icon
التغطية الحية

غارديان: بينهم سوريون.. مهاجرون يعانون الأمرّين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا

2021.11.02 | 14:44 دمشق

6582.jpg
مهاجرون سوريون تقطعت بهم السبل في الغابات بين بولندا وبيلاروسيا
الغارديان - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

حذرت إحدى العاملات في مجال الإغاثة الدولية من وقوع مزيد من حالات الوفاة على حدود بولندا مع بيلاروسيا، ووصفت مدى الضعف واليأس الذي يصل بالمهاجرين إلى درجة خطيرة، ويشمل ذلك الأطفال الصغار الذين تم صدهم ومنعهم من عبور الحدود.

إذ ذكرت كريستال فان ليوين وهي مديرة الإغاثة الطبية لدى منظمة أطباء بلا حدود بأنه يتعين على المنظمات غير الحكومية أن تدخل إلى منطقة عسكرية آمنة على الجانب البولندي، كما يجب احترام طلب المهاجرين بالحصول على حماية دولية، حيث قالت: "يتم التعامل مع الناس كما يتم التعامل مع الأسلحة.. من الصعب أن تصدق بأن هذا النوع من الأزمات صار يظهر في الاتحاد الأوروبي"، وذلك عقب عودتها من تقييم استمر لمدة أسبوع برفقة منظمات محلية بينها مؤسسة أوكاليني وغروبا غرانيكا.

اقرأ أيضاً: برلمانيون أوروبيون يطالبون الدنمارك بعدم ترحيل السوريين

فقد لقي ثمانية أشخاص على الأقل مصرعهم في الوقت الذي حاول فيهم آلاف المهاجرين -معظمهم من العراق وإيران وسوريا- العبور من بيلاروسيا خلال الأسابيع الماضية، لكنهم وجدوا أنفسهم عالقين في منطقة حدودية تنتشر فيها غابات كثيفة، من دون أن يكون بحوزتهم أي طعام أو أن يتوفر لديهم أي مأوى، في ظل درجات حرارة هبطت إلى ما دون الصفر.

إذ يمنع كل غير مقيم -ويشمل ذلك الصحفيين والعاملين في مجال الإغاثة والمراقبين الدوليين- من دخول قطاع بعمق 3 كلم يمتد على طول الحدود وذلك بموجب حالة الطوارئ التي أعلنتها وارسو.

وخلال هذا الأسبوع، أرسلت بولندا 2500 جندي آخر إلى تلك المنطقة، فأصبح عدد الجنود هناك 10 آلاف هدفهم مساعدة حرس الحدود في منع أي محاولة للعبور من قبل المهاجرين، وذلك عقب عدة حوادث حاولت من خلالها مجموعات يتراوح عدد أفرادها ما بين 60 أو 70 شخصاً قطع السياج الحدودي المؤلف من أسلاك شائكة.

 

اقرأ أيضاً: ضابط ألماني تظاهر بأنه لاجئ سوري لتنفيذ سلسلة اغتيالات

وتحكي لنا ليوين بأنها التقت بمجموعة تضم 13 امرأة ورجلاً وطفلاً على تخوم المنطقة المعزولة، حيث ساعدهم رجل من أبناء المنطقة ونقلهم إلى بيته داخل تلك المنطقة وقدم له الطعام والتدفئة، ومن ثم اقتادهم لمقابلة منظمات غير حكومية، وعن ذلك تخبرنا فتقول: "إن النوم في العراء في ظل هذا البرد القارس خطير للغاية، فقد وصلت درجة الحرارة إلى -4 في تلك الليلة".

وبعدما أكد عاملون محليون في مجال الإغاثة بأن تلك المجموعة ترغب بتقديم طلب للحصول على الحماية الدولية في بولندا، وبعدما أدركوا بأن تلك المجموعة مهددة بالإعادة إلى بيلاروسيا، وقع المهاجرون على وكالات قانونية ثم تم تصويرهم وهم يطلبون الحماية.

1280.jpg
مهاجرون في الغابات على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا

 

بعد ذلك قام العاملون في مجال الإغاثة بتقديم الطعام والشراب والملابس لهم بحسب ما ذكرته فان ليوين، وعندها تم استدعاء حرس الحدود، وتضيف ليوين: "بكى عدد من الكبار فرحاً وخوفاً في آن معاً، كما أخذت فتاة صغيرة تردد قائلة: "لا عودة للغابة من جديد... لا عودة للغابة"".

كان أول شخصين وصلا من حرس الحدود "هادئين ومحترفين"، بعد ذلك أتت عربة ثانية حاملة حرساً مسلحين ومقنعين، تلتها شاحنة عسكرية كبيرة مزودة بمقاعد في الخلف وغطاء من المشمع.

رفض هؤلاء الحرس أن يخبرونا إلى أين سيقتادون المجموعة، بعد ذلك لم تصل تلك المجموعة المؤلفة من 13 شخصاً إلى أي مركز قريب لمعالجة طلب حمايتهم. وتعلق ليوين على ذلك بقولها: "بعد مرور ساعات على ذلك، وصل موقع جغرافي محدد عبر رسالة إلى منظمة بولندية غير حكومية، بالإضافة إلى فيديوهات تظهر موقعهم بعد إعادتهم إلى الجانب البيلاروسي من الحدود... وبالرغم من اعتقادهم بأنهم صاروا بأمان أخيراً، إلا أن الأمور انتهت بإعادتهم عبر سياج الأسلاك الشائكة" حيث واجه المهاجرون "ورطة حقيقية"، وذلك لأنهم إما أن يطلبوا الحماية مع تعرضهم لخطر الإعادة على يد الحرس من كلا الجانبين، أو أن يعرضوا أرواحهم للخطر عندما يعيشون قيد الانتظار.

