عبر التاريخ، دوماً ما كانت إسهامات الفنانين التشكيليين في الكتابة، رافداً مهماً للنظرية النقدية والفنية. فالفنان القادر على الكتابة البحثية أو النقدية، يمنح التاريخ النظري والنقدي أبعاداً ومجالات تقتصر عليه وحده، هو الذي يملك كلاً من موهبة الكلمة وموهبة الرسم، ولذلك، تشكل هذه الإسهامات علامة فارقة. كما هي الحال مع "دفتر ملاحظات ليوناردو دافنشي"، أو كتاب "من النقطة إلى الخط على السطح، 1926 فاسيلي كاندينسكي" الذي أسهم في التنظير للتيار التجريدي في الفن التشكيلي، أو كتاب "ضد الفن، 1968 مارسيل دوشامب" الذي أسهم في التنظير للفن المفاهيمي.
وفي التاريخ الفني والنقدي السوري، يحضر أيضاً الفنان- الناقد؛ فـ "عفيف بهنسي" الناقد الأبرز، كان يمارس الرسم ويعرض اللوحات، وكذلك قدم الفنان "غازي الخالدي" إلى جانب انتاجه الفني الواسع، عدة كتب منها (كيف نقرأ اللوحة؟ 1999)، وكذلك ما يزال الفنان والناقد "أسعد عرابي" حالة بارزة معاصرة في هذا المجال، ولدينا تجربة مميزة تجمع بين الفن والكتابة وهي نور عسلية.
مع انطلاقة الربيع العربي في العام 2011، أسهم الفنان محمد عمران بمجموعة من المقالات النقدية عرف فيها عن التجارب السورية الفنية المعاصرة في التعبير عن الراهن السياسي والاجتماعي. وأضاف مجموعة من المفردات النقدية التي ساهمت في الإضاءة على تجارب الفن التشكيلي السوري في التعبير عن اللحظة التاريخية. وقدم بحثاً عن (الجسد في الفن التشكيلي السوري المعاصر، 2016). ليحقق بعدها السلسلة الفيلمية الوثائقية بعنوان (سبل تاريخ الفن التشكيلي السوري، 2023-2024) على امتداد 10 حلقات، وأخيراً نشر بحثه الأجدد بعنوان (المكان في الفن التشكيلي السوري، أبحاث اتجاهات، 2024).
الإبداعي والنقدي بين التفاعل والاستقلالية
- لو توقفنا قليلاً عند الجانب الشخصي لديك كفنان، ما الإضافة التي تقدمها امتلاك مهارات البحث والكتابة النقدية للفنان؟ هل تعتبر رافداً للعملية الإبداعية؟ هل تكسب مهارات جديدة في تفكير العمل الفني وتحقيقه؟ أم أن لكل منهما، الكتابة والإبداع الفني مضماره المستقل؟
مما لا شك فيه أن البحث النظري يوسّع معرفة الفنان ويثري ثقافته. ولكن لا أعلم إلى أي حد يستطيع أن يُكسب الفنان مهارات جديدة قادرة على تغيير أو تطوير عمله الفني. فالعملية الإبداعية هي مجموعة من العمليات السيكولوجية المختلفة والمتفاعلة في نفس الوقت لذلك يصعب علينا، أحيانا، أن نفهم من أين يأتي الإبداع. في المقابل يبدو لي أن امتلاك أدوات البحث والكتابة في الفن أمر أوضح وأيسر. كتابة البحث أو المقال البحثي او حتى المقال الصحفي هو علم يتطلب منك معرفة قواعده والمثابرة على القراءة والمواظبة على حضور المعارض والنشاطات الثقافية الخ. اتمنى ان لا يفهم من هذه المقارنة انني اعتبر أن لا إبداع في الكتابة حول قضايا الفن بالعكس هناك كتابات مذهلة تشعر بمتعة عارمة عند قرائتها، على سبيل المثال الجرح السري لجان جنيه، عن جياكوميتي. كما تبدو لي، أحياناً، الدراسات أو الكتابات القادمة من حقول مختلفة مثل علم الاجتماع والفلسفة أكثر اثارة من كتابات الفنانين أنفسهم.
استعادة التاريخ الفني واستمرارية تحولاته المعاصرة
- لقد حققت سلسلة الوثائقي "سبل" استعادة راهنة لتاريخ الفن التشكيلي السوري من جهة، وربطه مع مسيرة الحركة الفنية بعد العام 2011 من جهة أخرى. ما أهمية هذه الاستعادة وتحقيق هذا الترابط السردي التاريخي؟
فقط للتوضيح عنوان السلسلة هو "من محترف الفن التشكيلي السوري 1920/2020" وهي من سلسلة "سبل" التي تغطي مجالات فنية متنوعة.
