icon
التغطية الحية

فوكس نيوز: عروض بشار الأسد لروسيا تهدد أمن أميركا

2023.03.20 | 18:18 دمشق

الأسد يعانق بوتين في موسكو - المصدر: الإنترنت
الأسد يعانق بوتين في موسكو - المصدر: الإنترنت
فوكس نيوز -ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

التقى في الكرملين يوم الخميس الماضي أشد حاكمين استبداداً في العالم، وهما رئيس روسيا فلاديمير بوتين، ورئيس النظام في سوريا، بشار الأسد، الذي يعتبر مسؤولاً عن أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين، وذلك ليناقشا مسألة توسيع الوجود العسكري الروسي في سوريا.

بيد أن الاتفاق بين أهم عدوين لأميركا أثار تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة بايدن قد اتخذت وضعية الدفاع وفقدت نفوذها بسرعة على منطقة تعتبر إحدى المناطق الحساسة في العالم.

في مقابلة أجرتها وكالة RIA للأنباء التابعة لدولة روسيا، قال الأسد: "نرى بأن توسيع الوجود الروسي في سوريا أمر جيد، فالوجود العسكري الروسي في أي دولة يجب ألا يقوم على أي شيء مؤقت".

تضارب في المصالح

عندما تدخل بوتين بالحرب السورية في عام 2015، ساهم بذلك في قلب الموازين لصالح الأسد، ما ضمن بقاء هذا المستبد على الرغم من مطالبة الدول الغربية بإسقاطه، وذلك لأن الأسد شن حرباً على شعبه نجم عنها قتل أكثر من 500 ألف إنسان بينهم الضحايا الذين أعدموا في حرب كيماوية.

إن هذا التوسع المرتقب لوجود القوات الروسية وقواعدها العسكرية في سوريا لابد وأن يفرض تحدياً جديداً على إدارة بايدن وسياستها في الشرق الأوسط، إذ يرى خبراء في الأمن القومي الأميركي بأن الصين وروسيا باتتا تتفوقان على الولايات المتحدة في المنطقة التي أقامت واشنطن لنفسها فيها نفوذاً كبيراً على مر التاريخ.

ترى ريبيكا كوفلار وهي محللة سياسية سابقة لدى وكالة استخبارات الدفاع الأميركية بأن بوتين بدأ في التفوق على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط  منذ أيام الرئيس أوباما، أي مذ كان بايدن نائباً للرئيس، وتضيف: "لقد خدع بوتين أوباما ونائبه عبر السماح للروس بإخراج الأسلحة الكيماوية من سوريا، إذ في عام 2013، اكتشف الروس وجود انفراجة في ذلك، فاستغلوا الفرصة لزيادة نفوذهم العسكري هناك، كما حاولوا قلب الموازين لصالح روسيا في الشرق الأوسط، ثم صار بوتين يسعى لتشكيل تحالف مناهض للولايات المتحدة يتألف من روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وسوريا".

وتابعت كوفلار، مؤلفة كتاب: (دليل عمل بوتين)، بأن هذا الرجل: "يرغب بجعل إدارة بايدن تعتقد بأنه بوسعه المساعدة في عقد اتفاق نووي مع إيران، وفي إجراء تسوية من أجل إحلال السلام في سوريا، ولكن الحقيقة هي أن بوتين لن يفعل أي شيء يمكن أن يصب ضمن المصالح الاستراتيجية الأميركية، خاصة في الوقت الحالي الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بدعم أوكرانيا، ما جعل مصالح الأمن القومي لدى روسيا والولايات المتحدة تتضارب بشكل كبير".

سياسة التحالفات

هذا ولقد كشفت فوكس نيوز خلال هذا الأسبوع بأن ألد ثلاثة أعداء لأميركا، أي روسيا والصين وإيران، يخططون لإجراء تدريبات عسكرية بحرية مشتركة في خليج عُمان، وقبل أسبوع على ذلك، توسطت الصين في اتفاقية تقارب بين العدوتين اللدودتين: السعودية وإيران.

