icon
التغطية الحية

فتّش عن إيران.. مليارات ثمن معارض سيارات على المخطط بريف دمشق

2020.12.06 | 13:59 دمشق

sham.jpg
معرض سيارات إيرانية في دمشق (إنترنت)
إسطنبول ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

تناقلت مختلف وسائل إعلام النظام تشاركها وسائل إعلام إيرانية أيضاً، خبر انطلاق أعمال الحفريات لتجهيز البنى التحتية، المتعلقة بمشروع مدينة معارض السيارات في منطقة "الدوير" الواقعة في محافظة ريف دمشق.

ويهدف المشروع إلى تجميع كل المعارض الخاصة بالسيارات، الموزعة داخل دمشق وفي محيطها، وحصر آليات بيعها وشرائها داخل مدينة المعارض الجديدة حصراً. كما سيتضمّن المشروع كازيات و"مول" ومطاعم وحدائق وحلبة لتجريب السيارات ومسارا لتعلم القيادة، ومركزا للنافذة الواحدة، ومقار للمصارف ومختلف الفعاليات التجارية.

اقرأ ايضاً : السيارات الإيرانية غير آمنة.. ما السبب؟

أعمال الحفريات التي أعلن اليوم عن انطلاقها، أدلى مدير فرع المنطقة الجنوبية في شركة الإنشاء والتعمير، كمال حسن، بتصريحات حولها لوكالة إعلام النظام "سانا"، قال فيها إن مدة العقد لإنجاز المشروع حددت بسنة كاملة، مشيراً إلى أن مساحته الأولية تبلغ 80 هكتاراً من أصل المساحة الكاملة البالغة 200 هكتار، وبكلفة تصل لـ 5 مليارات ليرة سورية.

وتتوزع التكاليف، بحسب تصريحات الحسن، على 3 عقود "عقد حفر الطرقات بقيمة 3 مليارات و700 مليون ليرة وعقد الصرف الصحي بقيمة مليار و300 مليون ليرة وعقد شبكات المياه بقيمة 100 مليون ليرة إضافة إلى عقد الكهرباء بقيمة مليار والذي سيتم تنفيذه من قبل مؤسسة الإنشاءات العسكرية".

أهداف المشروع وأبعاده

وأفاد الحسن أن اختيار منطقة الدوير لتكون مركزاً للمعرض، جاء نظراً لقرب المنطقة من مدينة دمشق، مضيفاً أن محافظة ريف دمشق هي صاحبة المشروع وأن الشركة العامة للبناء والتعمير هي القائمة بالتنفيذ مع إشراف شركات أخرى، على حد قوله.

تفاوت في أسعار الاكتتاب.. والشراء بالغصب

يذكر أن لجنة إدارة واستثمار مدينة معارض السيارات في الدوير، فتحت باب الاكتتاب على مختلف المقاسم فيها منذ شهر أيار من العام الماضي (2019)، بحيث بلغت قيمة الاكتتاب لكل متر مربع آنذاك 500 ليرة سورية متضمناً جميع تكاليف البنى التحتية.

 

 

وفي شهر آب من هذا العام، أعلن مدير المعارض في دمشق، غاندي سليمان، عن إنجاز المخطط التنظيمي للمدينة تمهيداً لاعتماده.

وصرّح سليمان حينئذ لـ "سانا" بأن الحكومة وجهت إنذاراً إلى أصحاب معارض السيارات المنذرين بالهدم على المدخل الشمالي لمدينة دمشق وأصحاب معامل تجميع السيارات والوكلاء الأصلاء لوكالات السيارات والآليات في سورية والمرخص لهم بممارسة هذه المهنة في محافظتي دمشق وريف دمشق من أجل إجبارهم على الاكتتاب في مدينة المعارض حصراً.

 أثناء ذلك، كانت لجنة إدارة واستثمار مدينة معارض السيارات مددت الاكتتاب على بيع المقاسم بسعر مخفض يبلغ 135 ألف ليرة للمتر المربع علماً أن الإعلان السابق الأولي كان 215 ألفاً للمتر المربع، في حين كان يبلغ 500 ليرة فقط في بداية إعلان فتح الاكتتاب في أيار 2019.

