icon
التغطية الحية

عقدة الخط الأحمر في سوريا تدفع بايدن للرد على احتمال وقوع هجوم كيماوي بأوكرانيا

2022.04.13 | 15:12 دمشق

جو بايدن وهو يتحدث عن الغزو الروسي لأوكرانيا من البيت الأبيض في 28 آذار 2022
جو بايدن وهو يتحدث عن الغزو الروسي لأوكرانيا من البيت الأبيض في 28 آذار 2022
ذا هيل - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

جددت التحقيقات حول استخدام روسيا للأسلحة الكيماوية في أوكرانيا التركيز على الطريقة التي يقترب من خلالها البيت الأبيض وعلى رؤوس أصابعه ليحدد "خطاً أحمر" في حال قيام موسكو بخرق آخر للقوانين والأعراف الدولية في غزوها لأوكرانيا.

فقد كرر الرئيس بايدن، ومعه جوقة من كبار المسؤولين في إدارته، تحذيراته طوال أسابيع حول قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تنفيذ هجوم بالأسلحة الكيماوية في أوكرانيا.

شبح الهجوم الكيماوي يلوح

إلا أن الخبراء بعد مقارنتهم لحالة التدمير التي أحدثها بوتين في سوريا والتي تسببت بإزهاق أرواح آلاف المدنيين، يرون بأن الرئيس الروسي قد يتجرأ على تكرار استخدام تلك الأساليب والتكتيكات في أوكرانيا في حال اطمأن إلى عدم تعرضه لعقوبات قاسية مرة أخرى.

فقد أعلنت القوات الأوكرانية في ماريوبول يوم الإثنين الماضي بأن أفرادها عانوا من صعوبة في التنفس بعدما حلقت طائرات مسيرة روسية فوق رؤوسهم، إذ يبدو أن تلك الطائرات قامت بنشر نوع من أنواع الأبخرة السامة، الأمر الذي جعل شبح الهجوم بالسلاح الكيماوي يلوح في الأفق.

إلا أن مسؤولين أميركيين أعلنوا يوم الثلاثاء بأنه ليس لديهم من يحقق بالموضوع على الأرض، ولهذا لا يمكنهم التحقق من صحة التقارير حول احتمال استخدام أسلحة كيماوية في تلك المدينة الساحلية الواقعة جنوبي البلاد، والتي شهدت قصفاً مكثفاً أودى بحياة مئات المدنيين خلال الأسابيع الماضية.

وفي مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء، قال وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكين ما يلي: "إننا لسنا في موضع يخولنا التحقق من صحة أي شيء، ولا أعتقد بأن الأوكرانيين أفضل حالاً"، لكنه أضاف بأن الولايات المتحدة أرسلت معلومات وصفها بالموثوقة إلى أوكرانيا وإلى بقية الدول الحليفة، وتفيد بأن روسيا قد تخلط العناصر التي تستخدم لمحافحة الشغب، مثل الغاز المسيل للدموع، بعناصر كيماوية، لتقوم بنشرها ضمن حملة الحصار التي تمارسها بحق ماريوبول، حيث قال: "إن ذلك مصدر قلق حقيقي، ولقد ساورنا ذلك القلق قبل بدء الغزو، فقد أشرت إلى احتمال استخدام تلك الأنواع من الأسلحة، وذلك لأننا نركز بشكل كبير جداً على هذا الأمر".

عقدة أميركية من الخط الأحمر

يذكر أن بايدن وكبار المسؤولين لديه حذروا بوتين من الثمن الباهظ الذي سيدفعه في حال تنفيذه لذلك الهجوم، إلا أن بايدن تحاشى تحديد أي خط أحمر، وذلك لأن هذه العبارة قد تذكر الناس بالانتقادات التي تعرض لها الرئيس السابق باراك أوباما بعد تراجعه عن فرض عقوبة عسكرية سبق له أن هدد بها في عام 2012 في حال استخدام السلاح الكيماوي في سوريا.

