icon
التغطية الحية

ظاهرة التسول عبر تيك توك في المخيمات السورية.. دوافع حقيقية أم احتيال؟

2022.08.23 | 15:23 دمشق

تطبيق تيك توك - المصدر: الإنترنت
تطبيق تيك توك - المصدر: الإنترنت
إنبوت - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

انتشر مؤخراً مقطع فيديو لرجل ملتح يركع أمام الكاميرا وحوله عدد من الأطفال، وأخذ يتوسل لكل من يشاهد الفيديو بأن يتبرع لحسابه على تيك توك عبر منحه هدايا من خلال ميزة تظهر خلال أي بث مباشر على تيك توك.

أصبح ذلك المشهد مألوفاً بالنسبة لغالبية مستخدمي تيك توك، ولكن في بعض الأحيان، يبدو تسلسل آخر الأخبار مليئاً بفيديوهات تظهر لاجئين سوريين وهم يتسولون المال من الأغنياء، حيث يطلبون من المستخدمين الغربيين منحهم هدايا عبر تلك الميزة الموجودة على تيك توك (بما أن تلك الهدايا يمكن أن تتحول إلى مبالغ نقدية)، وفي كثير من الأحيان، قد يطلب بعضهم المال بالإنكليزية عبر غناء المقطع الآتي: "send me a gift! send me a gift /أرسلوا لي هدية! أرسلوا لي هدية!"، بما أن تلك الهدايا يمكن أن تساعدهم في التغلب على وضعهم الصعب.

@7mhd_911 الرد على @🐈 وصلوني 10K ياحلوين ❤️🥹 #كبسم #شيرم ♬ الصوت الأصلي - الخالدي 911

نزح أكثر من 13 مليون سوري من بلدهم نتيجة للحرب التي شنها بشار الأسد بدعم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونصف هؤلاء النازحين فروا إلى دول الجوار، حيث يعيشون في مخيمات تديرها الجمعيات الخيرية والمتطوعون من الأفراد، إلى جانب مهربي البشر، ولهذا استطاع البعض أن يهرب إلى أوروبا بوساطة قارب أو شاحنة نقل.

حسابات للاحتيال

وتلك كارثة كبيرة طالت حقوق الإنسان، وبقيت تستمر على مرأى من العالم بأسره طوال 11 عاماً، منذ أن بدأ الأسد بقمع شعبه، إلا أن المشكلة هنا تكمن في أن الناس لا يمكنهم أن يتأكدوا إن كان هؤلاء السوريون المهجرون الذين يظهرون على تيك توك صادقين أم لا.

يبدو حساب Cummins مقتنعاً تماماً بأن حساب syrian_tragedy@ وهمي، وقد نشر فيديوهات عبر تيك توك فند فيها ذلك، إذ يرى بأن فيديوهات ذلك الحساب ما هي إلا مقاطع مكررة ومسجلة سلفاً لتظهر وكأنها بث مباشر ويتم من خلالها استخدام الأطفال كسلعة لتحقيق منافع مالية، وعن ذلك يقول: "أحس بأن شيئاً خبيثاً يحاك هناك بعيداً عن الكاميرا، إذ ثمة شخص قدم لهؤلاء اللاجئين تلك الكاميرات والإنارة الحلقية حتى يستخدموها للتسول بلا توقف، وهذا الشخص الذي قدم تلك الأمور يحصل على نسبة كبيرة من الأرباح"، وقد أبلغ هذا الحساب عن تلك الفيديوهات التي تحاول أن تبدو كبث مباشر، وكالعادة تم حذف الحساب، لتظهر حسابات مشابهة له على الفور ولكن بأسماء مختلفة.

 

@misterpaddy @mahmoodahmad9091 SCAM! Children used to beg for gifts live on TikTok! This is scam! #scam #scammers #scams #scamalert #tiktokscam #tiktokscammer #tiktokscammers #tiktokscamming #beg #begging #beggingformoney #childabuse #gypsies #afgh #afghan #afghanistan #afghanboy #afghanistan🇦🇫 #afghantiktok #afghan_tiktok #syria #syrian #syrien #syrien🇸🇾 #syria🇸🇾 #syrianTikTok #panhandle #panhandlers #betteln #betrug #betrügermasche #palestine #palestina #palestinian #palestine🇵🇸 ♬ Originalton - Mister Paddy

"قد أطلب المال أيضاً"

على الرغم من الشكوك التي يضمرها الكثير من مستخدمي تيك توك تجاه تلك الحسابات التي يظهر فيها محتالون، إلا أن البعض منهم مايزال لديه بعض الثقة فيها، ومنهم مايا التي تجاوزت الأربعين من العمر، والتي نشرت تغريدة مؤخراً حول ذلك المشهد المتنافر الذي يظهر أطفالاً عضهم الفقر بنابه في بعض الفيديوهات إلى جانب فيديوهات أخرى تظهر نساء شقراوات يرقصن أمام المرايا، حيث قالت: "خلت للوهلة الأولى بأن الأمر لا يعدو كونه استغلالاً للأطفال، ولكني كلما شاهدت فيديوهات أكثر، تعاطفت أكثر من الأب الذي يبذل أقصى ما لديه من أجل أطفاله وليؤمن أمور المعيشة... ولهذا فكرت بأني إن كنت أقيم في مخيم للاجئين أو أي مكان متعب آخر، فإنني قد أستعين بالتقانة لأصل إلى أكبر عدد من الناس ولأعلمهم بوضعي السيئ ولألفت انتباههم لذلك، ويمكن أن أطلب منهم المال أيضاً"، وبالرغم من أن مايا لم تربط حسابها المصرفي بحسابها على تيك توك، إلا أنها إن كانت قد ربطته، لكانت قد تبرعت بالمال عندما رأت تلك الفيديوهات لأول مرة.

