طهران_تل أبيب: سباق بين التصعيد والتهدئة 

2022.07.01 | 05:10 دمشق

بوريل
+A
حجم الخط
-A

تسير منطقة الشرق الأوسط على إيقاعين مختلفين. إيقاع يهدف للوصول إلى تفاهمات وتكريس التهدئة. وإيقاع آخر يشير إلى النية في الاستمرار بالتصعيد. وهو الأمر الذي تعمل إسرائيل على تكريسه من خلال التصعيد ضد طهران والتأكيدات بأنها أصبحت قريبة من الوصول إلى قنبلة نووية. تتقدم إسرائيل قائمة الدول الرافضة للوصول إلى اتفاق نووي مع إيران. بينما تسعى طهران إلى إعادة التفاوض لتجنّب أي تصعيد، خصوصاً بعد تكاثر الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية داخل إيران وخارجها. 

 تتسارع التحركات الدولية لمنع حصول أي تصعيد، لا سيما أن أي خطأ عسكري أو أمني قابل لتفجير الوضع ككل، وأي تفجير غير قابل لأن يبقى منحصراً في منطقة أو بلد إنما قابلا للتمدد، لا سيما أن كل طرف يسعى إلى تحشيد قواه، إذ إنه في ظل التنسيق الأميركي العربي الإسرائيلي، والتحضير لعقد قمة عنوانها مواجهة إيران أو تشكيل ناتو عربي. تعمل إيران على تجميع حلفائها ومصالحتهم مع بعضهم البعض وتشكيل غرف عمليات مشتركة والإعلان عن أن أي حرب ستندلع لن تكون مقتصرة على جبهة واحدة بل ستتعدد فيها الجبهات. على وقع هذه التحركات، برز توجه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى طهران، لاستئناف المفاوضات النووية، وسط مساع لنقل المفاوضات إلى قطر أو سلطنة عمان. في المقابل، تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى السعودية وبعدها إلى إيران. وهي تندرج في سياق نقل رسائل التهدئة وإعادة فتح قنوات الحوار. 

يتزامن ذلك مع سعي إيراني إلى التهدئة، من خلال المطالبة بالعودة إلى استئناف مفاوضات النووي، فطهران تريد استباق القمّة الأميركية العربية الخليجية إثر زيارة جو بايدن إلى المنطقة

يتزامن ذلك مع سعي إيراني إلى التهدئة، من خلال المطالبة بالعودة إلى استئناف مفاوضات النووي، فطهران تريد استباق القمّة الأميركية العربية الخليجية إثر زيارة جو بايدن إلى المنطقة. في المقابل، تلعب الولايات المتحدة ورقة الابتزاز تجاه إيران، ومحاولة فرض اتفاق من خلال استغلال تلك الزيارة والقمة، فيلعب الأميركيون ورقة أساسية وهي إعطاء ورقة لإيران بإزالة أسماء المتقاعدين في الحرس الثوري عن لوائح العقوبات، لعلّها توافق على تقديم تنازلات أخرى تتعلق بتوقيع الاتفاق. إلا أن ذلك لن يؤدي إلى أي نتيجة لا سيما أن أميركا كما غيرها كلها تتجه نحو اليمين أكثر، وهذا يفترض عرضاً لأي اتفاق على الكونغرس للموافقة عليه، في حين الجمهوريون يعارضونه مسبقاً، وسط معلومات تؤكد أن لا قدرة لتكرار ما قام به أوباما من خلال تمرير الاتفاق دون عرضه على الكونغرس، والنتيجة أن أي اتفاق ستكون مدته قصيرة لأن الجمهوريين سيعودون إلى نقضه فيما بعد. 

لا يمكن لتداعيات هذه التطورات كلها إلا أن ترخي بظلالها على المنطقة. ولا بد من أن يكون لها تداعيات على الوضع في سوريا بالتحديد، فمواقف الملك الأردني عبد الله الثاني المنتقد بشدة لدور النظام السوري في تهريب المخدرات، وإلحاق الموقف بآخر يشير فيه إلى أنشطة الميليشيات الشيعية على الأراضي السورية، فهو يذكر بموقفه قبل سنوات عن الهلال الشيعي. يأتي ذلك بعد توترات على الحدود السورية الأردنية ووقوع اشتباكات على خلفية تهريب المخدرات. 

لن يتم السماح لحركة حماس بفتح جبهة أخرى، لا سيما على وقع المساعي التي يبذلها حزب الله والإيرانيون لمصالحة حماس مع النظام السوري، وبالتالي إعادة الحركة إلى سوريا وربما السماح لها باستعادة نشاطها وهو أمر لن يسمح به الإسرائيلي أو الأميركي، وهذا ما قد يؤدي إلى تصعيد التوتر من قبل إسرائيل باتجاه دمشق لمنع تكريس واقع جديد مشابه لواقع حزب الله في لبنان. يأتي ذلك في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية الموجهة لإيران ولحزب الله والتلويح بإمكانية حصول معركة عسكرية جديدة. المفتاح الأساسي لتجنب التصعيد هنا هو الوصول إلى تفاهم بملف ترسيم الحدود مع لبنان، وسط محاولات أميركية حثيثة لإنجاز ذلك لا سيما أن التعقيد في هذا الملف مع استمرار إسرائيل بعمليات الاستخراج من حقل كاريش قابل لتفجير الوضع.