شوباش للأسد هؤلاء كانوا يعيشون بيننا

2019.12.30 | 14:40 دمشق

32333.jpg
+A
حجم الخط
-A

ليست وحدها الأقدار من ترتب الحدث السوري على هذه الشاكلة، وثمة من يريد اليوم أن يقدم أوراق اعتماده لما يعتقد أنها المرحلة القادمة التي صار فيها الأسد ونظامه عصيين على السقوط، وأن عليه أن يجهر بما في أعماقه من انتهازية وولاء مضمر.

منذ أيام عادت المذيعة السابقة في قناة أورينت تهامة بيرقدار إلى حضن الوطن، وأثنت في زيارتها على الوضع الآمن في سوريا، ودعت السوريين إلى العودة، وامتدت القيادة الحكيمة التي أوصلت البلاد إلى قاع الخراب، وقبلها كثر ممن وجدوا في بيت الأسد ملاذاً بعد أن غردوا خارج عرينه لسنوات طويلة استثمروا فيها فجائع السوريين ومآسيهم.

في تركيا حيث الملاذ الكبير لمعارضي النظام ثمة أصوات تشي بولائها الدفين لذاك العرين، وها هي تخرج من جحورها هذه المرة على شكل عراضات و(شوباشات) في الأعراس كما حصل في ولايتي أزمير وعنتاب، وعلانية يطلقون صرخات الولاء والتمجيد للأسد قائداً كبيراً انتصر على المؤامرات الدولية، ويعيد البلاد إلى الاستقرار وهدأة الأمان.

أما في مواقع التواصل فستجد سجالات وصراعات كبيرة داخل أوساط معارضة ملونة عن مدى إخلاصها للثورة وجديتها في محاربة النظام وحلفائه، وجهات تخون جهات أخرى، والبعض يرى في سلوك البعض الآخر أنه يقدم خدمات لم يكن يحلم بها النظام من مؤيديه فأتت من معارضيه كهدايا لا يمكن ردها.

بعض مطاعم و(كافيهات) إسطنبول وعنتاب عُرف أصحابها بموالاتهم لنظام الأسد، وتحرك ضدهم بعض الشباب لفضح مواقفهم ولكنهم قوبلوا بمقولة (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)، وأن هؤلاء يكتفون بعملهم التجاري، وليس لديهم أي نشاطات معلنة ضد الثورة.

صالات ثقافية تدعم الأنشطة الفنية والإبداعية للسوريين، وتقوم بتنظيم بعض

الشوباش أيضاً وإن لم يكن مباشراً وصفيقاً لكنه كان مستتراً من بعض المنابر الثقافية والإعلامية التي باتت ترى في الثورة رعونة شعبية وخطوة كان من الممكن تلافيها

الحوارات عن أفلام وكتب سورية أعلنت في السنتين الأخيرتين عن استضافة فنانين وكتاب موالين للنظام، وقدموا وجهة نظره في أعمالهم، وتم إيقافهم في اللحظات الأخيرة بمناشدات وتهديد بالمقاطعة وسوى ذلك من وسائل الضغط.

الشوباش أيضاً وإن لم يكن مباشراً وصفيقاً لكنه كان مستتراً من بعض المنابر الثقافية والإعلامية التي باتت ترى في الثورة رعونة شعبية وخطوة كان من الممكن تلافيها، وهؤلاء استفاقوا في اللحظات الأخيرة، وتناسوا أن من جرّ الناس إلى السلاح والساحات هو القمع الذي مورس عليهم، والإمعان في الحل الأمني الذي وصل الآن إلى بيوت آخر معاقل الثورة.

قامات سياسية تم التعويل عليها من جمهور السوريين المعارضين ترفع (الشوباش) بلغتها عندما قررت أن تتنازل عن قيم الثورة وذاكرتها، وقبلت أن تكون جسر العبور إلى النهاية المأساوية التي نحن شهودها، واكتفت بدور المتفرج تارة، والظهور في خلفية الصورة تارة أخرى، وأخفت عن هذا الجمهور اتفاقياتها السرية مع القوى الدولية للتنازل عن المناطق التي اعتقد المهجرون أنها آمنة لهم ولعائلاتهم.

الشوباش الأكبر قدمته الفصائل العسكرية التي رفعت السلاح بوجه الناس عندما خرجوا يحملون رايات الثورة الأولى.. بعضها رآها كافرة، وفصائل أدارت لها الظهر لتنفذ أجندات الرُّعاة.. شوباش كبير لا يخدم سوى طاحونة الموت.

لا تفزعوا فالأيام القادمة حبلى بـ (الشوباشات) الصامدة من أولئك الذين كانوا يوماً يعيشون بيننا.