولتحقيق جريمة الكراهية، يجب أن يكون الفاعل قد ارتكب الفعل المنصوص عليه في قانون الجريمة بسبب امتلاكه تحاملاً مسبقاً وعنصر الانتماء إلى الشخص أو الجماعة، إلا أن تنظيم قانون "جريمة الكراهية" لم يُنظم بهذا المعنى في القانون الجنائي التركي، ولم يتضمن معاداة الأجانب بشكل صريح كما في القوانين الأوروبية.
ما الذي يجب فعله عند التعرض لموقف عنصري؟
أوضح المحامي، "كودباي" أن القانون يحمي اللاجئين والمهاجرين والمواطنين الأتراك على حد سواء، إلا أنه يجب على الأفراد الذين يتعرضون لمواقف عنصرية اتباع عدة خطوات لضمان حقوقهم.
ويشير المحامي "كودباي" في حديث له إلى الموقع، إلى أنه في حال تعرض اللاجئين في تركيا لأي حالة عنصرية أو عدائية أو تمييز أو إساءة أو تهديد أو عنف جسدي أو نفسي، يجب عليهم - إذا كانوا قادرين - على اتباع عدة خطوات، وهي:
1- يجب عليهم تسجيل الحادث إذا كانوا قادرين على ذلك في أثناء وقوعه، ويجب الاحتفاظ بالأدلة المتاحة في مكان الحادث والحفاظ عليها.
2- إذا كان هناك شهود على الواقعة، فيجب أيضاً التواصل معهم، وفي حالة وجود العنف الجسدي، يجوز للشخص أن يدافع عن نفسه بما يكفي للحماية الشخصية، ومن ثم التوجه إلى أقرب مستشفى والحصول على تقرير طبي بالإصابة.
3- يتوجب على اللاجئ بعد ذلك الذهاب إلى مركز الشرطة أو النيابة وتقديم شكوى مع تقديم الأدلة التي جمعها، إذ يضمن القانون التركي لأي شخص تقديم دعوى بنفسه ومتابعتها أو أداء معاملات رسمية في الجهات الحكومية بنفسه، باستثناء بعض الترتيبات الخاصة المذكورة في القوانين.
وعند سؤاله حول القوانين التي تجرم العنصرية في البلاد، أفاد "كودباي" إلى أن المادة 3 من قانون مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة في تركيا رقم 6701 تنص على أن "كل فرد متساو في الاستفادة من الحقوق والحريات المعترف بها قانوناً".
وأضاف: "في إطار هذا القانون، يعتبر التمييز على أساس الجنس، العرق، اللون، اللغة، الديانة، العقيدة، الفلسفة، والرأي السياسي، والأصل القومي، والثروة، والميلاد، والحالة الزوجية، والحالة الصحية، والإعاقة، والعمر ممنوعاً".
وتابع: "في حالة انتهاك هذا الحظر، يتعين على الجهات الحكومية والهيئات المهنية ذات الصلاحية في القضية اتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء الانتهاك ومعالجة آثاره ومنع تكراره ومتابعته قانونياً وإدارياً".
هل يستفيد اللاجئون من خدمات المحاماة المجانية؟
أكد المحامي "كودباي" في حديثه إلى الموقع على أن الحكومة التركية توفر خدمات المساعدة القانونية للأشخاص الذين يحتاجون إلى خدمات المحاماة ولا يمكنهم تحمل تكاليفها ونفقات المحكمة، وذلك في حال اتفقت معايير الأهلية المحددة في التنظيمات المعنية.
وأشار إلى أن خدمات المساعدة القانونية في تركيا تقدم عبر النقابات، وتنفذ من خلال مكاتب المساعدة القانونية التابعة للنقابات أو فروع مكاتب المساعدة القانونية.
