icon
التغطية الحية

فشل أممي ذريع بحماية المشافي في مناطق المعارضة السورية

2019.12.30 | 20:24 دمشق

images_16.jpg
نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كشف تقرير أجرته صحيفة النيويورك تايمز قصف القوات الروسية وقوات النظام لمواقع موجودة على قائمة الأمم المتحدة، للمواقع التي يجب الامتناع عن قصفها، مما خيب آمال المنظمات الإغاثية.

وأوضح التقرير أن القوات الروسية وقوات النظام تجاهلت منظومة الأمم المتحدة الرامية لمنع أي هجوم على المشافي وغيرها من المرافق الإنسانية ضمن مناطق المعارضة في سوريا، بل وشوهت كل ذلك عبر ارتكاب أخطاء داخلية، مما دفع قادة المنظمات الإغاثية لانتقاد الأمم المتحدة بشكل علني، ووصفت "آلية خفض النزاع الإنساني" التابعة للأمم المتحدة بغير المجدية.

وأنشأ مسؤولون في الأمم المتحدة مؤخراً وحدة للتحقق من المواقع التي ذكرتها المنظمات الإغاثية لتعمل على إدارة المواقع التي يجب ألا تتعرض لأي هجوم، فتبين بأن البعض تم تقديمه بشكل غير صحيح، وهذه الحالات القائمة على تقديم معلومات خاطئة تعطي مصداقية للانتقادات الروسية التي ترى بأنه لا يمكن الوثوق بهذه المنظومة وبأنها عرضة لسوء الاستخدام.

وقال مفضل حمادة رئيس الجمعية الطبية الأميركية السورية التي تقدم الدعم لأكثر من 40 مشفى شمال غربي سوريا "لم تنقص حدة ودرجة الهجمات، لذا يمكننا القول وبشكل قاطع بأن هذه المنظومة غير فاعلة من حيث المساءلة والردع".

وجمعت الصحيفة قائمة تضم 182 موقعاً من المواقع الممنوع قصفها وذلك عبر الاعتماد على البيانات التي قدمتها خمس منظمات إغاثية ومن خلال جمع البيانات العامة التي تعود لمنظمات أخرى، فتبين بأنه من بين تلك المرافق تم تدمير 27 مرفقاً بسبب هجمات روسية أو قوات النظام منذ شهر نيسان، وجميعها تعود لمشاف وعيادات، وتمثل هذه القائمة النذر اليسير من المواقع الممنوعة من القصف التي تم استهدافها خلال الحرب السورية.

وبموجب القانون الدولي، يعتبر قصف المشافي عمداً أو بشكل أرعن جريمة حرب.

وتقوم آلية خفض النزاع بمشاركة مواقع المرافق الإنسانية مع القوات الروسية والتركية وقوات التحالف، بموجب تفاهم يقضي بعدم استهدافها جميعاً، إلا أن المنظمات الإغاثية ذكرت بأنها أحست بضغط كبير من قبل المانحين وموظفي الأمم المتحدة دفعها للمشاركة فيها، وهكذا قامت تلك المنظمات بإعطاء مواقع باختيارها لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وحذرت وثيقة أعدتها الوكالة من أن المشاركة في هذه الآلية لا تكفل أمان وسلامة المواقع أو العاملين فيها، وأن الأمم المتحدة لن تتحقق من صحة المعلومات التي قدمتها المنظمات المشاركة، كما لن تشترط هذه المنظومة على كل من الروس والأتراك والأمريكان اعترافهم باستلام قائمة المواقع الممنوعة من القصف.

وتصرفت قوات الأسد إلى جانب حلفائهم من الروس بحسب الصحيفة وكأن منظومة خفض النزاع غير موجودة، إذ سجل صحفيون محليون ومنظمات إغاثية وقوع 69 غارة على الأقل على المواقع الممنوعة من القصف منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا، معظمها تم على يد القوات الروسية أو قوات النظام.

وأفاد جان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة في الشأن السوري، أن الأمم المتحدة فشلت بين عامي 2015 – 2018، في فرض ما يكفي من العواقب على المسؤولين عن تلك الهجمات، وقال: "عموماً، يمكن تفعيل عملية خفض النزاع في حال وجود تحقيقات صريحة ومكشوفة وموثوقة ومتابعتها إلى جانب وجود آلية قائمة على المحاسبة، بحيث يمكن للرجال الجالسين وأصابعهم على الزناد أن يدركوا عواقب ما سيقومون به في حال عدم تحققهم من القائمة أو في حال استهدافهم لمواقع خفض النزاع بشكل متعمد".

وفي شهر آب الماضي قام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس بإنشاء لجنة تحقيق للبحث في أمر الغارات على مواقع خفض النزاع، بالإضافة إلى المواقع الأخرى التي تدعمها الأمم المتحدة. غير أن المحققين يخططون حالياً للبحث في سبع حالات فقط من عشرات الهجمات التي نفذت منذ شهر نيسان، وقد لا يقوم هؤلاء بذكر أسماء مرتكبي تلك العمليات أو تحديد هوياتهم أو حتى كشف التقرير بشكل علني، أي أنها تعمل ضمن نطاق محدود الأمر الذي أثار غضب المنظمات الإنسانية.

