icon
التغطية الحية

ضباط الحرس الثوري الإيراني في السلك الدبلوماسي.. "الحاج سلمان" قنصل حلب مثالاً

2023.05.18 | 11:54 دمشق

إيران
"نواب نوري" أو "سلمان نواب نوري" الضابط في الحرس الثوري الذي أصبح قنصل إيران في حلب
+A
حجم الخط
-A

أُبلغ "نواب نوري" أو "سلمان نواب نوري" الضابط في الحرس الثوري أن مهتمه في قيادة اللواء 47 - حرس والمكلف بمهمة قيادة الحرس الثوري والمليشيات التابعة له في المنطقة قد انتهت، وأن مهمة جديدة تنتظره في شمالي سوريا، حدث ذلك بينما كان الإسرائيليون يزيدون وتيرة ضرباتهم للقوات التابعة للحرس الثوري في البوكمال وبادية دير الزور، الشرقية والجنوبية، حيث تتمركز قيادة تلك القوات، ولم يكن "الحاج سلمان" (الاسم الحركي الذي كان يعرف به) يدرك أن المهمة التي تنتظره شيء مختلف عن قيادة العمل العسكري. 

كان الحاج سلمان قد كرس جهدًا كبيرًا لتجنيد سكان محليين وتشييعهم بهدف ضمان ولائهم بشكل مستدام تحت إغراء المال والسلطة، وبالتعاون من مؤسسات إيرانية أخرى سعى نواب لاختراق المجتمع المحلي، من خلال التزوج وتوسيع القاعدة الاجتماعية للحرس الثوري الإيراني في سوريا، عبر وسائل عدة، منها توسيع دور المنظمات الإغاثية الإيرانية والأنشطة الثقافية وافتتاح المدارس. 

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2018، افتتح الحاج سلمان، القائد العسكري للميليشيات الإيرانية في البوكمال سابقاً، إيراني الجنسية، مكتباً للانتساب في مدينة البوكمال. وساهم العديد من أبناء المنطقة في تلك الفترة في عمليات تجنيد الأطفال، أكثر من ذلك صاهر الحاج سلمان عائلة متشيعين من الدير بغرض التقرب إلى السكان بحسب بعض المصادر. 

لا يعرف كثيرًا عن سيرة الضابط الأربعيني نواب نوري إلا أنه جندي نموذجي للحرس الثوري، مطيع، ومؤمن متحمس و مخلص للولي الفقيه وحرسه الثوري، تعامل مع المناطق التي عمل فيها في سوريا على أنها أرض إيرانية وهو الحاكم المطلق فيها، إلى حد أنه تصادم مرارًا مع الميليشيات التابعة للنظام السوري وقوات الجيش، في منتصف أيار/مايو من عام 2019 مثلاً وقعت اشتباكات  بين عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري ينحدر معظمهم من مدينتي دير الزور والبوكمال، ومقاتلين من الحرس الثوري الإيراني تابعين للحاج سلمان وسط مدينة البوكمال، على خلفية محاولة الحرس الثوري (فيلق القدس) مداهمة أحد مقار الدفاع الوطني في المدينة، واعتقال عشرات العناصر من قوات النظام السوري بتهمة قيامهم بعمليات سرقة، واستمرت الاشتباكات أسبوعًا وأدت إلى وقوع قتلى بين الطرفين، وأصدر الحاج سلمان المسؤول الأمني العام للحرس الثوري قرارًا بحل ميليشيا درع الأمن العسكري في المدينة، وإلحاق عناصرها بالحرس الثوري، وبعد أيام من إصدار الحاج سلمان للقرار عثر على شقيقه الضابط الحاج رضا مقتولًا في حي الصناعة بالمدينة بعدة طلقات في الرأس.

