icon
التغطية الحية

"طباخ بوتين" يشن حملة على نظام الأسد "الضعيف والفاسد"

2020.04.16 | 16:40 دمشق

tbakh_bwtyn.jpg
سامر إلياس - موسكو - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

في مؤشر إلى خلافات جدية بشأن تقاسم ثروات سوريا، لوحت وسائل إعلام روسية مدعومة من الكرملين بـ "إعادة الانضباط إلى الاقتصاد السوري بنفس الطريقة التي هُزم فيها الإرهاب".  وشنت وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية هجوماً لاذعاً على رأس النظام وحكومته واتهمتها بتعقيد مشكلات سوريا الاقتصادية بسبب الفساد المستشري، وأشارت إلى ضعف الأسد وعدم توفر إرادة لديه لمحاربة الفساد، واتهمت مسؤولي النظام باستغلال المساعدات الروسية لأغراضهم الشخصية، كما استشهدت باستطلاعات رأي أجرتها مؤسسة روسية، تنشط في ليبيا وسوريا لحماية مصالح روسيا، تشير إلى أن السوريين في مناطق النظام غير راضين عن الفقر والفساد، وأن أكثر من ثلثيهم لن يصوت لصالح إعادة انتخاب بشار في العام المقبل. 

في سابقة من نوعها، وضمن ثلاثة تقارير نشرت تباعاً في أقلَّ من ثلاث ساعات، شنت وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية التابعة لطباخ الكرملين، الملياردير يفغيني بريغوجين هجوماً لاذعاً على الفساد في النظام، وحملته المسؤولية في عدم تطور قطاع الأعمال الروسي في سوريا.

وأوضحت أن الهجوم المنسق على النظام بحجة فضح الفساد الذي يهدف إلى إجباره على تقديم تنازلات إضافية، أو الوفاء باتفاقات سابقة كان عقدتها حكومته مع "طباخ الكرملين" وممول مجموعة "فاغنر" للمرتزقة الروس الذين قاتلوا إلى جانبه في حربه ضد السوريين منذ سنوات. ومعلوم أن صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية، كشفت مطلع العام الحالي عن صفقة سرية تمنح "طباخ بوتين" حق استثمار حقول النفط والغاز السورية الواقعة تحت سيطرة "مرتزقة شركة "فاغنر" بعد "تحريرها" في إطار صفقة أبرمت مع نظام الأسد في إطار الامتنان لدور الروس في إنقاذ النظام وتثبيته.

 وأشارت إلى أن مجلس الشعب التابع للنظام اعتمد في كانون الأول 2019، اتفاقات مع شركتي "فيلادا" و"ميركوري" الروسيتين بشأن تطوير ثلاث كتل من حقول الغاز والنفط. تبلغ مساحتها الإجمالية 12 ألف كيلومتر مربع على الأقل، وتبلغ احتياطيات الغاز فيها، بحسب النظام، ثلاثة أرباع تريليون متر مكعب، ليصل ما يمكن أن يحصل عليه رجل الأعمال المقرب من بوتين من "كعكة" النفط والغاز في سوريا إلى الربع. 

نشر أخبار مزيفة لتبرير زيادة تقنين الكهرباء

وفي تقرير، حمل توقيع ميخائيل تسيبلاييف، قيم التقرير الوضع الاقتصادي في سوريا حاليا بالسلبي للغاية، مشيرا إلى أن "عدم توفر الظروف للشراكة بين روسيا وسوريا إلى ارتفاع مستوى الفساد في المستويات السياسية العليا". وتحت عنوان: كيف تؤثر الحكومة السورية على مشاكل البلاد؟  كذب التقرير ادعاءات وزارة النفط والثروة المعدنية السورية في 12 أبريل / نيسان أن عددا من آبار الغاز في حقلي حيان والشاعر توقفت عن العمل بسبب الوضع الأمني في منطقة البادية، لتبرير زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وذكر التقرير أن حكومة النظام عمدت إلى نشر "أخبار كاذبة وشائعات حول سيطرة "إرهابيين" على مدينة السخنة، الواقعة بالقرب من حقول الغاز، وتم تكذيب الشائعات من قبل مصادر في سوريا"، لتبرير التقنين، وأشارت الوكالة إلى دحض المراسل الحربي الروسي أوليغ بلوخين الأخبار المتعلقة بسيطرة الإرهابيين على السخنة في قناته على "تيليغرام"، وخلصت إلى أنه "لسبب ما قررت الحكومة السورية استخدام الأخبار المزيفة من أجل تبرير زيادة ساعات انقطاع الكهرباء"

