icon
التغطية الحية

صحفي كندي فوق ركام دوما واليرموك.. وإشارة البدء روسية

2021.05.30 | 06:38 دمشق

أرون ماتي
الصحفي الكندي أرون ماتي في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية (Aaron Maté)
+A
حجم الخط
-A

متنقلاً من ركام مدينة دوما إلى ركام مخيم اليرموك حاول أحد "الأسديست" استفزاز الجميع، ونجح في ذلك نوعاً ما، وهو يقف متشفياً على أطلال المدن السورية مردّداً عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية التابعة لروسيا البروباغندا الروسية، فاتهم أهل دوما بالكذب والاحتيال لاتهام نظام الأسد باستخدام السلاح الكيماوي، وفي اليرموك اتهم أبناءه بتدمير بيوتهم وأحيائهم..

أهلاً بكم مع الصحفي الكندي "آرون ماتي"، الذي اختير ليكون "المروّج الغربي" لاستعراض نظام الأسد لسطوته على المناطق التي ما زال مسيطراً عليها من سوريا عبر ما سماه بـ"الانتخابات".

من الواضح أن عدم الاكتراث الدولي بمسرحية الانتخابات خيبة أمل لروسيا والنظام في سوريا حيث لم تهتم الصحافة العالمية بهذا الاستعراض الدموي للسطوة الروسية سواء تأييداً أو رفضاً، واكتفت معظم وسائل الإعلام بإيراد خبر مقتضب لا سيما أن السياسيين تجاهلوا أيضاً هذه المسرحية، واكتفوا ببيانات روتينية أكدوا فيها عدم اعترافهم بهذه "الانتخابات" ولا بشرعيتها، وحتى الزيارة الاستفزازية للأسد إلى دوما لم يُرد عليها إلا عبر منشورات غاضبة لصحفيين وحقوقيين غربيين على وسائل التواصل الاجتماعي.

أليست مؤامرة كونية؟

ومع تحريك روسيا لجماعة "الأسديست" على منصات التواصل الاجتماعي في محاولة لخلق حالة من النقاش حول مسرحية الانتخابات، يمكن القول إنّ "ماتي" فاقهم جميعاً حين ظهر بمقطع فيديو، على صفحته في تويتر، وهو يتكلم من مدينة دوما المهدّمة، والتي لم تبق جريمة حرب لم يرتكبها النظام وروسيا بحقها من قصف بالصواريخ العنقودية والبراميل والسلاح الكيماوي وتهجير أهلها بعد حصارهم ومنع الطعام والدواء عنهم لأكثر من خمس سنوات متواصلة، لكن "ماتي" يتجاهل كل ذلك ويردد من جديد رواية "الأسديست" البائسة التي تتهم الثوار بقتل أهالي دوما واستخدام السلاح الكيماوي لاتهام النظام. 

ويتابع "ماتي" سرد مروية روسيا الأثيرة على قلب الكرملين فيتهم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، التي أصدرت تقريرها باتهام النظام في سوريا باستهداف المدينة بالأسلحة الكيماوية، ويتهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا بالتآمر على النظام.. أليست مؤامرة كونية؟.

AARON DOUMA.PNG

 

وينتقل "ماتي" من دوما إلى مخيم اليرموك الذي دكته طائرات النظام فوق رؤوس ساكنيه فلم تدع ولم تذر، ولم يرتو قلب النظام ففرض حصاراً رهيباً على أهل المخيم مانعاً عنهم الطعام والشراب والدواء، ولكن "ماتي" يُنكر ذلك ويعود لمرويته حول أن أبناء المخيم هم من دمروه وقتلوا أهله.

