icon
التغطية الحية

"عناة".. نص أدبي ينبع من عوالم الميثولوجيا ويصبّ في الوطن

2020.11.08 | 14:46 دمشق

presentation1.jpg
إسطنبول- أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

"عناة"، "الإلهة/ الربّة" المقدّسة عند قُدامى السوريين، المقيمين في الشطر الغربي المطلّ على بحرٍ أُطلق عليه ذات عصرٍ "البحر السوري"، حين كانت مراكب الفينيقيين القادمة من شواطئ أوغاريت وأرواد وصور، تمخر عباب المتوسط من أقصاه إلى أقصاه، بل وتخطّته لتضيء "بحر الظلمات".

تلك الـ "عناة" كانت ربّة أولئك البحارة المغامرين، الذين ارتبط اسمهم بالساحل السوري منذ أكثر من 3 آلاف عام، واكتسبوا اسمهم من لون الدم (الأحمر) القاني -الأرجواني باللغة اليونانية تعني فينيكس.

و"عناة" هي ذاتها التي أطلق اسمها المغامر السوري الشاب "ماهر دعبول" على نصّه الأدبي الجديد، الممزوج، كالإلهة عناة بكل تناقضاتها؛ بالحرب والحب والخصب، وبالعبادة أيضاً. فطوّع كلماته لتغرُف قدر ما تستطيع، من التاريخ والأساطير والأديان والإنسان.   

اقرأ أيضاً:  هل لعبت الرواية السورية دوراً في الثورة؟

لماذا عناة؟

تستهوي الكاتب عوالم الميثولوجيا الأوغاريتية التي تضجّ بالكثير من الشخصيات والآلهة وما يرتبط بها من مفاهيم ميتافيزيقية/ ما ورائية، في ذاك العصر. فكان "إيل"، الإله الأكبر ورئيس مجمع الآلهة، و"ألموت" إله الموت، وبعل إله المطر والرعد.

إلا أن ما جعل من عناة ملهمةً للرواية، أو "الوجبة الشهية" كما يصفها الكاتب، كونها "تجمع الكثير من التناقضات، فهي إلهٌ وأنثى، وهي إلهةٌ للحرب وللحب أيضاً، وهي ربّة الصيد والخصب".

كما وتجسد صفات إنسانية في تصرفاتها فهي "التي تغضب بسبب عدم امتلاكها لأحد الأسلحة، وهي التي تغار وتثور وتهدد وتندم..".

لأجل كل ذلك، كانت "عناة"، لقربها من تناقضنا نحن البشر ولكونها ذروة الأنوثة الألوهية في الميثولوجيا السورية ونقطة محورية، ليس فقط لرواية عناة بل لأوغاريت وسكانها ولحضارات الشرق كافة.

اقرأ أيضاً: الأدب النسوي السوري.. انكفاء الشعر وسيطرة الرواية الوثائقية

شاهد: أدب السجون في الرواية والقصص المعاصرة

ميدان الرواية

أحداث وتفاصيل الرواية تدور في مكان واحد وتتنقّل عبر زمنين منفصلين، ويشرف على تحريك الأحداث فيها "عثمان" و"كارمن"، شخصيتان فريدتان، فعثمان أستاذ جامعي يدرّس الفلسفة الشرقية وكارمن، السورية العائدة من أوروبا حديثاً، متخصصة في التاريخ والآثار.

وخلال رحلة بحثهما عن الجزء المفقود من مدينة أوغاريت ورقمها الطينية غير المكتشفة فيها، تجرّهما "عناة" إلى مكان وزمان مختلفَين وتفاصيل مختلفة وسريالية.

عبر تلك الرحلة، يعيش الاثنان قصة غزيرة المعاني، يؤديان فيها دور البطولة عبر مغامرات وتفاصيل مشوقة تسهم في تغيير مفاهيمهما، وتنمّي داخلهما مشاعر التحدّي والمحبة والتضحية.

"عناة" الرواية والمغامرة والتاريخ، هي عبارة عن رسالة فلسفية إنسانية، واضحة المعاني وتخلو من أساليب التعقيد المرهِقة، تناقش قضايا الهوية والانتماء والوطن والحرية والسياسة والتغيير، وقبل كل ذلك المرأة، والحب بالطبع.

مارس الكاتب "الماهر" ماهر دعبول، سبكاً درامياً وتشويقياً يمنح القارئ إذناً للدخول والمشاركة في صناعة أحداث الرواية بمختلف أزمنتها والأمكنة.

 

65c66b16-4812-400d-a8d4-c9aa37039b87.jpg

 

سيرة

ماهر دعبول، كاتب سوري من مواليد مدينة حلب عام 1994. درس في قسم الفلسفة بجامعة حلب، ويقيم حالياً في الشمال السوري المحرر، ويعمل في المجال الإنساني في سوريا ويساهم في مساعدة النازحين في الشمال السوري، كما يقدّم مساعدات تدريبية على كتابة القصة القصيرة.

في رصيده ثلاثة أعمال روائية هي: "حصار عبق" 2016 وهي رواية تحاكي الحرب السورية وتفاصيلها الفجائعية، و"قدود زمردية" 2018، والرواية الثالثة "عناة" 2020.

 

 

كلمات مفتاحية