icon
التغطية الحية

طقس رمضاني في المخيمات.. هل تخفف "الوجبة الغذائية" أزمة النازحين؟

2022.04.26 | 06:07 دمشق

artboard_1-07.jpg
تحضير وجبات غذائية لإفطار النازحين في إدلب (تلفزيون سوريا)
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

أصبح توزيع الوجبات الغذائية طقساً إنسانياً تداوم عليه المنظمات والجمعيات، كل رمضان في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا، إلا أن هذا العام وفي ظل ما تعيشه المنطقة من أزمة اقتصادية وارتفاع كبير في أسعار المواد، تعتبر "الوجبة الغذائية" حلاً معقولاً لكثير من العائلات غير القادرة على تأمين طعام الإفطار.

وعلى الرغم من الملاحظات الفنيّة والصحيّة التي تلفّ "الوجبة الغذائية"، إلا أنّها باتت مطلوبة ومرغوبة للتخفيف من نفقات "الطبخة اليومية" مرتفعة التكاليف لدى العائلة المهجّرة في المخيمات، فضلاً عن ارتفاع أسعار الخضار والمواد التموينية خلال شهر رمضان.

"غير منتظمة وشحيحة"

يشتكي عليوي العليوي وهو مدير مخيم الصالحية قرب بلدة كفرعروق شمالي إدلب، من "عدم انتظام تقديم الوجبات الغذائية في المخيم، لذلك لا يمكن لربّ الأسرة أنّ يعتمد عليها وتكون بديلاً عن الطبخة اليومية".

ويوضح لموقع تلفزيون سوريا أنّ مخيمه لم يحصل سوى مرة واحدة على الوجبات الغذائية منذ دخول شهر رمضان، رغم تواصله المكثف مع الجمعيات والمنظمات لتقديم الوجبات للمخيم، لكن دون رد أو إجابة.

وتعتبر الوجبة المقدمة غير منتظمة لمخيم واحد، إنما متناوبة على المخيمات، فضلاً عن أعدادها الشحيحة وغير الكافية لتغطية مخيمات النازحين عامّة.

وكان فريق "منسقو الاستجابة" أحصى نسبة الاستجابة للمخيمات العشوائية خلال رمضان، بـ 6.8% فقط، وردّ ذلك إلى "ضعف التمويل اللازم للمنظمات إلى جانب تركيز الأخيرة على مناطق معينة وتهميش أخرى".

 

 

خلف الشهاب المهجر من منطقة شرقي معرة النعمان بريف إدلب، يعتمد بالكامل على الوجبة الغذائية المقدمة من الجمعيات الإنسانية". يقول: "اليوم الذي لا يأتيني فيه وجبة غذائية لا أطبخ وآكل من سكب جيراني وأقاربي".

وأوضح خلف في حديثٍ لموقع تلفزيون سوريا، أن كلفة مائدة رمضان مرتفعة جداً ولا يمكنه تحمل مبلغ 100 ليرة تركية أو أكثر ثمنها.

ويعيش خلف مع زوجته وابنته في مخيم "جنوب الملعب" شمالي إدلب، بعد تهجيره في ظل غياب أجر معيشي منتظم يؤمن قوت عائلته، كما أنّ معاناته تضاعفت مع دخول شهر رمضان.

بينما فاطمة أم محمد، المهجرة من بلدة سنجار بريف إدلب، تقول إنّ "عائلتها تلقّت مرتين فقط وجبة غذائية خلال رمضان".

وتوضح لموقع تلفزيون سوريا أنّ الوجبة الغذائية من الممكن أن توفر عليها مشقة إعداد طبق رمضاني، مادياً، لكن توزيعها قليل جداً ولا يمكن الاعتماد عليها.

"حل سريع وعاجل"

يعتبر مجد كيلاني وهو مدير مؤسسة "شارك" في الداخل، (إحدى المؤسسات الفاعلة في توزيع الوجبات الرمضانية)، أنّ "الوجبة المعدّة للأكل تمثل حلاً سريعاً وعاجلاً للاستجابة في حالات مختلفة وفي رمضان، إذ إنها تكون عوناً للأسر وتزيل عن كاهلها تأمين المواد الأولية مثل الوقود أو غاز الطبخ، إلى جانب المواد التي تدخل في إعداد الطبق".

وأضاف كيلاني في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن "المشاريع توفر مواد قد تكون العائلات الفقيرة في مخيمات النازحين محرومة منها على مدار العام، مثل اللحوم بسبب ارتفاع أثمانها، وهو ما يمكن أن توفره الوجبة الغذائية".

 

 

وتختلف طبيعة الوجبة من منظمة لأخرى ومن مشروع لآخر، إذ إن بعض الوجبات الفردية تكفي لشخص واحد، بينما العائلية تغطي 5 أفراد وسطياً.

