icon
التغطية الحية

في ظل شتاء قارس.. مدارس إدلب بلا تدفئة!

2019.12.19 | 13:43 دمشق

مدرسة
إحدى المدارس في ريف إدلب (تلفزيون سوريا)
إدلب - تلفزيون سوريا - منيرة بالوش
+A
حجم الخط
-A

يحاول شادي ذو العشرة أعوام أن يلبس ما استطاع من الملابس الصوفية الثقيلة، مخبأً وجهه بوشاح سميك ليقيه البرد في طريقه للمدرسة كل صباح، بعدما أصبحت الملابس الصوفية وسيلته الوحيدة لتدفئة جسده، في صفه المدرسي والباحة كذلك.

بعدما انعدمت وسائل التدفئة في المدارس وظلت المدافئ عاطلة عن العمل هذا الشتاء.

يقضي شادي ورفاقه أكثر من خمس ساعات يومياً في المدرسة دون أي وسيلة تذكر لتدفئة غرفهم الصفية، مع أنه أكد لنا أن المدافئ موجودة منذ العام الماضي في زاوية الصف المدرسي، ولكن دون وقود!! 

تعاني المنطقة في الشمال السوري، من أزمة محروقات خانقة منذ بدء عملية نبع السلام، بسبب توقف استيراد الوقود من مناطق شرق الفرات مما أدى إلى نقص وصعوبة في الحصول على "الديزل" الذي هو عصب الحياة في المحافظة بما فيها المدارس والمشافي والمخابز وغيرها من المرافق العامة التي تصاب بحركة شلل تامة في حال انقطاع الوقود عنها.

ترافق ذلك مع ارتفاع جنوني بسعر صرف الدولار الذي تخطى حاجز الـ 900 ليرة سورية، وبذلك أثر على مختلف جوانب الحياة وخاصة المحروقات.

المدارس تعاني من انعدام الوقود اللازم لتشغيل المدافئ في الغرف الصفية والغرف الإدارية على حد سواء، هذا ما أكدته المعلمة "نجاح محمود" في حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا، أنها تقضي وقتاً طويلاً بصحبة طفلها الصغير الذي تضعه في غرفة خاصة بحضانة الصغار التي تنعدم فيها وسائل التدفئة، وتقول "يعاني الطلاب من البرد الشديد طوال فترة الدوام وهي ليست فترة قصيرة، تؤثر على تركيزهم في الدرس وتشتت انتباههم ولاحيلة لهم سوى ارتداء الكثير من الملابس فوق بعضها البعض".

11.jpg

وتتابع "المحمود" أن المشكلة الأكبر عند طلاب الصف الأول وأطفال الروضة التابعة للمدرسة ذاتها، هم عرضة للبرد والأمراض أكثر من غيرهم وبالتالي هم بحاجة ماسة لوسيلة تدفئة تقيهم البرد والمرض في غرفهم، منوهةً أن الإدارة تسعى لإصلاح النوافذ والأبواب المكسرة وإحكام إغلاقها لتجنب دخول المطر والهواء البارد من الخارج.

موقع تلفزيون سوريا التقى مدير دائرة الإعلام بمديرية التربية في مدينة إدلب "مصطفى الحاج علي" للحديث عن أسباب انعدام وقود التدفئة في المدارس خلافاً للأعوام السابقة، وقال "إن مديرية التربية والتعليم كانت تعتمد على منظمة كومينكس بدعم 7200 معلم وتعطي فائضا ماديا لدعم المدارس لوجستياً، من تقديم الوقود وترميم المدارس وإعطاء قرطاسية لبعض المدارس مع مشاريع (جودة)، لكن إيقاف الدعم من الاتحاد الأوروبي بنسبة 65٪ أدى إلى إيقاف دعم الوقود بشكل كامل بالنسبة لكل مدارس التربية".

ويضيف "الحاج علي" أن المديرية أعلنت حاجتها للوقود اللازم عبر المناشدات والتواصل مع المنظمات الأممية لكن دون جدوى.

33.jpg


في السياق ذاته، أكّد رئيس دائرة الإعداد والتدريب للتعليم الأساسي "محمود الباشا"، أن غالبية المدارس بلا تدفئة هذا العام، ولا وعود من قبل الجهات الداعمة خاصة "المناهل" بتأمين الوقود، باستثناء بعض المدارس المدعومة من منظمات معينة التي استطاعت تأمين القليل من المازوت وأضاف "أن الأمر خارج عن إرادتنا".

مِن جانبها، يئست مدرسة الصف الأول "رنيم العبد" من وجود المازوت مجدداً في مدافئ المدرسة، حيث لجأت في أيام البرد الشديد إلى جمع بقايا الورق والكرتون وأكياس الشبس الفارغة والبسكويت، والعمل على إحراقها في مدفئة الصف، لتدفئ طلابها الصغار ولو لفترة قصيرة، كما قالت إن "أنوف الصغار المحمرة من البرد وأيدهم المرتجفة تشعرها بالشفقة عليهم وهذا ما جعلها تشعل المدفئة على الكرتون والورق لأجلهم".

الفصل الدراسي الأول يُشارف على الانتهاء في مدارس محافظة إدلب، في حين تبقى المدافئ خارج نطاق الخدمة طوال أيام الشتاء القارس، وتبقى الأقلام في أيدي الطلاب والطالبات المرتجفة، تكافح في سبيل عملها كنوع من الجهاد في طلب العلم وهم على أبواب العام 2020!

ومع انعدام التدفئة في معظم مدارس الشمال السوري، تتعرض المنطقة لـ حملة قصف مكثّف تشنها روسيا ونظام الأسد، تسبّبت بمقتل وجرح مئات المدنيين، ونزوح قرابة مليون إنسان، فضلاً عن دمار واسع في البنية التحتية خاصة المشافي والمدارس، التي تضطر مديرية التربية الحرة في إدلب لـ تعليق دوام الطلاب فيها، حسب الوضع الأمني.

اقرأ أيضاً.. نتيجة القصف المكثف.. تعليق دوام المدارس في ريف إدلب

يشار إلى أنه في كل فصل شتاء مِن كل عام يعاني طلاب المدارس ومعظم النازحين في مخيمات الشمال السوري مِن الأحوال الجوية السيئة، وسط مناشدات مستمرة للمنظمات الإنسانية والمجالس المحلية لـ تخفيف المعاناة وتوفير الأدوية ووسائل التدفئة.