icon
التغطية الحية

ظريف "يعتذر" من المتشددين في إيران بافتتاح قنصلية في حلب

2021.05.24 | 06:57 دمشق

قنصلية إيران
من افتتاح القنصلية الإيرانية في حلب (إنترنت)
+A
حجم الخط
-A

بعد أقل من أسبوعين على الزيارة غير المعلنة لوزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف إلى دمشق في 12 أيار 2021، تم الإعلان بشكل رسمي عن افتتاح القنصلية الإيرانية في مدينة حلب بموافقة بشار الأسد، وذلك بهدف "توسيع أفق التعاون الاقتصادي والثقافي والتجاري بين البلدين"، وفق ما صرح به "ظريف" في دمشق.

على الرغم من أن زيارة "ظريف" الأخيرة إلى دمشق لم تختلف عن سابقاتها من الزيارات العاجلة وغير المعلنة التي حملت في طياتها تعليمات المرشد الإيراني الأعلى لـ نظام الأسد، بما يتوافق مع التطورات الإقليمية والدولية المتعلقة بالقضية السورية، وتم تبريرها لاحقاً ببيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية لحظة وصول "ظريف"، أو بالتذرع بتوجيه دعوات من جانب وزارة خارجية النظام.

إلا أن هذه الزيارة كانت تتضمن أيضاً دوافع شخصية لدى ظريف حملته على التوجه إلى دمشق بشكل عاجل بعد فضيحة التسريبات الصوتية، التي تسببت بحدوث أزمة كبيرة ووضعت الدبلوماسي والمفاوض الإيراني "ظريف" في مأزق كبير أمام المتشددين في إيران.

القنصلية الإيرانية في حلب بانتظار ظريف منذ سنتين

منذ أكثر من عامين، كانت القنصلية الإيرانية في حلب قد أتمت جميع ترتيباتها من المباني والمكاتب وحتى الموظفين بانتظار فقط التعريفات والتراخيص الرسمية، وقدوم "ظريف" لإتمام عملية الافتتاح رسمياً.

وعلى الرغم من أن "ظريف" قد أجرى العديد من الزيارات الرسمية غير المعنلة إلى سوريا خلال هذه الفترة، لم تتابع وزارة الخارجية الإيرانية هذا الموضوع لتبقى القنصلية الإيرانية في حلب "بلا علم وبلا رأس حتى الآن"، حسب ما ذكر تقرير نشره موقع "بولتان نيوز " الإيراني، في 27 تشرين الثاني 2020.

وأضاف التقرير الذي عنونه الموقع بـ"القصة العجيبة لعدم افتتاح قنصليتين إيرانيتين في حلب واللاذقية"، متسائلاً: "في الوقت الذي يعود فيه أعداء سوريا لكسب الحضور الاقتصادي والثقافي في هذا البلد، لماذا لا تستخدم إيران كل الطاقات التي تم إنشاؤها؟ لماذا لا يهتم الأشخاص (يقصد جواد ظريف) الذين يقولون إنهم كانوا يعقدون اجتماعات أسبوعية مع الحاج قاسم بتحقيق أهم أهدافه واهتماماته في سوريا؟

وفي الوقت الذي ترحب فيه "حكومة النظام" أشد الترحيب بحضور إيران في سوريا، كنا نتمنى أن تكون رغبة البعض (يقصد جواد ظريف) في التفاعل مع دول الجوار وجبهة المقاومة، بمقدار رغبتهم في التفاوض مع الغرب والولايات المتحدة، ولو بنسبة واحد في المئة.

إن حصتنا البالغة 2٪ من واردات الدول المجاورة وحصتنا البالغة 3٪ من واردات سوريا، تبيان لفرصة استراتيجية محروقة! ومن المؤسف أن بعض الكلمات لا يمكن كتابتها".

وفي الحقيقة لا يمكن الحديث فقط عن الروتين القاتل الذي يشوب مؤسسات النظام الإيراني، خاصة وزارة الخارجية، كسبب رئيسي لتأخر ظريف بافتتاح القنصلية الإيرانية في حلب، رغم أهميتها الجيواقتصادية والجيوسياسية للنظام الإيراني في سوريا، بل إن التأخير المقصود -غالبا- بالإعلان الرسمي عن افتتاح القنصلية، رغم انتهائها من التجهيزات اللوجستية منذ أكثر من عامين، لا يمكن فصله عن مكنون الغضب والانزعاج لدى ظريف، عندما لم يدعُه قاسم سليماني لحضور أول زيارة لبشار الأسد لإيران منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.

ظريف يعتذر للمتشددين في البرلمان الإيراني

واجهت التصريحات المسربة لجواد ظريف، والتي كشفت في حيثياتها عن مدى هيمنة "الحرس الثوري" الإيراني وقائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني على السياسة الخارجية الإيرانية، سيلاً من الانتقادات والتهديدات الصادرة من المرشد الأعلى الإيراني الذي وصفها بأنها لا تخرج عن بروباغندا العدو الخارجي، وكذلك من المتشددين وضباط "الحرس الثوري"، الذين أصبحوا اليوم يجلسون على معظم مقاعد البرلمان الإيراني بعد تصفية مجلس صيانة الدستور، بأوامر من خامنئي، لمعظم شخصيات التيار الإصلاحي الذي بدا أنه فاقد لأي مستقبل سياسي اليوم.

هذه التسريبات وضعت "ظريف" في موقف لا يحسد عليه أمام المتشددين الناقمين عليه وعلى تياره الإصلاحي في الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته اللجنة البرلمانية للأمن القومي والسياسة الخارجية لمناقشة فضحية التسريبات في 9 أيار 2021، أي قبل أيام قليلة من زيارة ظريف العاجلة إلى دمشق.

وعلى الرغم من أن المواقع الإيرانية قد استخدمت كلمات منمقة بعض الشيء، كالحرج والصعب، في وصف هذا الاجتماع الاستثنائي، لم يخلُ الاجتماع من الانتقادات اللاذعة التي طالت ظريف، متهمةً إياه بتهديد الأمن القومي، وذلك بعد تقديمه كل فروض الطاعة للمرشد الأعلى وتقديمه الاعتذار الرسمي لعائلة قاسم سليماني الذي وصفه بأنه كان أكثر من مجرد قائد بالنسبة له.

حتى إن انتقادات المتشددين اللاذعة لـ"ظريف" لم تقتصر على موضوع التسريبات فقط، بل ذهبت لانتقاد الإهمال المتعمد في أداء وزارة الخارجية الإيرانية ومماطلتها في افتتاح القنصلية الإيرانية في حلب، ليأتي الرد من ظريف بأنه ستتم متابعة الموضوع في أسرع وقت.

لذلك، بالإضافة للاعتذارات التي قدّمها "ظريف" للمتشددين وفروض الطاعة للمرشد الإيراني الأعلى بسبب فضيحة التصريحات، كان لا بد لـ"ظريف" من تحرك علمي سريع له رمزية كبيرة لدى المتشددين في طهران، وهو افتتاح القنصلية الإيرانية في مدينة حلب، التي دمرها القائد المباشر لـ جواد ظريف، بميليشياته الطائفية.