طقس البقلاوة وخيام العزاء الممانعة

2020.01.07 | 16:28 دمشق

08659b4b191cf93b2622a7759cb4f68b.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا يخفي قادة حماس والجهاد الإسلامي ولاءهم الشديد لإيران ورموزها من باب الولاء لمن يطعمهم، ويدفع لهم المال، ويزودهم بالسلاح، وربما يجد لهم البعض أعذاراً واهية كتخلي العرب عن دعمهم، وتركهم لأحضان إيران التي تجد فيه أيضاً ضالتها في توسيع حلف الممانعة الذي سيحرر القدس على أنقاض العواصم العربية.

كما أن القيادة العامة ومن والاها في دمشق لديها أيضاً حساباتها في نفس المحور، وتعتاش على الدعم الإيراني، وتقاتل تحت رايته باسم فلسطين، وتحتفي بكل مناسبات الإيراني الدينية والثقافية فيما بقي من مخيمات الفقر في محيط العاصمة كمخيم السبينة، وهنا تتصدر الوجوه اليسارية خطاب الانتصار لمحور الدفاع عن فلسطين والموت لاسرائيل.

لكل هذا ليس غريباً أن تقام في غزة وبعض الشتات الفلسطيني في سوريا خيم العزاء لقاسم سليماني شهيد المحور الممانع، وتلقى فيه كلمات الوعيد والانتقام من تل أبيب وواشنطن، وأن موت القائد لا يعني موت الفكرة الممانعة، وترفع الرايات السوداء حزناً بينما تنتصب الرايات الحمراء في طهران وبغداد استعداداً لجولة الانتقام.

في السيدة زينب وحلب ودير الزور لم يتأخر منتسبو الحسينيات الجديدة عن قافلة التخييم التي تستمد تاريخها الثوري من زمن خيام البيعة للقيادة الحكيمة، وسيحضر اللطم في الثقافة الجديدة لعموم المتشيعين المدفوعة سلفاً من فاتورة الدم السوري المسفوك، ومعهم كل أولئك الذين كانوا يرون في حلب الشرقية بؤرة إرهاب يجب إزالتها، وكل ما يحيط بالسيدة زينب من أحياء جنوب العاصمة أرضاً محروقة يجب أن تعود قطعة مقدسة دون بشر للمقام العظيم.

العمائم البيضاء أيضاً لن تترك الساحة للرايات السوداء فلها حصتها من العزاء، وهي التي لم تتأخر يوماً عن مباركة الموت المحيق بالسوريين

العمائم البيضاء أيضاً لن تترك الساحة للرايات السوداء فلها حصتها من العزاء، وهي التي لم تتأخر يوماً عن مباركة الموت المحيق بالسوريين، والتضامن مع أولئك القادمين للدفاع عن النظام وأعظم عتباته المقدسة في المهاجرين، وسيلتحق بهم كل مريدي الأوقاف والقبيسيات وسوى ذلك من مشايخ السلطان والتجارة.

المشهد لم يتغير منذ خروج أول صرخة سورية طالبت بالحرية، واجتمع لأجلها كل هؤلاء الذين يتصدرون مشهد العزاء الآن، وحملوا من أجل إسكاتها كل أسلحتهم الخطابية في اتهامها بالارتهان للأمريكي والصهيوني، ومن ثم جاءت جحافل القتلة ليحيلوا سوريا إلى ساحة انتقام تاريخية ما زالت تنزف حتى اللحظة.

هم من ابتدعوا (البقلاوة) كطقس احتفالي عند كل مذبحة ومحرقة، وهم من نصبوا رايات الانتقام فوق كل رمز يؤمن به سكان هذه البلاد الوسطية في دينها وحياتها، واليوم يرون في (بقلاوة) المهجرين طقس شماتة وامتهان لروح من مشى على جثث الموتى بخاتمه المقدس، وقاد كل شذاذ الآفاق والمرتزقة إلى تحقيق حلم إمبراطوريته التاريخية.

خيام العزاء المفتوحة الآن في دول المحور الممانع تذكر السوري المفجوع بعائلته المشتتة وبيته الذي هجّر منه، والفلسطيني الحر بمن سرقوا ثورته وقضيته وحولوها إلى مزاد ممانع في خدمة حلم الإمبراطورية التاريخي، واللبناني بجوعه ولقمته المسروقة من أجل معارك مشبوهة.

أما جموع المتحلقين حول خيام اللطم المقاوم فيبحثون عن بقية فتات ثوري لم تعد تقدر على توزيع ثمنه تلك الإمبراطورية المزعومة باقتصادها المنهار، وصواريخها التي لا تصيب سوى بيوت الثائرين عليها.