icon
التغطية الحية

عملية "أوبرا".. إسرائيل تكشف وثائق عن تدمير مفاعل "تموز" العراقي

2021.06.23 | 22:17 دمشق

picture1.jpg
المفاعل النووي العراقي قبل تدميره (GettyImages)
إسطنبول ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

رفع الجيش الإسرائيلي السرية عن "وثائق وبروتوكولات شديدة السرية" تكشف أسرار عملية تفجير مفاعل "تموز العراقي" النووي، والمعروف باسم مفاعل " أوزيراك"، نفذتها طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في صيف عام 1981.

وتحدثت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية، من بينها صحيفة معاريف العبرية، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية سمحت، الثلاثاء، بنشر أجزاء واسعة من الوثائق والبروتوكولات الأكثر سرية في أرشيف القوات الجوية، والسجلات الخاصة ومعلومات تكشف لأول مرة عن تفجير المفاعل العراقي، لم يعرفها سوى منفذي العملية.

عملية "أوبرا"

وأضافت الصحيفة، بعد مرور 40 عاماً على واحدة من أكثر العمليات سرية ونجاحاً لسلاح الجو، المعروفة باسم عملية "أوبرا"، لتدمير القدرات النووية العراقية، بعد تهديد الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتدمير إسرائيل بالأسلحة النووية.

وكانت طائرات إسرائيلية قد نفذت في السابع من حزيران من عام 1981، غارات جوية مفاجئة أسفرت عن تدمير مفاعل نووي عراقي قيد الإنشاء، يبعد 17 كيلومتراً جنوب شرقي بغداد.

وتضمنت الوثائق رسومات يدوية للمفاعل المستهدف إضافة إلى أرشيف العملية ومذكرات كتبت بخط اليد تبادلها قادة الأركان مع الطبقة السياسية، وبحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية كانت هذه الرسوم جزءا من البيانات الاستخبارية التي أعدت خلال التخطيط للعملية.

وجاء في إحدى الوثائق التي كشف عنها، ما كتبه في الفصل التمهيدي لبروتوكول العملية، قائد سلاح الجو آنذاك، اللواء ديفيد عفري: "كانت عملية" أوبرا "هي أطول هجوم نفذته القوات الجوية منذ إنشائها، مضيفاً أن العملية كانت ناجحة تماما، دمرت المفاعل وعادت جميع طائراتنا الى قاعدتها سالمة.

وأشارت وثائق وزارة الدفاع السرية إلى أن الأسراب المقاتلة تدربت على تمارين هجومية مماثلة بهذا الحجم، من دون معرفة الطيارين بطبيعة المهمة الرسمية خلال تلك التدريبات.

תרשים הכור בעיראק (צילום: באדיבות ארכיון צה''ל במשרד הביטחון)

أرشيف الجيش الإسرائيلي – وزارة الدفاع الإسرائيلي

תיק מבצע ''אופרה'' מארכיון חיל האוויר (צילום: באדיבות ארכיון צה''ל במשרד הביטחון)

ملف عملية "أوبرا"، وثائق تابعة لسلاح الجو – وزارة الدفاع الإسرائيلية

 الرسائل الخطية بين الأركاجزء من والطبقة السياسية – وزارة الدفاع الإسرائيلية 

جزء من  الرسائل الخطية بين الأركان والطبقة السياسية – وزارة الدفاع الإسرائيلية

وتشير الوثائق إلى حساسية العملية وما سبقها من حرص هيئة الأركان على تجنب تداعياتها المستقبلية، والنقاش المكثف بين السلكين العسكري والسياسي حول جدوى العملية وتاريخ تنفيذها.

وأظهرت إحدى بروتوكولات سلاح الجو -التي رفع عنها السرية- عمق الجدل والحوار المباشر بين الطبقة السياسية وقادة الأركان بخصوص توقيت الهجوم، حيث ورد في مذكرة شخصية أُرسلت إلى ديفيد عفري جاء فيها ما يلي: "أخبرتهم (أي السياسيين) إما أن تكون العملية في هذا الموعد أو توقفوا عن إرباكنا". وفي النهاية تقرر موعد تنفيذ الهجوم في7 من حزيران/يونيو 1981 عشية عيد "الأسابيع" وفق الديانة اليهودية.