ولذلك، علقت جين بساكي السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض التي شغلت أحد المناصب أيام إدارة أوباما، في 14 آذار، بالقول: "إننا لا نحب رسم خطوط حمراء هنا، ولهذا لن أستخدم تلك العبارة".

كما ابتعد بايدن لأقصى مدى عن تلك الفكرة في مؤتمر صحفي لحلف شمال الأطلسي عقد خلال الشهر الفائت، حيث توعد برد من قبل الولايات المتحدة وذلك التحالف العسكري في حال استخدام بوتين للأسلحة الكيماوية، دون أن يورد أي تفاصيل حول طريقة الرد، لكنه أضاف: "لا بد أن تعتمد طبيعة الرد على طبيعة الاستخدام".

في حين عبرت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في بيان لها صدر يوم الثلاثاء عن قلقها إزاء ظهور: "تقارير غير مؤكدة حول الأسلحة الكيماوية"، كما ذكرت بأنها تراقب الوضع عن كثب في أوكرانيا وبأنها على استعداد للمساعدة في فتح تحقيق.

أما مارك كانسيان، وهو من كبار المستشارين لدى برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فقد أعلن بأنه بالرغم من معارضة الإدارة الأميركية لاستخدام عبارة "الخط الأحمر"، إلا أن استخدام الأسلحة الكيماوية لابد وأن يكون "تصعيداً دراماتيكياً" وخرقاً للخط الأحمر الدولي الموجود منذ أمد بعيد والذي وضع بالنسبة لاستخدام القوة والأسلحة".

هذا علاوة على الجرائم الأخرى التي تعتبر كل من الولايات المتحدة وحلفائها بوتين والقوات الروسية مسؤولين عن اقترافها، والتي تشمل جرائم حرب تتمثل باستهداف المدنيين وقتلهم، وتعذيبهم واختطافهم واغتصابهم.

خيارات الرد... محدودة!

إلا أن كانسيان يرى بأن خيارات الرد محدودة، وذلك بالنظر إلى مجموعة العقوبات الواسعة التي تم الإعلان عن فرضها خلال الأسابيع الستة الماضية، إذ يقول: "المشكلة هي عدم وجود أمور أخرى غير التي قاموا بها، فلقد فرضوا عقوبات على كل الأفراد، لذا ما لم يلجؤوا إلى نشر القوات على الأرض بطريقة ما، فلن يكون أمامهم كثير من الأمور التي بوسعهم القيام بها، وهذا ما يجعل موقف الولايات المتحدة صعباً للغاية".

أما ويليام تايلور والسفير الأميركي السابق لأوكرانيا ونائب رئيس برنامج روسيا وأوروبا لدى معهد السلام الأميركي فيقول: "يعود الأمر للأوكرانيين بالنسبة لطريقة الرد التي بوسعنا أن نساعدهم بها، إذ ينبغي علينا أن نقدم كل معلومة استخبارية حصلنا عليها حول القطعة العسكرية، وأعني هنا قطعة الأسلحة الكيماوية الروسية التي تجري استعداداتها في ماريوبول على ما يبدو، هذا إن لم تكن قد استخدمت تلك الأسلحة من قبل، ولهذا ينبغي استهداف تلك القطعة".

فريق النمر الأميركي

ثمة فريق أساسي يضم مسؤولين في مجال الأمن القومي يقوم بالتركيز على أوكرانيا من داخل البيت الأبيض، ويعرف هذا الفريق باسم فريق النمر، إذ يولي هذا الفريق أولوية كبيرة لرسم وتخطيط أي رد محتمل من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في حال تم تأكيد وقوع الهجمات الروسية بالأسلحة الكيماوية.

وقد حمل بايدن تلك التصورات معه في رحلته إلى بروكسل خلال الشهر الماضي، والتي التقى خلالها بقادة أوروبيين وحلفاء من حلف شمال الأطلسي.

وإلى جانب ما تقدمه الإدارة الأميركية من معدات واقية من الأسلحة الكيماوية لأوكرانيا، أعلنت منظمة الصحة العالمية بأنها زودت 1500 شخص يعمل في المجال الصحي بأوكرانيا بتعليمات وتوجيهات تهمهم في حال وقوع أي هجوم كيماوي.