وكانت معارض السيارات ومعامل تجميع قطعها وكذلك وكلاء مختلف أنواع السيارات، يتمركز غالبيتهم عند مدخل دمشق الشمالي في أراض تابعة لمدينة "حرستا" بريف دمشق، غير أن تلك المنطقة تعرضت لدمار واسع نتيجة القصف المتواصل من قبل النظام ووحداته العسكرية المتمركزة فيها.

فتّش عن المستفيد

يعود القرار الأولي لإنشاء المدينة الجديدة إلى الـ12 تشرين الثاني 2018، حين وضع رئيس حكومة النظام آنذاك، عماد خميس، حجر الأساس للبدء بتنفيذ المشروع الذي اصطدم برفض غالبية تجّار السيارات ووكلائها لأسباب عديدة، من بينها أن المعرض الجديد يعدّ بعيداً عن مركز مدينة دمشق والأوتوستراد الدولي الرئيسي المتجه شمالاً.

وتبرز هنا مسألة المكان وبعده عن العاصمة، إذ إن مركز المعرض في "الدوير" يبعد عن مركز دمشق أكثر من 15 كم، كما أنه ليس على طريق حمص الدولي كما يتم الإعلان عنه عبر وسائل الإعلام، وإنما أقرب إلى مطار دمشق الدولي في الغوطة الشرقية، وفي بقعة بعيدة نسبياً عن "الأوتستراد" الواصل بين المطار ودمشق.

 

d483dcea-6b46-4bea-b7d7-ba7adae65409.jpg
خريطة توضح موقع مدينة المعرض في الدوير (google)

 

وكما هو معلوم لدى الكثيرين، فإن تلك المنطقة تعدّ مركز تموضع وانتشار الميليشيات الإيرانية المطوّقة للعاصمة ولمطارها الدولي.

هذه التفاصيل تناقض ما صرّح به مدير فرع المنطقة الجنوبية في شركة الإنشاء والتعمير، كمال حسن، حين علل اختيار المكان بقربه إلى العاصمة.

ووفقاً لذلك، فإن الراغب بمشاهدة الجديد في عالم السيارات بصورة مستمرة، لن يسمح له بُعد المسافة وابتعاد منطقة المعرض عن الطريق الرئيسة، وهذا ما يضع العديد من إشارات الاستفهام حول انتقاء ذلك المكان حيث سيتعارض مع عمليات البيع والشراء والتواصل مع الزبائن.

يضاف إلى كل ذلك أن سعر متر الأراضي (المعمَّرة) في تلك المنطقة، في أحسن حالاته، لن يصل إلى أكثر من 15% من سعر الاكتتاب الذي حددته الحكومة لبيع أمتار مقاسم المعرض المزمع إنجازه.

وفي الـ30 من كانون الأول عام 2018، أي عقب أقل من شهرين على إصدار قرار مدينة معارض السيارات بالدوير، أعلن نظام الأسد، بحسب ما أكدته "سانا"، عن منحه الشركات الإيرانية الأولوية في إعمار سوريا.

تأكيد وكالة "سانا" جاء ضمن خبر تناول زيارة لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام، محمد سامر الخليل، لطهران ولقائه برئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة في إيران.

ومما نقلته "سانا" عن الخليل أحد تصريحاته في تلك الزيارة، قال فيه إن حكومة النظام "قررت أن الشركات الإيرانية ستتمتع بالأولوية في إعادة إعمار سوريا خلال المرحلة ما بعد انتهاء الأزمة في هذه البلاد".

 كما أشارت قناة "العالم" الإيرانية بوضوح إلى إشراف إيران بصورة غير معلنة على مشروع المدينة، عبر خبر نشرته في نيسان من العام الجاري، قالت فيه إن "المشروع يضم كل ما يتعلق بوضع السيارات سواء بالبيع أو الشراء أو قطع التبديل وخدمات لازمة، كمديريات النقل ومدارس سواقة وأماكن ترفيهية".