إشاعة مقتله بغارة إسرائيلية

في الطريق إلى مهمته الجديدة أشيع مقتله بغارة إسرائيلية على البوكمال في 11 أيلول/سبتمبر 2020 بينما كان يعد العدة للانتقال إلى مدينة حلب وإدارة قوات الحرس الثوري والميليشيات التابعة لها في نلك المنطقة، التي وصل إليها في 2021 على الأرجح. كان اتفاق إدلب قد أصبح ساريًا وهدأت الجبهات وبدأ الإيرانيون بالعمل لتثبيت وجوده في سوريا والعمل على استمراره على المدى الطويل، فقررت إيران إنشاء قنصلية في مدينة حلب التي تشكل لها أهمية استراتيجية وكلف الحاج سلمان بتولي منصب القنصل العام لجمهورية إيران الإسلامية في مدينة حلب، حيث سيطوى الاسم الحركي ويحل محله اسم "نواب نوري" عند تسليم أوراق الاعتماد في تموز/يوليو من عام 2022. 

تمكن ضابط الحرس الثوري نواب نوري من إخفاء اسم (الحاج سلمان) لكنه لم يتمكن من الجمع بين شخصية الضابط وشخصية القنصل التقنية، وظل يمارس دور القائد للحرس الثوري في الشمال بالرغم من إرسال ضابط جديد يحل محله، ومارس المنطق العسكري في إدارة الأعمال القنصلية، فهمش البعثة وأضعف من قدرة الضابط الجديد للحرس الثوري في حلب الذي خلفه. 

تظهر الأحداث الأخيرة، والأنشطة الاجتماعية والثقافية التي مارسها وخصوصًا بعد الزلزال أنه يتعامل على أنه محافظ إيراني لمدينة حلب، ونظرًا لصلاته العميقة بالحرس الثوري وقيادته فقد كانت زيارة العميد حسن قاآني قائد الحرس الثوري لحلب بدل السياسي مفهومة إلى حد بعيد، فوزارة الشؤون الخارجية الإيرانية لها أحد في حلب، في حين أن نواب نوري كان رجلهم. وعلى الرغم من أن الاتفاق بين الحرس الثوري (فيلق القدس) كان يمنح الدبلوماسيين من وزارة الخارجية صلاحيات إدارة جميع الأعمال القنصلية تحت إشرافه، فإنه فشل في ذلك، كما يشكو قنصل في حلب في الوثيقة المسربة من وزارة الخارجية والتي نشرتها مجموعة "انتفاضة حتى الإطاحة" قبل أيام قليلة التي ننشر نصها أدناه.

وتظهر وثائق الخارجية بأن نواب نوري ليس هو ضابط الحرس الثوري المتخفي بثوب القنصل فقط، بل إن السفير الجديد لإيران في سوريا "حسين أكبري" الذي عين أخيرًا هو الآخر أحد ضباط الحرس الثوري. ويثير هذا سؤالين عن طبيعة العلاقة بين وزارة الشؤون الخارجية والحرس الثوري والتي اشتكى وزير الخارجية السابق جواد ظريف من تهميش الحرس الثوري، وقاسم سليماني على وجه التحديد، لها. وإصرار الحرس الثوري على تعيين ضباط في مناصب سياسية فيما يبدو أنه مهمة مزدوجة.

الوثيقة أدناه هي تقرير مثير من البعثة الدبلوماسية في حلب إلى وزارة الخارجية (المركز) في طهران تصف فيه الحالة الداخلية في القنصلية (قبل سنة من الآن)، وتكشف فيه أداء نواب نوري وتطلب من الوزارة تغيير القنصل العام في حلب.

