icon
التغطية الحية

فرص ضائعة وخيارات محدودة.. موقف إسرائيل من "الاتفاق النووي" (2)

2021.04.15 | 11:55 دمشق

jcpoa.png
إسطنبول - خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

يتابع موقع تلفزيون سوريا نشر الجزء الثاني من ملف يتناول موقف إسرائيل من الاتفاق النووي الإيراني ومن مساعي واشنطن لإحيائه، ويركز هذا الجزء على تضارب وجهات النظر بين الولايات المتحدة وإسرائيل لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية، وماهي الخيارات التي تملكها تل أبيب؟ وهل ستفعّل الخيار العسكري المطروح على الطاولة؟ إضافة إلى استعراض أبرز محطات البرنامج النووي الإيراني منذ التأسيس وصولاً إلى اجتماع "فيينا".

 

خلاف أم اختلاف؟

على الرغم من تلازم المسارين الأميركي والإسرائيلي، لدرجة الارتباط العضوي في العديد من القضايا، وتأكيد الإدارة الأميركية الجديدة التزامات واشنطن الثابتة بالحفاظ على التفوق الإسرائيلي في المنطقة، إلا أن هناك اختلافاً بين الطرفين حول طريقة التعاطي مع البرنامج النووي الإيراني.

وفي الوقت نفسه، لا خلاف بين واشنطن وتل أبيب على أهمية إزالة الخطر النووي الإيراني، ويمثل هذا الأمر هدفاً استراتيجياً مشتركاً بين البلدين، إلا أن لكل منهما طريقته وحساباته، حيث يتخذ الحليفان المقربان مواقف مختلفة تماماً فيما يتعلق بمسار تحقيق الهدف المشترك.

وبينما ترى تل أبيب أن امتلاك إيران للسلاح النووي، إضافة لتطوير الأخيرة لمنظومة صواريخ بالستية دقيقة ونشاطاتها التوسعية في الشرق الأوسط، أهم مصدر تهديد لتفوقها العسكري في المنطقة.

إلا أن واشنطن، في عهد بايدن أكثر من سابقيه، تسعى لتخفيض الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط وتوجه أنظارها نحو الخطر القادم من الشرق (الصين).

ويقول معلق الشؤون الأمنية والعسكرية لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، إن إسرائيل تلاحظ أن الأميركيين يريدون إزالة ملف النووي الإيراني من الأجندة الأميركية بأي ثمن، ليتفرغوا لأمور أكثر إلحاحاً مثل أزمة كورونا وتطوير البنية التحتية المحلية والمواجهة مع الصين وروسيا .

ويرى المحلل الإسرائيلي أن سبب الاندفاع الأميركي لإتمام اتفاق يمنع الإيرانيين من امتلاح سلاح نووي، يعود إلى خشية واشنطن من اندلاع حرب في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران، وعندها ستضطر واشنطن للدخول في الحرب إلى جانب إسرائيل.

لذلك، فإن الأميركيين على استعداد لتقديم تنازلات لكي يعود الإيرانيون إلى الاتفاق النووي الأصلي الذي انسحب منه ترامب.

ولكن إسرائيل ترى أن محادثات "فيينا" ستمنح الإيرانيين شراء الوقت لكي يصلوا إلى النادي النووي، وتسعى لعرقلة هذه العملية، ولكنها تواجه صعوبات.

خيارات تل أبيب المحدودة

إسرائيل التي تقرأ مباحثات "فيينا"، التي تمر بمخاض الولادة، بأنها ستتقدم في نهاية المطاف إلى إحياء الاتفاق القديم، أي خسارة معظم المكاسب التي حققتها في أربعة أعوام في عهد ترامب.

وجلوس الأميركيين مع الإيرانيين في فيينا أغلق الباب أمام إسرائيل التي كانت تتمنى أن تواصل واشنطن "الضغط الأقصى" على طهران.

ويقول بن يشاي إن إسرائيل اليوم في أسوأ وضع دبلوماسي في تاريخها. والسبب الرئيسي يعود للعلاقة "السيئة" التي تجمع نتنياهو بالإدارة الجديدة.

وأمام هذا الواقع الجديد لا يبدو أن لإسرائيل استراتيجية واضحة حيال النووي الإيراني، كما أن الاستمرار بضرب أهداف عسكرية تابعة لإيران في سوريا ومياه الخليج والبحرين الأحمر والمتوسط لن توقف مسار إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

ويقول الباحث السياسي الإسرائيلي، عامي روحقس دومبا، في موقع إسرائيل ديفنس (Israel defense)، بعد ثلاثة أشهر من تولي بايدن منصبه، يبدو أن إسرائيل لم يبق أمامها الكثير من الخيارات في الملف الإيراني، سوى الانضمام إلى الأميركيين في جهودهم للتوصل إلى اتفاقيات جديدة مع إيران.