فساد في أعلى مستويات السلطة

وعزا التقرير ما يحدث في سوريا إلى "مخططات الفساد في الحكومة" وذهب إلى أن "بشار الأسد يسيطر على الوضع بشكل ضعيف على الأرض، والسلطة في سوريا تابعة بالكامل لجهاز بيروقراطي"، واتهم  رئيس الوزراء في حكومة النظام عماد خميس بـ "تجميع أموال من تصدير كميات من الكهرباء إلى لبنان منذ 2019 بعد زيادة الإنتاج في حقول حمص من الغاز، بعد المساعدة الروسية، وذكر التقرير أنه  "في عام 2019، أعادت حكومة خميس التفاوض بشأن عقد تزويد لبنان بالكهرباء. كان موقعا منذ 2013، وأن محطات الطاقة التي تستهلك الغاز من الحقول المحررة تعيد توجيه الكهرباء إلى بيروت، منتقداً ضياع ملايين الدولارات، "التي كان يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة على الاقتصاد السوري"، لكنها "تذهب إلى جيوب المسؤولين السوريين الذين يحصلون على نسبتهم. ونتيجة لذلك، يضطر المستهلكون في سوريا نفسها إلى الجلوس بدون كهرباء، بينما تتلقى الحكومة الملايين من تجارة الكهرباء".

واستشهد التقرير بتصريحات حصرية من نائب رئيس وزراء النظام سابقا ورئيس منصة موسكو للمعارضة قدري جميل الذي قال إن "مستوى الفساد كبير للغاية، فهو يعيق بالفعل تنمية البلاد، ويعيق تحسين مستويات المعيشة للناس" ونقل عن جميل قوله إنه "قبل الأزمة، كانت نسبة الفساد مقارنة بالدخل القومي للناتج المحلي الإجمالي، تصل إلى نحو 30 في المئة"، وإن أعداد أصحاب المليارات في سوريا ارتفع من اثنين أو ثلاثة قبل 2011 إلى عشرات حالياً، وخلص إلى وجود مشكلة كبيرة لأن "الناس فقراء، ومستوى المعيشة يتدهور بشكل كارثي".

بشار ضعيف وغير قادر على كبح الفساد

وفي تركيز للهجوم على خميس، قال التقرير إنه "نتيجة أنشطة حكومة عماد خميس، لا يمكن للشركات الروسية أن تعمل في سوريا بسبب المشاكل الهائلة في اقتصاد البلاد والفساد التام في القطاع العام. وبدورها، تزداد الحكومة ثراء وتنقل الأموال إلى الغرب، على الرغم من أن الولايات المتحدة والدول الأخرى تواصل عدوانها على سوريا اقتصادياً من خلال نظام العقوبات"، وخلص التقرير الأول إلى أن " السكان المحليين غير راضين عن إجراءات حكومة خميس وارتفاع مستوى الفساد، وعلى هذه الخلفية، يفقد بشار الأسد شعبيته بين النخب المالية، ويبدو زعيماً ضعيفاً، غير قادر على كبح الفساد وتهيئة مناخ اقتصادي داخل سوريا".

ثلثا السوريين لن يصوتوا للأسد

وفي هجوم على رأس النظام، نشرت الوكالة الروسية نتائج استطلاع للرأي بين السوريين قالت إنه أظهر أن " شعبية بشار الأسد تتراجع على خلفية الفساد والمشاكل الاقتصادية في البلاد".

