دعت فرنسا المجتمع الدولي إلى تقديم دعم عاجل ومتعدد المسارات لسوريا، مؤكدة على أهمية استعادة السلم الأهلي، والمضي قدماً في عملية الانتقال السياسي، والتكامل الإقليمي، وذلك في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط.
وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، أمس الثلاثاء، قال مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، جيروم بونافون، إن الوضع في الشرق الأوسط "دخل مرحلة جديدة من التوتر، الأمر الذي يتطلب جهداً دولياً للحيلولة دون تأثر المسار الانتقالي في سوريا، ولتمكينها من أن تصبح "ركيزة للاستقرار الإقليمي".
وأكد بونافون أن المجتمع الدولي "يتحمل مسؤولية دعم سوريا في ثلاثة مجالات رئيسية، أولها يتمثل في معالجة الوضع الإنساني العاجل، والمساهمة في إعادة دمج سوريا اقتصادياً وسياسياً على الصعيد الدولي".
وقال إن فرنسا مستمرة في تقديم الدعم المالي، مشدداً على أن إعادة بناء الخدمات الأساسية "تمثل أولوية ملحة للشعب السوري".
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي قرر، في شباط الماضي، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، ودخل القرار حيّز التنفيذ في أيار الماضي، داعياً الدول الإقليمية والدولية والقطاع الخاص إلى تعبئة جهودهم لدعم الاقتصاد السوري وتوفير ظروف معيشية كريمة للسوريين.
تشجيع التطبيع الإقليمي ووقف الأنشطة الإسرائيلية
وشدد المندوب الفرنسي على أن إعادة إدماج سوريا في المجتمع الدولي "يمر عبر مسار التطبيع الإقليمي"، مشيداً بجهود الحكومة السورية في تحسين علاقاتها مع دول الجوار، وخاصة لبنان.
ودعا المندوب الفرنسي إسرائيل إلى "القيام بدورها"، من خلال وقف عملياتها العسكرية داخل سوريا والانسحاب من منطقة الفصل، وفقاً لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974، مطالباً الجانبين بمراعاة المخاوف الأمنية المتبادلة.
ضرورة المصالحة الوطنية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم
وفي الجانب الثاني من الدعم المطلوب، أكد بونافون على "أهمية استعادة السلم الأهلي، وتحقيق الوحدة الفعلية في سوريا بعد سقوط الديكتاتورية"، محذراً من "استمرار العنف الطائفي، لاسيما بعد المجازر التي وقعت في آذار الماضي".
وأعرب عن أمله في أن تصدر لجنة التحقيق المعنية بجرائم الساحل "نتائج واضحة وحيادية"، مطالباً السلطات السورية "بضمان المساواة بين مكونات الشعب كافة، بعيداً عن منطق الانتقام أو التمييز الطائفي، ضمن إطار الوحدة في التنوع".
داعياً إلى "المضي قدماً في مسار العدالة الانتقالية"، مشيراً إلى أن إنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين والهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية "يمثل خطوة أولى مشجعة".
وشدد المندوب الفرنسي على ضرورة "تنفيذ الالتزامات المعلنة تجاه الأكراد السوريين، لما تشكله من فرصة لحماية وحدة البلاد وسلامة أراضيها".
دعم الانتقال السياسي ومكافحة الإرهاب
أما المحور الثالث الذي شدد عليه المندوب الفرنسي، فهو دعم السلطات السورية لإنجاح الانتقال السياسي بشكل جماعي، معتبراً أن "استقرار سوريا يتطلب القضاء على الإرهاب، والتعامل مع ملف المقاتلين الأجانب، فضلاً عن تفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية".
وأكد بونافون أن السلطات السورية تعهدت ببناء مؤسسات سياسية شاملة تلبي تطلعات جميع السوريين، وأن فرنسا مستعدة لدعم جهود تعزيز القدرات الإدارية للدولة السورية.
ورحب بجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، ودوره في توجيه المرحلة الانتقالية وفقاً لمبادئ القرار 2254.
وأوضح بونافون أن فرنسا "تنتظر نتائج المراجعة الاستراتيجية" التي تقوم بها الأمم المتحدة، من أجل تنظيم أفضل لدعمها لسوريا الجديدة، داعياً مجلس الأمن إلى الاستعداد لاتخاذ قرارات عملية استناداً إلى تلك المراجعة.
وشدد مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة على أن "التحدي الأكبر أمام مجلس الأمن يتمثل في تقديم أفضل دعم ممكن للسوريين في طريقهم نحو تجاوز الماضي، وبناء سوريا موحدة بتنوعها، في سلام مع جيرانها، وخالية من الاستبداد والإرهاب"، مؤكداً التزام فرنسا الكامل بالمساهمة في تحقيق هذا الهدف.