كان الهدف الأساسي من اقتراح هذا المحتوى الرقمي، الذي أنتجته مؤسسة اتجاهات، ثقافة مستقلة في بيروت بالتعاون مع مؤسسة آتاسي في دبي، هو دمقرطة المعرفة ونشرها، بالإضافة الى توثيق جوانب من الحركة التشكيلية في سوريا. واعتقد ان فعل التوثيق للذاكرة السورية في كافة جوانبها أمر ضروري اليوم. فنحن في مرحلة نشهد فيها على تفكك مفهوم المكان الذي لن نرث منه،ربما، سوى تلك الذاكرة.
صعوبات إعادة قراءة التاريخ الفني بمفردات الراهن
- ما هي الصعوبات التي واجهتها كباحث في كامل عملية تحقيق سلسلة الوثائقي "سبل"؟
واجهت هذه السلسة تحديات متعددة بدءًا من مرحلة الإعداد حيث كان على تبني شكل من الكتابة المكثفة تتناسب مع نوع المحتوى البصري المقترح أي الفيديو القصير، وانتهاءً بالصعوبات اللوجستية التي فرضتها المسافة الجغرافية، انا اقيم في فرنسا وفريق الانتاج في لبنان، وايضا كان لجائحة كورونا وانفجار بيروت دور في عرقلة وتأخير المشروع. بالإضافة إلى ذلك، كان اختيار المحتوى المناسب من تاريخ الفن السوري الغني والمُعقد مهمة شاقة، وبالتالي تم إغفال بعض التجارب المهمة والمؤثرة في تاريخ الحياة التشكيلية في سوريا. لذلك كان من الضروري، مع بداية كل حلقة، التذكير بأن هذه السلسلة توثق لبعض التجارب، ولبعض الجوانب من المحترف التشكيلي السوري.
الموضوعات، الأنواع الفنية في السلسلة الوثائقية
- تختلف الحلقات العشرة في تصنيفها، فمنها ما يتعلق بموضوعات (الوجه أو الجسد أو القرية أو الرموز الدينية أو الفن الملتزم)، وهناك حلقات تتعلق بأنواع فنية مثل (النحت، التصوير الضوئي، الفن الشعبي، الوسائط الحديثة)؟ كيف توصلت إلى هذا المزيج؟
تم الاتفاق منذ البداية مع المؤسستين، اتجاهات وآتاسي، على عناوين الحلقات التي وضعتها مسبقاً السيدة منى آتاسي. امل ان يتوسع المشروع، في المستقبل، ليشمل جوانب و أنواع أُخرى.
ورثة حضارة الوجه، رؤية تاريخية
- تقدم في الحلقة الأولى رؤية متميزة تعارض السائد على اعتبار فن البورتريه فن أوروبي، مستشهداً بمقولة الفنان الياس الزيات "نحن ورثة حضارة الوجه بالمعنى الواسع"، وتذكر ، (جماجم الموتى، تل جعدة المغارة،8000 سنة ق.م)، (بورتريهات المقابر التدمرية، 3 م)، (رسومات وجوه قصر عمرة الأموي، 8م). هل تطرح هذه النظرية في القراءات التاريخية؟ أم أنها محاولة طليعية من بحثك؟
صحيح أن مفهوم البورتريه، كمصطلح فني، قادم من الثقافة الغربية حيث العلاقة مع الصورة والتصوير مختلفة عن ما هي عليه في منطقتنا ولكن، وهذا ما يقصده الاستاذ الياس الزيات بقوله، أن حضور الرسم التشخيصي، لم ينقطع في التراث الفني في المنطقة العربية، وإن كان قد شهد فترات من التألق أحياناً والخبو أحياناً أخرى. غير أن وظائفه كانت مختلفة عن تلك التي كانت له في الغرب.
خذ على سبيل المثال المنمنمات التي إلى جانب دورها في نقل المعرفة وتوثيق التاريخ، شكلت لغة بصرية فريدة، لتتجاوز دورها كرسوم توضيحية وتتحول إلى أعمال فنية ذات قيمة جمالية عالية.
الفنون والوسائط من تجارب الرواد التشكيلية، إلى القضايا السياسية والاجتماعية
- نكتشف مع تسلسل الحلقات، أن كل الموضوعات المختارة (الوجه، الطبيعة الصامتة) وكل الأنواع الفنية أيضاً (البوستر، النحت، والتصوير الضوئي) ستنتقل من الحالة التي عرفتها الحركة الفنية السورية في مرحلة الرواد، إلى أن تتحول كلها أو تشتمل كلها على موضوعات سياسية واجتماعية بعد العام 2011. مثال التصوير الضوئي مثلاً، انتقل من فن تصوير الوجوه والأماكن، إلى أداة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. ما الذي يمكن أن تخبرنا به عن هذا التحول البنيوي، الذي شهده كل الفن التشكيلي السوري، وهل كان غاية لعملك البحثي أم حقيقة تفرضها الوقائع الثقافية؟
مما لا شك فيه ان التحول العنيف الذي شهدته سوريا عام 2011 كان قد ترك آثاره البينة في كل الانتاجات الثقافية. فيما يخص الفنون التشكيلية نستطيع ان نقول ان اغلب الاعمال الفنية التي واكبت الثورة والحرب كانت تحمل، نوعا ما، قيمة توثيقية. تستطيع كباحث أن تعتمد هذا التاريخ المفصلي وبالتالي قياس التغيرات الطارئة في أعمال الفنانين بعد الثورة.
