icon
التغطية الحية

فوربس: إيران تسعى لتحديث نظم الدفاع الجوي "المهترئ" في سوريا

2023.02.27 | 16:34 دمشق

منظومة صواريخ بافار- 373 للدفاع الجوي الإيرانية- التاريخ: 22 آب 2019
منظومة صواريخ بافار- 373 للدفاع الجوي الإيرانية- التاريخ: 22 آب 2019
Forbes - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

صارت إيران تتحدث بصراحة عن تحديث الدفاعات الجوية للنظام السوري لمساعدته على تحصين نفسه من الغارات الجوية الإسرائيلية، بيد أن إسرائيل لا بد أن تقوم بعمل عسكري استباقي، كما فعلت طوال عقد من الزمان حتى الآن، في حال اتخاذ إيران لأي خطوات جدية باتجاه تنفيذ هذا الهدف المعلن.

في 24 شباط، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني عن نية طهران إمداد دمشق بنظم صاروخية محلية بعيدة المدى ومتطورة للدفاع الجوي، إذ جاء في تقرير إخباري ما يأتي: "إن سوريا بحاجة لإعادة بناء شبكة الدفاع الجوي لديها وتحتاج إلى قنابل دقيقة مخصصة لطائراتها المقاتلة، لذا من المرجَّح أن نشهد تزويد إيران لها برادارات وصواريخ دفاعية مثل منظومة خورداد 15، وذلك بهدف تقوية الدفاعات الجوية السورية".

نظم صواريخ إيرانية تشبه الروسية ظاهرياً

بيد أن أي عملية نشر لصواريخ خورداد 15 لا بد أن تتسبب بشن غارات إسرائيلية على الفور، إذ تشتمل المنظومة الإيرانية المحلية صواريخ صياد-3  التي يقال إن مداها يصل إلى 193 كلم، مما قد يقيّد الحملة الجوية الإسرائيلية على مواقع النظام وإيران في سوريا إذا تم نشر تلك المنظومة بنجاح.

وذكر مصدر استخباري رفض الكشف عن هويته لمجلة نيوزويك الأميركية في شهر كانون الثاني الماضي بأن إيران روجت لمشروع لتأسيس دفاعات جوية في سوريا خلال العامين المنصرمين، ويشتمل ذلك المشروع على مساعدة إيران لسوريا في تحديث راداراتها، كما لدى طهران مخططات لنشر منظومة الدفاع الجوية بافار-373 إلى جانب صواريخ صياد 4ب الجديدة والتي يقال بإن مداها يصل إلى 300 كلم، حيث زعمت إيران بأن هذه المنظومة تشبه منظومة إس-400 الروسية المتطورة.

وألمح المصدر إلى أن أحد الأهداف المحتملة لهذا المشروع هو: "تمكين قيام عملية إيرانية مستقلة بوساطة نظم الدفاع الجوي ضمن مناطق في سوريا"، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن نشر منظومة خورداد 15 أو بافار-373 والتحكم بهما سيتم على يد جنود إيرانيين حصرياً، هذا في حال لم يتم تدميرها على الفور.

ولهذا تبدو هذه الترتيبات شبيهة من الناحية الظاهرية بمنظومة إس-300 التي نشرتها روسيا في سوريا عام 2018.

يذكر أن موسكو تعهدت بتحديث الدفاعات الجوية السورية خلال العقد الماضي، إذ في مقابلة أجريت في أيار 2018 عبر أثير محطة إعلامية روسية، لم يذكر بشار الأسد إيران في معرض حديثه عن الغارات الإسرائيلية، بل تحدث عن مساعدة الروس التي كانت السبيل الوحيد الذي تمكنت من خلاله قواته من تحسين دفاعاتها الجوية، إذ قال: "إن دفاعنا الجوي أقوى بكثير مما كان عليه في السابق بفضل الدعم الروسي" وذلك قبل أن يعترف وعلى الفور بتعرض أجزاء كبيرة من تلك الدفاعات للدمار خلال الحرب وذلك على يد المعارضة وبسبب الغارات الإسرائيلية.

نهاية المهزلة

وأضاف وقتئذ: "إن الخيار الوحيد هو تحسين دفاعنا الجوي، فذلك هو الشيء الوحيد الذي بوسعنا القيام به، وهذا ما نفعله".

في عام 2013، أي في العام نفسه الذي شنت فيه إسرائيل حملة جوية متواصلة على إيران وحلفائها في سوريا، ثم تحدثت روسيا عن احتمال إمدادها لدمشق بصواريخ إس-300، غير أنها لم تفعل ذلك في نهاية الأمر بسبب اعتراضات أميركية وإسرائيلية على ذلك. وفي خريف عام 2018، قامت موسكو بتسليم منظومة إس-300 بصورة فعلية لسوريا عقب إسقاط صاروخ سوري قديم من نوع إس-200 لطائرة عسكرية روسية بشكل غير مقصود في أثناء محاولته اعتراض طائرات عسكرية إسرائيلية كانت تشن هجوماً على سوريا.