وأدت حالة السخط المتزايدة بسبب فشل منظومة خفض النزاع إلى عقد اجتماع خلال شهر حزيران الماضي بين رابطة المنظمات الإغاثية وتروند جينسين مسؤول رفيع المستوى مختص بالشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة في تركيا.

وتم الاعتراف في محضر هذا الاجتماع والذي أرسله السيد جينسين للمشاركين فيما بعد وحصلت الصحيفة على نسخة منه بوجود: " ثغرة كبيرة في الثقة بالعملية وبمن يقومون بإدارتها".

وهنا شعرت المنظمات الإغاثية بأنها تعرض حياة الزملاء وغيرهم من المدنيين للخطر وذلك عبر مشاركتها بتلك المعلومات حسبما أورد السيد جينسين في محضر ذلك الاجتماع.

فيما ذكر فادي الديري رئيس الرابطة التي التقت بالسيد جينسين بأن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية قد تصرفت "بحسن نية" عند البدء باستخدام المنظومة إلا أنهم لم "يحققوا أي شيء"، وأضاف: "ثمة شعور بالنقمة والسخط وانعدام الثقة بالكل".

وكشف مسؤولون مختصون بالشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة للصحيفة بأن بعض المنظمات الإغاثية سبق وأن قدمت مواقع غير دقيقة وبالرغم من ندرة تلك الحالات، إلا أنه تمت مشاركة تلك المعلومات الخاطئة مع روسيا وتركيا والتحالف الذي تقوده أمريكا.

واتخذت الوكالة الخاصة بالشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة خطوات لتحسين هذه المنظومة خلال الشهور الأخيرة، وشمل ذلك إنشاء "هيئة مركزية" لإدارتها، بحسب ما أوردته زوي باكستون الناطقة الرسمية باسم هذه الوكالة. كما أنها أصبحت تمنح المنظمات المشاركة فرصة أخرى للتحقق من المعلومات بخصوص المواقع التي تم تقديمها. وقد أكد مسؤولون لدى الأمم المتحدة بأنه بموجب القانون الدولي تعتبر الأطراف المتحاربة مسؤولة عن التحقق من صحة المواقع والحد من الأضرار.

من جانبه ادعى فاسيلي نيبينزيا ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي في شهر أيلول بأن طائرة استطلاع عسكرية روسية اكتشفت "الكثير من حالات التضليل المتعمدة" في تلك المنظومة، وقال "خلال شهر تموز تم تزويدنا بـإحداثيات خاطئة لـ12 موقعاً، وهذا ما سمحت لنا إمكانياتنا ووقتنا بالتحقق منه فقط".

وأثبتت الوقائع كذب نيبينزيا كذبها، حيث اكتشفت صحيفة ذا تايمز بأن ثلاث منظمات إغاثية على الأقل قد قدمت إحداثيات غير صحيحة للأمم المتحدة في مناسبات متعددة، وخلال التحقيقات الجارية حول غارة جوية وقعت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، اكتشفت صحيفة ذا تايمز قيام منظمة إغاثية بتقديم إحداثيات حول مركز صحي تابع لها على مسافة 240 متراً تقريباً. وعند تعرض مشفى آخر للقصف في شهر أيار الماضي، اكتشفت ذا تايمز بأن الإحداثيات التي تم تقديمها من قبل المنظمة الداعمة تشير إلى مكان لا علاقة له يبعد حوالي 765 متراً شمالاً.

وبخصوص الآلية الأممية يقول الدكتور منذر الخليل رئيس مديرية الصحة بإدلب والتي تشرف على عمليات الرعاية الصحية في المحافظة إن العديد من المانحين الدوليين لن يقوموا بدعم المرافق الطبية ما لم تنضم إلى منظومة خفض النزاع التابعة للأمم المتحدة.

وأضاف: "ولهذا لم يكن أمامنا خيارات أخرى، ولقد دفعنا ثمن مشاركتنا إحداثيات المرافق الطبية مع الأمم المتحدة، وما جنيناه بصراحة كان قصفاً أكبرَ للمرافق الطبية مع دقة أكبر وتدمير أكثر من ذي قبل، بتنا نؤمن بأن العالم قد تخلى عنا بحق".

وأفاد قادة ورؤساء المنظمات الإغاثية بأن الأمل الوحيد المتبقي لديهم كان بحرمان روسيا والحكومة السورية من الإنكار عبر إضافة تلك المواقع إلى قائمة مناطق خفض النزاع، ويعتبر ذلك بغاية الأهمية بالنسبة للمحاكمات النظرية بتهمة ارتكاب جرائم حرب والتي ستستمر لعقود مستقبلاً. 

المصدر: صحيفة النيويورك تايمز