althania
icon
التغطية الحية

ظاهرة البسطات في دمشق وريفها.. انقسام شعبي بين تنظيمها وإزالتها

2025.01.26 | 06:12 دمشق

آخر تحديث: 26.01.2025 | 06:15 دمشق

أصوات الباعة الجوالين في معظم المناطق الشعبية بدمشق، ظاهرة جديدة تغزو الشوارع والطرقات وعدداً من الساحات العامة وسط انقسام شعبي بخصوص ذلك بين مرحب ومنتقد.
تغزو البسطات الشوارع وعدداً من الساحات العامة في العاصمة السورية دمشق ـ خاص
دمشق ـ عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- انتشار البسطات في دمشق وريفها جاء نتيجة استيراد البضائع من شمال غربي سوريا وتركيا، حيث تقدم بضاعة من نخب ثان أو ثالث بأسعار منخفضة، وتواجه تحديات من البلدية التي تطالب بإزالتها.

- البسطات توفر فرص عمل للعديد من الأشخاص في ظل قلة السيولة والاعتماد على دعم الأقارب في الخارج، لكنها تسبب ازدحاماً وتؤثر سلباً على المحال التجارية المرخصة، مع دعوات لتنظيمها وتخصيص أماكن لها.

- الآراء حول البسطات متباينة؛ البعض يراها فرصة لتحسين الاقتصاد، بينما يعتبرها آخرون مظهراً غير حضاري، مع مطالبات بتنظيمها لدعم الفقراء في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

أصوات الباعة الجوالين في معظم المناطق الشعبية بدمشق، ظاهرة جديدة تغزو الشوارع والطرقات وعدداً من الساحات العامة وسط انقسام شعبي بخصوص ذلك بين مرحب ومنتقد.

وكانت البسطات شبه ممنوعة في دمشق إلا لبعض المقربين من أجهزة المخابرات في النظام المخلوع، والتي يضطر أصحابها لدفع إتاوات يومية للضباط في الجيش أو الأمن أو الشرطة لاستمرار عملهم في ظل عمليات الفساد التي كانت تأكل الدولة والشعب على السواء.

وتبيع البسطات كل أصناف المعلبات والغذائيات المستوردة والمحلية والمكسرات والموالح والأحذية والسجائر ومعسل النرجيلة ومعدات المطابخ والنظارات والملابس الجديدة والبالة إلى جانب المأكولات والحلويات.

وانخفضت الأسعار في البسطات بشكل كبير جداً مقارنة بما قبل 8 كانون الأول 2024، حيث عمل كثير من الباعة على جلب بضاعتهم بعد سقوط النظام من مناطق شمال غربي سوريا (إدلب وريف حلب الشمالي)، وهي بضائع مصنعة فيها أو مستوردة من مصانع السوريين في الجنوب التركي.

وتعد كلفة الإنتاج في سوريا أعلى بسبب نقص خدمات البنية التحتية وبشكل أساسي الكهرباء والغاز، ما جعل استيراد البضاعة أرخص من تصنيعها وهو في حال استمراره يضر بالمنتج المحلي.

ورصد موقع تلفزيون سوريا واقع انتشار البسطات في عدد من مناطق دمشق وريفها للوقوف على هذه الظاهرة التي أخذت بالانتشار بشكل أكبر بعد أكثر من شهر ونصف على سقوط النظام وهروب بشار الأسد من البلاد.

بضاعة نخب ثان مستوردة

وقال فادي أحد بائعي بسطات الحقائب الرجالية، إنه يملك مشغلا لتصنيع الحقائب ولكنه يعمل على البسطة موضحاً أن الوضع العام بما يخص سقوط النظام جيد، ولكن المعامل مغلقة بسبب استيراد كثيف للبضاعة التركية.

وأضاف فادي لموقع تلفزيون سوريا، أن البضاعة التركية أو المصنعة في الشمال ليست من نخب أول بل نخب ثان أو ثالث.

وأشار إلى أن البلدية طلبت من أصحاب البسطات إزالتها لكن لم يستجب أحد، لأن اليوم الذي لا تعمل فيه لن تستطيع فيه إطعام أولادك.

وطالب فادي بإعادة تشغيل المعامل ووقف الاستيراد الجنوني، لدعم الصناعة المحلية وهكذا يتم إغلاق البسطات.

ولفت إلى أن السيولة بيد الناس قليلة جداً إلا من يحصل على دعم من قبل أقاربه في الخارج، أما من هم في الداخل فوضعهم المادي صعب، فالرواتب لم تزد ولذلك الحركة ليست بالدرجة الممتازة.

من جانبه، قال أحمد المنحدر من إدلب والمقيم في دمشق منذ سنوات طويلة، أنه يعمل في مشغل لتصنيع الجوارب ويعمل على بسطة لبيعها في الوقت الحالي.

ينادي أحمد على المارة لبيعهم بضاعته عبر مسجل صوتي أسوة بمعظم الموجودين، كل 3 جوارب بخمسة آلاف ليرة أو بعشرة آلاف ليرة.

وأوضح لموقع تلفزيون سوريا، أن الحركة انخفضت بنسبة 30 إلى 40 بالمئة، لأن الناس في آخر الشهر، وعندما تزيد الرواتب ستتحسن المبيعات لأن اعتمادنا الأساسي على الموظفين.

