غوار الطوشة الذي يكره محمد الماغوط

2021.02.13 | 00:02 دمشق

ayyamsyria.net-2019-01-31_11-09-20_959919.jpg
+A
حجم الخط
-A

يعيد دريد لحام رواية سيرته وإن كانت على هيئة حوار في إذاعة محلية فهو يلامس أهم مفاصلها وصنّاعها، ولا يستحي لحام في إنكار الأدوار المهمة لهؤلاء في نجوميته التي خبت وانكشفت بعد موت نهاد قلعي وابتعاده عن محمد الماغوط قبل رحيله.

يمر سريعاً على ذكر نهاد قلعي في أغلب حواراته وإن كان في بعض اللقاءات الخاصة قد استفاض في شتمه غمزاً حين قال لي (الكاتب) ذات يوم في مكتبه المجاور لمطعم ست الشام بدمشق: (كان يستدين مني ليلعب القمار ويشرب الويسكي بينما كنت أنا أجمع مالي ولا أبذره)، وكان حينها يتحدث عن وفائه لزملائه وعدم تخليه عنهم.

علاقته مع محمد الماغوط كانت ندّية لذا يحاول جاهداً أن يقدم نفسه كمساهم في إبداع الماغوط حيث قال في لقائه مع إذاعة المدينة fm: (وحول ما يقال بأن دريد لم يكن ليحقق أي نجاح لولا الماغوط، بيّن لحام: أنه لا يحب أن يقدم نفسه ككاتب ولكن الحقيقة هي أنه شارك بكتابة كل الأعمال المسرحية التي قدمها وهي "غربة، ضيعة تشرين، كاسك ياوطن، وشقائق النعمان").

ما نسيه دريد لحام في إنكاره الفج لفضل الماغوط هو أن يعدد ما هي الأعمال الناجحة التي قدمها بعد خلافه مع الماغوط

الأدهى من ذلك أنه ذهب لأبعد من المساهمة بل إنَّ النجاح الذي حصدته أعمال الماغوط كانت بسبب وجوده فيها، ويقدم دليلاً على ذلك مسرحية (خارج السرب) التي قدمها دون لحام فلم تحصد انتشاراً ونجاحاً كسابقاتها.

لكن ما نسيه دريد لحام في إنكاره الفج لفضل الماغوط هو أن يعدد ما هي الأعمال الناجحة التي قدمها بعد خلافه مع الماغوط، والتي تعكس انهياراً وسفاهة في كل ما قدمه على كل المستويات الفنية، والأدلة كثيرة على هذا الفشل الذريع شخصيته في مسلسل (أحلام أبو الهنا) وانتهاء بشارع شيكاغو.

الغاية ليست التقليل من شأن لحام فهو ممثل من طراز جيد ولكنه مريض بالنجومية والأنا المرتفعة، ولا يقيم وزناً لكل الفريق الذي عمل معه في كونهم أضافوا نكهات إبداعية على كل ما قدمه.. فما قيمة أعماله الجماهيرية إذا خلت من بساطة ياسين بقوش وفتوة ناجي جبر والضحية نهاد قلعي (في الواقع أيضاً)؟.

أين لمسات لحام التي تنسجم مع شخصه في الأعمال التي تفوح منها رائحة الماغوط جملة جملة، ونكته نكتة، ولماذا لم يبدع وحده عملاً واحداً ليؤكد على مأثرته في ذلك؟

في لقاء مع مجلة الناقد -أجراه معه الصحفي والمسرحي اللبناني يحيى جابر وزميله يوسف بزي- قال الماغوط في إجابته عن رأيه بدريد لحام: (دريد لحام انتهزني.. استغلني كجواز سفر ليعبر)، وهو بالضبط توصيف دقيق لهذه العلاقة بين الرجلين.. فأين لمسات لحام التي تنسجم مع شخصه في الأعمال التي تفوح منها رائحة الماغوط جملة جملة، ونكته نكتة، ولماذا لم يبدع وحده عملاً واحداً ليؤكد على مأثرته في ذلك؟

قمة الدفاع عن النفس التي يظهرها لحام في اللقاء تبدو واضحة في إبعاده شخصية غوار الطوشة - الشخصية التي أوصلته للسوريين وصنعها نهاد قلعي - عن شخصيته الحقيقية عندما يقول إنه لا يشبهه، و(أحبه الناس لأنه صعلوك وفقير يحاول تحقيق غاياته بطريقة مؤذية وينتصر على من هم أقوى منه بالدهاء، ولكن هذه الشخصية لا يمكن أن تستمر للأبد).. هنا يظهر الهاجس الذي يلامسه ويخيفه عندما يحاكم الناس سلوك لحام في علاقته مع الآخرين.

مات الماغوط ساخطاً عاشقاً لدمشق وسوريا، وخلفه كل عناوين اللعنة والكراهية للاستبداد والظلم، وعشرات المقالات الغاضبة والداووين والمسرحيات فيما دريد لحام ما زال يتغنى بآثام المستبد والطاغية، ويترنم بالمحتلين على اختلاف لغاتهم وجنسياتهم.. أليس هو من تغزّل بالخامنئي: (في روحك القداسة، في عينيك الأمل، في يديك العمل، وفي كلامك أمر يلبى).

كلمات مفتاحية