ضربة سياسية بصواريخ التوماهوك

2018.04.14 | 16:04 دمشق

+A
حجم الخط
-A

حصلت الضربة إذن،بعد سجال طويل ونقاش بين طاقم ترامب.نفذ سيد البيت الأبيض تهديده الذي أطلقه عبر تويتر،وقام بتوجيه ضربات عسكرية موجعة لنظام الأسد الكيماوي وحلفائه.الضربة التي انتظرها ملايين السوريين لتخلصهم من آلة القتل الأسدية التي لم تتوقف منذ سبع سنوات،البراميل المتفجرة والصواريخ المدمرة وعبوات الغازات السامة كلها كانت تستهدف المدنيين  بواسطة الطائرات التي تقلع من عدة مطارات عسكرية في عموم سوريا.

الضربة شكلت صدمة للمعارضة والنظام على حد سواء.المعارضة كانت تتوقعها ضربة ذات قدرات تدميرية أكثر لمطارات  وقواعد الأسد العسكرية، والنظام أيضاً كان يظن أن الوجود الروسي وحدة التهديدات الروسية قبل الضربة ستمنع ترامب من استهدافه.

فالغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص لم تقل يوما أنها تريد إسقاط النظام في سوريا

نظريا،الضربة ذات نتائج عسكرية محدودة على الأقل حتى اللحظة،لكن سيكون لها تداعيات سياسية ستغير من مسار الأحداث في وعن سوريا.هذا التحرك الأمريكي الفرنسي البريطاني الجديد سينهي التفرد والتحكم الروسي بالملف السوري،فالضربة جاءت بدون قرار أممي بعد استخدام روسيا  للفيتو ١٢ مرة دفاعا عن الأسد منذ بداية الثورة عام ٢٠١١، وهذا التحرك يعيد للأذهان مافعله الغرب بالقذافي عندما ساعد الليبين على التخلص من طاغيته على الرغم من الاعتراض الروسي. وأيضا سيساهم التدخل العسكري الغربي بابتعاد تركيا عن روسيا، تركيا التي كانت تبدي قلقها وتحفظها قبل الضربة سارعت  للترحيب بها.

صحيح أن الهدف المعلن للضربة  هو إفقاد النظام قدرته على استخدام الأسلحة الكيماوية مجددا وليس إسقاط النظام، لكن ما الجديد في هذه التصريحات، فالغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص لم تقل يوما أنها تريد إسقاط النظام في سوريا، حتى  أثناء وجود هيلاري كيلنتون والتي كانت من أشد المتحمسين لدعم الجيش الحر، والتي قدمت حينها خطة متكاملة  للرئيس أوباما لم تكن تريد إسقاط النظام، كانت فقط تتحدث عن إحداث توازن عسكري يجبر النظام على الانخراط في مسار سياسي للدخول في المرحلة الانتقالية حسب بيان  جنيف واحد، وكان الجميع ينادي بالحفاظ على مؤسسات الدولة!. هذا ماقالته لنا وزيرة الخارجية صيف عام ٢٠١٢ أثناء اجتماع مغلق. رفض أوباما حينها الخطة ورفض بعدها توجيه ضربة  للأسد بعد انتهاكه للخطوط الحمر بعد استهداف الغوطة بالكيماوي صيف ٢٠١٣.

ما يعزز فرضية استمرار الضربة وعدم اقتصارها على ماحدث صباح اليوم  هو احتمال أن تقوم روسيا برد ما غير مباشر

بالعودة للضربة التي حدثت صباح اليوم، ومع قراءة هادئة لمجمل التصريحات قبل وبعد الضربة، نستنتج أن هذه الضربة لم تنتهي بعد. وسيتبعها ضربات أخرى، فالحشود العسكرية التي وصفتها الصحافة الغربية بأنها أكبر حشود أمريكية منذ غزو العراق لاتزال على أهبة الاستعداد، وترامب أيضا يمسك بهاتفه النقال وجاهز للتغريد مرة أخرى.

الأهم في هذه الضربة أنها جاءت كرسالة واضحة لروسيا وإيران معا، صفعة على وجه بوتين الذي ظن نفسه قيصر روسيا الجديد ووضعه ضمن حجمه الطبيعي هو وجيشه. ورسالة قوية لإيران مع تسارع التصريحات الأمريكية التي تنادي بضرورة إنهاء الاتفاق النووي.

ما يعزز فرضية استمرار الضربة وعدم اقتصارها على ماحدث صباح اليوم  هو احتمال أن تقوم روسيا برد ما غير مباشر، تستطيع روسيا بالتنسيق مع حليفتها إيران تنفيذ هجوم بري على مناطق في سوريا تقع تحت النفوذ الأمريكي. روسيا التي وضعت كل ثقلها العسكري والسياسي والاقتصادي من أجل أن تعود للمنطقة من البوابة السورية، ستحاول اللعب بكل الأوراق من أجل التقليل من حجم الهزيمة التي منيت بها مع سقوط أول صاروخ توماهوك.

وفي حال لم ترد روسيا ولو بشكل محدود على الضربة، تبقى فرضية استمرار الهجمات على مطارات وقواعد الأسد العسكرية قائمة. وبالتأكيد سيكون لهذه الضربات تداعيات مفتوحة وستجبر روسيا وإيران على تقديم تنازلات في ملفات عدة وأهمها فيما يتعلق بعودة الزخم للعملية السياسية بعد توقف وشلل نتيجة تفرد روسيا بمسار الأحداث منذ تدخلها العسكري المباشر في ٣٠-٩-٢٠١٥. والأهم قضت على أي احتمال لإعادة تعويم الأسد.. مابعد الضربة ليس كما قبلها.

كلمات مفتاحية