icon
التغطية الحية

"قسد" و"المؤقتة".. متى يلتحق الشمال بخريطة الدولة السورية الجديدة؟

2025.01.05 | 17:39 دمشق

الشيخ مقصود بحلب
أعلام "YPG" في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- تواجه حكومة تصريف الأعمال السورية تحديات في الشمال السوري، حيث تتقاسم السيطرة قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية المؤقتة. تسعى الحكومة المؤقتة لإنهاء وجود قسد وتجنب المواجهة العسكرية المباشرة معها.

- تواصل الحكومة المؤقتة عملها في مناطق العمليات التركية، مع زيادة رواتب الموظفين بنسبة 70%. تتوقع انتهاء عملها مع تشكيل حكومة انتقالية جديدة في 2025، بينما تستمر المفاوضات لإنهاء وجود قسد.

- تعتبر قسد معضلة كبيرة، حيث ترفض التنازل عن مطالبها بالحفاظ على قوتها. تعمل على تعزيز وجودها عبر الدعاية الدينية والمفاوضات مع دمشق.

تنتظر حكومة تصريف الأعمال السورية تحديات صعبة في مناطق الشمال السوري، والتي تتقاسم السيطرة فيها "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد)، والحكومة السورية المؤقتة، فاستمرار عمل الأخيرة لا يؤشر على قرب موعد اندماجها أو حل نفسها لصالح حكومة تصريف الأعمال في دمشق.

ويبدو أن حكومة تصريف الأعمال تدرك مدى أهمية استمرار عمل "المؤقتة" لمرحلة ما، فوجودها يفترض أنّه مرتبط بمسألة التوصل إلى حل يلغي وجود "قسد" بالشكل الذي ينهي مخاوف تركيا، ويسمح للإدارة السورية الجديدة بسط سيطرتها على كامل تراب الدولة.

وفي ظل توزع القوى الجديد بالجغرافيا السورية التي باتت تتقاسمها ثلاث جهات بدلاً من أربع، بعد سقوط النظام السوري السابق، تراقب الإدارة السورية الجديدة التطورات في الشمال، وتتحاشى في الوقت ذاته المواجهة العسكرية المباشرة مع "قسد" داخل حلب وفي مناطق ريفها الجنوبي الشرقي التي تتداخل فيها السيطرة بين الطرفين.

ويبدو أنّ "قسد" التي تتعرّض للضغط وخطر استئناف المعارك نحو عين العرب (كوباني) شمال شرقي حلب، سارعت إلى فتح قناة اتصال مباشرة مع الإدارة في دمشق، عبر زيارة وفدٍ يمثل قيادتها، وفق تقارير إخبارية.

"المؤقتة تواصل عملها"

يواصل وزراء الحكومة السورية المؤقتة أعمالهم في مناطق العمليات العسكرية التركية (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام) شمالي سوريا، كما تولّت جانباً من عمليات الإنعاش وتفعيل الخدمات في منطقة منبج التي سيطرت عليها فصائل الجيش الوطني شرقي حلب.

وشهدت مناطق نفوذ "المؤقتة"، خلال اليومين الماضيين، زيادة في رواتب الموظفين، والتي شملت مختلف قطاعات العمل المدني والعسكري والأمني، وكانت الزيادة بنسبة 70% تقريباً.

وفي نهاية اجتماع للحكومة المؤقتة بريف حلب، خلال الأسبوع الأخير من العام 2024، جاء في بيانها: "يؤكّد مجلس الوزراء أن الحكومة السورية المؤقتة هي مرحلة انتقالية أُنشئت خصيصاً لإدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام خلال مرحلة الثورة السورية المباركة".

وتابعت: "يجدّد مجلس الوزراء التزامه الكامل بسوريا الموحدة وإدارة مستقبلها في إطار حكومي جامع، مع دعم جهود تشكيل حكومة وطنية شاملة تمثل كل أطياف الشعب السوري، كما يعرب عن استعداده التام لتسليم كل الملفات والمسؤوليات للجهات التي سيتم تكليفها بذلك".

وقال وزير المالية في الحكومة المؤقتة، عبد الحكيم المصري لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "استمرار عمل الحكومة المؤقتة في الشمال لن يدوم طويلاً، ربما سيستمر لأشهر قليلة وسينتهي عملها، ريثما تنتهي بعض المشاريع التي بدأ تنفيذها قبل مدة في المناطق التي تديرها، بالإضافة إلى بعض الترتيبات والمهام التي يجب انهائها قبل إيقاف العمل".

وبحسب المصري، فإنّ "المؤقتة تدعم حكومة تصريف الأعمال في دمشق وهي على توافق معها، وستكون جاهزة لإنهاء عملها تقريباً مع نهاية أعمال حكومة تصريف الأعمال، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة في الشهر الثالث من العام المقبل 2025".

وحول المواجهات مع "قسد"، أكّد "المصري" أنّ "اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين مستمر حتى الآن، وهناك مفاوضات تجري لإيجاد حل ينهي وجودها".

ومع بداية العام الجديد 2025، تداولت الأوساط الشعبية في مناطق عمليات (درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام) معلومات تتحدث عن انتهاء أعمال المجالس المحلية، وتبعية المناطق بشكل كلي إلى مجالس المحافظات، وانتهاء أعمال المنسقين الأتراك، وهي معلومات ما تزال غير مؤكدة.

