icon
التغطية الحية

فتح معبر عرعر السعودي.. كيف سيستفيد منه النظام وميليشيات إيران؟

2020.11.21 | 04:20 دمشق

gt11-18.jpg
غازي عنتاب - سعد الشارع
+A
حجم الخط
-A

لم تكن سيطرة النظام على بلدة نصيب الحدودية مع الأردن في محافظة درعا في 6 تموز 2018 حدثاً عسكرياً فقط، بل الفائدة الاقتصادية التي يرجوها النظام بتفعيل الطريق التجاري المعروف بأوتوستراد M5 (طريق سوريا - الأردن)، الطريق الذي توقف نشاطه الاقتصادي بعد سيطرة فصائل المعارضة على المعبر من جهته السورية في أوائل شهر نيسان من عام 2015، حيث أغلق الجانب الأردني الحركة المرورية وخاصة التجارية منها، وبات النشاط التجاري للنظام محصوراً مع منافذ لبنان والحركة البحرية في الموانئ السورية.

تكمن الأهمية الاقتصادية لهذا الطريق أنه شريان الربط الاقتصادي البري الوحيد بين سوريا والأردن وأسواق الخليج العربي، وبمعرفة أن هذا الطريق (M5) يلتقي مع عقدة مدينة سراقب شرق إدلب مع أوتوستراد (M4) الذي يدخل الأراضي السورية عند بلدة اليعربية الحدودية مع العراق، أي إن مروره في شمال حلب يعني تدفق للبضائع التركية لذات المقصد الذي تسلكه الشاحنات السورية (الأردن/ الخليج العربي.

وسبق ذلك بسنوات عديدة عدم تمكن تركيا من استخدام الطرق العراقية التي تصل إلى المملكة العربية السعودية وذلك بسبب جغرافية المنطقة التي تشهد نشاطاً واسعاً لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وإغلاق معبر عرعر السعودي منذ عام 1991.

لم تنتظر دمشق ومعها عمان فتمت إعادة افتتاح المعبر بين البلدين (نصيب- جابر) في منتصف تشرين الأول عام 2018، وبدأت الحركة التجارية تعود للنشاط تدريجياً، وحاولت حكومة النظام حينها زيادة زخم التصدير بالاعتماد على منتجات المعامل والمصانع وتحديداً في مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب، سالكة بذلك طريق (السفيرة- خناصر) الذي تنتشر عليه حواجز عسكرية عديدة، ومن هنا بدأت تنشط ما تـسمى عمليات (الترفيق)، وتعني مرافقة الشاحنات التجارية بمجموعة من العناصر العسكرية التي بغالبها تتبع لمتنفّذين في قوات النظام أو ما يسمى بالشبيحة مقابل مبالغ مالية.

توقفت الحركة في المعبر بعد إعلان الإغلاق من قبل السلطات الأردنية نتيجة تفشي فيروس كورونا في منتصف شهر آب عام 2020 بعد تأكيد الجانب الأردني أن أولى الإصابات بالفيروس جاءت من سوريا، لتعيد افتتاحه في نهاية أيلول من نفس العام، وكانت الأولوية لدخول الشاحنات السورية المتوقفة في المعبر خلال فترة الإغلاق والتي تجاوزت ألف شاحنة تقريباً، مع عودة الحركة فرضت الأردن رسوماً إضافية على العبور تقدر بنحو 2000 دولار أميركي لكل شاحنة وهذا ما أكده نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق (فايز قسومة)، وهذا المبلغ يعتبر عاليا نسبياً خاصة اذا كانت المواد المصدرة من الخضار والفواكه، لتتحول الأمور لمناقشات بين اللجان التنفيذية ذات الصلة بين البلدين، دون الوصول لتفاهم نهائي حيث تريد عمان الاستفادة من عبور الشاحنات على أراضيها والتي تصل إلى دول الخليج العربي، هنا بات لزاماً على حكومة النظام إيجاد تسوية ملائمة مع عمان أو البحث عن حلول بديلة، لتأتي الأخبار السارة له بافتتاح معبر عرعر السعودي مع العراق.

اقرأ أيضاً: "غرفة تجارة دمشق" تطالب بفتح معبر عرعر مع الخليج بدلاً من نصيب

 

العربية السعودية تعيد افتتاح معبر عرعر مع العراق

بعد توقف دام لقرابة 30 عاماً، أعادت الرياض افتتاح المعبر البري مع العراق الذي تم إغلاقه على أثر غزو الأخير لدولة الكويت، وتم تدشين هذا الافتتاح بإرسال نحو 15 شاحنة سعودية محملة بالمساعدات الطبية والأدوية للعراق، وتكفل الجانب السعودي بكامل تجهيزات المعبر في كلا الطرفين، وبحسب بعض المصادر فإن المسعى القادم سيكون لافتتاح معبر ثانٍ ويُعتقد سيكون معبر رفحاء المعروف تاريخياً باسم طريق الحج.

