ظهور "رغد صدام حسين" .. خلطُ أوراقٍ أم إعلانٌ لتحالفات جديدة؟

2021.02.17 | 00:01 دمشق

rghd-sdam-hsyn.jpg
+A
حجم الخط
-A

ظهور السيدة رغد ابنة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين على شاشة قناة "العربية" السعودية التي تبث من دبي، في مقابلة حصرية تُبث على حلقات، يطرح مجموعة من الأسئلة، التي ستبقى إجاباتها معلقة لفترة لن تكون قصيرة، ومدار تفسيرات كثيرة، دون أن يمنع ذلك إمكانية الوقوف عند بعض المدلولات، التي ظهرت في الساعات الأولى التي تلت بث الحوار.

هاجمت السيدة رغد الدور الإيراني في العراق، ووصفت التدخل الإيراني في المنطقة بـ "السافر"، مشيرة إلى أن "الإيرانيين استباحوا العراق بعد غياب السلطة الحقيقية"، مؤكدة أن العراق "هو ميزان المنطقة والبوابة الشرقية الحامية للمنطقة". ووصفت وضع العراق اليوم: "إنه لا يسر، وفُقد الكثير من الناس، وفَقد المواطنون الكثير من أحبابهم، وهذه صعوبات كبيرة مر بها العراقيون كافة دون استثناء".

حظي الحوار بعدد كبير جداً من المشاهدات والتعليقات، حيث تجاوز عدد المشاهدات على قناة اليوتيوب الثلاثة ملايين مشاهدة خلال الساعات الثمانية التي تلت بثه

أثار اللقاء الجدل داخل العراق وخارجه، وعلى الفور طالب رئيس ما يسمى لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين في مجلس النواب العراقي عبد الإله النائلي، باستدعاء سفيري الأردن (كون رغد تقيم فيها)، والسعودية (كون قناة العربية تتبع لها) لتسليمهم مذكرة احتجاج، على هذا اللقاء، معتبراً أن اللقاء يُعد "تجاوزا سافرا على الشعب العراقي، وتضحياته في مقارعته لحزب البعث، الذي كان يتزعمه صدام حسين الرئيس العراقي الأسبق".

على المستوى الشعبي، حظي الحوار بعدد كبير جداً من المشاهدات والتعليقات، حيث تجاوز عدد المشاهدات على قناة اليوتيوب الثلاثة ملايين مشاهدة خلال الساعات الثمانية التي تلت بثه، رافقها التعليقات المرحبة بهذا الظهور، مترحمة على والدها، مقابل التعليقات الرافضة، وما زالت ردود الفعل الرسمية والشعبية تتوالى بكثرة لافتة، تشير إلى أنها ستزداد، وستثير الكثير من ردود الأفعال المتناقضة، مع اكتمال بث حلقات الحوار.

لا يمكن أن يكون ظهور السيدة "رغد صدام حسين" نوعاً من السبق الصحفي، لقناة ممولة وناطقة باسم المملكة العربية السعودية، التي كانت من الفاعلين الرئيسيين في إسقاط نظام البعث في العراق، والذي كان يقوده الرئيس الأسبق صدام حسين؛ كما لا يمكن تجاهل التبدل في الموقف الأردني، الذي سمح بإجراء الحوار مع السيدة رغد المقيمة على الأراضي الأردنية في ظل حماية مقدمة من ملكها، ونتذكر، في هذا المجال، أن الأردن سبق أنْ أعلن أنّ تقديم الحماية للسيدة رغد وأفراد من عائلتها، مشروط بعدم السماح لهم بالعمل السياسي، أو الإدلاء بأي تصريحات تتعلق بما يجري في العراق، وهو الأمر - العمل السياسي - الذي لم تنكره السيدة رغد في هذا اللقاء، مشيرة - دون مواربة - عند سؤالها عن نيتها تبوء مناصب سياسية في المستقبل القريب بالقول: إن "كل شيء وارد وكل الاقتراحات موجودة".

نعرف أن غياب الفاعلية الحقيقية للسنة العراقيين في إدارة شؤون العراق، يعود إلى أسباب عديدة، قد يكون أهمها افتقادهم لقيادة "كاريزمية" قادرة على جمعهم خلف مشروع وطني، إنساني، مدني، ديمقراطي جامع، وظلت الصورة الطاغية، التي يظهرها الإعلام المحلي، والعربي، والعالمي عن سنّة العراق، أنهم داعمون رئيسيون للتنظيمات الجهادية السنية الإرهابية المتجسدة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وأن ممثليهم في إدارات الدولة العراقية، لا يقلون فساداً عن أقرانهم الآخرين المتحكمين في إدارة الدولة العراقية، وشركاء لهم في الفساد الكبير الذي أصبح السمة الأبرز في العراق، وأنهم لا يمثلون سنة العراق، الذين جرى إبعادهم عن المشاركة في القرار الوطني العراقي، أو نفيهم، أو الإلقاء بهم في غياهب السجون.

من طرف آخر، وأمام الفشل في احتواء حلفاء إيران، والذين يوفرون دعماً كبيراً لوجودها في العراق، وتحكمها في قراره الوطني، وثرواته الكبيرة، ودعمهم للمشروع الإيراني - المعلن - الرامي إلى ترسيخ وجودهم في المشرق العربي، كما هو حال حضورهم في سوريا واليمن ولبنان، أدى إلى أن تبحث الأطراف - غير الإيرانية - الفاعلة في العراق، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، عن شخصيات، يحتاجونها لتمثيل سنّة العراق، وتساعد في محاربة الإرهاب "الداعشي"، وتخفف من هيمنة المرجعيات الدينية الموالية لإيران.. شخصيات تحظى بثقة العراقيين السنة، الذين عانوا كثيراً خلال السنوات التي تلت سقوط بغداد.

ظهور السيدة رغد، وهذا الاحتفاء السعودي الواضح بتقديمها، يمكن أن يكون نوعاً من إرسال إشارات للجانب الإيراني، وحلفائه العراقيين، على امتلاكهم لـ "فرس رهان" في هذه المرحلة المعقدة.

اعتبر بعض المتابعين لردة الفعل الرسمية العراقية، وردة فعل الشارع العراقي بشكل خاص والعربي عامة، كما ظهر في التعليقات بوسائل التواصل، وبعض التحليلات، أن ظهور السيدة رغد، وهذا الاحتفاء السعودي الواضح بتقديمها، يمكن أن يكون نوعاً من إرسال إشارات للجانب الإيراني، وحلفائه العراقيين، على امتلاكهم لـ "فرس رهان" في هذه المرحلة المعقدة، عراقياً وعربياً، في الوقت الذي أصبحت فيه المعارضة الوطنية العراقية في وضع لا تحسد عليه، ودون قيادة تحمل ثقلاً سياسياً، وتحظى بقبول السنّة العراقيين.

هل يمكننا القول، إن هذا الظهور المفاجئ للسيدة رغد صدام حسين، وإعلانها - دون مواربة - عن احتمال انخراطها في العمل السياسي، قد حظي بمباركة وضوء أخضر من السعودية وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية..؟ وأنه مؤشر على ظهور تحالفات جديدة بين السعودية والولايات المتحدة وحلفائهما من جهة، وسنّة العراق من جهة ثانية..؟

نعتقد أن الأيام المقبلة حُبلى بالإجابات الشافية، على الأسئلة التي برزت بعد اللقاء، وأن ظهور السيدة رغد صدام حسين كان مربكاً لأطراف الصراع في العراق..؟.

ننتظر ونرى..!