عن السيادة السورية والمواطن... ولقاح كورونا

2021.01.23 | 00:03 دمشق

wzyr-alsht-fy-alhkwmt-alswryt-hsn-alghbash.jpg
+A
حجم الخط
-A

كان على السوري أن يدفع طوال خمسين عاماً من حكم آل الأسد ثمن شعارات لا تقيم وزناً لكرامة الإنسان وأبسط حقوقه في حياة كريمة، ولم تكن أحلام السوريين تبتعد عن بيت يؤوي العائلة وطعام وسط وصحة موفورة ودفء لأطفال لا حول لهم.

ومع هذه البساطة في الحلم لم ترضَ السلطة الحاكمة إلا أن تحكمهم بالحديد والنار، وكم الأفواه والقتل لأهون سبب، وكان من الممكن أن يغيّب السوري خلف الشمس كما ساد بينهم- كدلالة على عدم العودة من الغياب- في أقبية الظلم في صيدنايا وتدمر أو التذويب في قبو فرع أمني والقضاء تحت التعذيب.

في منتصف الثمانينيات كان على السوريين أن يحرموا من الموز وعلب الدخان النظيف والمحارم الورقية لأن النظام رفع شعارات المقاومة والصمود والتصدي

تقرير إعلام كيدي من بائع الدخان المهرب أبو علي كان كفيلاً بسجن الأستاذ أحمد عشرين عاماً لأنه قال كما وصل للمخبر أنه لا يجوز منع العسكري من الصلاة، والسوريون عرب ومسلمون، فاتهم بانتمائه للإخوان المسلمين، وأما زميله في المدرسة الأستاذ حسين فسجن بتهمة التعاطف مع الشيوعية لأنه قال لطلاب الثالث الثانوي الأدبي في حصة الفلسفة إن الدين أفيون الشعوب.

وفي منتصف الثمانينيات كان على السوريين أن يحرموا من الموز وعلب الدخان النظيف والمحارم الورقية لأن النظام رفع شعارات المقاومة والصمود والتصدي فاصطفوا في الطوابير على أبواب المؤسسات الاستهلاكية ليقدموا له الطاعة والقبول بالجوع كعربون وفاء للقائد الذي يسهر على حمايتهم من الصهاينة والإخوان المسلمين ومن الخونة ومن أنفسهم.

كان على السوريين أن يدفعوا أرواحهم وممتلكاتهم في معارك السيد الرئيس الذي سيخرج عليهم في اليوم التالي بخطابه التاريخي الذي ستعتمده القيادة منهج عمل في السنوات التي تلي النصر الكاذب، وتوضع كلماته في صفحات الكتب والنشرة السياسية الصباحية في المدارس والثكنات، وتخط عباراته على الجدران (الشهادة أو النصر)، و(اليد المنتجة هي اليد العليا في دولة البعث) فيما تصل البطالة إلى حدود الفجيعة بينهم، و(إني أرى في الرياضة حياة) ويخسر المنتخب الوطني مع اليمن ولبنان ومنتخب فلسطين المشكل من لاعبي المخيمات البائسة التي لاقت ويلات الموت في تل الزعتر مع الأسد الأب وفي اليرموك مع الابن الوريث.

كل هذه المهانة لم تشفع للسوريين في أول محاولة للتفوه بكلمة حرية من أن يطلق عليهم الرصاص ومن ثم كل الموت بجهاته الست لأن السماء كانت تهطل براميلاً والأرض تنفجر من تحتهم، وذلك ليقول لهم أن من ماتوا سراً في حماة (1982) سيموتون اليوم علانية وبعشرات الآلاف فيما تسحق عظام من وقعوا في أسر الاعتقال ليصبحوا أمثولة لكل من تهمس له نفسه بالخروج عن سيادة السلطة وقوتها.

يصرخ سوري بائس ما هو تعريف السيادة التي تمنع عنا اللقاح، ولماذا تتعارض حتى مع الحلفاء الذين منعوا النظام من السقوط، وهم من يبيعونه للعالم؟؟.

بالأمس يخرح وزير صحة النظام ليربط بين لقاح كورونا والسيادية: (لم نوقع أي اتفاقية حتى اللحظة مع أي منظمة لتأمين لقاح كورونا ولن نرضى أن يأتي على حساب المواطن والسيادة السورية).

يصرخ سوري بائس ما هو تعريف السيادة التي تمنع عنا اللقاح، ولماذا تتعارض حتى مع الحلفاء الذين منعوا النظام من السقوط، وهم من يبيعونه للعالم؟؟.

هل حساب السيادة يعني مدّ اليد إلى حساب الرئيس في بنوك الحلفاء والأصدقاء والموزع بأسماء اللصوص الشركاء، وما على السوريين سوى انتظار إغاثات منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة ليمنوا عليهم بالدواء أو ربما يتبرع ثري عربي بثمن اللقاح زكاة أمواله وأرباحه.

ما زال بعض الأمل قائماً ليس على انتفاضة جوع بل على ثورة كرامة جديدة مع أنباء بعودة شعارات الحرية إلى بعض جدران ريف دمشق والقنيطرة فالسيادة وحدها للشعب، وأما اللصوص فلهم شعارات سيادة سلطة الذل.