icon
التغطية الحية

فيديو الهدم في حماة.. تصفية حسابات مع "الجوية" واستعراض للقوة

2020.12.03 | 10:02 دمشق

mhafz-hmat-.jpg
حماة - طارق أبو زياد
+A
حجم الخط
-A

هدمت بلدية مدينة حماة قبل أيام، 6 أبنية حديثة الإنشاء في حي غرب المشتل وتحديدا في حي النقارنة، بالجهة الجنوبية للمدينة، إضافة لمصادرة 12 معمل بلوك مع كامل معداتها وآلاتها، وجاءت عمليات الهدم بعد أوامر وجهها محافظ حماة محمد طارق كريشاتي.

حيث أظهر تسجيل مصور نشرته صفحة "محافظة حماة" على فيس بوك في 29 تشرين الثاني، كريشاتي برفقة عدد من العاملين في المكتب الخدمي وحراس أمنيين، يتجولون في الحي بالقرب من مبان قيد الإنشاء، ليتبين أنها غير مرخصة وأعطى كريشاتي أمراً مباشراً بإحضار الآليات والبدء بعمليات الهدم. ورفض في التسجيل المصور سماع أي حل أو مقترح لتأجيل الأمر، وقال مخاطبا أحد الموظفين "تنظيم ضبط وهدم كل البناء من القواعد.. من تحت.. هدم كل البناء" وأضاف "بفوت فيها بالتركس بدي لاقيها كلها على الأرض".

 

 

وينحدر الكريشاتي من دمشق مواليد عام 1969 وقد شغل عدة مناصب في حكومة النظام آخرها محافظاً لمدينة القنيطرة قبل أن يتم تعيينه محافظاً لمدينة حماة في 26 تشرين الأول الفائت، وسبق ذلك منصب المدير العام لمديرية سياحة دمشق.

وتعرض الكريشاتي لمحاولة اغتيال حين عمله كمحافظ لمدينة القنيطرة، إذ تعرضت سيارته لإطلاق نار من قبل مسلحين سابقين تابعين للمعارضة، بحسب تقارير إعلامية، وذلك في أطراف منطقة ممتنة وأم باطنة بريف القنيطرة.

 

"أوامر من دمشق" 

تحدث موقع تلفزيون سوريا مع ناشط ما يزال متخفيا داخل مدينة حماة والذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، وأشار إلى أن الأوساط الشعبية بعد "الفيديو الاستعراضي" لكريشاتي، وبحسب ما وصله من معلومات، ذكرت أن عمليات الهدم لم تكن بقرار من المحافظ نفسه، بل هي أوامر صارمة جاءت من دمشق للبدء بعمليات هدم جميع المخالفات في المدينة.

وأضاف الناشط "إن مشكلة الأبنية العشوائية في المدينة قديمة منذ أحداث عام 1982 التي دُمّرت فيها المدينة على يد رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد في المجزرة الشهيرة، ومن ذلك الحين لم يستطع النظام طوال السنين الماضية التخلص من هذه المشكلة كونها منتشرة بشكل كبير فيعتبر أكثر من 20% من المباني في حماة مخالفة حسب الهيكل التنظيمي للمدينة، ولكن لا نعلم السبب الرئيسي وراء اتخاذ القرار في هذا الوقت العصيب، ربما هي سياسة انتقام يتبعها النظام للتضييق على حماة المعروفة بحقدها عليه.. سوريا اليوم مدمرة بشكل كبير جداً ولا مبرر للسلطة الحاكمة أن تدمر مزيدا من المباني بحجة أنها مخالفة، والأرجح أن هناك أمرا جللا خلف هذه العمليات، فلننتظر لنرى ما سيحدث في قادم الأيام".

 

مصدر من مديرية الخدمات يوضّح

وفي محاولة لمعرفة تفاصيل أوامر الهدم الأخيرة وملكية المباني التي تم هدمها، قال مصدر من موظفي مديرية الخدمات في مدينة حماة لموقع تلفزيون سوريا "عمليات الهدم الأخيرة روتينية وقد اعتدنا عليها بين الحين والآخر".

