icon
التغطية الحية

فرقة مسرحية من اللاجئين تعرض قصص الحرب واللجوء في بريطانيا | صور

2022.08.09 | 16:32 دمشق

فرقة مسرحية مؤلفة من لاجئين تقدم عروضها في بريطانيا - المصدر: ريآكشن
فرقة مسرحية مؤلفة من لاجئين تقدم عروضها في بريطانيا - المصدر: ريآكشن
ريآكشن - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تقول أروى: "سرت لمدة تسع ساعات، كانت الشمس حارقة كجهنم، فقد كانت شمس آب اللهاب في كردستان، حيث تصل الحرارة إلى 40 درجة مئوية، كان بوسعي وقتئذ أن أشرب البحر لشدة ظمئي، إلا أن الجبل كان شديد الانحدار، ولهذا لم يعد بمقدوري أن أتنفس، ولذلك أخذ المهرب يدفعني من مؤخرتي وهو يقول: "سأعتدي عليك عندما نصل إلى هناك"، إلا أني لم أستطع أن أتبرم مما قاله، إذ كان بوسعه أن يرميني من ذلك الجبل".

أروى ممثلة سورية من أصول فلسطينية، قررت القدوم إلى المملكة المتحدة بعدما تعرض حيها، وهو مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين القريب من دمشق، ذلك المكان الذي تصفه بالمدينة الغاضبة بما أن الجيل الثاني والثالث من اللاجئين الفلسطينيين يعيش فيه، وكل هؤلاء يشعرون بأنهم مسحوقون بما أنه لا مستقبل لديهم في تلك البلاد، بسبب تدمير شامل نتيجة القتال الذي دار بين تنظيم الدولة وقوات الأسد، ولهذا تركت أسرتها وأمها وشقيقاتها وكلبها الحبيب جاكو هناك وسافرت.

أمضت أروى في رحلتها من سوريا خمسة أسابيع حتى وصلت إلى لندن، دفعت خلالها آلاف الدولارات للمهربين، إلا أنها نجت بأعجوبة من الاستغلال الجنسي وصارت تختار مهربين بوسعها أن تثق بهم بعد تلك الحادثة.

صورت أروى جزءاً من رحلتها بواسطة هاتف آيفون الذي كانت تحمله، وفي ذلك المقطع بوسعنا أن نشاهد الجروح على ساقيها، وأن نراها وهي تلهث منهكة، وهي تعبر الغابات والمنحدرات، وعن ذلك تقول: "خلت أني سأموت فعلاً، فتمنيت أن يعثر أحدهم على هاتفي حتى يعرف الجميع ما حدث لي".

جواز سفر مزور

وصلت أروى إلى المملكة المتحدة بجواز سفر مزور، وعن تلك التجربة تحدثنا فتقول: "شعرت بخجل شديد لأني أتيت إلى بلاد أعرف أن شعبها لا يرغب بقدومي، ولكن لم يكن أمامي أي خيار آخر، وذلك لأن مدينتي الغاضبة التعيسة دمرت عن بكرة أبيها خلال الحرب".

تحولت قصة أروى إلى مصدر إلهام لمسرحية جديدة بعنوان: طرواديون في المملكة المتحدة 22، تمثلها فرقة مسرحية مؤلفة من لاجئين سوريين وأوكرانيين وأفغان، خمسة منهم احترفوا التمثيل في بلادهم، وهذه المسرحية تعتبر أحدث مسرحية ضمن مشروع نساء طروادة، وهو عبارة عن مشروع درامي يهدف إلى التواصل وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للاجئين، وقد أتى ذلك المشروع ثمرة لورشات عمل امتدت على مدار ثلاثة أشهر، حيث كانت ورشات العمل الأسبوعية تتضمن وجبة غداء ساخنة، مع دار حضانة للأطفال، وذلك ليشارك أعضاء الفرقة المسرحية قصصهم حول الحرب والمنفى وليتعاونوا على كتابة نص لمسرحية تراجيدية مناهضة للحروب يشبه نص مسرحيات يوريبيديس، ألا وهي مسرحية نساء طروادة التي تدور حول قصص اللاجئين.

ستعرض مسرحية "طرواديون في المملكة المتحدة 22" التي أخرجها شاني إيريز وأماندا واغوت على مسرح ملعب شارع لاتيمر، ضمن فعاليات مهرجان K+C في العاشر من شهر آب الجاري، كما ستعرض ضمن فعاليات مهرجان نهاية الأسبوع في الثالث من أيلول المقبل، ولهذا تأمل تلك الفرقة المسرحية أن تجهز عرضاً مسرحياً آخر ليعرض في أواخر الخريف، ضمن جولة تشمل سائر أرجاء المملكة المتحدة.

"رحلت لأحمي أولادي"

أولغا هي عضو أخرى في تلك الفرقة المسرحية، فقد أتت من مدينة خيرسون الواقعة شرقي أوكرانيا، بعدما استولى الروس على مدينتها في مطلع الحرب. وقد كانت تعمل مدرسة لمادة المسرح، وتدير مهرجاناً شعرياً في بلدها، كما كانت لديها دار نشر خاصة بها، أي إن حياتها كانت سعيدة وممتلئة بالمسرات، إلا أنها تقول: "لقد اجتاحنا الروس"، غير أن الاحتلال الروسي لم يوقف العنف، ولهذا تقول: "رأيت صبياً في الرابعة عشرة من عمره تقريباً يقف عند محطة للحافلات برفقة أبيه، إلا أن الروس أطلقوا عليه النار، أي إنه كان أصغر من ابني بقليل، وهذا ما جعلني أفكر بالرحيل لأحمي أولادي".