 

فيما يأتي نص ترجمة لنص الوثيقة كاملة إلى اللغة العربية:

 

تقرير عن الوضع العام للقنصلية العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في حلب

 

السلام عليكم، وفائق الاحترام،

نحيطكم علماً: أن مقر التمثيل [القنصلي] كان من قبل مقراً لقيادة القوات العسكرية في منطقة حلب وشمالي سوريا بقيادة الحاج سلمان (السيد نواب نوري) ، وقد تم تعيين هذا المكان ليكون قنصلية عامة لجمهورية إيران الإسلامية في حلب، وتقع القيادة في القاعدة (المقر)، كما تم اختياره [نواب نوري] قنصلًا عامًا. لذلك منذ البداية تم توفير القوة البشرية المطلوبة (من الحماية والخدمات والدعم) من العناصر الخاضعين لقيادة القوات، وهم في الأساس جنود سوريون من قوات دفاع محلية. بالإضافة إلى عدد من أفراد القوات. الأفراد الذين كانوا تحت القيادة وبقوا في السفارة، مما خلق جوًا عسكريًا وزيارة عدد كبير من المجموعات العسكرية للقنصلية.

وبسبب المشكلات التي حدثت في الآونة الأخيرة في طريقة إدارة القوات العسكرية الموجودة، تم إيفاد ضباط أمن من المركز ووضعهم تحت إمرة الحاج سلمان بحسب تقديره لمقتضيات الضرورة في ضبط وإدارة الظروف القائمة، والتأكيد على تسليم الأسلحة والهواتف اللاسلكية ومفاتيح الدخول لهم لتوفير الحماية المادية للتمثيل [الدبلوماسي]، حيث تم بمحضر اجتماع عقد في 21 أيار/مايو 2022  وتم فيه إسناد الصلاحيات للإخوة الموفدين من القوات [الأمن] وتم إبلاغ الأمر إلى المراكز لتولي المهام. 

بقيت القوات العسكرية الموجودة وكذلك الأفراد من القوات المكلفين من السفارة وفقًا لقرار وتأكيد الحاج سلمان مع الوصول التدريجي للأعضاء الرسميين من وزارة الشؤون الخارجية، عدد قليل من الغرف في الطابق الأرضي من المبنى الإداري (من ثلاثة طوابق) كان تحت تصرف موظفي وزارة الخارجية وتم وضعه في الخارج (كان هذا الطابق يستخدم سابقًا للدعم وقاعة الصلاة). استخدم الطابق الثاني للقطاع الاقتصادي المتعلق بالجيش والطابق الثالث كان أيضًا مكتب القيادة. وحاليًا، الغرف المستخدمة من قبل وزارة الخارجية هي: 4 غرف في الطابق الأول، وغرفة واحدة في الطابق الثاني، وكذلك غرفة الترميز في الطابق الثالث.

توظيف أفراد من السكان المحليين لأمن السفارة متوقف بسبب الوضع الانتقالي ولبعض الاعتبارات المتعلقة بالمكان. بالإضافة إلى ذلك، هناك حركة مرور يومية للمركبات ذات اللوحات العسكرية إلى القنصلية، وأكثر من 15 سيارة تحمل لوحات عسكرية تتمركز في مجمع القنصلية، ولم يتم تخصيص أي منها للزملاء في الوفد من المركز، وهي تستخدم بشكل رئيسي لخدمة فيلق القدس.

يرجع ذلك في الحقيقة أن القيادة العسكرية [الجديدة] لشمالي سوريا والتي كلفت بقرار من فيلق القدس وتم إسنادها إلى الحاج عبد الله كرار، وهو شخص مختلف في طريقة الإدارة وأكثر خبرة من الحاج سلمان، قد تم تهميشها من قبل الحاج  سلمان نفسه، ومنعت من الحصول على إذن الدخول، وأدى عدم الحصول على إذن للدخول واتخاذ القرارات عنها في جميع الأمور إلى فرض قيود على القيادة الجديدة، وبالتالي، وبالنظر إلى امتلاك الحاج سلمان  اتصالات ميدانية وإلى الضغط الذي يمارسه على القوات التي تحت إمرته، بما في ذلك الجنود والعناصر، فإنه لم يتغير شيء في  إدارة القيادة العسكرية [بالرغم من تعيين قيادة جديدة بديلة]: لقد أدى السلوك السياسي والدبلوماسي والهيمنة [التي مارسها الحاج سلمان] إلى نتائج معكوسة، إلى درجة أن الاتصال مع المديرين والمسؤولين الإقليميين انقطع وتوقفت متابعة الأمور تمامًا. خلق هذا النوع من السلوك قيودًا مختلفة أثرت على جودة ومستوى الأداء وحتى على ساعات العمل المعلنة، وكان له تأثير سلبي حال دون تحقيق العديد من الأهداف المحددة التي تم على أساسها إنشاء مكتب تمثيلي في حلب.