وقد أفاد مصادر مطلعة لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّ "المجالس المحلية ما تزال تمارس أعمالها الخدمية، وجميع مكاتبها بما فيها مكاتب التعليم والأوقاف وغيرها مستمرة بالعمل، لكن لا أحد يعرف متى بالضبط سيُعلن عن إيقاف العمل وإلحاق المناطق المذكورة بمجالس المحافظات التي تتبع لها، لتتشكّل مجالس جديدة تُدار محلياً بعيداً عن الإشراف التركي المباشر".

وأشارت المصادر إلى أنّه يتعذر في الوقت الحالي إيقاف عمل المجالس ومكاتبها، فمثلاً مديريات التربية والتعليم التي تشرف على عمل المدارس بنظام دراسي معين لا يمكن أن تتوقف ولم تكتمل السنة الدراسية بعد، سيتضرر آلاف الطلاب، كذلك الحال بالنسبة للعديد من المديريات التي تستمر في تقديم خدماتها وتحتاج للمزيد من الوقت لإنهاء مشاريعها والانتهاء من مشروعاتها الخدمية.

"معضلة قسد"

قالت مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "بقاء الحكومة المؤقتة في الشمال ضروري في المرحلة الراهنة لحل مسألة وجود قسد، ففي حال لم تقدم الأخيرة تنازلات مرضية ولم تتجاوب مع مطالب الإدارة السورية سيكون الخيار العسكري هو المتاح لتوحيد الخريطة السورية، وهنا تبرز أهمية الحفاظ على هيكلية فصائل الجيش الوطني ضمن (غرفة عمليات فجر الحرية) كعصا يتم التلويح بها للضغط على قسد وإجبارها على الرضوخ، أو استخدامها لضم مناطق شمال شرقي سوريا".

وتزعم "قسد" أنها منفتحة على إدارة العمليات العسكرية ويلمّح مسؤولوها بشكل متكرر استعدادهم للقاء المسؤولين في دمشق، وحفاظهم على وحدة سوريا واستعداد قواتهم للانخراط في صفوف الجيش الجديد، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول مطلع أنّ "أحمد الشرع أجرى محادثات مع وفد من قيادات قسد، وكانت المحادثات إيجابية".

وبحسب المصدر، فإنّ "الاجتماع كان لقاءً تمهيدياً لوضع أساس للحوار المستقبلي"، مردفاً: "تم الاتفاق على مواصلة اللقاءات للوصول لتفاهمات مستقبلية، وأنّه سيكون هناك لقاءات أُخرى، مع تكثيف الحوارات والاجتماعات في المستقبل".

بسام إسحاق -رئيس ممثلية مجلس "مسد" في واشنطن- قال خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "الشرق الأوسط"، إنّ "الاجتماعات التي عقدتها القيادة العامة لـ قسد، مع الإدارة السورية الجديدة في دمشق، تناولت الأمور العسكرية فقط وبحثت آلية التنسيق والقضايا المشتركة".

وأوضح الباحث رشيد حوراني لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّه من المتوقّع أن تجد حكومة تصريف الأعمال السورية معوقات في التعاطي مع "قسد"، كون الأخيرة لا تبدي مرونة في التراجع عن مطالبها المتمثلة بالحفاظ على قوتها وهيكليتها العسكرية ضمن أي جيش يُشكل للبلاد، إضافة الى اللامركزية التي تصل إلى حد اللامركزية السياسية، وهو ما رفض النظام قبل سقوطه منحه لها، وترفضه حكومة دمشق حالياً.

ويرى "حوراني" أنّ "قسد لا تقرأ بشكل جيد التطورات الجديدة على الساحة السورية التي منحت حكومة الشرع اعترافاً إلى حد ما، وفي المقابل تعمل حكومة دمشق على تفتيت قسد بالتدريج، إذ تلوّح بالعمل العسكري وتفتح باب المفاوضات، وهو ما سيؤدي الى تفكك قسد، كما صار إليه حال النظام السوري السابق".

تقوية الجبهة الداخلية

تروّج "قسد" لتمركز أعداد إضافية لقوات التحالف في عين العرب (كوباني)، التي من المفترض أنها أنشأت فيها قاعدة عسكرية لمنع وقوع معركة قد تشنها فصائل غرفة عمليات "فجر الحرية" تستهدف المنطقة، وهو ما تنفيه مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا.

وتؤكّد المصادر أن النقطة العسكرية لقوات التحالف متواضعة ومؤقتة، ويمكنها الانسحاب في أي لحظة، ويبدو أن تضخيم الوجود العسكري للتحالف محاولة من "قسد" لنشر الطمأنينة في الأوساط الموالية لها وعموم الناس في مناطق سيطرتها، وكذلك يهدف إلى كسب المزيد من الوقت لتحصيل مكاسب سياسية معينة من التفاوض الذي فتح مؤخراً مع دمشق.

كذلك، تعمل "قسد" على تقوية دعايتها بالخطاب الديني أيضاً، مستفيدة من جولة أجراها مشايخ دين، بينهم (الشيخ مرشد معشوق الخزنوي)، وهو أحد مشايخ الطريقة الخزنوية في الحسكة.

الشيخ مرشد الخزنوي ومظلوم عبدي في الحسكة
مرشد الخزنوي ومظلوم عبدي في الحسكة

وجال "الخزنوي" على عدة مدن في محافظة الحسكة، وخطب بالناس وحرّض على أن يقف الجميع خلف "قسد" ويدعمها، ومن بين كلماته التي وجهها إلى الجماهير: "على دمشق أن تأتي لا نحن".