تضم هذه الفرقة المسرحية ألينا وفاليري وألكساندرا، وجميعهن ممثلات أوكرانيات، إلى جانب جوليا، التي سبق أن شاركت في مسابقة يوروفيجين للغناء بأوكرانيا، وكذلك سميرة، وهي فنانة أفغانية يحترمها الكل، حصلت على لقب أفضل أفغانية تعمل في مجال المشاريع التجارية خلال إحدى السنوات، وقد عرضت أعمالها في V&A ومن قبل مؤسسة سميثسونيان المتخصصة بمجال المتاحف، إلا أنها اضطرت للرحيل بعد تلقيها لسلسلة من تهديدات بالقتل. وهنالك أيضاً عصام، الذي تميز في مشروعين سابقين للطرواديين، وهو رجل أعمال سوري صاحب مكانة عالية، إلا أنه تحول إلى عامل توصيل طلبات في لاناركشاير.

البدايات

انطلق مشروع نساء طروادة منذ عام 2013، وكانت بدايته في الأردن ثم انتقل في عام 2016 إلى المملكة المتحدة مع انتقال أزمة اللجوء السورية إلى أوروبا. حيث قدمت تلك الفرقة مسرحيات عظيمة في السابق، ومنها ما قدمته خلال جولة برفقة فرقة Young Vic في عام 2016، كما أحيت ليلة رائعة في مهرجان إدنبرا في عام 2019، فكانت تحصد تقييماً عالياً في الغالب الأعم، وتحظى بترحيب حار من قبل الجمهور الذي يتلقف مسرحياتها بالدموع عادة. إذ يعتبر هذا المشروع بمثابة دعم نفسي واجتماعي وكذلك مساهمة لرفع الوعي بين صفوف اللاجئين. أما بالنسبة للمشاركين، فقد أصبحوا أصدقاء بعدما تشاركوا الخبرات وأصبح لديهم منبر ليعرضوا عليه قصصهم أمام العالم بأسره. ولكن بالنسبة للمجتمع المضيف، فإنه يرى في تلك العروض مرآة تقدم له اللاجئين على أنهم بشر كغيرهم، لكنهم بشر نجوا من مصيبة كبيرة، ولذلك فتح هذا المشروع اليوم أمام الأفغان والأوكرانيين، بعدما توسعت أزمة اللجوء خارج إطار سوريا.

تعتبر تلك الفرقة أروى وألينا وفاليري وأليكس حلاً لأي مشكلة كبيرة تعترضها، وذلك لأن الفرقة تطلب منهن دوماً أن يسافرن في جولة لعرض تلك المسرحيات، لأنه من الصعب أن تسمح لهواة بالسفر في جولة لتقديم عروض مسرحية، ولكن خلال السنوات التسع الماضية، تعاونت الفرقة مع أشخاص لم يحترفوا التمثيل، إلا أنهم أحبوا التقرب من الفرقة للحصول على فرصة لتحويل حياتهم إلى قصص مسرحية، لكن الهواة لا يبحثون عن الشهرة، لأن لديهم حياتهم الخاصة وعائلاتهم، بيد أن هذه الفرقة المسرحية ساعدت على توسيع هذا المشروع، من خلال جولات العروض التي تقوم بها داخل المملكة المتحدة، إلى جانب إقامة ورشات عمل درامية، تهدف إلى جذب المزيد من المشاركين الجدد للتمثيل في تلك المسرحيات في كل مكان تصل إليه تلك العروض، على الرغم من أن تحقيق ذلك يحتاج للكثير من المال الذي يتم جمعه من خلال التبرعات.

حياة مهنية تنتهي في المنفى

يتمنى هذا المشروع أن يقدم حلاً لكل من أروى وألينا وفاليري إلى جانب التعاون معهم، وذلك لأن كثيرا من اللاجئين بمجرد أن يصلوا إلى بر الأمان، وأن يسجلوا أولادهم في المدارس، يكتشفون أنه من المستحيل بالنسبة لهم أن يؤسسوا حياتهم المهنية من جديد، ومنهم عصام الذي مايزال يعمل لدى شركة أوبر لتوصيل الطعام منذ وصوله قبل خمس سنوات، بعدما أصبح بعيداً كل البعد عن حياته الموسرة عندما كان مليونيراً في بلده، ولهذا يقول: "في بعض الأحيان تدرك بأن الأمان لوحده لا يكفي".

ولكن بالنسبة لتلك النسوة، فإن التمثيل مهنتهن بالأصل، بيد أن أروى لم تكن الممثلة الوحيدة التي عملت نادلة في لندن، وعن ذلك تقول: "مازلت أحلم أن يصبح ذلك المطعم ملكاً لي".

وخلال تلك الفترة، تمكنت أروى من لم شمل كلبها العزيز، بعدما سارت لأسابيع، وخاضت في الأنهار، وركبت القوارب، وتعرضت لخطر السجن والاغتصاب وهي تدفع آلاف الدولارات طوال الوقت، في حين أن كلبها جاكو تمكن من السفر جواً وبكل حرية إلى المملكة المتحدة قبل عام، وذلك بفضل جمعية خيرية تعرف باسم War Paws.

المصدر: ريآكشن