وشاركت في الهجوم 14 طائرة حربية إسرائيلية، 8 طائرات من طراز F-16 و6 طائرات من طراز فالكون (F-15)، ومن بين الطيارين المشاركين الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين، ورائد الفضاء الإسرائيلي الأول الضباط إيلان رامون.

ويعتبر يادلين من أبرز الشخصيات العسكرية في إسرائيل، ترأس منذ 2011 إلى 2021 إدارة "معهد دراسات الأمن القومي" (INSS)، الأكثر شهرة في إسرائيل.

ويعود تاريخ إنشاء المفاعل النووي العراقي إلى عام 1976، عندما اشترت بغداد من فرنسا مفاعلًا نووياً من طراز "أوسايرس"، وأطلق عليه الفرنسيون اسم " أوزيراك"، والعراقيون اسم "مفاعل تموز".

عملية "أوبرا" نفذت في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، الذي قال خلال تكريم الطيارين المشاركين في الهجوم "لا نتحدث عن عملية فريدة، بل هي الأولى في تاريخ إسرائيل".

إسرائيل.. وحرب المفاعلات النووية

وفي عام 2007 دمرت إسرائيل، بعملية مماثلة، ما يشتبه أنه مفاعلاً نووياً في سوريا، بموقع "الكُبر" في مدينة دير الزور، ولكنها لم تقر بمسؤوليتها إلا قبل عامين فقط، وكشفت تفاصيل عبر وسائل الإعلام بطريقة مثيرة، على غير عادتها في كتمان عملياتها الاستخبارية والعسكرية لا سيما التي تنفذ خارج الحدود.

وتطلق تل أبيب على عملية تدمير "المفاعل السوري" اسم "عملية البستان"، حيث أغارت طائرات إسرائيلية بعد منتصف ليل 6 من أيلول/سبتمبر 2007 على موقع عسكري في شرقي سوريا، يشتبه بأنه يستخدم لأغراض نووية.

ליד ה"חווה חקלאית" בסוריה ()

الصحفي الإسرائيلي، رون بن يشاي، داخل سوريا بالقرب من موقع "الكبر" الذي دمرته إسرائيل (يديعوت أحرونوت)

وكشفت الصحافة الإسرائيلية في آذار/مارس 2018 تفاصيل عملية تدمير "المفاعل السوري"، بعد رفع السرية عنها من قبل وزارة الدفاع، ونشر أشهر صحفيي "يديعوت أحرونوت" ومحللها للشؤون الأمنية والعسكرية، رون بن يشاي، فيلماً قال إنه صوره داخل سوريا بعد شهر من العملية واقترب إلى بعد مئات الأمتار من موقع الكبر المدمر، بعد دخوله سوريا بجواز سفر أجنبي.

وعلى عكس المفاعلين العراقي والسوري، رغم أن الأول كان قيد الإنشاء والثاني يشتبه بأنه مفاعل بالأصل، تواجه إسرائيل تحدياً تضعه على رأس أولوياتها الأمنية الراهنة، يتمثل بالمفاعل النووي الإيراني، إلا أنها لم تقدم على تدميره رغم كل الحرب السرية والعلنية التي قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، لمحاربة النووي الإيراني.

وتشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن المفاعل الإيراني يختلف عن العراقي والسوري، لتوزعه في عدة مناطق في إيران وبعض منشآته تحت الأرض، ولبلوغه مستويات متقدمة تخشاها تل أبيب الرافضة للمساس بتفوقها العسكري في الشرق الأوسط، وفقاً للرؤية الاستراتيجية الأميركية-الإسرائيلية المشتركة.

وشنت إسرائيل خلال العامين الماضيين عدة عمليات سيبرانية واستخبارية وعسكرية ودبلوماسية، لمواجهة النووي الإيراني، كانت آخرها استهداف منشأة "نطنز" لتخصيب اليورانيوم، في 12 من نيسان/أبريل الماضي، أما أشهرها كانت عملية سرقة الموساد للأرشيف النووي الإيراني في 2018.