 

وبهذه الطريقة تنقسم الوكالة إلى قسمين:

1- القسم شبه العسكري برئاسة الحاج سلمان: وهو المسؤول عن إدارة القوات العسكرية والإخوة من الفيلق وعددهم نحو 45 فردًا ويتمركزون في الطابق الثالث من المبنى الرئيسي والمباني الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، بيدهم إدارة مباني التمثيلية (القنصلية)، بما في ذلك الغرف وقاعات الاجتماعات والمستودعات واستهلاك الديزل والبنزين والإمكانيات الأخرى المتاحة.  والذين تمركزوا في المبنى الثاني للقنصلية أو في مبنى الدعم من رجال دين ومستشارين علميين ومستشارين ثقافيين ومساندين [لوجستيين]، مع التسهيلات اللازمة، هم بشكل مستقل تحت إشراف الحاج سلمان.

2- دائرة دبلوماسية برئاستي تضم خبراء سياسيين واقتصاديين وقنصليين وماليين وضابط حماية مرسلون من المركز [(وزارة الشؤون الخارجية)].

وبشكل عام، يُدار المجمع بكامله بالقوة العسكرية، وبناءً على رأي المركز، فقد بذلنا جهدنا في القيام بواجباتنا مع الزملاء المرسلين من وزارة الشؤون الخارجية بعيدًا عن أي توتر للاستفادة من المنصة الحالية. ومع ذلك، يبدو أنه لا بد لنا من أن ننبه إلى حقيقة أن الحاج سلمان بالرغم من أنه تخلى عن منصبه السابق [(قائد فيلق القدس في حلب)] وتم تعيينه قنصلًا عامًا إلا أن القنصلية شهدت إدارة مزدوجة منه تسببت في مزيد ومزيد من المشكلات، وبدلاً من تآزر القدرات؛ أدى عدم تعاون القوة العسكرية (الفيلق)، وفي بعض الحالات، قطع الفيلق أعمال القنصلية بشكل متكرر، وغير ذلك، إلى تعطيل عمل الوفد [التمثيلي]. بينما وفقًا للاتفاق المبدئي مع الفيلق، المرافق القائمة يجب أن تكون تحت تصرف القنصلية.

لمزيد من المعلومات، بدأت القنصلية العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في حلب أعمالها رسميًا في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر بإطلاق نظام نسيم وجهاز هاتف VoIP. وبالنظر إلى عدد السكان البالغ 300 إيراني مقيم، فقد بدأت الخدمات القنصلية لهم على الفور.

من الناحية العسكرية، محافظة حلب في حالة حرب والظروف الأمنية القائمة فاقمت المخاطر وزادت من صعوبة العيش مع استمرار هجمات النظام الصهيوني والصراعات العسكرية (مسلحون في الغرب، وداعش في الشرق. والمعارضة الكردية في شمال المحافظة) حيث زدات من وتيرة التهديدات الامنية ونطاق المشكلات. من ناحية أخرى، تمت معالجة تقرير الحالة الأمنية الذي تم إرساله أخيرًا إلى المركز بخصوص موقع هذه الوكالة وتم اتخاذ قرار بإرسال فريق من الخبراء.

ملاحظة جديرة بالاهتمام:

بالنظر إلى رؤية ونهج وأداء إخوة "القوة" (فيلق القدس) فيما يتعلق بواجبات وسياسات وزارة الشؤون الخارجية، والتي تمت ملاحظتها لعدة أشهر، يُقترح أن تعيدوا النظر في تعيين القنصل العام.

[25 أيار/مايو 2022]