icon
التغطية الحية

عين هيئة تحرير الشام على آخر التنظيمات الجهادية في إدلب: حان دور "أنصار الإسلام"

2022.06.25 | 06:43 دمشق

photo_2022-06-17_21-24-56.jpg
إدلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

فشلت مساعي هيئة تحرير الشام في إضعاف تنظيم "أنصار الإسلام" الجهادي في إدلب رغم شنها حملة اعتقالات ضخمة خلال العام 2021، والتي طالت أبرز الشخصيات القيادية في التنظيم، ومن بينهم القائد العسكري أبو عبد الرحمن الكردي الذي ما يزال معتقلاً حتى الآن في سجون الهيئة.

ولم تكن الاعتقالات وحدها خيار تحرير الشام لتحقيق رغبتها في تفكيك آخر التنظيمات الجهادية في إدلب، بل اتبعت أيضاَ سياساتها التقليدية التي تتبعها عادة في محاربة التنظيمات والتي تتضمن عمليات الملاحقة الأمنية المستمرة وما يرافقها من أساليب الضغط والتضييق والإفقار لدفع المجموعات صاحبة الولاء إلى الانشقاق عن التنظيم الأم الذي زجت بأهم قياداته في السجون.

البداية من اعتقال أبو الدرداء الكردي

اعتقلت تحرير الشام أواخر شهر أيار أبو الدرداء الكردي، وهو أحد القادة المقربين من أبو عبد الرحمن الكردي الأمير العسكري لتنظيم "أنصار الإسلام" في إدلب، ونفذت عملية الاعتقال بطريقة وصفها الجهاديون والسلفيون المناهضون لتحرير الشام بالوحشية، إذ طاردت مركبات الجهاز الأمني أبو الدرداء في أثناء قيادته للدراجة النارية ومعه طفله ذو الأربعة أعوام في محيط حارم غربي إدلب، وعندما رفض التوقف صدم الأمنيون بمركباتهم دراجته فأوقعوه أرضاً، ومن ثم اعتقلوه وحولوا طفله الصغير المصاب إلى مخفر شرطة قريب من مكان الاعتقال ليتم فيما بعد تحويله إلى المشفى لتلقي العلاج.

وفي منتصف شهر حزيران اعتقلت تحرير الشام طه الإدلبي الذي يشغل منصب نائب أمير التنظيم، ولم تذكر الأوساط الجهادية أي معلومات حول ظروف وأسباب الاعتقال.

قال أبو حمزة الكردي المنشق عن تحرير الشام على تلغرام: "تم اعتقال المجاهد أبو الدرداء الكردي والذي يعتبر نائب المسؤول العام للأخوة أنصار الإسلام حيث يعمل سرطان الثورة منذ مدة طويلة على اعتقال المجاهدين ضمن أنصار الإسلام والتضييق عليهم واليوم اقترب موعد التجهيز لحملة عسكرية لفرط هذا الفصيل نهائيًا أو جعلهم ضمن التبعية المباشرة له".

من جهته قال أبو علاء الشامي القيادي السابق في تحرير الشام على تلغرام: "ينشغل الجولاني منذ أشهر برصد أبي الدرداء الكردي، فيقوم بغزوة ينجح فيها باعتقاله بأسلوب رخيصٍ ينمُّ عن المستنقع الذي تخرج منه، إذ يصدم الأمنيّون دراجته النارية بسيارة سنتافي، فيسقط على الأرض فيخطفه الأمنيون ويقتادوه لسجونهم ويسقط ابنه الصغير ذي الـ 4 أعوام على الأرض ويشج رأسه فتنفر منه الدماء، فيرفض الأمنيون إسعافه رغم إصابته ويقتادوه لمخفر حارم ويتركوه ما يزيد على ساعة معتقلاً، ويطلبون بكل وقاحة من أنصار الإسلام أن يأتوا للمخفر لإسعافه، في فعلةٍ سادية يترفع عنها الصهاينة المجرمون".

مطلع العام 2022 أطلقت تحرير الشام سراح عدد من قادة التنظيم الذين اعتقلتهم منتصف العام 2021، وأبرز المفرج عنهم عمار الكردي وأبو علي القلموني وعبد المتين الكردي وآخرين، واحتفظت تحرير الشام بالقائد العسكري للتنظيم أبو عبد الرحمن الكردي.

تنظيم "أنصار الإسلام"

وأُسس تنظيم "أنصار الإسلام" في العام 2014 في ريفي دمشق والقنيطرة جنوبي سوريا، وهو الفرع السوري للتنظيم الأم الذي أسس شمالي العراق ما قبل انطلاق الثورة السورية.

ويضم تنظيم "أنصار الإسلام" في سوريا عند التأسيس ثلاثة تشكيلات، هي لواء أسامة بن زيد ولواء العز بن عبد السلام وكتيبة العاديات، وفي شباط من العام 2015، أعلن التنظيم تأسيس القطاع الشمالي في إدلب، ومركز ثقل القطاع الشمالي من حيث الانتشار العسكري في مناطق ريف اللاذقية الشمالي.

وانضم التنظيم إلى صفوف غرفة عمليات "وحرّض المؤمنين" التي شُكلت في تشرين الأول من العام 2018، إلى جانب تنظيمات "حراس الدين" و"أنصار التوحيد" و"جبهة أنصار الدين"، لكن الأنصار كانوا وما يزالون الأكثر فقراً من بين التنظيمات الجهادية في إدلب، والأكثر "سياسة" مع تحرير الشام التي فشلت في خلق الذرائع للقضاء على التنظيم.