ملكية المعارض السابقة للسيارات.. وأصل الحكاية

بقي علينا أن نشير إلى أحد أهم الجوانب المتعلقة بقضية نقل المعارض وتجميعها بالكامل في تلك المنطقة (مدينة السيارات في الدوير)، ويتمثل هذا الجانب بملكية غالبية المعارض القديمة وشركات السيارات ومعامل تجميعها، الواقعة بالقرب من حرستا والتي تعرض جزء واسع منها للدمار؛ حيث تعود إلى أهم شخصيتين كانتا مقربة من رئيس النظام في أوقات سابقة.

الشخصيتان هما: ابن خاله رامي مخلوف، وابن خال والده حافظ الأسد "ذو الهمة شاليش" الذي كان يشغل رئيس الأمن الرئاسي والمرافق الخاص لحافظ.

بالنسبة للأول فقصته وخلافه مع رئيس النظام معروفتان لدى غالبية المتابعين، أما "شاليش" فقد خرج في السنوات الأخيرة من حكم الأسد الأول، من طاقم أمن الرئيس ليتفرغ لـ "البزنس".

أنشأ شاليش شركة مقاولات ضخمة، ويكفي أنها ترتبط باسمه، فالعارفون يقولون إن رأسماله زهيد وآلياتها أقل من أي شركة عادية وكادرها أقل من أن ينفذ 1% من حجم الأعمال التي تنفذها.

وقد تخصصت هذه الشركة في الأعمال الترابية أي في شق الطرق وإنشاء السدود التخزينية مثل سد زيزون الفضيحة.

 

72015231844410.jpg
ذو الهمة شاليش واقفاً خلف رئيس النظام (إنترنت)

 

وقدّر حجم المقاولات التي تنفذها هذه الشركة بأكثر من 5 مليارات سنويًا، وأن أي مشروع مقاولات يشير إليه يجب أن يكون من نصيب هذه الشركة، هذا من جانب.

أما من الجانب المتعلّق بالسيارات، فإن جميع تجار وزبائن السيارات، ليس في دمشق فحسب بل في غالبية محافظات سوريا، يعلمون جيداً أن جميع صالات السيارات على طريق دمشق حمص الدولي بالقرب من حرستا، تعود ملكيتها بالأساس إلى "ذو الهمة شاليش"، وجميعها عبارة عن أبنية مخالفة كان يشتريها من أصحابها ببضع ملايين ثم يعيد بناءها كصالات عرض للسيارات.

ولأسباب لم يتم التأكد من معظمها، تم عزل شاليش من منصبه، في نهاية 2015، كرئيس مرافقي بشار الأسد وحراسه، ثم صدر أمر بوضعه في الإقامة الجبرية في منزله بحي المالكي بدمشق أواخر العام 2018، لتختفي أخباره منذ ذلك الحين.

اقرأ أيضاً: إيران تفتتح مركزاً تجارياً لها في سوريا

مركز "السوق الحرة" التجاري.. من ملكية مخلوف إلى جعبة إيران

في منتصف تشرين الأول الفائت، كشف رئيس "الغرفة التجارية الإيرانية السورية المشتركة" كيوان كاشفي، عن افتتاح مركز تجاري إيراني، أطلق عليه مسمى (إيرانيان)، في قلب العاصمة السورية دمشق.

المركز التجاري كانت تعود ملكيته الكاملة لرامي مخلوف قبل نشوب الخلافات بينه وبين ابن خالته بشار، حيث يضم معظم أنشطته الإعلامية (مقر صحيفة الوطن، وتلفزيون الدنيا..) بالإضافة إلى شركاته التجارية.

وتبلغ مساحته أربعة آلاف متر مربع، ويقع بالمنطقة التجارية الحرة في دمشق، بحي البرامكة، حيث يتمتع بموقع مميز بالنسبة للإيرانيين لوجود الشركات الإيرانية والأنشطة الاقتصادية في المنطقة. ويتكون من 12 طابقاً، طابقان مخصصان منه للمعارض، والطوابق المتبقية سيتم من خلالها تقديم خدمات الشحن والنقل والاستشارات القانونية والمصرفية والتأمين.

ويحتوي المركز اليوم على 24 شركة إيرانية تمارس مختلف أنشطتها التجارية والمصرفية، وتؤكّد مصادر محلية أن هذه الشركات حلّت محلّ شركات مخلوف في التحكّم الكامل بمفاصل البلد الاقتصادية.