بدوره يرى قائد غرفة عمليات إيران (الدائرة الثالثة) في الجيش الإسرائيلي، اللواء تال كالمن، بأنّ الحوار مع الأميركيين هو السبيل الوحيد للتأثير على طبيعة الاتفاق الذي سيتم توقيعه مع إيران.

وفي هذا السياق، فقد أثمرت مناقشات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات مع نظيره الأميركي جيك سوليفان خلال الشهرين الماضيين إلى الوصول إلى رؤية مشتركة مفادها "برنامج إيران النووي لعام 2021 ليس البرنامج النووي الذي كانت تمتلكه عندما تم توقيع الاتفاقية السابقة في عام 2015."

وفي ظل الخيارات المحدودة، تدرك إسرائيل بأن لا تأثير دبلوماسياً لها على مجريات المحادثات النووية في فيينا، ولكن عليها الإبقاء على التنسيق مع الأميركيين وتبادل المعلومات الاستخبارية فيما يتعلق بالخطوة التالية في حال فشلت الدبلوماسية الأميركية بوقف الخطر النووي الإيراني.

 

ماذا عن الخيار العسكري؟

لطالما لوحت تل أبيب بوضع الخيار العسكري على الطاولة لضرب المنشآت النووية الإيرانية، لتهديد طهران من جهة، ولتحذير واشنطن من العودة إلى الاتفاق النووي.

على الرغم من تصريح إسرائيل بأنها قادرة على تدمير المفاعل النووي الإيراني، كما فعلت في مفاعل تموز العراقي 1981 ومفاعل الكُبر السوري 2007، إلا أن مفاعل إيران يختلف عن المفاعلين السابقين فهو ليس في مكان واحد وإنما موزع في مناطق متفرقة في إيران وأغلب منشآته تحت الأرض.

ويقول الباحث السياسي الإسرائيلي، عامي روحقس دومبا، إن إسرائيل لا تستطيع اتخاذ قرار مهاجمة إيران من دون موافقة واشنطن أو على الأقل إبلاغها.

ويوضح الباحث الإسرائيلي، إذا أرادت إسرائيل مهاجمة إيران، ستحتاج إلى دعم بايدن وأجهزة الاستخبارات الأميركية المتفوقة للنجاح بمهمتها.

ويتابع، حتى في حال أرادت إسرائيل الحفاظ على عنصر المفاجأة في الهجوم، فمن المحتمل جداً أن يعرف البيت الأبيض ذلك مسبقاً. وإذا أراد بايدن الحفاظ على الاتفاق مع الإيرانيين، سيكفيه تسريب الخبر لوسائل الإعلام الأميركية لإحباط الهجوم الإسرائيلي.

من جانب آخر، تطبيق الخيار العسكري من قبل إسرائيل سيجبر واشنطن على الوقوف معها وربما الانجرار إلى حرب تقليدية شاملة، في وقت تحاول فيه واشنطن تخفيف وجودها بالشرق الأوسط.

إضافة إلى أن معظم الأسلحة الإسرائيلية هي صناعة أميركية، ما يعني أن أي مغامرة إسرائيلية عسكرية ضد إيران ستورط واشنطن بحرب هي بغنى عنها.

رغم كل المعطيات المقيدة للخيار العسكري في مواجهة التهديد الإيراني ولوقف برنامجها النووي، تبقي إسرائيل تفعيل هذا الخيار كحل أخير، مع الاستمرار في تسديد الضربات والمناوشات ضد أهداف إيرانية في سوريا والمعابر البحرية وفقاً لما تنفذه منذ ثلاث سنوات من دون أن تتبنى هذه العمليات لعدم الانجرار إلى حرب شاملة.

وفي هذا الصد تنقل وكالة الأناضول عن الرئيس السابق للموساد داني ياتوم، أن على إسرائيل إبقاء الخيار العسكري "على الطاولة" موضحاً في حوار مع الوكالة التركية، "أنا لا أقول إن الحل العسكري هو الخيار الأول، على العكس إنه الخيار الأخير، ولكن يجب أن يبقى على الطاولة ولا يجب استبعاده".

 

إيران والقوى الكبرى وقعت الاتفاق في 2015.
الموقعون على الاتفاق النووي الإيراني 2015 AFP

 

 

قصة البرنامج النووي الإيراني.. أبرز المحطات

  • البداية في خمسينيات القرن الماضي.. الشاه يطلق البرنامج

الشاه محمد رضا بهلوي يطلق برنامجاً نووياً لأغراض مدنية بالتعاون مع إدارة ايزنهاور الأميركية.

  • شباط 1979.. الخميني يعتلي السلطة ويطيح بالشاه

نظام الملالي ينسف جهود الشاه النووية، واشنطن تعلق التعاون بعد قضية "أسرى السفارة".

  • أواخر الثمانينيات .. عبد القادر خان يقدم المساعدة

العالم النووي الباكستاني عبد القادر خان يبيع لإيران وكوريا الشمالية وليبيا تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم.