فأنصار الإسلام الذي يشكل الأكراد العراقيون والإيرانيون والسوريون الغالبية العظمى في صفوفه تحاشى دائماً الصدام المباشر مع باقي التنظيمات بما فيها تحرير الشام واعتزل القتال في أثناء حرب الأخيرة على "حراس الدين" وعموم التشكيلات والمجموعات الجهادية في غرفتي "اثبتوا" و"حرض المؤمنين".

حملة أمنية واسعة مرتقبة ضد "أنصار الإسلام"

وبرغم أزمة الاعتقالات التي تعرض لها قادته خلال العام 2021، وما تبعها من سياسات تضيق كطرد مقاتليه من المنازل التي كانوا يسكنونها وهي (غنائم حرب)، ظل التنظيم صامتاً في الوقت الذي أبقى فيه على قنوات اتصال مع قيادة الهيئة لكي تفرج عن قادته، ويبدو أن هذا ما أزعج الأخيرة بالفعل بعدما بدت عاجزة عن تطويعه وإجبار مجموعاته على الانشقاق وفشلت في إقناع قيادته بضرورة مبايعة أبو محمد الجولاني، كما فشل الأخير أيضاَ في خلق مبررات لاستئصال التنظيم كما فعل مع سابقيه، "جنود الشام" و"جند الله" وغيرهم، مبررات شرعية لتبرير عملية تفكيكه، على الأقل أمام أنصاره في الهيئة من التيار المتشدد.

فريق من الجهاديين تحدث عن تحضير تحرير الشام حملة أمنية واسعة ضد "أنصار الإسلام" في إدلب والتي من المفترض أن تشمل أولاً اعتقال قيادات التنظيم ومن ثم تفكيك مجموعاته وسلب سلاحها ونقاط رباطها، وأرجع الجهاديون إطلاق الحملة المستجدة إلى الرسائل الغربية التي التقطتها تحرير الشام والتي تلمح إلى ضرورة إنهاء التنظيم باعتباره يشكل عقبة أمام التحولات التي تجريها الهيئة في إدلب ومساعي الانفتاح على الخارج.

وقال الجهادي المصري المنشق عن تحرير الشام طلحة المسير (أبو شعيب المصري) على تلغرام: "لم أستغرب خبر أسر الأخ المجاهد أبي الدرداء القيادي في جماعة أنصار الإسلام من قبل أتباع الجولاني، فقد قرأت قبل أيام تحريضا على جماعة أنصار الإسلام في بحث لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كتبه باحث في المعهد، حيث يقول الكاتب في مقدمة بحثه، إن هناك إشكالية في هيئة تحرير الشام وهي أن الأراضي التي تسيطر عليها تعمل فيها جماعة أنصار الإسلام، وهذه الكلمة من ذاك الباحث ليست خبرا بل هي أمر وتعليمات واضحة للعبيد ليكملوا استرضاء سادتهم".

يعتبر أبو الدرداء الكردي من أبرز الجهاديين المطلوبين للتحالف الدولي وإيران والعراق، ويتهم الجهاديون المناهضون لتحرير الشام عدداً من الشخصيات المقربة من الجولاني بالتحريض على تنظيم "أنصار الإسلام" والمطالبة في كل مجلس بالقضاء على التنظيم باعتباره يشكل خطورة لا تقل عن خطورة "تنظيم الدولة"، والعراقي أبو ماريا القحطاني من بين أبرز المحرضين وفق مزاعم الجهاديين، ويقود القحطاني ومعه الشرعي العسكري العام الدكتور مظهر الويس تياراً صاعداً في تحرير الشام والذي يتزامن صعوده مع تغييرات جوهرية في منظومة الجهاز الأمني وتقسيمه لعدة ملفات، أهمها ملف التنظيمات والذي جرى دمجه مع ملف "تنظيم الدولة" ويديره أبو علي التونسي أحد القادة المقربين من الويس والقحطاني.

السياسة العامة لتنظيم "أنصار الإسلام"

قالت مصادر سلفية متطابقة لموقع تلفزيون سوريا: "يمكن تلخيص السياسة العامة للتنظيم والتي شكلت عائقاً أمام سياسة "تطهير إدلب من التنظيمات والتي أطلقها الجولاني في وقت مبكر من العام 2020، في عدة بنود، أهمها، يعرف عن مقاتلي التنظيم التزامهم المنضبط وعدم لجوئهم الى الاحتطاب لسد العجز المالي والمعيشي الذي يعانونه بفعل سياسة التضييق والإفقار والطرد من منازل الغنائم، ورفضهم بيعة الجولاني، ورفضهم المشاركة في أي بغي على الفصائل، كأحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي وجيش المجاهدين وغيرها، والتزام التنظيم سياسة ضبط النفس عند اعتقال كوادره وعدم التصعيد إعلاميا، وعداء التنظيم المعلن لتنظيم الدولة منذ ظهوره".

بداية العام 2022 نشر تنظيم "أنصار الإسلام" إصداراً مرئيا حمل عنوان "زلزال الأعادي 3" وفيه استعرض التنظيم عمليات القصف والاستهداف التي نفذها ضد قوات النظام والميليشيات الموالية له في جبهات سهل الغاب شمال غربي حماة وجبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، وفي هذه الجبهات تتركز معظم قوة الانتشار للتنظيم، وفي شباط الماضي تخرجت دفعة جديدة من المتطوعين الجدد في صفوف التنظيم وحمل معسكر تدريب الخريجين الجدد اسم "أبو الدرداء".

FIuhubsXwAIIYFo.jpg