كذلك يستغل "ماتي" العدوان الأخير لإسرائيل على قطاع غزة والقدس ليعود للحديث، الأقرب لقلب الكرملين، عن العقوبات الأميركية التي تمنع إعادة إعمار المخيم!، كما يدعي، متجاهلاً بطبيعة الحال حقيقة أن من تبقى من أهالي المخيم تم تهجيرهم من قبل روسيا بالذات إلى الشمال السوري، ومن كان لم يتم تهجيره فهو ممنوع من العودة، شأن اليرموك بذلك شأن العديد من المناطق والمدن السورية التي تمنع قوات النظام عودة أهلها إليها.

AARON YARMOUK.PNG

 

مهمة "ماتي" لم تتوقف عند هذه البوستات وخوض المعارك مع رواد مواقع التواصل ممن استنكروا تزييفه للحقائق، وفي مقدمتهم الباحث الأميركي "تشارلز ليستر" الذي سخر من تغريدة "ماتي" عن دوما وقال "يبدو أن مراقب روسيا لانتخابات سوريا قد وصل إلى البلاد في الوقت المناسب تماماً.. الصدقيّة في المسرحية مذهلة"، بل استكمل "ماتي" مهمته وهكذا نراه ضيفاً على موقع قناة الميادين التابعة لإيران لتعنون "صحافي أجنبي: الهجوم الكيميائي في دوما كان ملفقاً من قبل أصحاب الخوذ البيضاء"، أمّا موقع "العالم" الإيراني فعنون "الكشف عن معلومات خطيرة عن الهجوم الكيميائي في دوما"، وفي كلا الموقعين تم التعريف بـ"ماتي" أنه صحفي كندي أميركي.

بعد زيارة موسكو

بالبحث عن آرون ماتي عبر الإنترنت، يتضح أنه يعمل حالياً في موقع "المنطقة الرمادية (The Grayzone)" الذي أطلقه عام 2015 الصحفي الأميركي "ماكس بلومنتال" وهو رئيس تحرير الموقع، ويعدّ ضيفاً دائماً على قنوات روسيا اليوم وسبوتنيك الروسيتين، وأكثر من ذلك يخبرنا موقع ويكيبيديا أن "بلومنتال" شارك باحتفال مرور 10 سنوات على إطلاق قناة روسيا اليوم حيث قالت مصادر عدة إنّ رحلته إلى موسكو كانت مدفوعة من قبل الكرملين، وفعلاً بعد هذه الرحلة بنحو شهر أطلق "بلومنتال" موقع المنطقة الرمادية وأصبح أكثر شراسة في الدفاع عن نظام الأسد والهجوم على الخوذ البيضاء.

وبحسب موقع "axios" الأميركي فقد اكتسب موقع "The Grayzone" شهرة كبيرة بعد ترويجه للدعاية الصينية من خلال إنكار حملة الصين للإبادة الجماعية للمسلمين الصينيين في إقليم شينجيانغ، وهكذا تحول الموقع إلى مرجع دائم لوسائل الإعلام الصينية والمسؤولين الصينيين، وكما نتوقع جميعاً فالموقع يروج لنظرية المؤامرة الأثيرة على قلب روسيا، ويستهدف أعداء روسيا في حين يُحابي أتباعها وليس غريباً أن تكون صفة آرون ماتي "مراسل موقع The Grayzone".

يبحثون عن أي تفاعل

هم قادرون على مفاجأة الجميع كل مرة برواية لا تخطر على بال، وبالرغم من أن المفاجأة تأتي من سذاجة الرواية ومدى سخفها فإن ذلك قلّما يشغل تفكيرهم فاهتمامهم يكون مُنصباً على أثر هذه الرواية ومدى انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لو كان هذا الانتشار يأتي ممن يسخر منها ويكذبها، وتعتبر هذه الاستراتيجية المفضلة لمن باتوا يُعرفون على نطاق واسع بـ"الأسديست"، الذين تلقوا ضربة كبيرة مع الفضيحة التي فجرتها الإيميلات المسربة وفضحت علاقتهم بروسيا، مكذبة بذلك ادعاءاتهم بأنهم مجرد أصحاب رأي مخالف.