icon
التغطية الحية

"في ممرّ الفئران" الواقع بريشة الخيال العلمي

2020.12.23 | 06:47 دمشق

438.jpg
القاهرة - سهير أومري
+A
حجم الخط
-A

إلى مصر مع (العرّاب) الراحل أحمد خالد توفيق، وآخر رواياته: "في ممر الفئران" التي طور بها واحدة من قصصه في سلسلة "ما وراء الطبيعة" وهي: "أسطورة أرض الظلام"، رواية تبحر فيها في بحار من السواد، تستنشق العتمة فتلفك وتحوط بك، حتى تكاد لتخنقك أحياناً، نيزك سيضرب الأرض، ونهاية العالم قادمة.. كيف ستواجه الأمر؟ كيف سيستسلم الناس للنهاية؟

تفاصيل وتفاصيل تضعك وجهاً لوجه مع لحظات الوداع لكل شيء، لحياتك، لعلاقاتك، لمالك، لأهلك، حتى لنفسك، ولكن..

يسقط النيزك فلا تكون النهاية، مايحدث أن الشمس تختفي، وتنعدم مصادر الطاقة، ويغدو العالم بلا نور، بلا نار، بلا كهرباء، بلا إنترنت، بلا وقود، كيف سيعيشون؟

هل ستكون النهاية؟ ستكون بلا شك، ولكن ببطء.

عشرون عامًا ستمضي والناس يعيشون عميانًا كالوطاويط.

رحلة خيالية سوداوية، لكنها غريبة ومهيبة في آن واحد، وخاصة إذا عرفت أن هناك من سيستأثر ببعض النور، ويحكم العالم، ويجعل الظلام فرضاً، فتصبح محاولة البحث عن النور أو إيجاده جريمة يعاقب عليها فاعلها بسلخ الجلد والإحراق بالأسيد دون محاكمة.

تسيطر فئة مستبدة على العالم ويفرضون قوانين الظلام، ويصبح العالم أشبه بــ "ممر للفئران"، عندها يقوم النوارنيون ليثوروا على الظلام لاسترجاع النور، واسترجاع حاسة البصر، وخصوصاً أن هناك جيلاً كاملاً يولد لا يعرف ما هو النور، وتغدو الألوان بالنسبة له خرافة، والأشكال أسطورة، وتختفي من اللغة عبارات مثل: "صباح الخير، ونهارك سعيد .

مع الشرقاوي، ورامي، وماهر، ونجوان، ومها، وفاتن، ومصطفى، وصبري يعيش القارئ تفاصيل عالم آخر، ينتقل خلاله إلى حياة أخرى فلا يدري هل هو فيها حي أم ميت؟

من أهم الأسئلة التي يطرحها القارئ على نفسه وهو يقلب صفحات الرواية: هل يمكن أن يأتي يوم نقول فيه صدق العراب؟ وخصوصاً أن بعض نبوءاته في العديد من قصصه صدقت، ومنها ما كان تاريخ وفاته ووقت جنازته!

 

 نهاية سوداوية تصدم القارئ على خلاف النهايات السعيدة، ولكننا لا نستغرب عندما نعلم أن العراب كتبها عام 2016م، بعد أن تبدى للجميع مستقبل الربيع العربي الذي أراد لنور الحرية أن يشق طريقه بين حجب الظلام، فلم يفلح حتى الآن على الأقل.

 

رحلة فنتازيّة سريالية تُصنَّف تحت نوع: (الخيال العلمي)، ولكنها مدمجة بعرض واقع الظلام الذي تعيشه أغلب الشعوب العربية تحت حكم الاستبداد، وكيف يتم تطويعها لتوقن أن ظلام الاستبداد أصل، ونور الحرية جريمة، الظلام قدر الله، وأي محاولة لإزاحته هو اعتراض على هذا القدر! تلك الفلسفة التي زرعها المستبدون في عقول الرعية مستعينين بعقائدهم الدينية.

 نهاية سوداوية تصدم القارئ على خلاف النهايات السعيدة، ولكننا لا نستغرب عندما نعلم أن العراب كتبها عام 2016م، بعد أن تبدى للجميع مستقبل الربيع العربي الذي أراد لنور الحرية أن يشق طريقه بين حجب الظلام، فلم يفلح حتى الآن على الأقل.

كثيرة هي العبارات التي تشد القارئ فيتوقف عندها ليضع تحتها خط، منها:

- طفل مشاكس هناك بين عظام الجمجمة يبلغك أنك انتصرت في المعارك الخطأ.

- أنت سعيد بأن كراتك تهز شباك المرمى برغم أن هذه مباراة شطرنج لا كرات فيها على الإطلاق!

 _الظلام ينعش الأحلام، والنور خادم البهجة

_السعداء فقط يخشون الموت، والمحظوظون فقط يخشون القبر...

_تاريخ البشرية هو حشد من الحماقة والمصائب، فقط يتطور العلم، وتطور العلم لا يمد يد العون للأخلاق، لكنه يجعل الشر أكثر براعة وتعقيداً

_أحيانا نسخر ممن يتوقعون منا الأفضل، ثم نكتشف أنهم كانوا على حق، وأننا أفضل مما تصورنا

 

من الجميل الاعتقاد أن حياتك ليست عبثية وأن نهايتك المريعة كانت وقودا للثورة، وأنه على الثرى المبلل بدمك سوف يمشي الأحرار نحو الغد والنور، كل هذا جميل ومنعش، المشكلة الوحيدة أنه غير صحيح.

 

_من السهل أن نتفلسف ونحن نجلس على الشط نبلل أقدامنا بمياه الغضب، لكن لا نجسر على السباحة

- الثائر الذي لم يُختبر يظل ثائراً

- عندما يصير ثلاثة أرباع الشعب ضدك، وقد آمنوا أن الطغيان أمر إلهي، وأنهم أسعد حالاً تحت سلطة أبوية غاشمة، عندها يصيرون متأهبين لرجمك.

_الظلم ينتصر دوما في النهاية، والنهايات السعيدة استنفدتها السينما، فلم يعد باقياً منها ما يكفي لعالم الواقع.

-من الجميل الاعتقاد أن حياتك ليست عبثية وأن نهايتك المريعة كانت وقودا للثورة، وأنه على الثرى المبلل بدمك سوف يمشي الأحرار نحو الغد والنور، كل هذا جميل ومنعش، المشكلة الوحيدة أنه غير صحيح.

_إن لم يتم توزيع الثراء فسيتوزع الفقر.

ما يؤخذ على الرواية كثرة السرد والرموز، ومحاولة إظهار الثقافة في دمج الأشعار والرموز الروائية الغربية في العبارات على نحو مبالغ فيه.

كلمات مفتاحية