وأضاف: "يتم تأكيد في التشريعات ذات الصلة، بما في ذلك قانون الأجانب والحماية الدولية الرقم 6458 ولوائح الحماية المؤقتة وغيرها، أن اللاجئين الباحثين عن حماية في تركيا والأجانب ذوي الحالات الحساسة الأخرى يمكنهم الاستفادة من خدمات المساعدة القانونية".
وأوضح أنه من أجل الوصول إلى المساعدة القانونية، يتوجب على الفرد التوجه إلى هذه المكاتب وتقديم طلب بشكل شخص، وفي بعض الحالات يسمح لأفراد العائلات أو ممثلي المنظمات غير الحكومية، وذلك عند توفر الشروط اللازمة لذلك.
وأشار "كودباي" إلى أن خدمات المساعدة القانونية في تركيا تشمل أيضاً قضايا تتعلق بتشريعات الهجرة، بما في ذلك رفض أو إلغاء طلب اللجوء الدولي، قرارات الترحيل، ورفض أو إلغاء تصريح الإقامة الإداري: "بعض النقابات تقدم أيضاً دعماً ومساعدة قانونية في قضايا خارج المحكمة".
ما شروط الحصول على خدمات المساعدة القانونية؟
وتشترط النقابات التركية على الراغبين في الاستفادة من خدمات المساعدة القانونية، تقديم أوراق تثبت حالة الفقر أو العجز عن تحمل تكاليف المحاماة، وذلك عبر تقييم الوضع المالي أولاً، أو استخراج شهادة فقر تصدر من السلطات المحلية.
وبحسب "كودباي" وتقيم النقابة فيما بعد مشروعية طلب المساعدة، وفي حال توفر هذه الشروط، يقبل طلب المساعدة القانونية، ويحق لمقدم الطلب الاستفادة خدمة المحاماة المجانية، والترافع عن مقدم الطلب.
وكشف المحامي أنه "فيما يتعلق بجرائم الاعتداء الجنسي التي تحمل عقوبة السجن لمدة خمس سنوات أو أكثر، إذا كنت ضحية أو مشتكياً، يمكنك طلب تعيين محامٍ مجاني لك من خلال النقابة بموجب قانون إجراءات المحكمة الجنائية".
وأضاف: "بموجب القوانين التركية، يتم تعيين ممثل قانوني مجاني للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة أو الذين يعانون من الصمم أو البكم أو العجز الذي يمنعهم من التعبير عن رغباتهم عندما لا يكون لديهم محام".
العنصرية في تركيا
وشهدت الآونة الأخيرة، تصاعداً في النتهاكات العنصرية بحق اللاجئين السوريين بشكل خاص والعرب بشكل عام في تركيا، نتيجة حملات التحريض المستمرة على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ضد السوريين وطردهم من البلاد، بالإضافة إلى مطالبات بوقف السياحة وعدم استقبال السياح العرب، والتي ردها محللون لتدهور الأوضاع الاقتصادية والتضخم، فيما رأى آخرون أن أسبابها تحمل طابعاً سياسياً.
وتؤدي هذه الحملات العنصرية إلى وقوع العديد من حوادث الاعتداء، سواء تجاه اللاجئين السوريين أو حتى السياح القادمين من دول عربية، وبات لا يمر يوم دون أن ينتشر خبر عن حادثة جديدة.
ويتعرض اللاجئون السوريون لاعتداءات جسدية في الطرقات ووسائل النقل العامة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى إصابات خطيرة وحتى الوفاة.
وفي بعض الحالات يتعرض السوريون للمضايقات والانتهاكات والاعتداءات، ونتيجة لكونهم سوريين باعتبارهم الحلقة الأضعف، غالباً ما يتم تزوير الحقائق أو قلبها، مثل حادثة الطفل السوري قبل عدة أيام الذي تعرض للطعن على يد طفل تركي، ونشرت وسائل الإعلام التركية ضمن حملة تحريض ممنهجة على اللاجئين السوريين الحادثة مع عكس الخبر.