وكشف المصدر أن عمليات الهدم الأخيرة كانت شكلية، وهي أيضاً تحدث كل حين، والغاية من ذلك هو غض الطرف عن إجمالي المخالفات، وما يؤكد ذلك الترويج المصطنع لكريشاتي في "تطبيق القانون".

وأشار المصدر إلى أن المحافظ الجديد يسعى لإظهار نفسه و"تبييض صفحته بحركات قديمة اعتدنا عليها"، بحسب وصفه.

واستبق كريشاتي أي حملات انتقاد أو غضب شعبي في أوساط المدينة، وصرّح لصحيفة الوطن الموالية عقب حملة الهدم فوراً، أن المخالفات التي تم هدمها "تعود لتجار مخالفات على مستوى كبير، لا لفئات شعبية فقيرة".

 

الهدم بهدف استعراض القوة أمام "المخابرات الجوية"

وفي هذا السياق أكد مصدرنا في مديرية الخدمات، ما صرح به كريشاتي موضحاً "لأن كل الأبنية المخالفة حديثة الإنشاء هي تعود لتجار كبار في المدينة، هو أمر منطقي، فلا يمكن لأي شخص عادي أو مستثمر صغير بأن يقوم بالبناء المخالف دون أن يكون له علاقات قوية داخل أوساط أجهزة الأمن والمديريات".

وكشف المصدر أن المباني التي تم تدميرها تتبع لعدة تجار محسوبين تحديداً على جهاز المخابرات الجوية، وذلك لوجود خلافات بين فرع الجوية وكريشاتي كونه وصل مؤخراً إلى المدينة، "يتم تصفية الحسابات بهذه الطريقة، فقد عايشت حالات كثيرة من تدمير المباني المخالفة، بناء على خلافات بين الحيتان المسيطرة على هذا القطاع.. ببساطة الأقوى هو المسيطر".

 

 

وفي سؤاله عن صحة "الأوامر القادمة من دمشق"، أفاد المصدر بأن الحديث عن الأوامر هو أمر دائم في أي حدث يشغل العالم، حيث يتم تهويل الأمور والحديث عن أوامر صارمة من القصر الجمهوري، فهي إشاعات ضمن حفلة استعراض القوة".

وعن طريقة الشروع في الأبنية المخالفة وبداية بنائها يقول محمد "هذا أمر سهل جدا يكفيك القليل من العلاقات المبنية على المصالح داخل الأجهزة الأمنية وبكل بساطة بعدها تقوم بالاتفاق مع أحد الموظفين داخل المديرية ليقوم بدوره بالتغطية على عمليات البناء".

وأكد محمد في نهاية حديثه أنه من المستحيل أن يكون هناك خطة لهدم كل المخالفات "لأن ذلك يعني هدم نصف المدينة، وما حصل لا يعدو كونه مسرحية إعلامية لها أهدافها وقد تحققت".

ولا يبدو أن المعركة قد انتهت بين كريشاتي و"الجوية"، حيث حذفت صفحة "محافظة حماة" على فيس بوك، "الفيديو الاستعراضي".

 

 

لالبا.jpg

 

ليست الأولى من نوعها وأحياء كاملة تم مسحها من المدينة

يذكر أن عمليات الهدم الممنهجة التي يقوم بها نظام الأسد ليس حديثة العهد فقد تم هدم حي كامل في مدينة حماة عام 2012، حيث تم إخراج أهالي حي مشاع الأربعين الواقع في الجهة الشمالية لمدينة حماة بشكل كامل، والبدء بهدمه وتجريفه بالآليات الثقيلة، ويعود سبب الهدم في ذلك الوقت إلى كون الحي يقع في الأطراف الشمالية في المدينة ويعتبر منطقة فاصلة بين المدينة وبين ريفها الشمالي الذي كان حينئذ خارج سيطرة النظام واستخدمه الجيش الحر كمنطقة للعبور بين الريف والمدينة، وملاذا آمنا على أطرافها.

لم تكن عمليات الهدم فقط مقتصرة على مدينة حماة فهي شملت عددا من المناطق، حيث تم هدم جزء كبير من حي القابون بعيد السيطرة عليه وتهجير سكانه إلى الشمال السوري، وكذلك مخيم اليرموك جنوبي العاصمة دمشق.