وقالت إن استطلاع "صندوق حماية القيم الوطنية" كشف أن 32 في المئة فقط  من سكان سوريا أعربوا عن استعدادهم لدعم بشار الأسد في انتخابات 2021. وأوضح رئيس الصندوق، ألكسندر مالكيفيتش أن "الانخفاض الملموس في تراجع نسبة التأييد لبشار الأسد مرتبط بتجذر الفساد والمحسوبية في مستويات السلطة العُليا والدائرة المقربة من الرئيس. وأسفر ذلك عن مستوى معيشة منخفض للغاية: مع رصد البطالة وانقطاع التيار الكهربائي ونقص السلع الغذائية"، مشيرا إلى أنه "ليس لدى الحكومة الحالية إجابات فعالة لمتطلبات المواطنين". وذكرت الوكالة أنه "يسود إحساس بالتشاؤم في سوريا. وبحسب صندوق حماية القيم الوطنية، الذي قال إن الاستطلاع شمل أكثر من 1400 سورية عبر الهاتف في 12 نيسان/ أبريل الجاري، فإن الناس ينتظرون إصلاحات وسياسيين أقوياء جدداً في السلطة قادرين على تجاوز الأزمة" وخلص إلى أن "القيادة الحالية لم تلبّ هذه التطلعات حتى الآن" وأنه "من الواضح أن الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية، ومحاربة الفساد، وخلق مناخ مواتٍ للأعمال، أمور غير مُتاحة في الظرف الراهن".

حرب على الفساد حتى تسليم الاقتصاد السوري لروسيا

وفي التقرير الثالث، تحت عنوان "الفساد أسوأ من الإرهاب: ما يعوق الأعمال الروسية في سوريا"

اشتكت الوكالة أن النظام لم "يهيئ جميع الشروط اللازمة للأعمال الروسية" رغم الدعم الروسي المتواصل له. ونقل تقرير وكالة الأنباء الفيدرالية عن المحلل السياسي إيفان أركاتوف قوله إن "حال الأعمال الروسية في سوريا لا يزال دون المستوى المطلوب... ويضع المسؤولون المحليون مجموعة متنوعة من القيود والعقبات"، متهما المسؤولين السوريين بتلفيق حجج لعدم تطوير الأعمال الروسية رغم توفير الظروف بعد وقف إطلاق النار في إدلب، والقضاء على "تنظيم الدولة" . ونقلت الوكالة عن الخبير الروسي قوله إن "الفساد في سوريا، وخاصة على المستوى الحكومي، هو أحد أكبر المشاكل بالنسبة لروسيا... نحن نستثمر مبالغ كبيرة من المال في الاقتصاد السوري، لكننا لا نشهد نتائج..  يبدو أن كل الاستثمارات التي توظفها روسيا في سوريا تذهب إلى جيب شخص آخر". وأشار التقرير إلى أن "سوريا بلد غير متجانس. وهناك عدة عشائر من العائلات في السلطة، وعشيرة الأسد ليست الوحيدة في السلطة. وهناك عشيرة مخلوف وهي أسرة غنية ومؤثرة كثيرا ما يؤخذ رأيها في الاعتبار عند إعداد القرارات السياسية والاقتصادية في دمشق".

وخلص إيفان أركاتوف إلى أن الأسد غير قادر على التعامل مع الأوضاع، وإنه "يفتقر إلى الإرادة السياسية والتصميم على مواجهة النظام العشائري القائم. والنتيجة واضحة: يتعين على روسيا أن تعيد النظام إلى الاقتصاد السوري، غير الصالح بسبب الفساد.  ومع إشارته إلى أنه "إذا كان الفساد أسوأ من الإرهاب حسب أقوال الأسد" شدد الخبير الروسي على أنه يجب "على روسيا أن تهزم الفساد في سوريا بنفس الطريقة التي هزمت بها الإرهاب".

ورغم أن الحملات الروسية على نظام الأسد ليست جديدة، فالواضح أن قوة الحملة الحالية تشير إلى احتدام التنافس مع الجانب الإيراني، ورغبة الروس في كسب مزيد من العقود والأموال ثمناً لدعم النظام العسكري في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة المتوقعة في روسيا بعد تراجع أسعار النفط، وأزمة كورونا والتي يمكن أن تؤدي حسب تقديرات خبراء إلى تراجع الاقتصاد الروسي في الربع الثاني من العام الحالي بنحو 18 في المئة، وإمكانية انكماش الاقتصاد بأكثر من 15 في المئة بحصيلة العام تبعاً لتطورات كورونا وأسواق النفط. واللافت أن الحملة الحالية تتضمن أقسى انتقادات لرأس النظام بشار الأسد ورئيس حكومته خميس، وتحمل نفساً تحريضياً واضحاً ضد النظام، ربما يكون وقفها منوطاً بتسليم الاقتصاد السوري لشركات "طباخ الكرملين"، وإلا فإن الحرب على النظام ستتواصل.