لا يجد الآلاف من سكان قرى وبلدات ريف اللاذقية ما يقيهم برد الشتاء، إذ لم يترك لهم نظام الأسد أي وسيلة، فالمازوت "مقطوع"، والتيار الكهربائي "مُقنن"، وحتى الحطب "مسروق" من قبل "يسار الأسد"، المتحكم الأوحد بسوق الحطب في مناطق الساحل السوري.
يسيطر يسار الأسد، أو "أبو الحارث" كما يُطلق عليه من قبل تابعيه، على سوق الحطب بكل تفرعاته، ومصادره، فهو التاجر والمتعهد الوحيد، "معتمداً على سطوته، وسطوة سلاحه".
"مزاج أبو الحارث" يتحكّم بالأسعار
أبو أمين، تاجر حطب من مدينة جبلة، قال إن أسعار الحطب سجّلت أرقاماً قياسية هذا العام، إذ وصل سعر طن حطب الليمون إلى 130 ألفاً، وحطب السرو إلى 110 آلاف، والزيتون إلى 125 ألفاً، في حين تراوحت أسعار حطب الصفصاف ما بين 80 – 90 ألف ليرة سورية.
واعتبر أبو أمين أن اللاذقية هي "خزان الحطب" بالنسبة لباقي المحافظات، خاصة حمص، التي قال إنها أكثر المستهلكين بسبب طقسها البارد، مبيناً أنه وبالرغم من ارتفاع الطلب، إلّا أن أحداً من التجار لا يستفيد، "فالمتعهد والموزع وواضع السعر والمتحكم به هو شخص واحد، يسار الأسد".
من جانبه ذكر أبو محمد، الذي ينحدر من قرية الفاخورة بريف القرداحة، أن العائلة تحتاج حوالي 4 أطنان من الحطب في موسم الشتاء، بسعر يبلغ حوالي 500 ألف ليرة سورية.
وأضاف: "شراء الحطب يتم حصراً عن طريق شبيحة أبو الحارث، الذين يتلاعبون بالأسعار حسب مزاج سيدهم"، مشيراً إلى أن هذه المعاناة ليست جديدة، فـ يسار يسيطر على هذا السوق منذ أعوام.
وتابع: "كثيرون لا يستطيعون دفع نصف هذا المبلغ، لذلك يضطرون لقطع الأشجار الموجودة على ضفاف بعض الأنهار بالسر، ويقومون بتجفيفه، ومن ثم حرقه".
يسار الأسد "مستثمر" سرايا العرين 313
يسار، هو ابن عم رئيس النظام بشار الأسد، وقائد ميليشيا سرايا العرين 313، التي تمتعت بصلاحيات مطلقة منذ أن أسست عام 2011 وحتى عام 2018، حين قيل إن البساط سُحب من تحتها، بضغط روسي، أجبر نظام الأسد على دمج معظم ميليشياته ضمن صفوف "قواته المسلحة".
مصدر محلي أكد أن تفكيك "السرايا" كان أمراً "شكلياً"، فلا شيء قد تغير على أرض الواقع، إذ أن يسار لا يزال لديه ميليشياتٌ، صلاحياتها مرتبطة باسمه، وتنفذ كل أعماله، بما فيها التضييق على تجار الحطب.
وأشار إلى أن "الأراضي الحراجية" هي إحدى أهم مصادر الحطب بالنسبة لـ يسار، مضيفاً أن أحداً لا يتجرأ على الاقتراب من تلك الأراضي فهي "خط أحمر".
وبيّن المصدر أن يسار لديه "ضوء أخضر" باقتطاع ما أراد من أشجار "حراجية"، حصل عليه من ابن عمه هارون الأسد، صاحب السطوة في مديرية حراج اللاذقية.
"التعفيش".. مصدر دخل جانبي
وأضاف المصدر أن عناصر "أبو الحارث" يمتهنون، إلى جانب تجارة الحطب، جمع البضائع "المعفّشة" وبيعها.
وقال إن كثيراً منهم يمتلكون مستودعات في اللاذقية، يعملون بها منذ أعوام، يجمعون فيها الأثاث المستعمل "المسروق"، ويعيدون بيعه لمحال المفروشات "المستعملة".
كذلك يمتد عمل ميليشيا "أبو الحارث" إلى السمسرة بين أهالي المعتقلين وبعض ضباط الأسد الكبار، إذ يطلبون مبالغ "مرتفعة" مقابل تحصيل معلومة عن أحد المعتقلين، أو المساهمة في إطلاق سراحه، وفق المصدر.