فيما ذكر ناطق رسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية بأن: "الأدلة التي تدين روسيا واضحة، ولا يهم أين تورطت عسكرياً، لأن المدنيين هم من يدفعون ثمن دليل العمل المدمر الذي ينتهجه الكرملين والذي يعمد إلى قتل المدنيين لصالح بوتين، وهذا ما اتضح خلال الحملات العسكرية الروسية في سوريا وليبيا وأوكرانيا، حيث استخدم الروس قواتهم العسكرية والرديفة لاستغلال المدنيين في مناطق النزاع، ولتعزيز المصالح الأنانية لموسكو"، وأضاف: "لقد تسببت الحملة العسكرية الروسية في سوريا التي أتت لتدعم نظام الأسد بدمار كبير، بالإضافة إلى القتل والتشريد الذي طال الآلاف من المدنيين. وهذه العمليات العسكرية تقوض شروط الحل السياسي للنزاع السوري، كما أن روسيا لم تبذل أي جهد حقيقي للدفع نحو ظهور تغيرات حقيقية في السلوك المريع الذي تبديه الحكومة السورية تجاه شعبها".

وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية على أن: "تركيز روسيا يجب أن ينصب على تعزيز التوصل لحل سياسي في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254، بدلاً من التسبب بالمزيد من المعاناة للشعب السوري"، والقرار رقم 2254 الذي صدر قبل ثماني سنوات يرسم مسار عملية سلمية لوقف سفك الدماء في سوريا.

في حين ذكر مايكل روبين، وهو عضو رفيع وخبير بشؤون الشرق الأوسط لدى معهد المشروع الأميركي، بأن: "الوقوف مع الحلفاء مهم، فقد وقفت روسيا بجانب حليفها دون أن يرف لها جفن، ولهذا فإن ما قدمه الأسد ليس بمكافأة لبوتين فحسب، بل إنه أرسل عبر هذه الحركة إشارة لكل زعيم ورئيس في المنطقة، وهذا لا يتصل فقط بتبني روسيا لسوريا، بل يتعلق أيضاً بمغازلة روسيا لمصر والسعودية".

وأضاف روبين: "علينا أن نقيس السياسة بحسب هذا الواقع، فالكرد السوريون حلفاء وأصدقاء، وإذا كانت تركيا تدعم وكلاءها، وروسيا تراهن على الأسد، فعلينا أن نراهن على الكرد، فهم تقدميون أكثر، ولديهم مقاتلون أشداء، ويرغبون بالالتزام بتوجه مؤيد للغرب، أي أن القضية لا تتصل فقط بما ينبغي على الولايات المتحدة فعله، بل أيضاً بما يجب ألا تفعله أيضاً".

ثم إن سوريا بلد مقسم، حيث تسيطر تركيا على أجزاء منه، وكذلك الكرد، وروسيا، فيما يسيطر الأسد على ما تبقى.

لا مجال للسذاجة وإعادة الإعمار

وتعليقاً على ذلك يقول روبين: "إن ذلك ما يؤكد بأن سوريا لن تتوحد، بل في أحسن الأحوال، ستصبح سوريا مثل الصومال خلال حقبة التسعينيات، بوجود تركيا التي تسيطر على منطقة فيها، وتوسع النفوذ العسكري الروسي فيها اليوم، أي أنها ستنقسم إلى مناطق نفوذ يحكمها أمراء حرب محليون مختلفون".