يرى تايلور بأن الإدارة الأميركية محقة في الاحتفاظ بغموضها فيما يتعلق بالأمور التي تعتبرها بمنزلة خط أحمر، لأن ذلك يفسح المجال أمام مزيد من المرونة بالنسبة لأي رد محتمل مع تجنب التصعيد بين القوى التي تمتلك أسلحة نووية.

ومع ذلك يعتقد ماثيو كروينيغ مدير مشروع استراتيجية سكوكروفت لدى المجلس الأطلسي بأن كل ذلك يمكن أن يشجع بوتين على استخدام الأسلحة الكيماوية كأداة حرب مهمة بعد خبرته معها في سوريا، حيث ساعد بوتين نظام بشار الأسد على تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيماوية، ويعلق على ذلك بقوله: "أخشى أن يكون أحد الدروس المستفادة من سوريا التي استخلصها بوتين والأسد هي أن استخدام الأسلحة الكيماوية ناجع... إذ من المرجح أن يكون بوتين يجري حساباته التي يرى من خلالها أنه بوسعه أن يقوم بذلك بالرغم من تهديد بايدن له، وهذا لابد وأن يساعده على كسب الحرب، لأن الغرب لن يتدخل بأي طريقة مجدية".

فقد تراجع أوباما عن القيام بأي عمل عسكري في سوريا رداً على الهجوم بالأسلحة الكيماوية بعد معارضة حلفاء دوليين له، فضلاً عن رفض الكونغرس لذلك.

وفي الوقت الذي نفذت فيه إدارة ترامب ما لا يقل عن ضربتين عسكريتين في سوريا، بقي الأسد وبوتين بلا أي محاسبة بالنسبة لعدد كبير من الهجمات الوحشية التي قتل فيها الآلاف من المدنيين، حيث ظهرت صور مريعة لأشخاص يلفظون أنفاسهم الأخيرة في الشوارع وعلى قارعة الطريق، والزبد يعلو أفواههم، إلى جانب صور الأطفال الموتى الذين تكدسوا فوق بعضهم البعض.

ولهذا يعلق تايلور قائلاً: "إن رعب الأسلحة الكيماوية كان واضحاً جداً في سوريا... وهذا الدليل يوضح ما يجري اليوم في ماريوبول، فنحن نعرف الآثار المرعبة التي تظهر، وهذا ما يرفع الوعي ويزيد من الحنق والغضب ومن شدة الورطة التي وقعت بها روسيا".

غير أن تايلور يرجح بأن تقيم الإدارة الأميركية تلك الضربة العسكرية الأميركية على أنها لا بد وأن تزيد من خطر التعرض لمواجهة أكبر وأشد مع روسيا.

أما كروينيغ الذي شغل مناصب في البنتاغون مع تعاقب إدارتين إحدهما جمهورية وأخرى ديمقراطية، فيرى بأن البيت الأبيض حالياً "أوضح بأنه لن يتدخل عسكرياً" لكنه يرجح قيام ضربة عسكرية محدودة تستهدف مصادر الأسلحة الكيماوية في حال تنفيذ أي هجوم وذلك دون المخاطرة بتصعيد كبير في الموقف، ويعلق على ذلك بقوله: "لا أعتقد بأن بوتين يرغب بقيام حرب كبرى مع الولايات المتحدة"، ثم حذر من السماح باستمرار بإفلات المسؤولين عن استخدام السلاح الكيماوي من العقاب، وذلك عندما قال: "بالعموم، إن الدرس الذي نريده هنا هو أن هذا لن يجدي نفعاً، ولن يساعد بوتين، ثم إن فكرة استخدام تلك الأسلحة مستقبلاً ليست فكرة جيدة بالأساس، أي أنك يا بوتين سوف تفشل، وستعاقب على ما اقترفت يداك، لأن ذلك ليس بمفتاح للنجاح".

 المصدر: ذا هيل