وذلك الصاروخ السوري من نوع إس-200 لم يُطلق إلا ضد هجوم جوي إسرائيلي في أيار 2022، بيد أن إطلاقه لم يبدُ كمحاولة جدية لإصابة أي طائرة إسرائيلية، وفي استعراض أتى أخيراً لتوضيح الفكرة القائلة بأن نشر البطاريات ينطوي على إشارات رمزية أهم من أي شيء آخر، سحبت روسيا تلك المنظومة خلال شهر آب من العام نفسه، لتضع حداً لتلك المهزلة.

وفي الوقت الذي يُرجح فيه أن يقوم جنود إيرانيون هم أيضاً بالتحكم بأي نظام متطور تنشره طهران للصواريخ في سوريا، ستظهر حتماً فروق شاسعة فيما يتصل بقوانين الاشتباك.

فقد حافظت روسيا على آلية للتواصل مع الجيش الإسرائيلي اعتمدتها بعد فترة قصيرة من تدخلها العسكري في الحرب السورية في أيلول 2015، وعليه، لم تقف روسيا أو حتى تعترض على شن مئات من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت القوات الإيرانية وغيرها من الميليشيات المتحالفة معها، على الرغم من أن القوات الروسية تمتلك أكثر دفاعات جوية بعيدة المدى تطوراً إلى جانب نشر روسيا لطائرات مقاتلة في سوريا وسيطرتها على المجال الجوي السوري.

وبالمقابل، فإن إيران ألدّ عدوّ لإسرائيل، لذا لا مجال أمامنا سوى أن نخمّن بأنها ستحاول الاستعانة بأي نظم للدفاع الجوي قامت بنشرها في سوريا ضد أي طيران حربي إسرائيلي، على عكس ما فعلته روسيا. وفي ذلك مبرر آخر لإسرائيل حتى تستهدف بشكل أكبر أي منظومة تسعى إيران لنشرها.

وثمة سابقة لهذه وقعت قبلاً، إذ في نيسان 2018، استهدفت غارة جوية إسرائيلية قاعدة ت-4 الجوية في وسط سوريا فدمرت منظومة الدفاع الجوي تور القصيرة المدى المصنوعة في روسيا لكن ملكيتها تعود لإيران، ما أدى إلى مقتل سبعة جنود إيرانيين.

بقيت الغارات الجوية الإسرائيلية مستمرة بلا هوادة حتى يومنا هذا، بيد أن الغارة التي وقعت في دمشق في شهر شباط الجاري تعتبر الأشد منذ بداية الحرب في سوريا في عام 2011، ولقد استهدفت تلك الغارة اجتماعاً لخبراء سوريين وإيرانيين حول عمليات تصنيع مسيرات في العاصمة دمشق.

دمشق تنأى بنفسها عن النزاع الإيراني-الإسرائيلي

ولذلك طالب مسؤولون سوريون طهران ووكلاءها من الميليشيات الكثيرة بالابتعاد عن الاستعانة بالأراضي السورية لشن هجوم على إسرائيل، بما أن النظام في سوريا يودّ الابتعاد عن إشعال فتيل أي حرب كبرى. كما لدى النظام السوري مبرر للخوف من انتقام إسرائيل على نطاق واسع، إذ في شهر شباط من عام 2018، قدرت إسرائيل تدميرها لما يقرب من نصف دفاعات النظام الجوية عقب تصعيد الاشتباكات مع الميليشيات الإيرانية. وفي الوقت الذي تركز فيه روسيا على أوكرانيا، لا شك أن سوريا أصبحت ترغب في النأي عن مواجهة واسعة ومدمرة بين إيران وإسرائيل على أراضيها.

وثمة نقطة مهمة وردت في تقرير إيراني نشر في 24 شباط الجاري حول حاجة سلاح الجوّ السوري لذخيرة موجهة دقيقة، بما أن الطائرات الحربية السورية أصبحت قديمة تماماً كدفاعاتها الجوية، بل حتى أكثر الطائرات السورية الحربية تطوراً، وهي ميغ-29 فولكروم، بدأت أعراض الاهتراء والتلف الشديد تتبدى عليها. ولهذا أعلنت روسيا في أواسط عام 2020 عن تسليمها لطائرات ميغ-29 حديثة لسوريا لمساعدتها على تحديث سلاح الجو لديها، بيد أن ذلك لم يكن سوى خدعة للتكتم على عمليات تسليم عدد غير معروف من طائرات ميغ-29 لليبيا عبر قاعدة جوية روسية تقع في غربي سوريا. ومع تورط روسيا في أوكرانيا اليوم، لم يعد أحد يرجح لها أن تمدّ دمشق التي تعاني من ضائقة مالية بأي طائرات مقاتلة حديثة.

قد تستعين إيران بخبراتها لتعديل طائرات سوخوي-22 وسوخوي-24 القديمة روسية الصنع التي تمتلكها وذلك لتنقل صواريخ كروز بعيدة المدى إلى سوريا لتحدث الأخيرة سلاح الجوّ لديها، على الرغم من أنه ما من أحدٍ يرجّح لإيران أن تتمكن من تحسين سلاح الجو المتهالك وتحويله إلى خطر حقيقي يهدد العمليات التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا.

المصدر: Forbes