كما حذر روبين من مخاطر إرسال المساعدات للنظام السوري، حيث قال: "إن أي تمويل نقدمه للمنظمات الدولية تحت ستار مساعدات إعادة الإعمار في سوريا سيتحول بلا شك إلى مكافأة لوكيل روسيا على قتله للناس بصورة جماعية، والمال يمكن الاستعاضة عنه بأشياء أخرى، ثم إن ما نقدمه باسم إعادة الإعمار يساعد الأسد وبوتين على إقامة قاعدة عسكرية بصورة أساسية، وإن تقديم الأسد لعروض [لصالح بوتين] يكشف عن أولوياته، ولهذا ينبغي علينا أن نبتعد عن السذاجة هنا".

عروض لروسيا تهدد أمن أميركا

قدم الأسد لموسكو العديد من المكافآت المادية خلال زيارته لروسيا، حيث قال لبوتين: "نؤمن بأن لدى روسيا رغبة بتوسيع قواعدها أو زيادة تعداد جنودها، وهذه مسألة تقنية أو لوجستية".

ولهذا تحذر كوفلار بالقول: "من المفيد لروسيا زيادة قواعدها في سوريا، ولهذا من المرجح أن يوافق بوتين على هذا العرض، وبما أن القوات الروسية والأميركية تعمل في أماكن تتاخم بعضها البعض في سوريا بالأصل، لذا فإن توسيع موطئ القدم الروسية في المنطقة سيمنح بوتين مزيدا من النفوذ وسيقدم للقوات الروسية مزيدا من الفرص في جمع المعلومات الاستخبارية حول التكتيكات الحربية القتالية للجيش الأميركي، وحول العتاد العسكري وغيرها من الأمور، فالروس يدرسون أساليب الحرب الأميركية بشكل كامل، بحثاً عن مواطن ضعف، بهدف الخروج باستراتيجيات مضادة".

وقف النظام السوري إلى جانب روسيا في حربها على أوكرانيا، كما أعلن الأسد، عندما قال لبوتين: "بما أن هذه هي زيارتي الأولى منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أود أن أكرر موقف سوريا الداعم لهذه العملية الخاصة"، وذلك بحسب ما ورد في النسخة الصادرة عن الكرملين.

كما اعترف النظام السوري بالأقاليم التي انتزعتها روسيا من أوكرانيا على اعتبار أنها روسية، حيث قال الأسد: "أقول بإنها أراض روسية، وحتى في حال عدم قيام الحرب، ستبقى هذه الأراضي روسية على مر التاريخ".

لقد حدد النزاع السوري سنوات الأسد كرئيس، وذلك مع اندلاع الاحتجاجات السلمية في عام 2011 قبل تدهور الأمور ووصولها إلى نزاع دخلت فيه أطراف عديدة، وتسبب بتدمير ذلك البلد الشرق أوسطي، كما جاء بالغريب من الأصدقاء والأعداء إلى البلد.

استطاع الأسد استعادة الكثير من أجزاء سوريا بمساعدة روسيا وإيران، وهو يؤمن بالفكرة القائلة إن حلفاءه أشد تمسكاً ببقائه مقارنة بإصرار أعدائه على هزيمته.

إلى جانب قاعدة حميميم الجوية التي تشن روسيا منها غاراتها الجوية التي تدعم من خلالها الأسد، تسيطر موسكو أيضاً على مرافق بحرية عسكرية في طرطوس التي تحولت إلى موطئ قدم بحرية لها على ساحل المتوسط، والتي بقيت تحت إمرتها منذ أيام الاتحاد السوفييتي.

ولهذا أعلنت وزارة الدفاع الروسية في كانون الثاني الماضي عن استعادة روسيا وسوريا لقاعدة الجراح العسكرية الجوية في الشمال السوري وذلك حتى تقوم كلتا الدولتين باستخدام تلك القاعدة سوية، وهذه القاعدة العسكرية الصغيرة التي تقع شرقي حلب قد انتزعت من يد مقاتلي تنظيم الدولة في عام 2017، غير أن الحكومة الروسية لم ترد على الأسئلة التي أرسلت إليها للتعليق حول هذا الموضوع.

المصدر: فوكس نيوز