وأشار كيلاني إلى أن المشاريع التي تقدم وجبات غذائية لا تغطي احتياجات المنطقة التي تحوي نحو 1400 مخيم، بينما تستهدف فقط 30 في المئة منها.

تسمم غذائي

خلال الليلتين الماضيتين، أصابت موجة تسمم غذائي عدة مخيمات للنازحين، تزامناً مع ارتفاع في درجات الحرارة، اشتركت جميعها في تناول "وجبات غذائية" مقدمة من منظمات وجمعيات إنسانية على مائدة رمضان، الأمر الذي شكك في الأهليّة الصحيّة لهذه الوجبات.

وأحصت فرق الدفاع المدني السوري نحو 100 إصابة بتسمم سببه "تناول أطعمة فاسدة" في مخيمات "العيناء وكفرعويد والمحبة والمختار ودار الكرم" قرب بلدة كللي شمالي إدلب.

 

 

يقول وليد زكاحي وهو مدير مخيم دار الكرم، لموقع تلفزيون سوريا، إنه تم تسجيل إصابة 30 شخصاً يوم أمس الإثنين بالتسمم الغذائي، بينهم أطفال، بعد تناولهم وجبات رز كبسة وفخذ فروج.

وفي الوقت ذاته، لا يجزم "زكاحي" بتسبب الوجبات الغذائية في حالات التسمم، على "اعتبار أنّ ظاهر الوجبات وصورتهم الخارجية وحتى شكلهم ومذاقهم لم تكن تشي بفسادها".

بدوره قال فريق "منسقو الاستجابة" في بيان اليوم الإثنين، إنّ "حالات التسمم نتيجة الوجبات الغذائية المقدمة وسوء تخزينها بالشكل الصحيح".

وأكد الطبيب محمود مصطفى من مستشفى "الأمومة والطفولة ـ كللي"، الذي أشرف على حالات التسمم، أنّ "المسبب هو تناول الحالات لطعام فاسد".

 

 

وعلى وقع حادثة التسمم، قدم الفريق عدة توصيات للمنظمات الإنسانية، أبرزها تحويل "الوجبات الغذائية إلى مواد جافة لضمان صلاحيتها، والتأكد من هوية المنظمات العاملة في المخيم وخبرتها وإمكانياتها اللوجستية لتقديم وجبات غذائية".

كما أوصى بالتأكد من وجود إجازات صحية معتمدة للمطاعم والمطابخ التي تجهز الوجبات الغذائية.

بدوره يوضح نور قرمش، وهو منسق البرامج في مؤسسة "رحمة حول العالم،" (وهي مؤسسة تنشط في توزيع الوجبات الغذائية أيضاً) أنّ "إجراءات الحماية والوقاية الصحية هي التفصيل الأكثر تركيزاً في إعداد الوجبات الغذائية لأنها بالنهاية طعام للأهالي ويمكن أن تلحق بهم ضرراً يؤذي حياتهم".

ويتحدث "قرمش" لموقع تلفزيون سوريا، عن الإجراءات الواجب اتباعها، منها "لبس الكمامات والقفازات وقبعات في الرأس، إلى جانب غسل وتعقيم جميع المواد المستخدمة في إعداد الوجبة الغذائية، فضلاً عن توفير تخزين وتبريد مناسب للأطعمة".

ويقول في ختام حديثه، إنّ "المؤسسة خصصت فريقاً فاحصاً للمواد التي تدخل في إعداد الوجبة الغذائية للتأكد من صلاحيتها وأهليتها".

وتلعب القدرات اللوجستية للمؤسسة التي تنشط في مجال تقديم الوجبات الغذائية دوراً مهماً في نجاح المشروع وتحقيق أهدافه بعيداً عن وقوع إشكالات صحية للمستفيدين، كما حدث في مخيمات بلدة كللي مؤخراً.

وحول المطالب بتحويل الوجبات الغذائية تفادياً لوقوع عوارض صحية إلى مساعدات "جافة"، أوضح محدثنا "قرمش" أنها ليست حلاً ناجعاً، مبيناً أنّ "الوجبة الغذائية لا تأتي بديلة عن المساعدات الإنسانية، إذ إنّ المؤسسة التي يعمل بها مستمرة في مشروع السلل الغذائية خلال رمضان".

وتواصلنا في موقع تلفزيون سوريا مع وزارة التنمية في حكومة "الإنقاذ"، لنطرح عليها عدة أسئلة حول دورها الرقابي على الشروط الصحية والفنية لإعداد الوجبات الغذائية من المنظمات والجمعيات، لكن دون تلقي رد.