ويعني ذلك أن التوجه السياسي للسعودية والعراق يسير نحو زيادة التبادل التجاري ورفع سوية العلاقات بين البلدين، ورغم إن الأهمية السياسية تغطي هذا القرار بشكل أشمل إلا أن التبعات الاقتصادية تساعد على بلورة هذا التوجه، حيث يعزز القرار عدم تسريب أي منتجات تركية للعربية السعودية بعد قرار مجلس الغرف التجارية السعودية مقاطعة البضائع والمنتجات التركية.

وتـجدر الإشارة هنا إلى أن هذا المجلس هيئة غير حكومية تضم رجال أعمال من القطاع الخاص ينافي في قراره ما صرحت به الحكومة السعودية أنها لا تفرض أي قيود على البضائع التركية، لكن يبدو أن اختلاف التصريحات يخفي تناغماً في الأداء بدا واضحاً في الحملة الإعلامية التي كانت أقوى من التطبيق العملي محلياً لمقاطعة البضائع التركية.

بدائل النظام تتجه نحو الاستفادة من افتتاح معبر عرعر، بتحويل وجهة الشاحنات من معبر نصيب (الأردن) إلى العراق ثم عرعر السعودية، ولهذا التوجه تبعات متناقضة يمكن حصرها بالنقاط التالية:

  • السلبية الأساسية من هذا التوجه تتعلق بزيادة المسافة المقطوعة زمنياً أضعافاً كثيرة حيث المسافة الزمنية من دمشق حتى الدخول إلى معبر جابر لا تستغرق أكثر من ثلاث ساعات بينما تحتاج لأكثر من عشرين ساعة على أقل تقدير للوصول لمعبر عرعر.
  • تستفيد الشاحنات من هذا الطريق بعدم وجود رسوم إضافية والتخلص من مبلغ 200 دولار الذي فرضته السلطات الأردنية.
  • التحدي الأبرز يكمن في تأمين وصول هذه الشاحنات، فالطريق الذي تسلكه يقع ضمن دائرة نشاطات تنظيم الدولة سواء في سوريا أو العراق، فالعبور من دمشق يتطلب المرور بمدينة تدمر وسط سوريا ثم مدن محافظة دير الزور وصولاً لمعبر البوكمال – القائم العراقي، حيث تستكمل الشاحنات طريقها إلى مدينة الرمادي ثم كربلاء وصولاً إلى النخيب التي تبعد نحو 100 كلم عن معبر عرعر، هذا الطريق يشكل قوساً في محيط باديتي الشامية في سوريا والأنبار العراقية وتمكن تنظيم الدولة من تنفيذ عشرات العمليات العسكرية والأمنية بهذه البقعة الجغرافية خلال الفترة الماضية.

 

عبضلا.jpg

 

إيران هي المستفيدة

تدعم إيران افتتاح هذا الطريق لاستفادة مباشرة تتعلق بزيادة وصول البضائع الإيرانية للسعودية عبر العراق وأحياناً يكون هذا الوصول غير مباشر من خلال منتجات المشاريع الاقتصادية التي مولتها طهران في العراق للتهرب من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها الولايات المتحدة الأميركية، وتشغيل الميليشيات الإيرانية في سوريا ومجموعات تتبع للحشد الشعبي في سوريا عبر عملية ترفيق الشاحنات لحمايتها من أي هجمات محتمل أن تتعرض لها في مسيرها من قبل تنظيم الدولة.

بالمقابل فإن الأردن قد يغير من قراره بزيادة الرسوم معولاً أيضاً على تدفق البضائع التركية في حال استقرار الحركة كلياً على الطرق الأساسية في وسط سوريا، لكن ذلك لن يعيق خطط إيران ومن تُشغّلهم من ميليشيات في سوريا والعراق من الاستفادة من افتتاح المعبر، لتبقى كلمة الفصل لدى الحاضر دائماً تنظيم الدولة، الذي يستطيع بناء على إمكانياته في معارك المباغتة والكمائن السريعة من إعاقة الحركة وقطع الطريق مؤقتاً كما حصل عدة مرات قرب بلدة السخنة، وتحتاج الحركة التجارية للحد الأدنى من الأمان وهذا ما يتعارض مع واقع المنطقة.