  • كانون الثاني/يناير 1995 .. التعاون الروسي

إيران وروسيا توقعان اتفاقية نووية بقيمة 800 مليون دولار لاستكمال بناء مفاعل للماء الخفيف في منشأة "بوشهر" النووية.

  • حزيران 1996 .. العقوبات الأميركية

 بيل كلينتون يفرض عقوبات اقتصادية على طهران (وليبيا) بعد تقارير استخبارية عن محاولات إيران لصنع قنبلة نووية.

  •  2002.. الكشف عن المنشآت السرية

منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة تكشف وثائق عن نشاط طهران النووي في منشآت سرية.

  • 2003.. لجان التفتيش الدولية

بعد الغزو الأميركي للعراق تعلق طهران أنشطتها النووية وتضع منشآتها تحت المراقبة الدولية.

  • 2006.. منشأة "نطنز" لتخصيب اليورانيوم

بعد فشل المحادثات مع الغرب وتشكيك الوكالة الدولية بـ "سلمية" البرنامج، طهران تعيد افتتاح "نطنز".

  • أب/أغسطس 2006.. منشأة "أراك" للمياه الثقيلة

أحمدي نجاد يفتتح منشأة "أراك" لإنتاج البلوتونيوم ويعتبر وقوداً يستخدم في إنتاج الأسلحة النووية.

  • كانون الأول/ديسمبر 2006.. أول عقوبات دولية

الأمم المتحدة تفرض حزمة عقوبات لأول مرة على إيران لكبح برنامجها النووي.

  • 2008.. أول هجوم إلكتروني

الولايات المتحدة وإسرائيل تشنان أول هجوم إلكتروني بسبب تخوف واشنطن من تهور تل أبييب الساعية لتدمير المفاعل، وتشاركها في اختراق إلكتروني ناجح لمنشأة "نطنز".

  • نيسان/أبريل 2009.. انضمام واشنطن إلى المحادثات

الولايات المتحدة تنضم إلى المحادثات مع إيران، بمشاركة هيلاري كلينتون في مفاوضات النووي الإيراني مع الدول العظمى.

  • شباط/فبراير 2010.. أدلة على تطوير رأس حربي نووي

المفتشون الدوليون: لدينا أدلة مهمة على نشاط إيران السري في الماضي والحاضر في تطوير رأس حربي نووي.

  • 1 من تموز/يوليو 2012.. حظر النفط الإيراني

عقوبة من الاتحاد الأوروبي على النفط الإيراني كوسيلة للضغط، وطهران تقرّ أنَّ صادراتها ومبيعاتها النفطية تراجعت إلى 40%.

  • 27 من أيلول/سبتمبر 2013.. القمة الأميركية الإيرانية

أول محادثة بين رئيسي الولايات المتحدة وإيران، أوباما وروحاني وهو أول ربط مباشر بين قادة البلدين منذ 34 عاماً.

  • 24 من تشرين الثاني/نوفمبر 2013.. التمهيد للاتفاق النووي

وصلت المفاوضات إلى اتفاق مؤقت مع إيران يجمد البرنامج النووي تمهيداً لاتفاق شامل مع دول الخمسة زائد واحد.

  • نيسان/أبريل 2015.. مسودة للاتفاق النووي

توصلت القوى العظمى وإيران إلى اتفاق إطاري، وبعد ثلاثة أشهر يتحول إلى اتفاقية شاملة تفضي بإزالة العقوبات مقابل وصول الوكالة الدولية إلى المنشآت.

  • 14 من تموز/يوليو 2015.. الاتفاق التاريخي

توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى (خطة العمل الشاملة المشتركة) في فيينا.

  • 30 من نيسان/أبريل 2018.. الأرشيف بيد إسرائيل

نتنياهو يعرض "الأرشيف النووي الإيراني" ويقول إيران تكذب، بعد عملية نوعية للموساد لسرقة أطنان من الأدلة والوثائق على محاولات طهران تطوير أسلحة نووية.

  • 8 من أيار/مايو 2018.. الانسحاب الأميركي

ترامب ينسحب من الاتفاق، من طرف واحد، ويفرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران.

  • 27 من تشرين الثاني/نوفمبر 2020.. اغتيال محسن زاده

إسرائيل تغتال العالم النووي الإيراني فخري محسن زاده قرب طهران.

  • 4 من كانون الثاني/يناير 2021..  تجاوز الحد في تخصب اليورانيوم

إيران تستأنف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، بعد تقليص تعهداتها بالاتفاق عبر عدة مراحل.

  • 14 من شباط/فبراير 2021.. عودة واشنطن للاتفاق

إدارة بايدن تبلغ مجلس الأمن رسمياً رفع العقوبات التي فرضها ترامب (عقوبات سناب باك).

  • 6 من نيسان/أبريل 2021.. إطلاق مسار "فيينا"

الولايات المتحدة وإيران تبحثان العودة إلى الاتفاق النووي بمشاركة القوى العظمى وبدعم من الاتحاد الأوروبي.