قانون لا يقترن بعقوبة

2022.01.14 | 05:15 دمشق

2021-07-02_18-23-29_483740-730x438.jpg
+A
حجم الخط
-A

يُعوّل كثير من المعارضين السوريين على القانون الذي وقّع عليه الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية كانون الأول الماضي لتفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2022، والذي تضمّن التحري عن ثروة الأسد وعائلته، على أن يقوم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بتقديم تقرير إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، حول صافي الثروة المقدرة ومصادر الدخل المعروفة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وأفراد أسرته وأشقائه وأبناء عمومته، بما في ذلك دخل عائلة الأسد من الأنشطة الفاسدة أو غير المشروعة، على أن يُقدَّم التقرير في موعد لا يتجاوز 120 يوماً من تاريخ سنّه، أي في نهاية آذار المقبل.

من حيث المبدأ، يبدو تعويل المعارضة السورية على هذا القرار الأميركي أمرا عبثيا لعدة أسباب، أولها أنه من غير الواضح ما هو تصرف الإدارة الأميركية بعد أن تتسلم هذا التقرير من وزارة الخارجية، وهل سيكون هناك تحرّك عملي مؤلم ضد هذه الأسرة، وهل ستُصادر ثرواتهم في بنوك العالم أو تُجمّد، أم أن هذا التقرير سيمرّ مرور الكرام، ويبقى في أدراج البيت الأبيض إلى أن تأتي اللحظة المناسبة للإدارة الأميركية لتستفيد منه بطريقتها ولصالحها.

يُخشى، كما قال أحد معارضي النظام السوري، أن يقول الأميركيون أنهم لم يجدوا لأسرة الأسد ممتلكات وثروات، وأنهم لا يملكون أي شيء بأسمائهم، ويُسجّلون كل ممتلكاتهم وعقاراتهم واستثماراتهم بأسماء أشخاص عاديين وثقة، يوقّعون على بياض لصالح المالك الحقيقي، وبالتالي لا يمكن قانونياً متابعة أموال النظام السوري.

ثاني الأسباب، أن الولايات المتحدة التي تراقب كل تحويلات بنوك العالم، وتعرف كل الشخصيات الاقتصادية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعائلة الأسد، وشركائهم وأغطيتهم المالية، وتعرف استخباراتها كل الصفقات الدولية المشبوهة، وتتابعها عن كثب، وبالتالي هي تعرف في الغالب الأعم كل التفاصيل حول ثروة أفراد هذه الأسرة حول العالم، وأين تختبئ ومن يديرها، فما هو جدوى الإعلان عن هذا التقرير الذي تعرف الإدارة الأميركية غالبية بنوده بشكل مسبق.

أما ثالث الأسباب التي توحي بأن تعويل المعارضة على هذا التقرير هو أمر عبثي، أن الولايات المتحدة حذّرت النظام السوري من أن يستخدم السلاح الكيماوي بعد أن سحبت ما تيسّر لها منه، وهددته بشدّة إن استعمله، لكن النظام عاد واستخدمه منذ ذلك التاريخ 216 مرة وفق مراصد حقوقية، أي غضّت الإدارة الأميركية الطرف 216 مرة عن انتهاكات النظام للتحذير الأميركي، وهذا يقود إلى استنتاج أن خطوط الولايات المتحدة الحمراء هي خطوط هشّة، وأن الإدارة الأميركية لا تفعل سوى التهديد اللفظي.

يُخشى، كما قال أحد معارضي النظام السوري، أن يقول الأميركيون أنهم لم يجدوا لأسرة الأسد ممتلكات وثروات، وأنهم لا يملكون أي شيء بأسمائهم، ويُسجّلون كل ممتلكاتهم وعقاراتهم واستثماراتهم بأسماء أشخاص عاديين وثقة، يوقّعون على بياض لصالح المالك الحقيقي، وبالتالي لا يمكن قانونياً متابعة أموال النظام السوري.

بدأ نهب سوريا منذ عقود، واحتكر أهل السلطة كل الاستثمارات والمشاريع المتوسطة والكبيرة، ومناقصات الدولة المهمة، وأُفقر الشعب السوري، وانقسم إلى شريحة صغيرة فاحشة الثراء، وواسعة مدقعة الفقر، ولاشك أن أحد أسباب تمسك النظام السوري بالسلطة هو الحرص على استمرار تدفّق الثروات اللامحدودة التي تُنهب من سوريا.

يُخشى أن يكون هدف القانون الأميركي إلهاء السوريين ما لم يقترن بفعل واضح وعقوبة قانونية تسمح بتحويل الأموال المنهوبة من قبل النظام إلى مساعدة السوريين المنكوبين، وتوظيفها لتطوير الإدارة في الدولة بعد التغيير السياسي، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وإعادة الإعمار، وتجفيف منابع إرهاب النظام، ودون ذلك، سيكون انتظار المعارضة السورية لنتائج التقرير الأميركي كمن ينتظر رداً على رسالة لم تُرسل.