اقرأ أيضاً: إعادة توطين اللاجئين.. دول تعهدت باستقبال الآلاف لكنها لم تلتزم

ولهذا وصفت فان ليوين وضعهم بأنه يبعث على اليأس وأضافت بأن المنظمات غير الحكومية لم تعرف شيئاً عن الأوضاع إلا خارج المنطقة المعزولة التي تمتد لمسافة 3 كلم، أما في الداخل، فلا يسمح إلا لسيارات الإسعاف وحرس الحدود والمقيمين البولنديين بدخول هذه المنطقة.

"خلت أني سأموت"... قصة أحد الناجين

في شهر أيلول الماضي، قام أحمد دندشي، الذي هرب من سوريا إلى لبنان في عام 2012، ثم أمضى أكثر من سبع سنوات في العمل لدى مجلس اللاجئين النرويجي وهو يساعد رفاقه من المهاجرين، بدفع مبلغ ألف ومئتي دولار مقابل الحصول على بطاقة عودة بالطائرة من بيروت إلى مينسك عبر دبي.

وعن ذلك يخبرنا أحمد، 29 عاماً، فيقول: "كان البلد ينهار، والاقتصاد يسقط سقوطاً حراً، فضلاً عن انقطاع الكهرباء بشكل متواصل".

وذكر أحمد أن صديقاً له وصل إلى ألمانيا عبر بيلاروسيا وبولندا في شهر تموز الماضي، لذا قرر هو ومجموعة صغيرة من أصدقائه أن يجربوا حظهم. كان عليهم أن يحصلوا على بطاقات عودة "لأننا من دونها لن نحصل على سمة دخول سياحية مدتها أسبوع واحد عند وصولنا".

وفي مطار مينسك انتظرت تلك المجموعة برفقة مئات الأشخاص الآخرين الحصول على سمة دخول لمدة ثلاثة أيام، حيث كانوا ينامون على الأرض، ثم أمضوا خمسة أيام أخرى في مينسك وهم يحاولون التعافي من تلك التجربة قبل أن تحملهم سيارتا أجرة إلى منطقة اختاروها بأنفسهم عبر تطبيق خرائط غوغل على الحدود البولندية-البيلاروسية.

اقرأ أيضاً:بعد رفض طلب لجوئه.. ضرير سوري يتخذ من كنيسة ألمانية ملجأ له

ويتابع أحمد الحديث عن تجربته بالقول: "كنا تسعة أشخاص، جميعنا سوريون، وكلنا قدمنا من لبنان. اعتقدنا أن عملية العبور ستستغرق ثلاثة أو أربعة أيام، لكنها أخذت منا عشرين يوماً". ويخبرنا أحمد أنه صار يتعب بسرعة، بسبب سوء التغذية كما "لم يبارحني البرد، فكنت أرتعد على الدوام".

وهكذا، أمسك به حرس الحدود البولنديون خمس مرات، حيث: "ضربونا وركلونا وأهانونا"، ثم أعادوهم إلى الجانب البيلاروسي، وعند عودتهم، تعرض أحمد للضرب مرتين من قبل الجنود بعدما ذكر لهم بأنه سيتخلى عن محاولة الوصول إلى بولندا وسيعود إلى مينسك.

ثم يصف ما حدث بقوله: "وفي نهاية الأمر أصبحت أضعف من أن أتابع، لذا طلبت من رفاقي أن يذهبوا بدوني... ثم زارتني منظمات غير حكومية بولندية مرات عديدة عندما صرت بمفردي، فقدموا لي الطعام والماء، لأنني كنت أشرب من مستنقع. وفي نهاية المطاف وصلت سيارة إسعاف، فرجوتهم أن يبقوني في المشفى، إلا أن الشرطة عينت حارساً ليقف في غرفتي، وبعد مرور ساعتين أو ثلاث ساعات، عندما أصبحت حالتي مستقرة نوعاً ما، اقتادوني إلى مخفر الشرطة، وأعادوني عبر الحدود. كان وضعي سيئاً للغاية، إذ خلت حينها أني سأموت".

وبعد مرور ثلاثة أيام على ذلك، يقول أحمد: "عثر علي الجنود البيلاروسيون، فأعادوني عبر الحدود من جديد. ومن حسن حظي أن التقيت بأسرة لها أقرباء في الاتحاد الأوروبي يرتبون أمور سيارة أجرة لتحملهم من هناك.... وهكذا عبرنا الحدود سوية، وانتهت الأمور بذلك".

وصل أحمد إلى مخيم في أيزينهوتنشتات على الطرف المقابل ضمن الحدود الألمانية حيث أصبح بوسعه من خلاله تحويل طلب لجوئه، فتقدم بطلب للحصول على الحماية الدولية هناك، ذكر فيه بأن: "سعادتي لم تكتمل، فقد وصلت إلى ألمانيا بأمان لكنني أحس بأني غير مستقر نفسياً وبأن وضعي متقلقل، فقد انفصلت عن أصدقائي، ولهذا صرت أبكي طوال الليل".

 

    

المصدر: غارديان