ولكن، في المقابل، علينا التريث في إطلاق أحكام متسرعة مثل ان الثورة خلقت انواع فنية جديدة ، او ان الاعمال ذات الطابع السياسي تحمل قيمة فنية عالية الخ.
الفن بين الجمالية والتوثيق
- مرة أخرى، أرغب العودة إلى الفقرة الختامية في حلقة التصوير الضوئي، اقتبس: "وفي النهاية، تطرح هذه الحلقة تساؤلاً خاصاً بفن التصوير الضوئي: هل نستطيع أن نعتبر الصورة التي توثق للحرب عملا فنيا؟، لتجيب: " نعم تستطيع ان تحمل الصورة/ الوثيقة جماليات أي عمل فني، حتى لو كان الموضوع عنيف وقاسي، وخاصة اذا كان المصور مبدع يحمل من الموهبة والتراكم المعرفي البصري والتقني ما يجعل أعماله تتحرر من كونها فقط صور وثائقية عن الحرب". رغم أن هذا التساؤل يظهر في مراحل تاريخية متعددة عن الفن والتوثيق، إلا أنه جديد على المشهد الفني السوري الذي يعايش للمرة الأولى دور الفن في التوثيق. فهل يمكن الاستفاضة بالفكرة للاستفادة منها؟ لأن ذلك ينطبق أيضاً على فن البوستر، اقتبس: "ساهم البوستر مع بداية الحراك الشعبي العام 2011، بشكل أساسي في عملية التوثيق والتعليق على الاحداث ومما ساهم في انتشاره أيضا تداوله السريع على منصات التواصل الاجتماعي، وبرز عدد كبير من فناني/ات البوستر السوريين والسوريات".
الموضوع ليس طارئاً على الإنتاج الفني السوري، كل المتغيرات العنيفة التي مرت بها البلاد ترافقت مع تعبيرات فنية توثق لها على طريقتها وهذا ما ذكرته في حلقة الفن والالتزام. خذ على سبيل المثال الاعمال الفنية المنتجة فترةالنكسة 1967 كلها توثق لهذا الحدث من اعمال لؤي كيالي وفاتح المدرس ومحمود حماد ونذير نبعة وغيرهم. اذا لا جديد في هذا الموضوع ولكن اعتقد ان الفارق هو في حجم الكارثة التي أصابتنا بعد انتفاضة 2011.
موضوعات تراثية بمفردات المعاصرة
- في ظل المساحة الضيقة المفتوحة للباحث عبر سلسلة الوثائقي "سبل"، حيث تبدو مهمة اختصار الحركة التشكيلية السورية في 10 حلقات مستحيلة، فكيف تبرر خيارات مثل موضوعة (البلدة القرية المدينة في التشكيل السوري)، أو (الفن الشعبي وامتداده المعاصر في أعمال الفنانين السوريين)، أو (الرموز والاشارات الدينية في اللوحة السورية المعاصرة). هل شعرت بأن هناك ما هو جديد أو راهن يمكن أن يضاف إلى ما كتب ودرس حيال هذه الموضوعات؟ ما الجديد الراهن الذي استطعت إضافته؟
ذكرت لك سابقا كيف تم الاتفاق على العناوين. اتمنى ان تتوسع هذه السلسلة في المستقبل وأن يتم التعاون مع جهات وخبرات جديدة.