أطفال متسولون

تقول ستيفاني هازيلوود، وهي مسؤولة التواصل لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، بأن المنظمة لم تستطع التحقق من صحة ذلك البث المباشر على التيك توك، ولم تعرف من أين يتم بثه، إذ تقول: "من الواضح أننا قلقون بسبب التقارير والبلاغات التي تصل حول اللاجئين، ولاسيما الأطفال، الذين أجبروا على التسول، ويشمل ذلك ما يظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وذلك لأن أي ظهور للأطفال ضمن صور أو فيديوهات قد تعرض صحتهم وأمانهم لأي خطر تعتبر غير مقبولة".

ورداً على تساؤلات حول فيديوهات التسول التي تظهر عبر تيك توك، ذكر ناطق رسمي باسم تلك الشركة ما يلي: "إننا لا نتقبل أي سلوك مخادع بكل تأكيد بل إننا نتخذ إجراءات عندما نجد أي انتهاك لقواعد مجتمع تيك توك، وذلك عبر حذف المحتوى، وحظر الحسابات، وحظر البث المباشر أيضاً".

محادثة باللغة البرتغالية

من الصعب التواصل مع هؤلاء الأشخاص الذين يزعمون أنهم يخرجون ببث مباشر من مخيمات اللجوء، لأن غالبيتهم لا يتحدثون الإنكليزية، إلا أن الصحيفة تواصلت مع ثمانية حسابات تنشر بثاً مباشراً، كما تحدثت إلى اثنين عبر ذلك التطبيق، حيث قال مستخدم حساب gm_____sy0@ الذي كتب وصف حسابه بالإنكليزية: "لقد حاربونا، وهدموا بيوتنا، وتركونا فأصبحنا مشردين، ثم إنني لا أخدع الناس لأني بحاجة لمساعدة من أجل أطفالي💔😔😔"

بيد أن هذا الحساب كتب كل ذلك باللغة البرتغالية حيث تمت ترجمة النص بشكل تلقائي، ويدعي ذلك الحساب بأن جيش بشار الأسد دمر أراضيهم في إدلب حيث كانوا يقيمون، فانتقلوا للعيش طوال العقد الماضي في أحد المخيمات القريبة من الحدود التركية.

وبسبب ظروف الحياة الصعبة في المخيم، يزعم ذلك الحساب بأنه انضم إلى تيك توك قبل شهر، وذلك لأن المخيم مزدحم بالناس، والظروف عسيرة للغاية، وعن ذلك يقول: "ليس لدينا طعام ولا ماء، ولذلك فإننا نعاني في معيشتنا... ولهذا نخرج ببث مباشر حتى نحصل على قوت يومنا ولنطعم أولادنا، فنحن جياع وعطاش".

لا صور ولا حساب ولا أي جواب

بيد أن هذا الحساب لم يعد يظهر في أي بث مباشر، لكنه يؤكد بأنهم يعانون وحدهم، حيث قال: "ثمة الكثير من الأشخاص الذين يظهرون مثلي عبر تيك توك"، ومنهم حساب user1828419131780@ الذي يظهر فيه رجل في فيديوهات برفقة ما لا يقل عن أربعة أطفال، وقد كتب بإنكليزية ركيكة بأنه انتقل هو وأسرته إلى المخيم القريب من الحدود التركية قبل ثماني سنوات بسبب عدم توفر فرصة عمل له في الشمال السوري حيث كان يعيش.

@user1828419131780

اجمل شيئ انك تفرح طفل اطفال في المخيمات لاتعرف الاالم ولحزن دعمكم ياخواني الوضع صعب جدا الله يجراكم الف خير🇵🇸🇸🇦🇹🇯🇸🇩🇸🇸🇮🇶🇱🇷🇲🇩🇳🇿🇳🇷🇳🇪🇼🇸🇸🇽🇾🇪

♬ الصوت الأصلي - AB

حاول هذا الحساب أن يقدم دليلاً على المصاعب التي يعيشها عندما قال: "سأرسل لكم صوراً من المخيم تثبت كيف أعيش أنا وأولادي، لأن الوضع هنا سيئ للغاية".

فأرسلنا له عنوان بريد إلكتروني، إلا أن تلك الصور لم تصل، كما أنه لم يعد يرد على أي سؤال.

من الصعب معرفة السبب الذي يجعل هؤلاء المستخدمين يحجمون عن الحديث، وهنا قد يرى المشككون بأن ذلك مرده إلى معرفتهم بالشكوك التي تدور حول مصداقيتهم، ولأنهم لا يريدون أن ينهوا اللعبة التي تدر عليهم الكثير من المال. في حين يرى من يصدقونهم بأن ظروف العيش في مخيمات اللجوء صعبة لدرجة تدفعهم لعدم الإجابة على أي سؤال يطرحه عليهم أي صحفي غربي.

ولكن بصرف النظر عن الأسباب، ينبغي على مستخدمي تيك توك أن يتعاملوا مع تلك الحسابات بالكثير من الحذر والحيطة، إذ تقول هازيلوود من مفوضية اللاجئين: "إن الدخول إلى منصات التواصل الاجتماعي قد يخلق فرصاً، ولاسيما بالنسبة للأشخاص المستضعفين.. ولكن هنالك من يسيئون استخدام تلك المنصات في بعض الأحيان عبر ممارستهم للاستغلال والإيذاء".

المصدر: إنبوت