ودعا المحافظة لتنظيم عمل البسطات وإعطائهم ترخيصا يسمح لهم بالعمل بشكل نظامي من دون إزعاج أحد في أماكن تكون مزدحمة وفيها حركة.

البسطات في المناطق المزدحمة

قرب الجامع الأموي تتكتل البسطات من بداية سوق الحميدية إلى سور الجامع ويبيعون كل شيء، ورغم الجهود المبذولة لإبقاء المنطقة نظيفة إلا أن البسطات تسببت بزيادة الازدحام وكثرة الأوساخ والقمامة بكل مكان قرب أهم معالم دمشق الأثرية والسياحية.

وكذلك الحال بالنسبة لباب سريجة والقنوات وساحة المرجة وسوق البحصة، وكذلك في الطريق من البرامكة حتى الحلبوني، ومن باب مصلى حتى الميدان والزاهرة وكذلك في دويلعة والطبالة وسيدي مقداد وهو ما يشهده حي الشيخ سعد في المزة، وساحة شمدين بركن الدين وبدرجة أقل في الصالحية والشعلان.

ولا تجد إلا باعة البنزين أو بسطات القهوة في شوارع أبو رمانة والمالكي والجسر الأبيض والأمر نفسه في أحياء المزة الشرقية وتنظيم كفرسوسة وضاحية قدسيا ومشروع دمر.

محمد عكاش العامل الذي يملك بسطة لبيع ملابس البالة في دمشق، بيّن أن بضاعته بالة أوروبية قادمة من الشمال السوري أو تركيا.

وأردف عكاش لموقع تلفزيون سوريا، أن الأسعار بشكل كبير تحسنت عن أيام سقوط النظام المخلوع، ولكن الحركة تراجعت بسبب قلة الدخل بيد الناس.

وقال إن البسطات كانت ممنوعة في عهد النظام المخلوع أما الآن فهناك حرية وإن كانت المحافظة تطالب بالإزالة بكل احترام.

وتابع عكاش أنه يطالب بتأمين مكان مناسب للبسطات وتقاضي أجور رمزية أسوة بالبازارات اليومية الموجودة بتركيا في مرآب السيارات أو الملاعب.

وأشار إلى أن تحسين الوضع المعيشي ضروري جداً في سوريا، وقال: أنا أملك محل ألبسة ولكن لا يوجد زبائن لذلك اضطررت للنزول إلى الشارع وبدأت بالعمل.

كيف هو وضع ريف دمشق؟

وفي ريف دمشق تتراجع أعداد البسطات مقارنة بدمشق، خصوصاً في المناطق المدمرة في غوطتي دمشق لقلة السكان فيها وعدم عودة معظم المهجرين واللاجئين حتى الآن، بسبب سقوط النظام تزامناً مع دوام المدارس والجامعات في بلدان اللجوء والمغترب.

ويشمل ذلك معظم المدن والأحياء المحيطة بدمشق، مثل برزة والقابون وجوبر وحرستا وسقبا وكفربطنا ودوما ومعضمية الشام وداريا وخان الشيح والكسوة والعسالي والقدم وغيرها.

من جهته، قال قصي أبو ديب من خان شيخون في إدلب، الذي يبيع مستلزمات الهواتف المحمولة من وصلات وشواحن وسماعات وغير ذلك، إن رخص الأسعار بعد سقوط النظام دفع الناس للشراء بشكل جيد جداً لكن حالياً هناك تراجع.

وأضاف أبو ديب لموقع تلفزيون سوريا، أن المأمول من الإدارة الجديدة هو تنظيم عمل هذه البسطات لتكون مساهمة في تحسين وضع الناس بشكل عام.

وأشار إلى أن الناس اليوم بلا عمل، والريف يومياً يتجه إلى المدينة من أجل التقاط الرزق وتأمين الأساسيات، مؤكداً أن إعادة الإعمار ستجعل الناس تتجه لسوق العمل وتنتهي ظاهرة البسطات بشكل شبه كامل.

ما رأي الناس بالبسطات؟ 

ينقسم الناس في دمشق وريفها فيما يخص البسطات، إذ يعتبرها البعض فرصة لتحسين الاقتصاد وتحريك السوق، بينما يراها آخرون مظهراً غير حضاري.

واستطلعنا آراء العديد من الناس في الشوارع مؤكدين أن أسعار البسطات أقل من المحال التجارية بشكل واضح يصل لعدة آلاف بالمنتج.

ويرى مواطنون أن انتشار البسطات ظاهرة غير صحية فهي تؤثر على عمل أصحاب المحال التجارية الذين لديهم ترخيص ووعليهم أجرة محال شهرية.

وطالب البعض المحافظة بإزالة البسطات وتنظيف الشوارع وإفراغ الأرصفة مؤكدين أن البلدان المحترمة لا تسمح بهذه الحالات لأنها تؤدي إلى فشل اقتصادي.

من جهة أخرى، يعتقد البعض أن المرحلة الحالية هي مؤقتة وعلى المحافظة تنظيم عمل البسطات وإعطاؤهم أماكن مخصصة مقابل أجور، داعين الإدارة الجديدة إلى التعامل المنطقي مع الناس في ظل الفقر والجوع والحرمان الذي عاشه ويعيشه الشعب السوري.