المبادرات الثقافية في المشهد التشكيلي السوري
- في حلقة (تطور وسائل التعبير في الفن التشكيلي السوري)، أرّخت لمجموعة من الأعمال الفنية (معلا، بثينة علي)، ولبعض المبادرات الفنية المستقلة (مبادرة الأخوات بخاري)، التي فتحت الأفق لتيارات تعبيرية جديدة في الفن السوري منذ أعوام التسعينيات؟ كيف توصف اليوم واقع المشهد التشكيلي السوري على مستوى المبادرات، أو المؤسسات أو التجمعات الثقافية؟
يبدو لي أن المبادرات ودعم المؤسسات يزداد صعوبة عاما بعد عام. داخل سوريا الوضع حزين جدا بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ولكن ما زالت هناك بعض المساعي الفردية. مثلا بثينة علي ما زالت تقترح وتشرف على ورشات عمل مع طلاب الفنون وهذا أمر جيد ضمن الظرف الصعب وايضا هناك بعض الغاليريات التي استعادت نشاطها وايضا غاليريات جديدة تهتم بعرض أعمال الفنانين الشباب. في الخارج الموضوع مختلف . ما زالت المنح المقدمة من المؤسسات الثقافية المعروفة مثل آفاق والمورد واتجاهات مستمرة، إلى حدٍ ما، في تقديم المنح ودعم الفنانين في المنطقة العربية ومنهم السوريون ولكن بشكل اقل من السابق. أما المؤسسات الغربية فلم تعد تهتم بالقضية السورية وهذا أمر مفهوم في ظل بروز أزمات وحروب جديدة.
الفنان/ة السوري/ة أمام مستجدات فنون الالتزام
- تكتب الباحثة الثقافية (بسمة الحسيني) أن المحترف الفني العربي بعد العام 2011، استعاد مفهوم فن الالتزام. وهو ما تعتبره من الظواهر الفنية المستجدة. وقد خصصت الحلقة الأخيرة لهذا الموضوع، والتي جاءت بعنوان (الفن والالتزام في المحترف السوري). كيف تعاملت شخصياً كفنان مع حضور الموضوعات السياسية والاجتماعية في أعمالك؟ وكيف تقيم اليوم نظرة الفنان/ة السورية اليوم إلى مفهوم الفن الملتزم؟ وهل اختلفت عما كانت عليه في السابق؟ وما المميزات الخاصة بفن الالتزام السوري الراهن؟ أي النماذج التي اخترتها مثلاً؟
إذا اعتبرنا أن تعريف الفنان الملتزم هو الذي يكرس فنه لخدمة قضية معينة فهذا المفهوم ينطبق على أغلب الفنانين السوريين الذين كرسوا إنتاجهم الفني في خدمة القضية السورية بداية الحراك الشعبي. أما اليوم وبعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عام فأعتقد انهم قلة. وهذا له اسبابه التي يطول شرحها هنا ولكن استطيع ان اقول ان خيبة الامل بالواقع التي افضت اليه الثورات العربية وخاصة في سوريا من ابرز هذه الاسباب.
تعمدت في حلقة الفن والالتزام السياسي أن أذكر أشكال متنوعة من الالتزام ولكني وضحت في مقدمة الحلقة أن تجربة أي فنان أوسع من ان تؤطّر ضمن تعاريف ضيقة تحدد رؤيتنا لها. بعض التجارب التي ذكرتها هي أعمال ملتزمة بالقضية ولكن أصحابها ليسوا بالضرورة ملتزمين سياسياً. وكما في الحلقات الماضية غابت بعض التجارب المؤثرة والمعبرة عن موضوع الحلقة مثل أعمال الفنان نجاح البقاعي الذي كرس تجربته المميزة، منذ بداية الثورة حتى اليوم، في خدمة القضية السورية.
بالنسبة لي الموضوع السوري لم يغب عن إنتاجي ولكنه لم يعد يحمل قيمة احتجاجية أو توثيقية كما في السابق. حقيقة الأمر أنا لا أعتبر نفسي فناناً ملتزماً وإن كانت القضية السورية تشغلني، بطبيعة الحال، حتى اليوم.
الفنان التشكيلي محمد عمران
وُلد الفنان التشكيلي والباحث محمد عُمران في دمشق عام 1979، وتخرّج من قسم النحت في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 2000. نال درجة الماجستير من جامعة ليون، والدكتوراه في تاريخ الفن من جامعة ليون الثانية.
يُقدّم عُمران أعمالاً في مجالات النحت والرسم، وحتى فن الفيديو، ويُعتبر الإنسان المعذَّب بمثابة ثيمة رئيسية متكررة في إبداعاته. نتيجة تأثّره بالحرب في سوريا ومفهومه للبشرية، أبدع مجموعات من أعمال تتنوّع من رؤوس وجوه مشوّهة إلى شخوص إنسانية تحمل استعارات حيوانية أو رسوماً لأشخاص عاديين ينوؤون تحت ثقل أعباء الحياة. تنجح أعمال عُمران في استحضار مشاعر التعاطف والاشمئزاز والغضب والسخرية السوداء بما تحمله من أسلوب مباشر واستهزاء يتأرجح بين العنف والخفّة.
نال محمد عُمران جوائز عدة وأُقيمت لأعماله معارض فردية في ليون وباريس ودمشق. كما شارك في معارض جماعية في فرنسا وإنجلترا ولبنان وسوريا والأردن. وأعماله مقتناة ضمن مجموعات خاصة وعامة، منها المتحف الملكي في الأردن والمتحف البريطاني في لندن.